اعراب نجد حرب لله ورسوله -الفصل الثاني -اعراب نجد والمواجهه المسلحه مع رسول الله (ص)

2025/03/23

 

اعراب نجد حرب لله ورسوله

 

الفصل الثاني

 

 

اعراب نجد والمواجهه المسلحه مع رسول الله (ص)

 

حارب اعراب نجد رسول الله( صلى الله عليه واله) حربا قاسيه منفردين تاره و متحالفين مع قريش تاره ثانيه ومع قريش واليهود تاره ثالثه

وفي هذا الفصل سنتطرق الى اعتداءات اعراب نجد منفردين على ان نتطرق لاحقا الى حربهم متحالفين مع قريش و اليهود

 

 1- غزوة قَرْقَرَةُ الكُدْر  

وفي السنه الثانيه او الثالثه للهجره اجتمع عدد من اعراب نجد من قبيلتي بني سليم وغطفان في منطقه قرقره الكدر وحول بئر ماء في تلك المنطقه لغرض غزو المدينه المنوره

وقد وصل نبأهم إلى النبي صلی الله عليه وآله وسلم،فاستخلف النبي ابن أبي مكتوم وعلى رواية محمد بن مسلمة الأنصاري على المدينة، وسار هو والمسلمون نحو المشركين. وكان الإمام علي عليه السلام حامل لواء المسلمين في هذه الغزوة.

وقد غادر قوات بني سليم وغطفان المكان قبل وصول جيش المسلمين، فأرسل النبي صلی الله عليه وآله وسلم عدداً من قواته إلى أعلى الوادي؛ ليطلعوا عن موقع العدو، فواجهوا رعاة بعير وكان بينهم ولد باسم يسار، فأخذوهم، وسلّموا البعران إلى النبي صلی الله عليه وآله وسلم. رجع المسلمون إلى المدينة، وقسمّوا الغنائم في بيت صرار، وبما أن يسارا كان يصلي، ومن حصة النبي صلی الله عليه وآله وسلم في الغنائم، أطلق النبي سراحه

 2 - غزوةُ ذي أمَرَّ بناحيةِ نَجدٍ

وصف الغزوه في  الدرر السنيه

سَبَبُها: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَلَغه أنَّ جَمعًا من بني ثَعلَبَة من غَطَفانَ، وبني مُحارِبِ بن خَصَفةَ بن قَيسٍ بذي أمَرَّ قد تَجَمَّعوا يُريدون أن يُصيبوا مِن أطرافِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وجَمَعهم رجلٌ منهم يُقال له: دُعْثورُ بن الحارِثِ بن مُحارِبٍ،

 فنَدَب رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسلمين، وخرج في أربعِمِئةٍ وخَمسين، ، واستَخلَف على المدينةِ عُثمانَ بنَ عفانَ، فأصابوا بالمدينةِ رجلًا منهم بذي القَصَّةِ يُقال له: جَبَّارٌ من بني ثَعلَبةَ، فقال له المسلمون: أين تُريد؟ فقال: أُريدُ يَثرِبَ لأرتاَد لنَفسي وأنظُرَ، فأُدخِلَ على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَرَه مِن خَبَرِهم، قال: لن يُلاقوك ولو سَمِعوا بسَيرِك هَرَبوا في رؤوسِ الجبالِ وأنا سائِرٌ معك، فدعاه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الإسلامِ وأسلم، وضمَّه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى بلالٍ، فأخَذَ به جبَّارٌ طَريقًا، وهَبَط به عليهم، وسَمِع القومُ بمَسيرِ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فهَرَبوا في رؤوسِ الجِبالِ، فبَلَغ ماءً يقال له: ذو أمَرَّ، فعَسكرَ به، وأصاب رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه مطرٌ كثيرٌ، فابتَلَّت ثيابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وثيابُ أصحابِهِ؛ فنزل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تحتَ شجرةٍ ونَشَر ثيابَهُ لتَجِفَّ، واضطَجَع، وذلك بمَرأًى من المُشرِكين، واشتَغَل المسلمون في شؤونِهم. فبَعَث المشركون رَجلًا شُجاعًا منهم يقال له: دُعْثورُ بنُ الحارث، وكان سيِّدَها وأشجَعَها، ومعه سيفٌ متقلِّدٌ به، فبادَرَ دُعْثورٌ وأقبَلَ مُشتَمِلًا على السَّيفِ، حتى قام على رأسِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالسَّيفِ مشهورًا، فقال: يا مُحمَّدُ، مَن يَمنَعُك مِنِّي اليَومَ؟ فقال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "اللهُ". ودَفَع جِبريلُ في صدرِه، فوقَع السَّيفُ من يدِه؛ فأخَذه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال له: "مَن يَمنَعُك مِنِّي؟!" فقال: لا أحَدَ، وأنا أشهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ الله، والله لا أُكثِّرُ عليك جَمعًا أبدًا، فأعطاهُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سيفَه.ثم أتى قَومَه فقالوا: ما لك؟ وَيلَكَ! فقال: نَظرتُ إلى رجلٍ طَويلٍ، فدَفَع في صَدري، فوَقَعتُ لظَهري، فعَرَفتُ أنَّه مَلَك، وشَهِدتُ بأنَّ مُحَمَّدًا رسول الله، واللهِ لا أُكثِّرُ عليه جَمعًا. وجَعَل يَدعو قومَه إلى الإسلامِ. وأنزل الله تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [المائدة 11]. وعاد رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ، ولم يَلْقَ كَيدًا، وكانت غَيبَتُه خمسَ عشرةَ ليلةً، وقيل: قام رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بنَجدٍ صَفَرَ كُلَّه.

   3 -غزوة بُحران، أو بَحران

وفي السنه الثالثه للهجره بلغ رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم أنّ جمعاً كثيراً من بني سليم من اعراب نجد تجمعوا في منطقه بحران التي تبعد 200 كيلومتر عن المدينه  للهجوم عليها ، فخرج رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم في ثلاثمائة رجل من المدينة بعد أن استعمل عليها ابن أم مكتوم، حتى إذا كانوا دون بحران بليلة، لقي رجلا ً من بني سليم، فاستخبروه عن القوم وجمعهم، فأخبرهم أنهم قد افترقوا أمس ورجعوا إلى مائهم، فسار رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم حتى بلغ بحران فأقام فيها شهر ربيع الآخر وجمادى الأولى، ثم رجع إلى المدينة ولم يلقَ كيدا.

 4 - غزوة دومة الجندل

تقع دومة الجندل اليوم في شمال غربي المملكة العربية السعوديه على بعد مائة كيلومتر من الحدود الأردنية. اعتبر دوماء ابن النبي إسماعيل عليه السلام بانياً لهذه المدينة حيث بنى في بداية الأمر قلعة من الجندل أي الحجارة

كانت دومة الجندل وضواحيها في عصر ظهور الإسلام مسكناً لبني كنانة وهي من قبيلة كلب، وهما من اعراب نجد.

وصلت الانباء الى رسول الله (ص) بأن أهالي دومة الجندل تجمعوا في طريق تجار المدينة ليقطعوا الطريق عليهم، ثم يهجمون على المدينة لاحقاً

وفي اليوم 25 من شهر ربيع الأول سنة 5 للهجرة خرج النبي صلی الله عليه وآله وسلم في ألف من أصحابه إلى دومة الجندل

 وحينما وصل جيش المسلمين إلى دومة الجندل تفرّق أهاليها، فأرسل النبي صلی الله عليه وآله وسلم عدداً من أفراد جيشه في إثرهم، ثم أتى محمد بن مسلمة بأسير إليه صلی الله عليه وآله وسلم فاعتنق الإسلام، ولم يعثروا على غير هذا الأسير. رجع المسلمون في يوم 20 من شهر ربيع الثاني إلى المدينة من دون قتال مع أهالي دومة الجندل.

 5- غزوة ذات الرقاع

 توجّه الرسول لقتال أعراب صحراء نجد، القُساة في طبعهم، والذين عُرف عنهم الاشتهار بالسّلب والنهب، فكانت الغاية من قتالهم تأديب القبائل التي حولهم، ثمّ تحصيل الأمن والاستقرار لأهل المدينة، وقد تزامن ذلك مع وصول الأخبار إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، بأنّ تلك الجماعات تعدّ العدّة لقتال النبي وأصحابه في المدينة، فبادرهم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك قبل أن يصلوا إليه، وقد بلغ عدد المسلمين في تلك الغزوة ما يقارب الأربعمئة مقاتل، وقيل: بل سبعمئة، وكان يطغى على معالم تلك الغزوة القسوة؛ لطبيعة المنطقة المليئة بالحجارة الحادّة التي أدمت أقدام الصحابة، بالإضافة إلى نقص الراحلة التي تقلّ المقاتلين.

ولمّا وصل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ومن معه إلى مشارف موضع غطفان سمعت تلك القبائل بهم، فدبّ الرّعب في قلوبهم، وأصابهم الخوف والفزع، وتيقّنوا أنّ الأمر جلل، وأنّ ما عزموا عليه أصبح الآن حقيقةً لا فكرة، فهرب رجالهم إلى رؤوس الجبال، وتركوا خلفهم النساء، والأبناء، والذرية، والأموال، وفي تلك الأثناء أدركت الصلاة المسلمين، فهمّوا بأدائها؛ وكان ممّا يخشاه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حينها أن يعود الرجال إلى جيش المسلمين، فينقضوا عليهم على حين غفلةٍ وهم يؤدّون صلاتهم، فنزلت آية صلاة الخوف التي تشرح للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- الكيفية التي يؤدي بها الصلاة، مع حفظ الأمن للجيش، وعدم المخاطرة به،

 قال الله تعالى:

 (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا).

انتهت الصلاة ولم يحصل ما كان يخشاه النبي صلّى الله عليه وسلّم، فعزم على العودة إلى دياره بعد أن رأى أنّ المقصود من الغزوة قد تحقّق بتأديب غطفان، وإدخال الرّعب في قلوبهم، وفي أثناء عودته وقبل أن يغادر تلك البقعة حلّ عليهم الليل، فخيّم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مع جيشه في منطقةٍ قريبةٍ، ووضع حراسةً على المعسكر، وبعد أن أشرقت الشمس واصل الجيش مسيره باتجاه المدينة، وبعد تلك الحادثة لم تجرؤ غطفان أو غيرها من الأعراب على التّعرض لأهل المدينة أو المسلمين بسوءٍ، بل علموا عظيم قدر النبي وأصحابه، كيف وصلوا إليهم، وأحاطوا بأبنائهم وذرياتهم، ولكنّهم لم يمسّوهم بسوء.

 

 

6 -  غزوه بئر معونه

ويستمر اعراب نجد بغزو الناس الامنيين ونهب اموالهم وتهديد المدينه والتحشيد لغزوها وبعد كل محاوله لغزوها يتصدي لهم رسول الله (ص) فيغزوهم ويؤدبهم ليرتعدوا عما اعتادوا عليه من الغزو والسلب

عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وغيره من أهل العلم ، قالوا :

 قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ، ودعاه إليه ، فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام ، وقال : يا محمد ، لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد ، فدعوتهم إلى أمرك ، رجوت أن يستجيبوا لك ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أخشى عليهم أهل نجد ، قال أبو براء . أنا لهم جار ، فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك (1)

ويروي ابن هشام في سيرته:

وقد أبدى النبيّ صلى الله عليه وسلم خشيته من أن يصاب رجاله بسوء وسط قبائل ضارية لا يؤمن ذمامها فقال ابو براء انا لهم جار (2) 

فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو في أربعين رجلا من أصحابه ، من خيار المسلمين. فساروا حتى نزلوا ببئر معونة ، وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم

فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل ؛ فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتله ، ثم استصرخ عليهم بني عامر  فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه ، وقالوا : لن نخفر أبا براء ، وقد عقد لهم عقدا وجوارا  فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم  من  عصية ورعل وذكوان ، فأجابوه إلى ذلك ، فخرجوا حتى غشوا القوم ، فأحاطوا بهم في رحالهم ، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ، ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم ، (3)

7 – غزوه شهداء الرجيع

يروي محمد الغزالي  في كتابه فقه السيره قصه شهداء الرجيع فيقول :

(وأصل قصّة الرّجيع هذه، أن وفدا من قبائل عضل والقارة ( عضل قبيله نجديه  مضريه واقرب القبائل النجديه لها نسبا لهم هي قبيلة كنانة وبنو أسد وهذيل و بنو تميم  )، قدم على رسول الله يذكر أنّ أنباء الإسلام وصلت إليهم، وأنهم يحتاجون إلى رجال يعلمونهم الدين، ويقرئونهم القران، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم معهم رهطا من الدعاة يرأسهم عاصم بن ثابت، فانطلق الجميع حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة قريبا من مياه هذيل شعر الدعاة بأنّ أصحابهم غدروا بهم، واستصرخوا هذيلا عليهم

وفزع الدعاة إلى أسلحتهم يقاتلون الغادرين ومن أعانهم من قبيلة هذيل، وماذا يجدي قتال نفر يعدّون على الأصابع لنحو مئة من الرماة وراءهم قومهم يشدّون أزرهم؟ لذلك لم يلبث عاصم وصحبه أن قتلوا (4)

واستسلم للأسر منهم ثلاثة نفر: خبيب، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، فاسترقهم الهذليون وخرجوا بهم إلى مكة ليبيعوهم بها، ومعنى بيعهم بمكة تسليمهم لقريش؛ فإن أولئك النفر من الرجال الذي قاتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر وأحد، ولأهل مكة لديهم ترات، يودّون الاشتفاء منها، وقد حاول عبد الله الإفلات من هذا المصير فقتل، وأما (خبيب) و (زيد) فأخذهما رجال قريش ليقتلوهما، أخذا بثأرهم القديم

فأما زيد فابتاعه صفوان بن أمية؛ ليقتله بأبيه، ولما خرجوا به من الحرم، اجتمع حوله رهط من قريش- فيهم أبو سفيان بن حرب- فقال له أبو سفيان حين قدّم ليقتل:

 أنشدك بالله يا زيد أتحب أنّ محمدا الان عندنا مكانك تضرب عنقه، وأنّك في أهلك؟ فقال:

 والله ما أحبّ أنّ محمدا الان في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وإني جالس في أهلي

فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحبّ أحدا كحبّ أصحاب محمّد محمدا. ثم قتل زيد

وأما خبيب فقد اشتراه عقبة بن الحارث، ليقتله بأبيه، فلما خرجوا بخبيب من الحرم ليصلبوه قال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا، قالوا: دونك فاركع. فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم فقال:

أما والله لولا أن تظنّوا أنّي إنما طوّلت جزعا من القتل لاستكثرت من الصّلاة، فكان خبيب أول من سنّ هاتين الركعتين عند القتل ثم رفعوه على خشبة

فلما أوثقوه قال:

 اللهم إنا قد بلّغنا رسالة رسولك، فبلّغه الغداة ما يصنع بنا. ثم قال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا  ، واستقبل الموت وهو ينشد

 

ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أيّ جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزّع

 

حزن المسلمون لفقدانهم عاصما وصحبه، ولمصرع أسيريهم على هذا النحو الفاجع، فقد خسروا فريقا من الدعاة الأكفاء الشجعان يحتاج إليهم الإسلام في هذه الفترة من تاريخه، ثم إنّ اصطياد الرجال بهذه الطريقة زاد المسلمين توجّسا وقلقا؛ إذ إن ذلك المسلك دل على مبلغ طمع العرب في أهل الإيمان، واستهتارهم بأرواحهم، وجرأتهم على النيل منهم دون تخوّف أو محاذرة قصاص

واكراما لهذا الشهيد الثابت على مبادئه اذكر قصيدته كامله قبيل استشهاده

قصيدة لُبَيْبٌ بنُ عَدِيٍّ رضي الله عنه

قال حينما أسره المشركون وأجمعوا على قتله

 

لقد جَمّعَ الأحزابُ حَولِي وألّبوا ... قبائلَهُمْ واستَجْمَعُوا كُلَّ مَجمَعِ

وكلُّهُمُ مُبدي العداوةِ جاهِدٌ ... عليَّ لأنّي في وَثاقي بِمَضْيَعِ

وقد جمَّعوا أبناءَهُمْ ونِساءَهُمْ ... وقُرِّبْتُ مِنْ جِذْعٍ طَويلٍ مُمَنَّعِ

إلى اللهِ أشْكُو غُرْبَتي ثُمَّ كُرْبَتي ... وما أرصدَ الأحزابُ لي عندَ مَصرعَي

فَذَا العرشِ صَبِّرْني على ما يُرادُ بِي ... فقد بضّعوا لَحْمي وقدْ يَاسَ مَطْمَعي

وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشَأْ ... يُبارِكْ على أوصالِ شِلْو مُمَزَّعِ

وقد خَيَّرُوني الكُفرَ والموتَ دُونَه ... وقدْ هَمَلَتْ عَيْنايَ من غَيرِ مَجزَعِ

وما بي حَذارُ الموتِ، إني لميّتٌ ... ولكنْ حَذاري جُحْمُ نارٍ مُلَفَّعِ

فلستُ أُبالي حِينَ أُقتَلُ مُسلِماً .. على أيِّ جَنْبٍ كانَ في اللهِ مَصرَعي

ولستُ بمبدٍ للعدو تخشُّعاً ... ولا جزَعَاً، إنّي إلى الله مَرجِعي

 

وذكر القيرواني في حلى العلي أن خبيبا لما قتل جعلوا وجهه إلى غير القبلة فوجدوه مستقبلا لها فأداروه مرارا ثم عجزوا فتركوه

وقال معاوية حضرت مقتل خبيب مع أبي أبي سفيان، " وكانا لم يسلما وقتها "، فلقد رأيت أبي يلقيني إلى الأرض فرقا من دعوة خبيب، وكانوا يقولون: إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع لجنبه زالت عنه

8 - فتح مكه

وفي صلح الحديبيه اصطلح رسول الله(ص) ومشركي قريش على اتفاقيه فيما يلي اهم بنودها:

( هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ، يَأْمَنُ فِيهن النَّاسُ، وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ... وَكَانَ فِي شَرْطِهِمْ حِينَ كَتَبُوا الْكِتَابَ أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ دَخَلَ فِيهِ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ دَخَلَ فِيهِ، فَتَوَاثَبَتْ خُزَاعَةُ، فَقَالُوا: نَحْنُ مَعَ عَقْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِهِ، وَتَوَاثَبَتْ بَنُو بَكْرٍ، فَقَالُوا: نَحْنُ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ ... )  (5)

وفي السنة الثامنة من الهجرة النبوية، هاجمت بنو بكر بمعونة قريش قبيلة خزاعة حليفة المسلمين فقتلوا منهم جماعة، وبهذا نقضت قريش وحلفاؤها صلح الحديبية، فسار النبي

صلى الله عليه وسلم لنصرة حلفائه من خزاعة

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى

وكان سبب ذلك أن قريشا نقضوا العهد الذي وقع بالحديبية، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغزاهم

قال ابن إسحاق: وكان بين بني بكر وخزاعة حروب وقتلى في الجاهلية، فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر الإسلام، فلما كانت الهدنة خرج نوفل بن معاوية الدِّيَلي من بني بكر ، في بني الدِّيَل ، حتى بيّتَ خزاعة [ بيتهم : يعني هاجهم ليلا ] ، على ماء لهم يقال له الوَتير، فأصاب منهم رجلا يقال له مُنبه، واستيقظت لهم خزاعة ، فاقتتلوا إلى أن دخلوا الحرم ولم يتركوا القتال

وأمدت قريش بني بكر بالسلاح ، وقاتل بعضهم معهم ليلا في خفية

فلما انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فقال

يا رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا

فانصر هداك الله نصرا أيدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا

إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا

هم بيتونا بالوتير هجدا ... وقتلونا ركعا وسجدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا ... وهم أذل وأقل عددا

قال ابن إسحاق: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نصرت يا عمرو بن سالم ) فكان ذلك ما هاج فتح مكة

 9 - مسجد ضرار

قال تعالى:

وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ (التوبه 101 ) (101)

وقال تعالى:

قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (الحجرات 14 )

يخبر الله سبحانه وتعالى نبيه بان الاعراب اسلموا ولم يدخل الايمان قلوبهم ولذلك اضمروا العداء لله ولرسوله وللمسلمين

 وقال تعالى:

(وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )

يقول البغوي في تفسير هذه الايه

نزلت هذه الآية في جماعة من المنافقين، بنو مسجداً يضارّون به مسجدَ قباء، وكانوا اثني عشر رجلاً من أهل النفاق: وديعة بن ثابت، وجِذام بن خالد، ومن داره أُخْرِجَ هذا المسجد، وثعلبة بن حاطب، وجارية بن عامر، وابناه مجمع وزيد، ومعتب بن قشير، وعباد بن حنيف ، وأبو حبيبة بن الأزعر، ونبتل بن الحارث، وبجاد بن عثمان، ورجل يقال له: بَحْزَج،

ويقول الدكتور محمد رضا الهاشمي في كتابه الجريمه الكبرى ان هؤلاء كلهم من قبائل نجد واعرابها

 بنوا هذا المسجد ضراراً، يعني: مضارةً للمؤمنين، { وَكُفْراً } ، بالله ورسوله، { وَتَفْرِيقًا بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } لأنهم كانوا جميعاً يصلُّون في مسجد قباء، فبنوا مسجد الضِّرار، ليصلي فيه بعضهم، فيؤدي ذلك إلى الإِختلاف وافتراق الكلمة، وكان يصلي بهم مجمع بن جارية. فلما فرغوا من بنائه أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجداً لذي العلّة والحاجة، والليلة المَطِيْرة والليلة الشاتية، إنا نحب أن تأتيا وتصلي بنا فيه وتدعو لنا بالبركة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إني على جناح سفرٍ، ولو قَدِمْنَا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه). (6)

 { وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ } ، أي: انتظاراً وإعداداً لمن حارب الله ورسوله. يقال: أرصد له: إذا أعددت له. وهو أبو عامر الراهب وكان أبو عامر هذا رجلاً منهم، وكان قد ترهًّب في الجاهلية تنصَّر ولبس المُسُوح، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال له أبو عامر: ما هذا الذي جئتَ به؟ قال: جئت بالحنيفية دين إبراهيم، قال أبو عامر: فإنّا عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " (إنك لستَ عليها)

 قال: بلى، ولكنّك أدخلت في الحنيفية ما ليس منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما فعلتُ ولكني جئتُ بها بيضاءَ ناقية)

فقال أبو عامر: أمات الله الكاذبَ منّا طريداً وحيداً غريباً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (آمين)

وسماه أبا عامر الفاسق. فلما كان يوم أُحد قال أبو عامر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أجد قوماً يقاتلونك إلاّ قاتلتك معهم، فلم يزل يقاتله إلى يوم حُنين، فلما انهزمت هوازن يئس وخرج هارباً إلى الشام فأرسل إلى المنافقين أنِ استعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح، وابْنُوا لي مسجداً فأنا ذاهبٌ إلى قيصر ملك الروم فآتِ بجندٍ من الروم، فأخْرِج محمداً وأصحابه، فبنوا مسجدَ الضرار إلى جنب مسجد قباء، فذلك قوله تعالى:

 { وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، وهو أبو عامر الفاسق، ليصلي فيه إذا رجع من الشام

{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

قوله: { مِن قَبْلُ } يرجع إلى أبي عامر يعني حارب الله ورسوله من قبل أي: من قبل بناء مسجد الضرار. { وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا } ، ما أردنا ببنائه، { إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ } ، إلا الفعلة الحسنى وهو الرفق بالمسلمين والتوسعة على أهل الضعف والعجز عن المسير إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } ، في قولهم وحلفهم. رُوي أنه " لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ونزل بذي أوَان موضع قريب من المدينة أتوه فسألوه إتيان مسجدهم فدعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم، فنزل عليه القرآن وأخبره الله تعالى خبر مسجد الضرار وما همّوا به، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدُّخْشُم، ومعن بن عدي، وعامر بن السكن، ووحشياً قاتل حمزة، وقال لهم: انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهلُه، فاهدمُوه واحرقوه، فخرجوا سريعاً حتى أتوا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدُّخْشُم، فقال مالك: أَنْظِرُونِي حتى أخرج إليكم بنار من أهلي، فدخل أهله فأخذ سَعَفاً من النخل وأشعل فيه ناراً، ثم خرجوا يشتدّون حتى دخلوا المسجد وفيه أهله فحرقوه وهدموه وتفرّق عنه أهله، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتّخذ ذلك كناسة تلقى فيه الجيف والنتن والقمامة. ومات أبو عامر الراهب بالشام وحيداً فريداً غريباً ".

ولعل هذه الحادثه اول خطوه لجهود المنافقين في هدم الاسلام من الداخل بعد ان يئس التحالف اليهودي الاموي القرشي من دحره عسكريا

 10 - غزوة ذات السلاسل

جمع بنو سليم 12000 مقاتل لمحاصره المدينه من الشمال وقطع طريق تجارتها مع الشام وقطع طرق اتصال رسول الله بالقبائل الاخرى الواقعه الى شمال المدينه لغرض هدايتهم ونشر الدين الاسلامي

وتقديم خدمه للروم النصارى لتامين طرق تجارتهم واتصالهم مع اثيوبيا المسيحيه والسودان ومصر

 كتب الشيخ علي الكوراني بحثا رائعا عن غزوة ذات السلاسل برواية أهل البيت (عليهم السلام ) وعن اسباب اغفال التاريخ لها والتعميه عليها لان فيها شهاده لشجاعه علي  (ع) وحنكته في الحرب وفضح وفشل ابو بكر وعمر وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد وانهزامهم يجبنون المقاتلين ويجبنونهم

ذات السلاسل هي اسم لمنطقة في الحجاز على بعد خمس مراحل من المدينة من جهة مكة ويعرف المكان باسم وادى الرمل ، وقيل سميت الغزوة بذات السلاسل ، لأنهم جاؤوا بالأسرى مربوطين ببعضهم كسلسلة

وسبب الغزوه أن الله أخبر نبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن جمعاً من قبائل سليم يستعدون لغزو المدينة ، فأرسل سرية من بضع مئات بقيادة أبى بكر ، فرجع منهزماً ، ثم أرسل عمر فرجع منهزماً ، ثم أرسل عمرو بن العاص فرجع منهزماً . فأرسل علياً ( عليه السلام ) ومعه أبو بكر وعمر وخالدبن الوليد وعمرو بن العاص فسلك طريقاً ضلل جواسيس سليم ، وأغار صباحاً مبكراً على مركز تجمعهم فنزلت سورة : وَالْعَادِياتِ ضَبْحًا . وهزمهم وأسر منهم وجاء بهم مقرنين في الحبال كأنهم سلسلة .

ففي أمالي الطوسي / 407 : « عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل  (وَالْعَادِياتِ ضَبْحًا )؟ قال :

 وجَّه رسول الله عمر بن الخطاب في سرية فرجع منهزماً يجبن أصحابه ويجبنه أصحابه ، فلما انتهى إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال لعلي : أنت صاحب القوم فتهيأ أنت ومن تريده من فرسان المهاجرين والأنصار . فوجهه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال له : أكمن النهار ، وسِر الليل ولا تفارقك العين . قال فانتهى على إلى ما أمره به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فسار إليهم فلما كان عند وجه الصبح أغار عليهم فأنزل الله على نبيه ( وَالْعَادِياتِ ضَبْحًا . . إلى آخرها ) .

وفى الإرشاد : 1 / 162 : « ثم كانت غزاة السلسلة وذلك أن أعرابياً جاء إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فجثا بين يديه وقال له جئتك لأنصح لك ، قال : وما نصيحتك ؟ قال : قوم من العرب قد اجتمعوا بوادي الرمل وعملوا على أن يبيتوك بالمدينة . . » .

وفى مناقب آل أبي طالب : 2 / 328 : « أبو القاسم بن شبل الوكيل ، وأبو الفتح الحفار بإسنادهما عن الصادق ( عليه السلام ) ، ومقاتل والزجاج ووكيع والثوري والسدي وأبو صالح وابن عباس : أنه أنفذ النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبا بكر في سبع مائة رجل ، فلما صار إلى الوادي وأراد الإنحدار فخرجوا إليه فهزموه وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً ، فلما قدموا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعث عمر فرجع منهزماً ، فقال عمرو بن العاص : إبعثنى يا رسول الله فإن الحرب خدعة ولعلى أخدعهم . فبعثه فرجع منهزماً ، وفى رواية أنه أنفذ خالداً فعاد كذلك ، فساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذلك ، فدعا علياً ( عليه السلام ) وقال : أرسلته كراراً غير فرار ، فشيعه إلى مسجد الأحزاب ، فسار بالقوم متنكباً عن الطريق يسير بالليل ويكمن بالنهار ، ثم أخذ على محجة غامضة فسار بهم حتى استقبل الوادي من فمه ، ثم أمرهم أن يعكموا الخيل وأوقفهم في مكان وقال لا تبرحوا ، وانتبذ أمامهم وأقام ناحية منهم ، فقال خالد وفى رواية قال عمر : أنزلنا هذا الغلام في واد كثير الحيات والهوام والسباع ، إما سبع يأكلنا أو يأكل دوابنا ، وإما حية تعقرنا وتعقر دوابنا  وإما يعلم بنا عدونا فيأتينا ويقتلنا ! فكلموه نعلو الوادي ، فكلمه أبو بكر فلم يجبه ، فكلمه عمر فلم يجبه ، فقال عمرو بن العاص : إنه لا ينبغي أن نضيع أنفسنا ! إنطلقوا بنا نعلو الوادي فأبى ذلك المسلمون ! وفى رواية أبت الأرض أن تحملهم ، أي لم يستطيعوا المشي ! قالوا فلما أحس ( عليه السلام ) الفجر قال : إركبوا بارك الله فيكم ، وطلع الجبل حتى إذا انحدر على القوم وأشرف عليهم قال لهم : اتركوا عكمة دوابكم ! قال فشمت الخيل ريح الإناث فصهلت ، فسمع القوم صهيل خيلهم فولوا هاربين

وفى رواية مقاتل والزجاج أنه كبس القوم وهم غادون فقال : يا هؤلاء أنا رسول رسول الله إليكم أن تقولوا لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإلا ضربتكم بالسيف . فقالوا : انصرف عنا كما انصرف الثلاثة فإنك لا تقاومنا ! فقال ( عليه السلام ) : إنني لا أنصرف أنا علي بن أبي طالب ، فاضطربوا وخرج إليه الأشداء السبعة وناصحوه وطلبوا الصلح فقال ( عليه السلام ) : إما الإسلام وإما المقاومة فبرز إليه واحد بعد واحد  وكان أشدهم آخرهم وهو سعد بن مالك العجلي وهو صاحب الحصن فقتلهم ، فانهزموا ودخل بعضهم في الحصن ، وبعضهم استأمنوا وبعضهم أسلموا ، وأتوه بمفاتيح الخزائن .

قالت أم سلمة : انتبه النبي ( صلى الله عليه وآله ) من القيلولة فقلت : الله جارك ما لك ؟ فقال : أخبرني جبرئيل بالفتح ونزلت : وَالْعَادِياتِ ضَبْحًا . !

قال أبو منصور الكاتب :

أقسم بالعاديات ضبحا * حقاً وبالموريات قدحا

وقال المدني :

وقوله والعاديات ضبحا * يعنى علياً إذْ أغار صُبحا

على سليم فشنها كفحا * فأكثر القتل بها والجرحا

وأنتم في الفُرش نائمونا !

فبشر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أصحابه بذلك وأمرهم باستقباله والنبي يتقدمهم ، فلما رأى علي النبي ( صلى الله عليه وآله ) ترجل عن فرسه فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) إركب فإن الله ورسوله عنك راضيان ، فبكى على ( عليه السلام ) فرحاً ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) :

(والذي نفسي بيده، لولا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بأحد من المسلمين إلا أخذ التراب من أثر قدميك يطلبون به البركة)

وقال العوني :

من ذا سواه إذا تشاجرت القنا * وأبى الكماة الكر والإقداما

وتصلصلت حلق الحديد وأظهرت * فرسانها التصحاج والإحجاما

ورأيت من تحت العجاج لنقعها * فوق المغافر والوجوه قتاما

كشف الإله بسيفه وبرأيه * يظمى الجواد ويروى الصمصاما

ووزيره جبريل يقحمه الوغى * طوعا وميكال الوغى إقحاما

وقال الحميري :

وفى ذات السلاسل من سليم * غداة أتاهم الموت المبير

وقد هزموا أبا حفص وعمراً * وصاحبه مراراً فاستطير

وقد قتلوا من الأنصار رهطاً * فحل النذر أو وجبت نذور

أذادَ الموت مشيحة ضخاماً * جحاجحة يسد بها الثغور  .

و في الخرائج : 1 / 167

« وكان المشركون قد أقاموا رقباء على جبالهم ينظرون إلى كل عسكر يخرج إليهم من المدينة على الجادة ، فيأخذون حذرهم واستعدادهم ، فلما خرج على ترك الجادة وأخذ بالسرية في الأودية بين الجبال . فلما رأى عمرو بن العاص قد فعل علي ذلك علم أنه سيظفر بهم فحسده ، فقال لأبى بكر وعمر ووجوه السرية : إن علياً رجل غِرٌّ لاخبرة له بهذه المسالك ، ونحن أعرف بها منه ، وهذا الطريق الذي توجه فيه كثير السباع ، وسيلقى الناس من معرتها أشد ما يحاذرونه من العدو فاسألوه أن يرجع عنه إلى الجادة !

فعرفوا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ذلك ، قال :

من كان طائعاً لله ولرسوله منكم فليتبعنى ومن أراد الخلاف على الله ورسوله فلينصرف عني . فسكتوا وساروا معه ، فكان يسير بهم بين الجبال بالليل ويكمن في الأودية بالنهار ، وصارت السباع التي فيها كالسنانير ، إلى أن كبس المشركين وهم غارُّونَ آمنون وقت الصبح ، فظفر بالرجال والذراري والأموال فحاز ذلك كله ، وشد الرجال في الحبال كالسلاسل فلذلك سميت غزاة ذات السلاسل .

فلما كانت الصبيحة التي أغار فيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على العدو ومن المدينة إلى هناك خمس مراحل ، خرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) وصلى بالناس الفجر وقرأ : وَالْعَادِياتِ في الركعة الأولي ، وقال : هذه سورة أنزلها الله على في هذا الوقت يخبرني فيها بإغارة علي على العدو » .

ورواها فرات في تفسيره / 591 ، وفيه : « وما زال على ليلته قائماً يصلى حتى إذا كان في السحر قال لهم : إركبوا بارك الله فيكم ، قال : فهبط جبرئيل ( عليه السلام ) على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا محمد : وَالْعَادِياتِ ضَبْحًا . فَالْمُورِياتِ قَدْحًا . فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا . فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تخالط القوم ورب الكعبة » .

فقتل منهم مائة وعشرين رجلاً وكان رئيس القوم الحارث بن بشر ، وسبى منهم مائة وعشرين

ناهداً

اعراب نجد جبلوا على الغزو والنهب لايردعهم رادع من دين ولا اخلاق ولاحلف ولاقرابه ولا معروف وكلما تهيأوا لغزو المدينه غزاهم رسول الله  (ص) في عقر دارهم

 11-غزوة بنى لِحْيان

غزا النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنى لِحْيان وهم بطن من قبيلة هذيل ، فربما كانوا يتهيؤون لمهاجمته ، وكانوا غدروا ببعض المسلمين وقتلوهم ، أو باعوهم إلى قريش

فكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يدعو على قريش وعليهم ويلعنهم

ففي الكافي  8 / 70 :

( الإيمان يماني والحكمة يمانية ، ولولا الهجرة لكنت امرءً من أهل اليمن . الجفا والقسوة في الفدَّادين أصحاب الوبر ربيعة ومضر ، من حيث يطلع قرن الشمس . . لعن الله رعلاً وذكوان وعضلاً ولحيان والمجذمين من أسد وغطفان ، وأبا سفيان بن حرب ، وشهبلاً ذا الأسنان ، وابنى مليكة بن جذيم ، ومروان ، وهوذة ، وهونة)

وروى مسلم : 2 / 134 :

أنهم قتلوا قراء بعثهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى نجد فدعا عليهم ( اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف ، اللهم العن لحيان ورعلاً وذكوان ، وعصية عصت الله ورسوله)

وقال ابن هشام في روايته عن ابن إسحاق : 3 / 750 إنها :

« على رأس ستة أشهر من فتح قريظة ، إلى بنى لحيان يطلب بأصحاب الرجيع : خبيب بن عدي وأصحابه وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غرة . . فسلك على غراب جبل بناحية المدينة على طريقه إلى الشام ، ثم على مخيض ، ثم على البتراء ، ثم صفق ذات اليسار ، فخرج على بين ، ثم على صخيرات اليمام ، ثم استقام به الطريق على المحجة من طريق مكة  فأغذ السير سريعاً حتى نزل على غران ، وهى منازل بنى لحيان وغران واد بين أمج وعسفان ، إلى بلد يقال له : ساية ، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الجبال . . فخرج في مئتى راكب من أصحابه حتى نزل عسفان . . ثم كر وراح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قافلاً ،

 12-غزوة الغابة أو ذي قِرَد

ورد في الكافي 8/126

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :

أتى أبو ذر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله إني قد اجتويت المدينة ( اي تأذيت من هوائها ) أفتأذن لي أن أخرج أنا وابن أخي إلى مزينة فنكون بها ؟ فقال : إني أخشى أن يغير عليك خيل من العرب فيقتل ابن أخيك فتأتينى شعثاً فتقوم بين يدي متكئاً على عصاك فتقول : قتل ابن أخي وأخذ السرح  فقال : يا رسول الله ، بل لا يكون إلا خير إن شاء الله

فأذن له فخرج هو وابن أخيه وامرأته فلم يلبث هناك إلا يسيراً حتى غارت خيل لبنى فزارة فيها عيينة بن حصن ، فأخذت السرح وقتل ابن أخيه وأخذت امرأته من بنى غفار ، وأقبل أبو ذر يشتد حتى وقف بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبه طعنة جائفة ، فاعتمد على عصاه وقال :

صدق الله ورسوله ، أخذ السرح وقتل ابن أخي وقمت بين يديك على عصاي ! فصاح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المسلمين فخرجوا في الطلب فردوا السرح وقتلوا نفراً من المشركين  .  

وقال الشيخ  علي الكوراني في الصحيح من السيرة النبويه عند اهل البيت ج2 ص259:

 « كانت غزوة الغابة ، وتعرف بذى قِرَد ، وهو ماء على بريد من المدينة من جهة الشام ، في يوم الأربعاء في شهر ربيع الأول من سنة ست ، قبل الحديبية . فلما قدم النبي ( صلى الله عليه وآله ) من غزوة بنى لحيان لم يقم ( صلى الله عليه وآله ) سوى أيام قلائل حتى أغار بنو فزارة بقيادة عيينة بن حصن في أربعين فارساً على لقاح النبي ( صلى الله عليه وآله ) التي كانت في الغابة فاستاقوها ، ونجا أبو ذر وبه طعنة جائفة ، وقتلوا ابنه وسبوا امرأته ! فأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن ينادى في المدينة : الفزع الفزع ، أو يا خيل الله اركبي ، وكان أول ما نودي بها ، وركب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في خمس مائة . وكان أول من انتهى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الفرسان المقداد وجماعة فقال له : أخرج في طلب القوم حتى ألحقك بالناس ، فخرج الفرسان في طلب القوم حتى تلاحقوا ، وكان أول فارس لحق بهم محرز بن نضلة فحمل عليه رجل منهم فقتله ، ولما تلاحقت الخيل قتل أبو قتادة حبيب بن عيينة بن حصن

وأقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المسلمين ، وقَتل عكاشة بن محصن أبانَ بن عمرو ،

وأدرك أوباراً وابنه عمرواً وهما على بعير واحد ، فانتظمهما بالرمح فقتلهما جميعاً واستنقذوا بعض اللقاح ، قيل : عشرة منها وأفلت القوم بما بقي وهو عشر ، وهربوا إلى نجد . وسار رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى نزل بالجبل من ذي قرد ، وأقام عليه يوماً وليلة ، ورجع إلى المدينة ، وقد غاب عنها خمس ليال

وأفلتت امرأة أبي ذر على ناقة من إبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى قدمت المدينة فقالت للنبي ( صلى الله عليه وآله ) إنها نذرت أن تنحر الناقة التي نجت عليها وتأكل من سنامها وكبدها ! فتبسم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : بئسما جزيتها أن حملك الله عليها ونجاك بها ثم تنحرينها ! إنه لا نذر في معصية الله ، ولا فيما لا تملكين ، إنما هي ناقة من إبلي . إرجعى إلى أهلك على بركة الله

ولغرض عدم الاطاله نكتفي بما ذكرنا من غارات واعتداءات اعراب نجد على المسلمين وغزوات الرسول التاديبيه لهم

 

 

 

وفي الجزء التالي ساتطرق الى اكبر معركه بين اعضاء التحالف اليهودي الاموي القرشي النجدي الا وهي غزوه الاحزاب (الخندق )

 المصادر

 (1) - سير اعلام النبلاء ص 449

 (2) سيره ابن هشام ج2/ 174

(3) السيره النبويه لابن هشام ج2 ص 185

(4) محمد الغزالي في كتابه فقه السيره ص279 

(5) مسند احمد 31 / 212 - 218

(6) الجريمه الكبرى للدكتور محمد رضا الهاشمي

 (7)السيره النبويه عند اهل البيت (ع) للشيخ علي الكوراني ج2، ص389-397

 

أخترنا لك
بنو اميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم ( الفصل الاول)

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف