لا تبقوا لاهل هذا البيت باقيه (3) - قريش تنقلب على أعقابها

2023/05/14

الباب الثالث

 

 

الفصل الاول .... قريش تنقلب على أعقابها ..خطه الانقلاب 

الفصل الثاني... لا تجتمع النبوه والخلافه في بني هاشم

الفصل الثالث ....عمر بن الخطاب يمهد لبني اميه لاستلام السلخلافه

الفصل الرابع .....عمر بن الخطاب يسلّم الخلافه لبني  أُميَّه

 

 

 

الفصل الاول

قريش تنقلب على أعقابها

  (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْـًٔا ۗ وَسَيَجْزِى ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ )

(ال عمران 144 )

 

 خطه الانقلاب

أبو عبيده أمين الامه

إجتمع قوم من قريش و تحالفوا و تعاقدوا على أن لا يطيعوا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فيما عرض عليهم من ولايه على بن أبى طالب (ع) بعده يوم غدير خم. فلما رجعوا من الحج و دخلوا المدينه كتبوا صحيفه بينهم وكان أول ما فى الصحيفه النكث لولايه على بن ابى طالب (ع) و إن الامر الى أبى بكر و عمر و أبى عبيده و سالم مولى حذيفه ومعاذ بن جبل و هذا هو السر فيما قاله عمر قبل وفاته لو كان ابو عبيده حيا استخلفته... ولو كان سالم حيا استخلفته ولو كان معاذ بن جبل حيا لاستخلفته

و إستودعوا الصحيفه أبا عبيده بن الجراح و جعلوه أمينهم عليها

قال حذيفه: حدثتنى اسماء بنت عميس الخثعيمه إمراه ابى بكر: ان القوم إجتمعوا فى منزل أبى بكر فتامروا فى ذلك، و أسماء تسمعهم و تسمع جميع ما يدبرونه فى ذلك حتى إجتمع رايهم على ذلك، فامروا سعيد بن العاص الاموى فكتب هو الصحيفه باتفاق منهم

و أهم ما فيها

هذا ما اتفق عليه الملا من أصحاب محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) من المهاجرين و الانصار بعد ان أجهدوا فى رايهم و تشاوروا فى أمرهم نظرا منهم الى الاسلام و أهله، ليقتدى بهم من ياتى بعدهم

ان الله لما اكمل دينه قبض النبى (صلى الله عليه واله وسلم ) اليه من غير أن يتسخلف أحدا و جعل الاختيار الى المسلمين يختارون لانفسهم من وثقوا برأيه و نصحه لهم، والذى يجب على المسلمين عند مضى خليفه من الخلفاء أن يجتمع ذووا الراى و الصلاح فيتشاوروا فى امورهم، فمن راوه مستحقا للخلافه ولوه امورهم

و لا يكون قربى النبى (صلى الله عليه واله وسلم ) سبب إستحقاق الخلافه و الامامه لان الله يقول: (إن اكرمكم عند الله اتقاكم)

فمن كره ما ذكر و فارق جماعه المسلمين فاقتلوه كائنا من كان

ثم دفعت الصحيفه الى أبى عبيده بن الجراح ليوجه بها الى مكه

فلم تزل الصحيفه فى الكعبه مدفونه الى أوان عمر بن الخطاب فاستخرجها من موضعها وهى الصحيفه التى اشار اليها اميرالمومنين (ع) لما توفى عمر، فوقف به و هو مسجى بثوبه، فقال: ما أحب الى أن القى الله بصحيفه هذا المسجى

ويروى إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) صلى بالناس صلاه الفجر، ثم جلس فى مجلسه يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس فالتفت الى ابى عبيده بن الجراج فقال له

بخ بخ من مثلك و قد أصبحت أمين هذه الامه، ثم تلا

(فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت ايديهم و ويل لهم مما يكسبون) (البقره: 79)

لقد أشبه هولاء رجال فى هذه الامه (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴿١٠٨﴾) (النساء)

ثم قال: لقد أصبح فى هذه الامه فى يومى هذا قوم ضاهوهم فى صحيفتهم التى كتبوها علينا فى الجاهليه و علقوها فى الكعبه، و إن الله تعالى يمتعهم ليبتليهم و يبتلى من ياتى بعدهم تفرقه بين الخبيث و الطيب و لولا انه سبحانه أمرنى بالاعراض عنهم للامر الذى هو بالغه لقدمتهم فضربت أعناقهم

قال حذيفه: فوالله لقد راينا هولاء النفر عند قول رسول الله ( ص) هذه المقاله و قد اخذتهم الرعده فما يملك أحد منهم نفسه شيئا، و لم يخفِ على أحد ممن حضر مجلس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) ذلك اليوم إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )إياهم عنى بقوله و لهم ضرب تلك الامثال ( البحار 106)

و الى هذا اشار أبى بن كعب فى كلمته المشهوره

 (الا هلك اهل العقد فو الله ما أسى عليهم إنما اسى على من يضلون)

 

حسبنا كتاب الله

عن ابن عباس إنه قال : لمّا حضر النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم ) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال: هلمّ أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده، قال عمر: إنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم ) غلبه الوجع وعندكم كتاب اللّه، فحسبنا كتاب اللّه، وإختلف أهل البيت وإختصموا فمنهم من يقول ما قال عمر،ومنهم من يقول قدموا له كتابا فلمّا أكثروا اللغط والاختلاف قال: قوموا عنِّي ولا ينبغي عندي التنازع) ( 1)

نجح الخليفه عمر بمساعدة أكثر الصحابة الحاضرين حول سرير رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) من تحقيق هدفين ضخمين حول القرآن والسنة

الأول :

أن القرآن هو المصدر الرسمي للإسلام فقط، والسنة ليست مصدرا إلى جنب القرآن وفي مستواه، بل هي مصدر انتقائي يختار منه عمر ورؤساء قريش ما يناسبهم، ويتركون ما لا يناسبهم، أو يمنعون صدوره

الثاني :

أن عمر الزعيم المقبول من كافة قبائل قريش - ما عدا بني هاشم - هو المفسر الرسمي للقرآن، وله الحق أن يمنع النبي صلى الله عليه وآله من كتابة وصيته التي قد تلزم المسلمين بمفسر رسمي من بني هاشم

وقد إضطر الخليفة عمر من أجل تحقيق هذين الهدفين الضخمين، وفي تلك اللحظات الحاسمة من حياة النبي صلى الله عليه وآله.. أن يستعمل الغلظة والشدة، ويجابه نبيه بقرار أكثرية الصحابة ويقول له بصراحة ما معناه :

أيها الرسول، لا حاجة بنا إلى وصيتك، فالقرآن كاف شاف، ولا نحتاج أن تنصب له مفسرا من بني هاشم لأن تفسيره من حقنا نحن

لقد قبلنا نبوتك والقرآن الذي أنزله الله عليك، ولكن قريشا تشاورت فيما بينها وقررت أن لا يستأثر بنو هاشم بالنبوة والخلافة فلا يبقى لقبائل قريش شئ

وبما أن الوصية التي تريد أن تكتبها لا تنسجم مع هذا القرار، فليس فيها إلا الضرر علينا من بعدك، فنشكرك أيها الرسول، فإنا لا نخاف على أنفسنا الضلال من بعدك حتى تؤمننا منه

وقد قلتُ للحاضرين بلسان قريش: لا تقربوا له شيئا، لا دواة وقرطاسا، فخير لك أن تصرف النظر عن كتابة الوصية، وإلا فإني سأشهد الحاضرين عليك بأنك تهجر وأن كلامك لم يعد وحيا، بل هذيان )(2 )

رأي علماء السنه في الكتاب والحكمه

إن الدين الاسلامي يرتكز على ركيزتين هما (الكتاب والحكمه) أي الكتاب والحديث ( السنه ) فماذا يعني اسقاط احدهما ؟

يقول علماء أهل السنه في تفسير( كتاب الله والحكمه)

يقول ابن القيم الجوزيه في كتاب الروح ج1ص218

أن الله سبحانه وتعالى أنزل على رسوله وحيين وأوجب على عباده الإيمان بهما والعمل بما فيهما وهما الكتاب والحكمة وقال تعالى :

(وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا )   (النساء 11)

وقال تعالى :

( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) (الجمعه 2)

وقال تعالى :

  (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) (الاحزاب 34 )

والكتاب هو القرآن والحكمة هى السنة باتفاق السلف وما أخبر به الرسول عن الله فهو في وجوب تصديقه والإيمان به كما أخبر به الرب تعالى على لسان رسوله.. هذا أصل متفق عليه بين أهل الإسلام لا ينكره إلا من ليس منهم وقد قال النبي إنى أوتيت الكتاب ومثله معه

الاحاديث وحي من الله ومنكر السنه كافر

قال الدكتور صالح بن فوزان الفوزان في كتابه إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنه ص 177

فالاحاديث وحي من الله وإن كانت ألفاظها من الرسول أما القران فلفظه ومعناه من الله

أما السنه والاحاديث النبويه فمعناها من الله والفاظها من كلام رسول الله الذي لاينطق عن الهوى فالفاضه معصومه وصدق ولا يتطرق اليها الشك

فمن أنكر السنه فانه كافرلانه عطل الاصل الثاني والقران لابد له من السنه تبينه وتوضحه (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤﴾ النحل

(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الحشر7)

( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى" ) النجم 3-4

والذي يعمل بالقران ولايعمل بالسنه فانه كذاب لم يعمل بالقران لان القران فيه

( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )(الحشر7 )

وقد يأمر الرسول بأشياء لم ترد في القران مثل تحريم الجمع بين المرأه وعمتها والمراه وخالتها والقران نهى عن الجمع بين الاختين

منكر السنه زنديق

ويقول الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في شرح السنه للبربهاري ص372

وإذا سمعت الرجل تاتيه بالاثر فلا يريده ويريد القران فلا تشك إن هذا الرجل قد إحتوى على الزندقه فقم من عنده ودعه

ويشرح قائلا :

هناك جماعه يسمون بالقرانيه لايحتجون الا بالقران بزعمهم ويرفضون السنه وهؤلاء زنادقه لان العمل بالسنه عمل بالقران قال تعالى:

( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )( الحشر 7)

لان السنه مفسره للقران ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤﴾ النحل

وهؤلاء القرانيه قد أخبر عنهم النبي بقوله

رب رجل شبعان على أريكته يقول بيننا وبينكم كتاب الله فما كان فيه من حلال أحللناه وما كان فيه من حرام حرمناه

قال( ص) الا واني اوتيت القران ومثله معه والله يقول

( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى" ) النجم 3-4

فالاحاديث وحي من الله وإن كانت الفاظها من الرسول لكن معانيها من الله فهذا الذي يحتج بالقران بزعمه ولا يحتج بالسنه زنديق يعني منافق

قريش تمنع كتابه حديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)

اولا- قريش تنهى عن كتابه حديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم )

قال عبد اللّه بن عمرو بن العاص :

كنت أكتب كلّ شي‌ء أسمعه من رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) فنهتني قريش وقالوا

تكتب كلّ شي‌ء تسمعه من رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) ورسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) بشر يتكلّم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال :

 اُكتب ! فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ حق

ثانيا- ابو بكر يجمع احاديث رسول الله ويحرقها

ورد عن عائشة أنَّها قالت:

جَمَع أبي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلّب كثيراً

قالت: فغمّني، فقلت: أتتقلّب لشكوى أو لشيء بَلَغك؟

فلمّا أصبح قال: أي بُنيّة، هَلُمِّي الاَحاديث التي عندك

فجئته بها، فدعا بنار فحرقها

فقلت: لِمَ أحرقتها؟

قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنتُه ووثقتُ [به]، ولم يكن كما حدّثني فأكون نقلت ذلك (3)

ولا ندري لماذا احرق الصديق الاحاديث التي سمعها من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) مباشره وكتبها بيده

ثالثا- ابو بكر يمنع الناس من التحديث باحاديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) 

أنّ الصدِّيق جمع الناس بعد وفاة نبيّهم، فقال

إنَّكم تحدّثون عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً. فمن سألكم فقولوا

بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه (4)

رابعا – عمر يأمر المسلمين بجلب مالديهم من أحاديث مكتوبه ويحرقها 

وحدهم بني هاشم لم يمتثلوا لامره واحتفظوا بما لديهم من أحاديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم )

عن عبد الله بن العلاء قال سألت القاسم يملي علي أحاديث فقال: (انّ الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها فلمّا أتوه بها أمر بتحريقها ) (5)

خامسا – عمر ينهى الصحابه من التحديث باحديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم )

فلمّا قدم قرظة بن كعب قالوا: حدّثنا، فقال: نهانا عمر (6)

سبحان الله.. ينهى صحابه رسول الله من نشر الاحاديث التي سمعوها من رسول الله ويجيز لكعب الاحبار وتميم الداري التحديث عن رسول الله من على منبره علما  لم يلتقي كعب الاحبار بالرسول  واسلم في خلافه عمر

سادسا – عمر يفرض الاقامه الجبريه على الصحابه الذين يرفضون كتمان احاديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)

وكان في الصحابة من خالف سنّة الخلفاء وروى سنّة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) وأحاديثه فلقي من الارهاق مالقي ونذكر أمثلة في ما يأتي

عن عبدالرّحمن بن عوف قال: ما مات عمر بن الخطاب حتّى بعث إلى أصحاب رسول اللّه فجمعهم من الافاق عبداللّه بن حذيفة وأبا الدرداء وأباذرّ وعقبة بن عامر، فقال

ما هذه الاحاديث الّتي أفشيتم عن رسول اللّه في الافاق؟

قالوا: تنهانا؟

قال: لا، أقيموا عندي، لا واللّه لاتفارقوني ما عشت، فنحن أعلم نأخذ منكم ونردّ عليكم، فما فارقوه حتّى مات (7)

عمر حبس ثلاثه من الصحابه

وروى الذهبي أنّ عمر حبس ثلاثة ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الانصاري فقال

أكثرتم الحديث عن رسول اللّه (8)

سابعا-عثمان يسير على خطى ابو بكر وعمر ويمنع نشر الحديث

حيث قال على المنبر:

(لا يحلّ لاحد يروي حديثا لم يسمع به على عهد أبي بكر ولا على عهد عمر) (9)

ثامنا - على عهد معاوية

عن عبداللّه بن عامر اليَحْصُبِيّ قال: سمعت معاوية على المنبر، بدمشق، يقول

أيُّها النّاس : إيّاكم وأحاديث رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) إلاّ حديثا كان يُذكَرُ على عَهْدِ عمر (رض) فإن عمر كان يخيف الناس في اللّه عزّ وجلّ (10)

وعن رجاء بن أبي سلمة قال: بلغني أنّ معاوية كان يقول: عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر فانّه كان قد أخاف الناس في الحديث عن رسول اللّه(صلى الله عليه واله وسلم )(11)

وروى المدائني في كتاب الاحداث وقال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة

(أن برئت الذمّة ممّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته، وكان أشدّ البلاء حينئذ أهل الكوفة)

وفي هذا السبيل قتل حجر بن عدي وأصحابه صبرا، وقتل وصلب رشيد الهجري وميثم التمّار

انّ مدرسة الخلفاء حين أغلقت على المسلمين باب التحديث عن رسول اللّه(صلى الله عليه واله وسلم ) فتحت لهم باب الاحاديث الاسرائيليّة على مصراعيه. وذلك بالسماح لتميم الداري النصراني، وكعب أحبار اليهود وأمثالهما وكانا قد أظهرا الاسلام بعد انتشاره، وتقرّبا إلى الخلفاء بعد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ففسحت مدرسة الخلفاء لهما ولامثالهما المجال أن يبثّوا الاحاديث الاسرائيليّة بين المسلمين كما يشاؤون، وقد خصّص الخليفة عمر لتميم الداري ساعة في كل اُسبوع يتحدّث فيها قبل صلاة الجمعة بمسجد الرسول، وجعلها عثمان على عهده ساعتين في يومين

أمّا كعب أحبار اليهود فكان الخلفاء عمر وعثمان ومعاوية يسألونه عن مبدأ الخلق وقضايا المعاد، وتفسير القرآن، إلى غير ذلك

وروى عنهما صحابة أمثال أنس بن مالك وأبي هريرة وعبداللّه بن عمر بن الخطاب وعبداللّه بن الزُّبير ومعاوية ونظرائهم من الصحابة والتابعين (12)

وعمد معاويه الى بعض بقايا الصحابة ممّن كان في دينه رقّة، وفي نفسه ضعف من أمثال عمرو بن العاص، وسمرة بن جندب، وأبي هريرة، فاستجابوا له ووضعوا له من الحديث ما يساعده، ثمّ رووه عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم)

وللامعان في نسيان حديث رسول الله اخترعوا قضيه القصاصين الذين يجلسون في المساجد لنشر القصص الخرافيه بدلا من التحدث باحاديث الرسو(صلى الله عليه واله وسلم)

 ورد في مسند أحمد بن حنبل ج ٤ ص  ٤٢١ ان العنزي يقول :

سمعت أبا برزة وقد خرج من عند عبيد الله بن زياد ، وهو مغضب فقال:

 (ما كنت أظن أن أعيش حتى أخلف في قوم يعيروني بصحبة محمد (صلى الله عليه وآله)

قالوا : إن محمديّكم هذا الدحداح الخ ..)

على عهد عمر بن عبدالعزيز

لمّا ولي عمر بن عبدالعزيز الاموي أمر برفع الحظر عن كتابة سنّة الرسول(صلى الله عليه واله وسلم )، وكتب إلى أهل المدينة (أن انظروا حديث رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) فاكتبوه فإنِّي خفت دروس العلم وذهاب أهله)

غير أنّه لم يتمّ الامر؛ وقتل مسموماً عام (101ه‍‍ )، وفُقد ما كان دوّن في عصره

وكذلك لم يبق ما دوّن غيره من العلم، حتّى ولي أبو جعفر المنصور وحرض العلماء على التدوين، وذلك في سنة 143

وهكذا وبعد مرور اكثر من 125 سنه على وفاه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) تم تدوين هذا الكم الهائل من الاسرائيليات والاحاديث الموضوعه او الناقصه او المحرفه والقليل القليل من احاديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) ممن سلمت من الضياع بعد وفاه جيل الصحابه وقسم كبير من جيل التابعين على انها سنه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)

 

 

 

المصادر

  البخاري، كتاب العلم، باب العلم 1 /2 ) ) (1)

 (2)الشيخ علي الكوراني في كتابه تدوين القران ص60 و احمد حسن يعقوب في كتابه نظريه عداله الصحابه

 (3) تذكرة الحفّاظ 1: 5، والاعتصام بحبل الله المتين 1: 30،و حجّيّة السنّة: 394

 (4) تذكرة الحفّاظ للذهبي بترجمة أبي بكر 1 / 2 و 3

 (5) طبقات ابن سعد 5 / 140 بترجمة القاسم بن محمّد بن أبي بكر

 (6)تذكرة الحفاظ للذهبي 1 / 4 و5 )  

 (7)(الحديث رقم 4865 من كنز العمال) 

 (8)(تذكرة الحفّاظ 1 / 7 بترجمة عمر  

  (9)(منتخب الكنز بهامش مسند أحمد 4 / 64) 

 (10)مخطوطة تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر

(11) تذكرة الحفاظ للذهبي 1 /7  

(12)مرتضى العسكري في كتابه معالم المدرستين ج2 ص48

 

 

 الفصل الثاني

 

لا تجتمع النبوه والخلافه في بني هاشم

 

 قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :

 (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )

تعاهدت قريش فيما بينها وكتبت الصحيفه الملعونه الثانيه برفض بيعه الغدير وعدم قبول تولى علي عليه السلام الولايه والخلافه ونجحت في ذلك ولكن بقاء علي وأهل البيت أحياء  يؤرقهم ويفسد عليهم خططهم بتغيير سنه رسول الله وتغيير معالم الدين ليتناغم مع مصالحهم ولذلك قرروا قتل علي واهل بيته جميعا

إحرقوا بيت فاطمه وإقتلوا من فيه

إنقلبت الامه على أعقابها وإرتدت عن دينها وهاجمت بيت بنت نبيها لاحراقه بمن فيه من ال البيت

عن أبي سعيد الخدري قال : أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) قال:

(لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ (1)

غاب موسى (ع) اربعين ليله فارتد اليهود وعبدوا العجل ..وإرتد النصارى وباعوا السيد المسيح (ع) ب( 29) دينارا لليهود وإرتد المسلمون بعد وفاه نبيهم محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) وحرقوا بيت بنت نبيهم وضربوها وأسقطوا جنينها وهموا بقتل وصي هذه الامه الامام علي (ع) واهل بيته

البيعه او القتل .. سنه عمريه

جاء في كتاب الإمامة والسياسة – لابن قتيبه الدينوري

مايلي

إن أبابكر أخبر بقوم تخلفوا ، عن بيعته عند علي ، فبعث إليهم عمر بن الخطاب ، فجاء فناداهم وهم في دار علي وأبوا أن يخرجوا ، فدعا عمر بالحطب فقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها عليكم على ما فيها

فقيل له : يا أبا حفص إن فيها فاطمة ، فقال : وإن

فخرجوا وبايعوا إلاّ علياً ، فزعم أنه قال : حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي عن عاتقي حتى أجمع القرآن ، فوقفت فاطمة على بابها ، فقالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم جنازة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تروا لنا حقاً ، فأتى عمر أبابكر فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ؟ ، فقال أبوبكر : يا قنفذ ـ وهو مولى له : إذهب فإدع علياً قال  فذهب قنفذ إلى علي ، فقال : ما حاجتك ؟ ، قال : يدعوك خليفة رسول الله ، قال علي  لسريع ما كذبتم على رسول الله ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة قال : فبكى أبوبكر طويلاً ، فقال عمر الثانية : لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة ؟ ، فقال أبوبكر : لقنفذ : عد إليه فقل : أمير المؤمنين يدعوك لتبايع ، فجاءه قنفذ فنادى ما أمر به ، فرفع علي صوته فقال : سبحان الله لقد أدعي ما ليس له ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة ، قال : فبكى أبوبكر طويلاً ، ثم قام عمر فمشى ومعه جماعة حتى أتوا باب فاطمة فدقوا الباب ، فلما سمعت أصوإتهم نادت بأعلى صوتها باكية : يا رسول الله ما ذا لقينا بعدك من إبن الخطاب وأبن أبي قحافة

فلما سمع القوم صوتها وبكاءها إنصرفوا باكين ، فكادت قلوبهم تتصدع وأكبادهم تنفطر ، وبقي عمر ومعه قوم ، فأخرجوا علياً فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له : بايع ، فقال : إن لم أفعل فمه ؟ ، قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك ، قال إذاً تقتلون عبدالله وأخا رسوله ،

قال عمر : أما عبدالله فنعم وأما أخو رسوله فلا ، وأبوبكر ساكت لا يتكلم ، فقال عمر  إلاّ تأمر فيه بأمرك ؟

فقال : لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه ، فلحق علي بقبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) يصيح ويبكي وينادي : (يا إبن أم إن القوم إستضعفوني وكادوا يقتلونني)(2)

ويقول ابن أبي شيبة فی المصنف

عن عُبيد الله بن عمر حدثنا زيد بن أسلَم عن أبيه أسلم أَنَّهُ حِينَ بُويِعَ لأِبِي بَكْرٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه واله وسلم ) كَانَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ يَدْخُلان عَلي فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه واله وسلم ) فَيُشَاوِرُونَهَا وَيَرْتَجِعُونَ في أَمرِهِمْ، فَلَمَّا بَلَغَ ذلِكَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ خَرَجَ حَتَّي دَخَلَ عَلي فَاطِمَةَ، فَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه واله وسلم ) مَا مِنَ الْخَلْقِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَينا مِنْ أَبِيكِ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا بَعْدَ أَبِيكِ مِنْكِ، وَايْمُ اللَّهِ مَا ذَاكَ بِمَانِعِيَّ إِنِ اجْتَمَعَ هؤُلاَءِ النَّفَرُ عِنْدَكِ أَنْ آمُرَ بِهِمْ أَنْ يُحْرَقَ عَليْهِمُ الْبَيتُ، قَالَ فَلَمَّا خَرَجَ عُمَرُ جَاؤُوهَا فَقَالَتْ: تَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ جَاءَنِي وَقَدْ حَلَفَ بِاللَّهِ لَئِنْ عُدْتُمْ لَيَحْرِقَنَّ عَلَيكُمُ الْبَيْتَ، وَايْمُ اللَّهِ لَيُمْضِيَنَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَانْصَرِفُوا رَاشِدِينَ، فِرُّوا رَأْيَكُمْ وَلاَ تَرْجِعُوا إِلَيَّ، فَانْصَرَفُوا عَنْهَا وَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهَا حَتَّي بَايَعُوا لأَبِي بَكْرٍ (3)

من هاتين الروايتين نستنتج مايلي

اولا- ان عمر كان مصمما على حرق بيت فاطمه بمن فيه

ان عمر كان مصمما على إحراق بيت فاطمه (ع) بمن فيه وقد حلف على ذلك وان بعض أفراد القوه العسكريه الذين كانوا معه حين رأوا تصميمه على حرق البيت قالوا له إن في البيت فاطمه فقال (وإن) يعني وإن كانت فاطمه في البيت فاني ساحرقه وقد حلف

 (فَلَمَّا خَرَجَ عُمَرُ جَاؤُوهَا فَقَالَتْ: تَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ جَاءَنِي وَقَدْ حَلَفَ بِاللَّهِ لَئِنْ عُدْتُمْ لَيَحْرِقَنَّ عَلَيكُمُ الْبَيْتَ،)

وتحلف فاطمه (ع) بانها متاكده من تصميمه على حرق البيت بمن فيه لذلك طلبت منهم عدم الحضور لكي لا يحرقوا البيت عليهم فقالت:

 (وَايْمُ اللَّهِ لَيُمْضِيَنَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَانْصَرِفُوا رَاشِدِين)

ثانيا- تصميم عمر على قتل علي (ع)

(فأخرجوا علياً فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له : بايع ، فقال : إن لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك)

تيقن على (ع) من نيه قريش بقياده عمر من قتله فالتجا الى قبر اخيه وإبن عمه محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) يصيح ويبكي ( يا إبن أم إن القوم إستضعفوني وكادوا يقتلونني) كما قال هارون لموسى (ع)

ثالثا – تنفيذ الهجوم

جاء في مروج الذهب للمسعودي

قال : في كتابه إثبات الوصية عند شرحه قضايا السقيفة والخلافة : فهجموا على علي وأحرقوا بابه ، وإستخرجوه كرهاً وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً (4)

رابعا - انسحاب بعض افراد القوه العسكريه حين راوا جديه عمر بحرق البيت بمن فيه

ثم قام عمر فمشى ومعه جماعة حتى أتوا باب فاطمة فدقوا الباب ، فلما سمعت أصوإتهم نادت بأعلى صوتها باكية : يا رسول الله ما ذا لقينا بعد أبي من إبن الخطاب وأبن أبي قحافة ! فلما سمع القوم صوتها وبكاءها إنصرفوا باكين ، فكادت قلوبهم تتصدع وأكبادهم تنفطر)(5)

وبقي عمر ومعه قوم

ادرك عمر ان الامه التي ساعدته على مواجهه بني هاشم وتحقيق هدفه الاول (لاتجتمع النبوه والخلافه في بني هاشم ) لا تساعده في تحقيق هدفه الثاني في حرق بيت فاطمه بمن فيه من ال الرسول

فانسحب من المواجهه وقرر تاجيل تحقيق هذا الهدف لحين تحقيق الارضيه الاجتماعيه اللازمه لتنفيذه وإن ذلك يتطلب عملا دؤوبا وطويلا يقوم به ويكمله التحالف الثلاثي من بعده

وأشير هنا الى الاعمال التي قام بها عمر ليتمكن خلفه في زعامه التحالف القرشي الاموي من إبعاد بني هاشم عن الخلافه وتنفيذ شعار (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه ) وإبادتهم عن بكره ابيهم  ومن تلك الاعمال :

اولا- تجريد اهل البيت من الموارد الماليه

أعطى رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم ) فدكا لفاطمه (ع) وهي مزارع وبساتين تدر أرباحا كثيره تنفقها فاطمه وعلي عليهما السلام في أوجه الخير . قرر عمر بعد اقتحام بيت فاطمه (ع) مصادره فدك بحجه ان رسول الله لايورث وماتركه الانبياء صدقه والهدف الحقيقي هو تجريد أهل البيت من أي مصدر مالي قد يساعدهم في النهوض بوجه الخليفه إذا فكروا في ذلك كما أن مصادره فدك له دلالات عميقه اخرى ساتطرق اليها في فصل منفصل

ثانيا – رفع الله اهل البيت مكانه عاليه  يجب حرمانهم منها

لاهل البيت مكانه عاليه في قلوب المسلمين رفعهم الله اليها بموجب أيات بينات وأحاديث نبويه شريفه وجعل منهم سفينه النجاه التي من ركبها نجى ومن تخلف عنها هلك وجعل منهم ائمه وقاده لهذه الامه ويريد عمر أن يعكس الصوره ليصبحوا مجرد مواطنين عاديين قد يصدقون وقد يكذبون ويطلب منهم شهود كما يطلب من اي شخص عادي وتصبح تلك الميزات للخليفه والسلطان الحاكم بأمر الله فهو خليفه الله في أرضه وأوامره أمر الله

ثالثا – اضعاف القوى المعارضه

لازالت سيوف الصحابه ممن حارب قريش وأعلى شان الاسلام من الانصار وبعض المهاجرين من قريش بايديهم ويجب تحجيم دور الانصار وهؤلاء الصحابه من قريش الذين يوالون عليا عليه السلام

ليتمكن تحالف قريش بقياده عمر من السيطره على الامور بدون مقاومه

 رابعا – إفراغ الاسلام من محتواه الفكري والعقائدي

التشريع الاسلامي يجب ان يكون طوع بنان الخليفه وأن يشرع مايراه مناسبا ويلغى مايراه معارضا لخطته وأول خطوه في هذا الاتجاه كانت (حسبنا كتاب الله) وتم جمع الحديث واحراقه وقد تطرقنا لذلك

خامسا – خلق هاله قدسيه على الصحابه الموالين للسلطه

هناك إرثا إسلاميا كبيرا يرفع مكانه اهل البيت ويجب تذويب هذا الارث وخلق فكر جديد يعاكسه وخلق ميزات لبعض الصحابه الموالين للسلطه تشابه ميزات وفضل أهل البيت وتمنع تفرد أهل البيت بها وبدلا من اتباع سفينه اهل البيت للنجاه أصبح أتباع أي صحابي يقود للنجاه ( اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم )

سادسا – دعم بني  أُميَّه حتى يتمكنوا من مقاومه بني هاشم ويحرمونهم من إستلام السلطه

( لاتجتمع النبوه والخلافه في بني هاشم)..شعار أرق عمر كثيرا والى على نفسه تحقيقه في حياته أو بعد مماته وذلك يتطلب تاهيل الحزب الاموي المعارض والمقاوم العنيد لبني هاشم لاستلام السلطه قبل أن تغمض عينيه و إعداد معاويه لاكمال المهمه لتبقى الخلافه والسلطه بيد بني  أُميَّه لا ينازعهم فيها منازع وفي ذلك ابعاد بني هاشم عن السلطه وتصفيتهم جسديا

 

المصادر

 

 البخاري 2669ومسلم (3456)(1)

(2)الإمامة والسياسة – لابن قتيبه الدينوري ج1 ص 30

(3)ابن أبي شيبة فی المصنف ج20ص579 روايه 38200 

(4)مروج الذهب للمسعودي

(5)الإمامة والسياسة – لابن قتيبه الدينوري ج1 ص 30

 

 

 

 

  الفصل الثالث

 

عمر بن الخطاب يمهد لبني اميه لاستلام الخلافه

 

البيعه او القتل ...سنه عمريه

راينا فيما سبق كيف ان عمر وأبو بكر قررا قتل على (ع) إن لم يبايع وإحراق بيت فاطمه وفيه فاطمه والحسن والحسين

وقد صور لنا شاعر النيل حافظ ابراهيم الموقف في قصيدته العمريه قائلا

و قولـة لعلـي قالـهـا عـمر **** أكرم بسامعها أعظم بملقيـها

حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها **** إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبى حفص يفوه بها**** أمام فارس عدنـان وحاميَّها

عمر بن الخطاب يقتل سعد بن عباده

رفض سعد بن عباده مبايعه أبو بكر وعمر وبعد وصول عمر بن الخطاب للخلافه ، قرر سعد بن عبادة ترك المدينة والرحيل إلى الشام بسبب العلاقة المتوترة مع الخليفة الجديد

يروي البلاذري في تاريخه أن عمر بعث محمّد بن مسلمة ، وخالد بن الوليد وقيل المغيره بن شعبه من المدينة الى الشام  ليقتلا سعد بن عباده اذا لم يبايع . رفض سعد المبايعه  فرماه كلّ منهما سهماً فقتلاه

وقالوا إن الجن قتلته لانه كان يبول واقفا وأنشدوا بيتين من الشعر على لسان الجن  

قتلنا سيد الخزرج ....سعد بن عبادة

رميناه بسهمين.... فلم تخط فؤاده

وجاء في "الاحتجاج" للطبرسي: "كانت لأبي جعفر مؤمن الطاق مقامات مع أبي حنيفة، فسأله لمَ لمْ يطالب علي بن أبي طالب بحقه بعد وفاة رسول الله إن كان له حق؟

 فأجابه مؤمن الطاق: خاف أن يقتله الجن كما قتلوا سعد بن عبادة بسهم المغيرة بن شعبة

وقد أمر عمر بن الخطاب بقتل أصحاب الشورى جميعاً، إن لم يتفقوا، وإن اتفق ثلاثة فالذين ليس فيهم عبد الرحمن بن عوف يقتلون. وإن اتفق أربعة أو خمسة، يقتل الإثنان، أو الواحد

وقال علي (ع) إن عمر كان جاداً حين أمر بقتلهم وذكر (عليه السلام) أن عمر كان يتوقع أن يُقتل علي (عليه السلام ) على كل حال، ومعه الزبير.

وسارت الامه على سنه عمر (البيعه ..او القتل) وبذلك أعطى عمر الشرعيه ليزيد لقتل الحسين واهل بيته جميعا

مصادره فدك

فدك: قرية في الحجاز، بينها وبين المدينة يومان، وهي أرض كان يسكنها اليهود، قذف الله الرعب في قلوبهم فصالحوا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )على النصف من فدك وقيل عليها كلها

ثم قدمها  رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) بامر من الله لابنته الزهراء ، وبقيت عندها حتى توفي أبوها (صلى الله عليه واله وسلم ) فانتزعها أبو بكر وعمر وأصبحت من مصادر المالية العامة حتى تولى عمر الخلافة فدفع فدكا إلى ورثة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى أن تولى الخلافة عثمان بن عفان فأقطعها مروان بن الحكم (1)

أسباب مصادره فدك

أولا- حتى لا يستعين علي (ع) بموارد فدك في مقاومه الخليفه

 يفكر الحاكم المغتصب للحكم بتجريد خصمه من المال الذي يساعده على شراء السلاح وتمويل المقاتلين لمقاتلته 

يقول المأمون :

دخل موسى بن جعفر على الرشيد يوماً فقام إليه الرشيد وإستقبله وأجلسه في صدر المجلس وقعد بين يديه ،

ثم قال موسى بن جعفر لأبي : إن الله عزَّ وجلَّ قد فرض على وُلاةِ عهده أن ينعشوا فقراء الأُمَّة ، ويقضوا عن الغارمين ، ويؤدوا عن المثـقل ، ويكسوا العاري ، ويحسنوا إلى العاني – الأسير – ، وأنت أولى من يفعل ذلك

فقال الرشيد : أفعل يا أبا الحسن

ثم قام موسى بن جعفر فقام الرشيد لقيامه ، وقبَّل ما بين عينيه ووجهه ، ثم أقبل عليَّ وعلى الأمين وعلى المؤتمن فقال : يا عبد الله ، ويا محمد ، ويا إبراهيم ، امشوا بين يدي إبن عمِّكم وسيِّدكم ، خذوا بركابه وَسَوُّوا عليه ثيابه وشيِّعوه إلى منزله

وكنت أجرأ ولد أبي عليه ، فلما خلا المجلس قلت : يا أمير المؤمنين ، من هذا الرجل الذي أعظمته وأجللته ، وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته وأقعدته في صدر المجلس وجلست دونه ، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له ؟

قال : هذا إمام الناس ، وحجة الله على خلقه ، وخليفته على عباده

فقلت : يا أمير المؤمنين : أَوَ ليست هذه الصفات كلها لك وفيك ؟

فقال : أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر ، وموسى بن جعفر إمام حقٍّ

فلما أراد الرحيل من المدينة إلى مكة أمر بِصرَّة سوداء فيها مائتا دينار ، ثم أقبل على الفضل فقال له : إذهب إلى موسى بن جعفر وقُل له : يقول لك أمير المؤمنين : نحن في ضيقة ، وسيأتيك بِرّنا بعد هذا الوقت

فقمت في وجهه فقلت : يا أمير المؤمنين ، تعطي أبناء المهاجرين والأنصار ، وسائر قريش وبني هاشم ، ومن لا تعرف حسبه ونسبه  خمسة آلاف دينار إلى ما دونها ، وتعطي موسى بن جعفر وقد عظَّمته وأجللته مائتي دينار ، وأخسَّ عطيةٍ أعطيتها أحداً من الناس

فقال : اسكت لا أمَّ لك ، فإني لو أعطيته هذا ما ضمنته له ، وما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه

وفقرُ هذا وأهل بيته أَسْلَمُ لي ولكم من بسط أيديهم وإغنائهم (2)

 ثانيا – رفع الله اهل البيت (ع) مكانا عليا وجعلهم ائمه وقاده للمجتمع طاهرين مطهرين وجعل منهم وصي هذه الامه وهذا لا يروق لقريش لذلك يريد الخليفه أن يجعلهم مواطنين عاديين يطلب منهم الشهود لتصديق دعواهم حتى وان تطلب ذلك مخالفه الايات والاحاديث الوارده بفضلهم

انه الحسد والنزاع على السلطه الذي  يدفع قريش الى مجابهه الله ورسوله ورفض الايات والحديث النبوي

يقول الله سبحانه وتعالى

(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)(الاحزاب 33)

ويرفض ابو بكر وعمر شهاده الله بحق فاطمه وعلي ويقبل شاهدين من الاعراب البوالين على أعقابهم  لتصديق اقوال من طهرهم الله واذهب عنهم الرجس

 ويقول الله سبحانه وتعالى

(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)( الانفال 41)

ويقول عمرلابي بكر:

 فأمنع عن علي وأهل بيته الخمس والفيء وفدكا

ويقول رسول الله اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي

 فاما السنه (الاحاديث ) فجمعت وحرقت وخصوصا تلك الوارده بفضل اهل البيت (ع) والتي لاتنسجم مع مشروع الانقلابيين

واما العتره فاحرق بيت فاطمه (ع) وضربت واسقط جنينها  وتم تهديد علي (ع) بالقتل إن لم يبايع

وأكتفي بهذا القدرمن مئات الايات والاحاديث النبويه الوارده بفضل علي (ع) وفاطمه والتي أما خولفت أو أولت أو أشرك فيها من غير أهل البيت لتمييعها

وخلال الفتره التي حكم بها عمر خالف الكثير من الايات واستبدل احكام الله باحكام اخرى 

ثالثا – فصل الامه عن اهل البيت

وعن المفضل بن عمر، عن الصادق (ع)، قال: (لما ولّي أبو بكر قال له عمر:

(إنّ الناس عبيد هذه الدنيا لا يريدون غيرها، فامنع عن علي وأهل بيته الخمس والفيء وفدكاً، فإنّ شيعته إذا علموا ذلك تركوا علياً وأقبلوا إليك رغبة في الدنيا وإيثاراً لها ومحاماة عليها، ففعل أبو بكر ذلك وصرف عنهم جميع ذلك)

فإن الفقير الذي لا مال له تضعف همته، ويتصاغر عند نفسه، ويكون مشغولاً بالاحتراف والاكتساب عن طلب الملك والرئاسة (3)

 لقد تجرأ عمر على الله ورسوله وخالف صريح ايات القران الكريم اذا يقول الله سبحانه وتعالى:

 (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

(الانفال41)

عمل ابو بكر بتوصيه عمر فصادر فدكا وحجب حصه ذوي القربى من الخمس والانفال مخالفا بذلك صريح الايه الكريمه (4)

الامه تخاذلت وخذلت اهل البيت

كان علي (ع) يحمل السيدة فاطمة الزهراء على أتان  فيدور بها أربعين صباحا على بيوت المهاجرين والأنصار، والحسن والحسين معها، وهي تقول: يا معشر المهاجرين والأنصار. انصروا الله وابنة نبيكم، وقد بايعتم رسول الله يوم بايعتموه أن تمنعوه وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم. ففوا لرسول الله ببيعتكم . فما أعانها أحد، ولا أجابها ولا نصرها. فانتهت إلى معاذ بن جبل فقالت: يا معاذ بن جبل! إني قد جئتك مستنصرة، وقد بايعت رسول الله على أن تنصره وذريته، وتمنعه مما تمنع منه نفسك وذريتك، وإن أبا بكر قد غصبني فدك، وأخرج وكيلي منها . قال

  فمعي غيري؟

قالت: لا، ما أجابني أحد

 قال: فأين أبلغ أنا من نصرك؟

وبذلك فصل عمر الامه عن اهل البيت وتحولت الامه بفعل نصيحه عمر الى ابي بكر الى أمه خامله لاتامر بمعروف ولا تنهي عن منكر خوفا وطمعا مما في يد السلطان

 ثلاثه ايام سوداء غيرت تاريخ الامه الاسلأُميَّه

الاول هو يوم الخميس (رزيه الخميس) حيث وقفت قريش في وجه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) ورفضت امره وادخلت الغم والحزن على قلبه في اخر ساعات حياته واختطفت السلطه الشرعيه من الوصي المنصوص عليه بامر الله سبحانه وتعالى

والثاني يوم اقتحام  بيت بنت نبيه وضربها واسقاط جنينها وحرق باب بيتها  ومحاوله حرق البيت بمن فيه وفيه فاطمه والحسنان وتهديد علي بالقتل ان لم يبايع

واليوم الثالث يوم مصادره فدك ومنع اهل البيت حقهم في الخمس والفئ

ومن نتائج الايام الثلاثه السوداء

1- تجرؤ الخليفه على الله ورسوله ورفض الايات والاحاديث الوارده بحق اهل البيت وتحول الخليفه الى مشرع بدلا عن الله سبحانه وتعالى

2- تحول الامه من امه رساليه الى امه خانعه للخليفه مؤتمره بامره تنظر الى عطاياه وتخشى من سيفه ودرته

3- تجرؤ الخليفه على النبي وأهل بيته ورفع القدسيه عنهم وضربهم ومحاوله قتلهم وعزلهم عن الامه

4- وضع عمر بن الخطاب حجر الاساس لمذبحه اهل البيت في كربلاء

والى تحقيق امنيه قريش وبني  أُميَّه (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه) في كربلاء

إستنصرت فاطمه (ع) القوم فما من ناصر واستنصر الحسين (ع)  القوم فما من ناصر.أحرقوا خيام الحسين يوم عاشوراء وقبله أحرق باب بيت امه الزهراء, قتل هو وأهل بيته وقبله أراد عمر أن يقتله وأمه وأبيه وأخوه الحسن حرقا

 مصادره فدك تحقق اهدافها

وبعد ان تحققت كل الاهداف المرجوه من مصادره فدك ومنع الفي والخمس عن اهل البيت وبعد ان خذلت الامه عليا ولم تنصره  وبعد أن بايع عليا أبو بكر تحت حد السيف ..أعاد عمر فدكا لال الرسول لينسف بذلك الاسس التي بني عليها قرار المصادره 

ومن مهازل هذه الامه أن تسلب فدكا من فاطمه (ع) لتعطى للملعون ابن الملعون  طريد رسول الله مروان بن الحكم

 لحظات الموت

عندما ضرب ابن ملجم الامام علي (صلى الله عليه واله وسلم ) على راسه صاح الامام عندما أحس بقرب استشهاده (فزت ورب الكعبه )

وفي لحظات الموت تمنى أبو بكر وعمر أن يكونا بعره لسوء ماعملوا بانفسهم وبامه محمد (صلى الله عليه واله وسلم)

(وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون )الجاثية33

وقد سجل التاريخ لعمر أيضا قوله: ليتني كنت كبش أهلي يسمنونني مابدا لهم حتى إذا كنت أسمن ما أكون زارهم بعض من يحبون فجعلوا بعضي شواء وقطعوني قديدا ثم أكلوني وأخرجوني عذرة ولم أكن بشرا (6)

  كما سجل التاريخ لابي بكر مثل هذا، قال لما نظر أبوبكر إلى طائر على شجرة: طوبى لك ياطائر تأكل الثمر وتقع على الشجر وما من حساب ولا عقاب عليك، لوددت أني شجرة على جانب الطريق مر علي جمل فأكلني وأخرجني في بعره ولم أكن من البشر(7)

 

 

المصادر

(1)فدك في التاريخ للسيد محمد باقر الصدر

  (2)بحار الانوار ج48 ص131

 (3) شرح نهج البلاغة: ج16 ص236

 (4)الدر المنثور ج: ص186 سورة الأنفال

 (5)بحار الأنوار  : 44 /  1952

 (6) منهاج السنة لابن تيمية ج 3 ص 131. حلية الاولياء لابي نعيم ج 1 ص 52

 (7) تاريخ الطبري ص 41. الرياض النضرة ج 1 ص 134

 

 

 

الفصل الرابع

 

عمر بن الخطاب يسلّم الخلافه لبني  أُميَّه

قال الله تعالى:

 (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ ( المجادله 22)

يعني لا تجد يا محمد قوماً يصدّقون الله، ويقرّون باليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله وشاقَّهما وخالف أمر الله ونهيه { وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ } (1)

بعد صلح الحديبيه اصبح الناس يتنقلون بين مكه والمدينه فاتى ابو سفيان على سلمان وصهيب وبلال في نفر ، فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها،

فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ فأتى النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) فأخبره، فقال: "يا أبا بكر، لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك" فأتاهم أبو بكر، فقال: يا إخوتاه، أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي (2)

إن رد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) على أبي بكر لهو أكبر دلالة على أن موقف هؤلاء الصحابة من أبي سفيان هو الموقف الشرعي وأن أبا بكر تجاوز الموقف الشرعي وانحرف عنه بمودته لمن حاد الله ورسوله وانه لازال ينظر لابو سفيان بانه سيد قريش وليس كبير المشركين وقائدهم (3)

إبعاد بني هاشم عن أي منصب أو وظيفه في الدوله

لم تكتف بطون قريش بالحيلولة بين علي والخلافه بل حرمت على أي هاشمي ممارسة أي وظيفة عامة في الدوله، فأبو بكروعمر وعثمان لم يستعملوا أي هاشمي اثناء مده خلافتهم

وأثناء مداولات الشورى بعد مقتل عمر

قال عبد الرحمن بن عوف لعلي بن ابي طالب: " أبايعك على شرط أن لا تجعل أحدا من بني هاشم على رقاب الناس "، أي عدم توليه هاشمي، فقال علي عند ذلك:

 " ما لك ولهذا إذا قطعتها في عنقي فإن علي الاجتهاد لأمة محمد حيث علمت القوة والأمانة إستعنت بها كان في بني هاشم أو غيرهم "،

قال عبد الرحمن: " لا والله حتى تعطيني هذا الشرط "، قال علي: " والله لا أعطيكه أبدا ". ومعنى ذلك أنه لا يجوز للخليفة أن يستعمل هاشميا حتى ولو كان ذا قوة وذا أمانة وقد نفذ عبد الرحمن تعليمات عمر بدقه

أن عمر يريد أن يطمئن بان لا تؤول الخلافه لعلي أو لأي هاشمي بعد موته

وقد وجد ان لا احد يستطيع تحقيق حلمه هذا الا بنو  أُميَّه فهم الجناح المعادي العتيد لبني هاشم وعداوتهم متجذره من زمن هاشم وعبد المطلب فلجأ اليهم وقواهم وهيأهم لتاسيس الدوله الامويه

سنه الشيخين بديلا عن سنه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) في كل مرافق الحياه

قال عمر بن الخطاب في يوم الرزيه حين رفض ان يكتب رسول الله وصيته (حسبنا كتاب الله) وذلك اعلان صريح على رفض سنه الرسول  وفعلا فقد استبدلت سنه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) بسنه الشيخين ابو بكر وعمر فأصبح لها القول الفصل بدلا عن سنه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) في جميع امور الحياه ومنها قبول او رفض توليه الخلفاء

جاء في تاريخ الطبري ج4 ص 238

 (فأخذ عبد الرحمن بيد علي ، فقال : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر ، قال : اللهم لا ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي ،)

اشترط عبد الرحمن على قبول تولي علي الخلافه أن يسير بسنه الشيخين أبو بكر وعمر ولما كانت سنه الشيخين منحرفه عن سنه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) رفض علي (ع) هذا الشرط الذي يؤسس لخلافه بني  أُميَّه

عمر بن الخطاب يهيأ معاويه لتاسيس الدوله الامويه

عمر يلمع صوره معاويه

ذُكر معاوية عند عمر بن الخطّاب فقال دعوا فتي قريش وإبن سيّدها ; إنّه لمن يضحك فى الغضب ، ولا ينال منه إلاّ علي الرضا ، ومن لا يؤخذ من فوق رأسه إلاّ من تحت قدميه (4)

وقال عمر إذ دخل الشام ورأى معاوية : هذا كسرى العرب (5)

وقال عمر بن الخطاب : تذكرون كسرى وقيصر ودهاءهما وعندكم معاوية (6)

لقد هيأ عمر لمعاوية الشام كأقليم مستقل عن دولة الخلافة فكان لايأمره ولاينهاه .

 روى الطبري

( خرج عمر بن الخطّاب إلي الشام ، فرأى معاوية فى موكب يتلقّاه ، وراح إليه فى موكب ، فقال له عمر : يا معاوية ! تروح فى موكب وتغدو فى مثله ، وبلغنى أنّك تصبح فى منزلك وذوو الحاجات ببابك ! قال : يا أمير المؤمنين إنّ العدوّ بها قريب منّا ولهم عيون وجواسيس ، فأردت يا أمير المؤمنين أن يروا للإسلام عزّاً ، فقال له عمر : إنّ هذا لَكيد رجل لبيب أو خدعة رجل أريب)(7)

وفي رواية الذهبي يقول عمر لمعاوية ( فقال معاوية يا أمير المؤمنين مُرنى بما شئت أصِر إليه ، قال : ويحك ! ما ناظرتك فى أمر أعيب عليك فيه إلاّ تركتنى ما أدرى آمرك أم أنهاك)(8)

ويروي الذهبي كذلك: (لمّا قدم عمر الشام ، تلقّاه معاوية فى موكب عظيم وهيئة ، فلمّا دنا منه ، قال : أنت صاحب الموكب العظيم ؟

قال : نعم . قال : مع ما بلغنى عنك من طول وقوف ذوى الحاجات ببابك ؟ قال : نعم . قال : ولِمَ تفعل ذلك ؟ قال : نحن بأرض جواسيس العدوّ بها كثير ، فيجب أن نُظهر من عزَّ السلطان ما يُرهبهم ، فإن نهيتنى انتهيت ، قال : يا معاوية ! ما أسألك عن شىء إلاّ تركتنى فى مثل رواجِب الضَّرِس لئن كان ما قلت حقّاً , إنّه لرأى أريب ، وإن كان باطلا فإنّه لخدعة أديب  قال : فمُرنى . قال : لا آمرك ولا أنهاك )

تأمل قول عمر لمعاوية : لاآمرك ولا أنهاك! فكأن معاوية صار مستقلاً عن أوامر الخليفة. أستطاع معاوية بدهاءه ومكره من قهر تسلط عمر ونقول إن لعقدة النقص الطبقية دور في ذلك فكان عمر يرى أن معاوية أفضل منه لأنه إبن سيد قريش وكان معاوية حتما يشعر بذلك فاستغل تلك العقدة وفاز بتطويع عمر وتليينه

ففي عهد ابي بكر كان دأب عمر هو إقناع أبا بكر بتولية بني أمية لبلاد الشام وتم له ذلك.

 الرواية الاتية تبين تخطيط عمر للقضاء على خصومه وتقريب بني أمية

(أن خالد بن سعيد لما قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )تربص ببيعته لأبى بكر شهرين ولقى على بن ابى طالب وعثمان بن عفان وقال يا بنى عبد مناف لقد طبتم نفسا عن أمركم يليه غيركم, فأما أبو بكر فلم يحفل بها وأما عمر فاضطغنها عليه, فلما بعث أبو بكر خالد بن سعيد أميرا على ربع من ارباع الشام وكان أول من استعمل عليها فجعل عمر يقول أتؤمره وقد قال ما قال فلم يزل بأبي بكر حتى عزله وولى يزيد بن أبى سفيان)(9)

عمر اول الممهدين لسلطان بني اميه

لقد مهد عمربن الخطاب لبني أمية , فقد أعطى ولاية الشام لمعاوية بن أبي سفيان وسن معاوية حينها أقل من عشرين سنة على قول بعض الروايات , وقبل ذلك كان أخو معاوية على الشام وهو يزيد بن أبي سفيان ,وولى عمر كذلك الوليد بن عقبة بن أبي معيط صدقات بني تغلب وقربه, وولى عبد الله بن أبي سرح وهو أخو عثمان من الرضاعة صعيد مصر , وجعل المغيرة بن شعبة الصديق الحميم لمعاوية أميرا على الكوفة . وولى عمرو بن العاص الصديق القريب لمعاوية ولاية فلسطين والاردن

وكان والي الطائف في عهد عمر هو عنبسة بن أبي سفيان الاخ الاخر لمعاوية

أن أباسفيان كان من المعارضين لخلافة ابوبكر و جاء الى علي بن أبي طالب معترضا على خلافة ابوبكر , وعندها إسترضى أبوبكر أباسفيان بالمناصب لاسكاته ,وعلى ذلك النهج مشى عمر بن الخطاب

الرواية الاتية ترينا ترضية عمر بن الخطاب لابي سفيان وكأن أبوسفيان هو صاحب الامر وليس عمر, وفيها يُعزي عمر أباسفيان بوفاة أبنه يزيد حاكم الشام :

( دخل أبوسفيان على عمر بن الخطاب فعزاه عمر بابنه يزيد، فقال: آجرك الله في ابنك يا أبا سفيان. فقال: أي بني يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: يزيد. قال أبو سفيان: فمن بعثت على عمله؟ قال عمر: معاوية أخاه، وقال عمر: ابنان مصلحان، وإنه لا يحل لنا أن ننزع مصلحا )(10)

وهكذا استحكم بني أمية تدريجيا في بناء الدولة في عهد ابوبكر وعمر فلما جاء عهد عثمان صارت لهم

أن عمر بن الخطاب كان يعلم تماما من هم بني أمية ويعلم مواقفهم من النبي محمد , فقد أسلم أبو سفيان ومعاوية بعد فتح مكة وكان يسمون بالطلقاء الذين اطلقهم النبي  وفرَّق القران الكريم بين المسلمين في  درجات الايمان

( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا)( الحديد10),

عمر يسلم الدوله لبني  أُميَّه لتفقأ عين الاسلام

الشوري محسومه النتائج سلفا

شارك علي بن أبي طالب في الشورى، وحاول الوصول إلى منصب الخلافة وفق الضوابط التي أقرها عمر بن الخطاب قبيل وفاته، لكن الروايات الواردة في المصادر السنية والشيعية تدل على أن قبول علي بالمشاركة لم يكن باقتناع كامل أو رضا تام لان الشورى محسومه النتائج سلفا وعدم دخوله فيها يعني قتله

وفقًا لما يذكره ابن مسكويه في «تجارب الأمم» والطبري في تاريخه، كان علي بن أبي طالب يعرف أن الشروط التي وضعها عمر لاختيار الخليفة الجديد تصب في غير مصلحته. يظهر ذلك في نقاشه مع عمه العباس بن عبد المطلب، فقد ورد أن عليا بعدما عرف بأمر الشورى قابل عمه فقال له

عَدَلَتْ الخلافة عنا. فقال العباس: وما علمك؟

قال: قرن بي عثمان، وقال: كونوا مع الأكثر، فإن رضى رجلان رجلًا، ورجلان رجلًا، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون، فيوليها عبد الرحمن عثمان، أو يوليها عثمان عبد الرحمن، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني

ويستذكر علي بن أبي طالب حادثة الشورى فيقول: «فجعلني سادس ستة كَسَهْمِ الجدة (أي مثل نصيب الجدة من ميراث الحفيد)، وقال إقتلوا الأقل وما أراد غيري، فكظمت غيظي وإنتظرت أمر ربي وألصقت كلكلي بالأرض (الامالي للشيخ المفيد)

أن عليا كان يرى في ترتيب قواعد الشورى مؤامرة ضده. فقد قال لعبد الرحمن بن عوف بعد أن اختار عثمان بن عفان لشغل منصب الخلافة

(ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. والله ما ولَّيت عثمان إلا ليرد الأمر إليك، والله كل يوم في شأن) (11)

يعلم  عمر إن بني  أُميَّه سيفقأون عين دوله الاسلام ويعلم ان عثمان لو ال الامر اليه ليحملن بني ابي معيط على رقاب الناس ومع ذلك سلمهم الخلافه

عن المغيرة بن شعبة أنه قال:

قال لي عمر بن الخطاب يوما : يا مغيرة هل أبصرت بعينك العوراء منذ اصيبت؟ قلت لا. قال: أما والله ليعورون بنو امية الاسلام كما أعورت عينك هذه.ثم ليعمينه حتى لا يدري أين يذهب ولا أين يجيء) (12)

وروي أن ابن عباس سأل الخليفة عمر عن رأيه بعثمان بن عفان فقال عمر: (أوه ثلاث مرات، والله لئن كان الأمر إليه ليحملن بني أبي معيْط على رقاب الناس، ووالله لئن فعل لَيَنْهَضُنّ إليه فلَيَقْتُلُنَه، واللّه لئن فعل ليفْعَلَن، والله لئن فعَلَ ليفْعَلن) (13)

ومع ذلك وضع عمر شروط الشوري بحيث تصل الخلافه لعثمان بن عفان الاموي حتما كما افصح عن ذلك علي بن ابي طالب (ع)

فليستلم عثمان الخلافه ولتفقأ بنوا أُميَّه عين الاسلام طالما أن عليا لايصل الى الخلافه

انها العصبيه القبليه والحسد القاتل لبني هاشم الذي دمر حياه المسلمين ودينهم وجر عليهم الويلات والنكبات وسفك الدماء

 

 

 

المصادر

 (1)تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري 

 (2)صحيح مسلم 1/2504، باب فضائل سلمان وصهيب وبلال

 (3)صالح الورداني في كتابه رحلتي من السنه الى الشيعه ص59

 (4)البداية والنهاية لابن كثير المدشقي ج8 ص 124 

(5)الاستيعاب ج3 ترجمة معاوية, لابن عبد البر 

 (6)تاريخ الطبري ج3 ص224, أحداث سنة 60 

 (7)تاريخ الطبري ج3 ص224 أحداث سنة ستين

 (8)سير أعلام النبلاء للذهبي , ترجمة معاوية 

(9)الاستيعاب  لابن عبد البر , ج3 ص 975, باب سيرة أبوبكر

(10)كنز العمال ج13 ص 607, 329

(11)شرح النهج لابن أبي الحديد , وعن الموفقيات لابن بكار

(12)تاريخ الطبري وابن الأثير في الكامل 

(13)تاريخ المدينة لابن شبة ص 311  

 

 

 

 

Screenshot 2023-11-25 072930

Screenshot 2024-02-23 234258

أخترنا لك
بنو أميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم- الفصل الرابع

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف