لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه (2)- بنو اميه ليسوا من قريش وانما من عبيدهم

2023/05/14

 

 

بنو اميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم

فصول الكتاب

 

الفصل الاول - أصل بني اميه

 الفصل الثاني - بنو أميه ملعونون في القرأن الكريم وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه واله

 الفصل الثالث - (حُسن الأخلاق برهان كرم الأعراق)

 الفصل الرابع - يزيد بن معاويه مستنقع آسن 

 

 

الفصل الاول

 بنو أمية ليسوا من قريش.. وإنّما من عبيدهم

أصل بني اميه

من أهم اسباب عداوه بني أميه لبني هاشم سوء منبت وأصل بني اميه وحسدهم بني هاشم الذين رفعهم الله مكانا عليا وطهرهم تطهيرا

فهم يشعرون بالدونيه لان جدهم أميه عبد رومي تبناه عبد شمس وبنو هاشم من أصل شريف رفيع

 

أن تَّبَنِّي العبيد كان معمولاً به في الجاهلية والإسلام، يُتوارث به ويتناصر، إلى أن نسخ الله ذلك بقوله تعالى
{ ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ }
فرفع الله حكم التَّبَنِّي وأرشد بقوله إلى أن الأوْلى والأعدل أن يُنسب الرجل إلى أبيه نَسَباً
وكان الرجل في الجاهلية إذا أعجبه غلام ضمه إلى نفسه، وجعل له نصيب الذكر من أولاده من ميراثه، وكان يُنْسب إليه فيقال فلان ابن فلان
وتذكر لنا كتب التاريخ العديد من الشخصيات المرموقه في المجتمع والذين كانوا عبيدا تبناهم أسيادهم
ولنأخذ مثالا من هؤلاء وهو زيد بن حارثه
‌قال ابن عمر:
أن زيد بن حارثة مولى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد. حتى نزل القرآن
قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ) (الاحزاب5)  
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت زيد بن حارثة بن شراحيل (1)
وكان زيد أبن حارثه عند أخواله من طي فأسر واقتيد ليباع في سوق العبيد في مكه وكان حكيم بن حزام في سوق عكاظ يتسوق فأبصر بالغلام وكانت عمته خديجه بنت خويلد قد أوصته أن يبتاع لها عبدا عربيا فاشتراه حكيم وقاده الى عمته وبقى عندها حتى تزوجها رسول الله (ص) فوهبته له
ثم إنه خرج في إبل طالب إلى الشام، فمر بأرض قومه. فعرفه عمه، فقام إليه
فقال: من أنت يا غلام ؟
قال: غلام من أهل مكة
قال : فحر أنت أم مملوك ؟
قال: بل مملوك
قال: لمن؟
قال: لمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب
قال: ممن أهلك؟
قال: من كلب
قال :  إبن من أنت؟
قال: إبن حارثة بن شراحيل
فالتزمه وقال إبن حارثة: ودعا أباه وقال: يا حارثة هذا إبنك. فأتاه حارثة، فلما نظر إليه عرفه
قال: كيف صنع مولاك إليك؟
قال: يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حباً، فلا أصنع إلا ما شئت
فركب معه أبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة، فلقوا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
فقال له حارثة: يا محمد أنتم أهل حرم الله وجيرانه، وعند بيته. تفكون العاني، وتطعمون الأسير. ابني عبدك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه، فإنك ابن سيد قومه فإنا سنرفع لك في الفداء ما أحببت
فقال له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
أعطيكم خيراً من ذلك
قالوا: وما هو؟
قال: أخيره فإن اختاركم فخذوه بغير فداء، وإن اختارني فكفوا عنه
قالوا: جزاك الله خيراً فقد أحسنت، فدعاه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
فقال: يا زيد اتعرف هؤلاء؟
قال: نعم. هذا أبي وعمي وأخي
فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: فأنا من قد عرفته، فإن اخترتهم فأذهب معهم، وإن اخترتني فأنا من تعلم
فقال زيد: ما أنا بمختار عليك أحداً أبداً، أنت مني بمكان الوالد والعم
قال له أبوه وعمه: يا زيد تختار العبودية على الربوبية ؟
قال: ما أنا بمفارق هذا الرجل
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حرصه عليه
قال: إشهدوا أنه حر، وإنه إبني يرثني وأرثه، فطابت نفس أبيه وعمه، لما رأوا من كرامته عليه، فلم يزل زيد في الجاهلية يدعى زيد بن محمد حتى نزل القرآن { إدعوهم لآبائهم } فدعيُ زيد بن حارثة

ولان التبني كان شائعا ومكتسبا صفه شرعيه في المجتمع فقد انزل الله ايات بينات في التفريق بين ولد الرجل من صلبه والولد المتبنى

قال تعالى:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23)النساء

حرم الله زواج الرجل من زوجه ابنه الذي من صلبه في هذه الايه

( وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ)

فلماذا هذا التوضيح بذكر (  الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ) لو لم يكن التبني معمولا به وشائعا حتى ساوت العرب بين الولد المُتبني والولد من صلب الرجل

وزياده في الايضاح قال تعالى :

 (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ  )[سورة الأحزاب: 40]

واذا تم العمل بموجب هذه الايه وتم تصحيح نسب الاشخاص الاحياء والحق زيد  بحارثه فان وضع التبني القديم للاشخاص المتوفين بقي على حاله ولم يتم التصحيح كما هو الحال في تبني عبد شمس لاميه وخويلد للعوام والد الزبير

 يقول الصيمري البحراني في كتابه الزام النواصب في نسب الزبير بن العوام:

فقد رووا  أن العوام كان عبدا لخويلد ، ثم اعتقه وتبنّاه  ، ولم يكن من قريش ، وذلك أن العرب في الجاهلية إذا كان لأحدهم عبد وأراد ان ينسبه الى نفسه ويلحقه بنسبه أعتقه وزوّجه كريمة من العرب ، فيلحق بنسبه ، فكان هذا من سنن الجاهلية

بنو أميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم
كان أميه عبداً لعبد شمس تبناه وجعل له ما لابنائه واليك بعضا من الادله التي تثبت إن أميه ليس من صلب عبد شمس
اولا – الدليل الاول
يقول ابو القاسم الكوفي في كتابه الاستغاثه ج1ص 76
كان عبد شمس بن عبد مناف أخا هاشم بن عبد مناف قد تبنى عبداً له روميا يقال له أمية فنسبه عبد شمس إلى نفسهِ
فنسب أمية بن عبد شمس فدرج نسبه كذلك إلى هذه الغاية. فأصل بني أمية من الروم ونسبهم في قريش
ثانيا – الدليل الثاني
يصرح ابو طالب بانَ بنو عبد شمس ليسوا من قريش
قال أبو طالب حین تظاھر علیه وعلى رسول االله (صلى االله علیه وآله) بنو عبد شمس ونوفل


توالى علینا مولیانا كلاھما
                                               إذا سئلا قالا إلى غیرنا الأمر
بلى لھما أمر ولكن تراجماً
                                              كما ارتجمت من رأس ذي القلع الصخر 
أخص خصوصاً عبد شمس ونوفلاً
                                                ھما نبذانا مثل ما نبذ الخمر
قدیماً أبوھم كان عبداً لجدنا
                                        بني أمیة شھلاء جاش بھا البحر 

 

فھنا صرّحَ أبو طالب بانَ أمیة عبد وامهُ جاريه قذفَ بهما البحر إلى الحجاز بواسطة التجارة أو غیرھا ضمن تجارة الرقیق والإماء
وكلمة شھلاء تخصُ الروم فالشھل زرقةٌ یشاب بھا سواد العین، وھي صفة عرفت بھا العین الرومیة
ويقول المقريزي في كتابه النزاع والتخاصم
إن اميه إبن جاريه روميه وصلت الى الحجازمع ركب سفينه جنحت الى الشاطئ وقد تبناه عبد شمس (2)
ثالثا -الدليل الثالث
الرسول (ص) لم يعطِ بني عبد شمس وبني نوفل من الخمس لانهم ليسوا من ذوي القربى
قال الله تعالى:
 (وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ) سوره الانفال ايه41
حرمَ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بني عبد شمس وبني نوفل من الخمس لانهم ليسوا من ابناء بني عبد شمس بل من ادعيائهم الذين تبنوهم وتسموا باسماءهم
وفي فتح الباري شرح صحيح البخاري( حديث رقم 2971 ) يقول
 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم قال :

(مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) فقلنا يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا ونحن وهم منك بمنزلة واحدة فقال رسول الله( صلى الله عليه وسلم) إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد قال الليث حدثني يونس وزاد قال جبير ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل)
علما بان ابناء عبد مناف أربعه هم عبد شمس والمطلب وهاشم ونوفل
وحاشا رسول الله أن يخالف أمر الله ويفرق بين الاخوه من أبناء عبد مناف فيعطي إثنين ويحرم إثنين من دون سبب شرعي
ودخل بنو هاشم وبنو المطلب شعب أبي طالب مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حين حاصرتهم قريش، مؤمنهم وكافرهم، فالمؤمن دخل دينا والكافردخل حمية،
من هذا يتبين إنَ مَنْ دخل مع بني هاشم في الشعب هم من تربطهم صله دم كبني المطلب لا من تربطهم صله تبني واستلحاق
رابعا –الدليل الرابع
يعلن علي بن أبي طالب (ع) صراحه بانهم ليسوا من بني عبد مناف
لم یكن عثمان ومعاویة ویزید ومروان وعبد الملك بن مروان أبناء عمومة النبي  (صلى االله علیه وآله)
واثناء خلاف معاويه مع علي (ع) قال معاويه لعلي في احد كتبه
(إنا أبناء عبد مناف واحد)
وكان جواب علي (ع) لمعاويه
وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَكَذَلِكَ نَحْنُ وَ لَكِنْ لَيْسَ أميّة كَهَاشِمٍ وَ لاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ وَ لاَ أَبُو سُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ وَ لاَ اَلْمُهَاجِرُ كَالطَّلِيقِ وَ لاَ اَلصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ وَ لاَ اَلْمُحِقُّ كَالْمُبْطِلِ وَ لاَ اَلْمُؤْمِنُ كَالْمُدْغِلِ وَ لَبِئْسَ اَلْخَلْفُ خَلْفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَ فِي أَيْدِينَا بَعْدُ فَضْلُ اَلنُّبُوَّةِ اَلَّتِي أَذْلَلْنَا بِهَا اَلْعَزِيزَ وَ نَعَشْنَا بِهَا اَلذَّلِيلَ وَ لَمَّا أَدْخَلَ اَللَّهُ اَلْعَرَبَ فِي دِينِهِ أَفْوَاجاً وَ أَسْلَمَتْ لَهُ هَذِهِ اَلْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي اَلدِّينِ إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ اَلسَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ وَ ذَهَبَ اَلْمُهَاجِرُونَ اَلْأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ فَلاَ تَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ فِيكَ نَصِيباً وَ لاَ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلاً وَ اَلسَّلاَمُ ( نھج البلاغة، الرساله رقم 17)
ويقول ابن ابي الحديد في شرح المهاجر والطليق والصريح واللصيق
المهاجر : الذي ترك وطنه و لحق برسول اللَّه ( صلى اللَّه عليه و آله)
و الطليق : الأسيرالذي أطلق سبيله بعد فتح مكه
و الإمام عليه السلام يشير الى فتح مكة ، فقد كان المنتظر أن يقتص الرسول ( صلى اللَّه عليه و آله ) منهم ، و لكنه عفى عنهم تكرّما ،
و قال : إذهبوا فأنتم الطلقاء ، و أبو سفيان و معاوية منهم
وفي شرح معنى اللصيق والطليق نقول
ا
لصريح.. الصحيح النسب
و اللصيق .. الدعي الملصق بغير أبيه ،(كما ورد في كل معاجم اللغه ومنها معجم المعاني الجامع)
ويذهب المقريزي في كتابه النزاع والتخاصم الى نفس هذا المذهب

وفي شرح نهج البلاغه لابن ابي الحديد ج6 ص 146 يقول :

ومن كلام لعلي عليه السلام قاله لمروان بن الحكم بالبصرة

أُخذ مروان بن الحكم أسيرا يوم الجمل فاستشفع له الحسن والحسين عليهم السلام إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فكلماه فيه فخلى سبيله، فقالا له: يبايعك يا أمير المؤمنين؟

قال عليه السلام :

(أولم يبايعني بعد قتل عثمان لا حاجة لي في بيعته. إنها كف يهودية، لو بايعني بيده لغدر بسبته)
خامسا- الدليل الخامس
و روى الواقدي إن يزيد بن معاويه فاخر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بأبائه في مجلس معاويه بن أبي سفيان
فقال له عبد الله بن جعفربن أبي طالب :
بأي آبائك تفاخرني أبحرب الذي أجرناه.. أم بأمية الذي ملكناه ..أم بعبد شمس الذي كفلناه
فقال معاوية :
ألحرب بن أمية يقال هذا ! ما كنت أحسب أن أحدا في عصر حرب يزعم أنه أشرف من حرب
فقال عبد الله بن جعفربن أبي طالب بلى أشرف منه من كفأ عليه إناءه و جلله بردائه
وفي شرح تلك الكلمات نقول
أما معنى قوله.. (أ بحرب الذي أجرناه) 
فان قريشا كانت إذا سافرت فصارت على العقبة لم يتجاوزها أحد حتى تجوز
وحدث أن خرج حرب ليلة فلما صار على العقبة لقيه رجل من بني حاجب بن زرارة التميمي فتنحنح حرب بن أمية و قال أنا حرب بن أمية فتنحنح التميمي و قال أنا إبن حاجب بن زرارة ثم جاز العقبة فقال حرب لا والله لا تدخل بعدها مكة و أنا حي
فمكث التميمي حينا لا يدخل و كان متجره بمكة فاستشار بها بمن يستجير من حرب فأشير عليه بعبد المطلب أو بابنه الزبير بن عبد المطلب فركب ناقته و صار إلى مكة ليلا فدخلها و أناخ ناقته بباب الزبير بن عبد المطلب فرغت الناقة فخرج إليه الزبير فقال أمستجير فتجار أم طالب قرى فتقرى فقال :
لاقيت حربا بالثنية مقبلا
                                        و الليل أبلج نوره للساري
فعلا بصوت و اكتنى ليروعني
                                               و دعا بدعوة معلن و شعار
فتركته خلفي و جزت أمامه
                                           و كذاك كنت أكون في الأسفار   
فمضى يهددني و يمنع مكة


فقال الزبير إذهب إلى المنزل فقد أجرتك فلما أصبح نادى الزبير أخاه الغيداق فخرجا متقلدين سيفيهما و خرج التميمي معهما فقالا له إنا إذا أجرنا رجلا لم نمش ِ أمامه فامش ِ أمامنا ترمقك أبصارنا كي لا تختلس من خلفنا فجعل التميمي يشق مكة حتى دخل المسجد
فلما بصرَ به حرب قال و إنك لهاهنا و سبق إليه فلطمه و صاح الزبير ثكلتك أمك أتلطمه و قد أجرته فثنى عليه حرب فلطمه ثانية فانتضى الزبير سيفه فحمل على حرب و سعى الزبير خلفه فلم يرجع عنه حتى دخل حرب دار عبد المطلب
فقال له عبد المطلب:ماشأنك ؟
قال : الزبير
قال عبد المطلب : إجلس و كفأ عليه إناء كبير كان هاشم يهشم فيه الثريد و إجتمع الناس و إنضم بنو عبد المطلب إلى الزبير و وقفوا على باب أبيهم وسيوفهم بأيديهم فأزر عبد المطلب حربا بإزار كان له و رداه برداء له طرفان و أخرجه إليهم فعلموا أن أباهم قد أجاره فتركوه
و أما معنى قوله .. ( أم بأمية الذي ملكناه) 
كانت لاميه فرساً سريعه لا يلحق بها أحد فاراد أن ينتقم من عبد المطلب فالحَّ عليه في السباق وجعل الرهن لمن سبقت فرسه مائة من الإبل و عشرة أعبد و عشر إماء و إستعباد سنة و جز الناصية
فسبق فرس عبد المطلب فأخذ الرهان وقسمه في قريش و أراد جز ناصيه أميه فقال أو أفتدي منك باستعباد عشر سنين ففعل فكان أمية في حشم عبد المطلب و عضاريطه عشر سنين
وعليه فان أميه عبدا في اصله وإستعبدَ ثانيه لعبد المطلب عندما خسر الرهان
وأما معنى قوله ...(أم بعبد شمس الذي كفلناه )

يذكر لنا التاريخ مقدار الالم والشكوى التي تعتصر قلب أبو طالب من تصرفات وسلوك بني عبد شمس ونوفل العدائيه ضد بني هاشم وتأليبهم قريش ضدهم وجاءت قصيدته اللاميه قطعه من الالم والشكوى  

 ويقول فيها:

جَزَى  اللهُ  عَنّا   عَبْدَ  شَمْس  وَنَوْفَلاً

                        عُقوبَةَ شَرٍّ عاجِلاً غَيْرَ  آجِلِ                                  

بِميزانِ    قِسْط    لا   يُخِسُّ  شَعيرَةً

                      لَهُ شاهِدٌ مِن نَّفْسِهِ غَيْرُ عائِلِ                                   

ونَحْنُ    الصَّميمُ   مِنْ   ذُؤابةِ  هاشِم

                     وآلُ قُصَيّ في الخُطوبِ الأوائِلِ

والسبب يذكره في ابيات اخرى

   توالى علینا مولیانا كلاھما
                                                      إذا سئلا قالا إلى غیرنا الأمر
بلى لھما أمر ولكن تراجماً
                                                كما ارتجمت من رأس ذي القلع الصخر     
أخص خصوصاً عبد شمس ونوفلاً
                                                   ھما نبذانا مثل ما نبذ الخمر
قدیماً أبوھم كان عبداً لجدنا
                                             بني أمیة شھلاء جاش بھا البحر    

 

عبد شمس ليس من صلب عبد مناف

ويقول الشاعر حسان بن ثابت

تَشَبَّهَ بِالأَكارِمِ عَبدِ شَمسٍ

                                                 لَئيمٌ وَاِبنُ ذي جَدٍّ لَئيمِ

 وَما لَكَ حينَ تُنتَقَدُ المَعالي

                      حَديثٌ في الأُمورِ وَلا قَديمُ

ويقول الدكتور علي صالح رسن المحمداوي

(قد درسنا ولاده هاشم وعبد شمس متلاصقين في رساله ماجستير جرت تحت اشرافنا وخرجنا بنتيجه ان الروايه موضوعه فاذا ثبت بالدليل بطلانها هل تثبت اخوه عبد شمس وهاشم فالاثنين من جنسين مختلفين والفرق بينهما كالفرق بين الجنه والنار وانها لم ترد في روايتي ابن اسحق وابن الكلبي واقدم من ذكرها مصعب الزبيري. واليعقوبي غير متاكد منها وهناك اختلافات خلقيه بين الفريقين اذا يقال لهاشم والمطلب البدران ولعبد شمس ونوفل الابهران وهذا يعني اختلافا خلقيا بين الجانبين والمعروف ان البدر صفه حميده على عكس الابهر المباعده عن الخير والخيبه. وابهر اذا تلون في اخلاقه دماثه مره وخبثا اخرى والابتهار قول الكذب والحلف عليه )

ويقول:

(والصحيح إنهما إدعو النسب ظلما وعدوانا )

وقال أبو البركات في شرح الحاوي الكبير ج1 ص493

 (وأما عبد شمس ونوفل فالصحيح أنهما ليسا ولدي عبد مناف وإنما هما ابنا زوجته وأمُهما من بني عدي وكانا تحت كفالته فنسبا إليه )

ويؤيد ذلك ماقاله عبد الله بن جعفر بن ابي طالب

(أم بعبد شمس الذي كفلناه )

والكفاله كما ينصرف اليها الذهن كفاله اليتيم

قال الله تعالى:

فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ (ال عمران 37 )

ينصرف معنى الكفاله عند العرب الى كفاله اليتيم فمريم إبنه عمران كانت طفله يتيمه كفلها زكريا وتعهد رعايتها وإعالتها

وعندما حضرت الوفاه عبد المطلب جمع ابنائه وقال من يكفل محمدا بعدي

وإن الراي الذي يقول إن عبد شمس كان مملقا وقد كفله هاشم حتى وفاته لا ينهض مقابل راي

أبو البركات القائل

(وأما عبد شمس ونوفل فالصحيح أنهما ليسا ولدي عبد مناف وإنما هما ابنا زوجته وأمهما من بني عدي وكانا تحت كفالته فنسبا إليه)

 ومثله كفاله رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لزينب ورقيه بنات اخت خديجه وما قيل لاحقا بانهما بنات رسول الله

 ولذلك لم يكن لهما شرف في اداره الكعبه ولم يعطهما رسول الله من الخمس واعطى بني هاشم والمطلب فقط   ولم يدعهما رسول الله (صلى الله عليه واله ) حين نزلت الايه الكريمه

  (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) (الشعراء 214  ) ودعا بنو هاشم والمطلب فقط

 ولا دخلا مع بني هاشم في الشعب حين حاصرتهم قريش لا بل كانوا ممن حاصر بني هاشم ولا دخلا في حلف بني هاشم مع خزاعه وبني النجار فهم في عداء دائم مع بني هاشم

سادسا –الدليل السادس
روى إبن أبي الحدید في شرح النھج ٣/٤٦٦
إن معاویة قال لدغفل النسابة: أرأیت عبد المطلب؟ قال: نعم، قال: كیف رأیته ؟قال: رأیته رجلاً نبیلاً وضیئ كأن على وجهه نور النبوه
قال معاویة: أفرأیت أمیة ؟
قال: نعم،
قال: كیف رأیته؟
قال: رأیته رجلاً ضئیلاً منحنیاً أعمى یقوده عبده ذكوان
فقال معاویة: ذلك إبنه أبو عمرو(ذكوان)
قال دغفل: أنتم تقولون ذلك أما قریش فلم تكن تعرف إلا أنه عبده
وأن أمية كان عقيماً وإن اولاده من عبده الرومي ذكوان (4)
وهذا دليل اضافي على ان ذكوان عبد ايضا فاميه عبد وذكوان عبد
سابعا – الدليل السابع
الرسول (ص) يصرح بان ذكوان يهودي من أهل صفوريه
ولما كان أبو عمرو ( ذكوان ) لیس بابن أميه فقد تنازل أمیة عن زوجته له وزوّجه إیاھا في حیاته (5)
وقال النبي صلى االله علیه وآله لعقبة بن أبي معیط ( إنما أنت یھودي من أھل صفوریة)(6)
وكان ذكوان ( أبو عمرو) یھودیاً من الشام. إذ قال عقیل بن أبي طالب للولید بن عقبة بن أبي  معیط بن ذكوان :

 كأنك لا تدري من أنت، وأنت علج من أھل صفوریة – وھي قریة من أعمال الأردن من بلاد طبریة، كان أبوه ذكوان یھودیاً منھا (7)
وقال النبي صلى االله علیه وآله لعقبة بن أبي معیط : إنما أنت یھودي من أھل صفوریة(8)
ثامنا- الدليل الثامن
إن أشرف خصال قريش في الجاهلية اللواء و الندوة و السقاية و الرفادة و زمزم و الحجابة و هذه الخصال مقسومة في الجاهلية لبني هاشم و عبد الدار و عبد العزى من دون بني عبد شمس
أما في الإسلام فصارت إلى بني هاشم لأن النبي ( ص ) لما ملك مكة صار مفتاح الكعبة بيده فدفعه إلى عثمان بن طلحة فالشرف راجع إلى من ملك المفتاح لا إلى من دفع إليه و كذلك اللواء
ولم يكن لبني عبد شمس شرف لا في الجاهليه ولا في الاسلام
لان بني أميه من سلاله عبد وليسوا من قريش فقد حجب عنهم بنو هاشم شرف الاشتراك باداره الكعبه وشؤون مكه

اميه يحاول عبثا الحصول على شرف في اداره الكعبه

ورد في كتاب اخبار مكه في قديم الدهر وحديثه  للفاكهي

وَحدثنَا عبد الله بن أبي سَلمَة قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر قَالَ حَدثنَا عمر بن أبي بكر الْموصِلِي عَن بني عدي بن كَعْب قَالَ حَدثنِي الضَّحَّاك بن عُثْمَان الجرامي قَالَ حَدثنِي ابْن عُرْوَة بن الزبير عَن أَبِيه عُرْوَة عَن ابْن حَكِيم بن حزَام قَالَ لما حضر عبد الدَّار الْمَوْت جعل الندوة واللواء والرفادة إِلَى ابْنه عُثْمَان بن عبد الدَّار فَقَالَ أُميَّة بن عبد شمس لعُثْمَان بن عبد الدَّار لتخرج لي عَن طيب نفس عَن وَاحِدَة من هَذِه الثَّلَاث فَأبى فَقَالَ إِذا لَا أدعك فاستخرج عُثْمَان بن عبد الدَّار قُريْشًا فَقَالَت لَهُ بَنو مَخْزُوم وجمح وَسَهْم وعدي نَحن مَعَك وَيَقَع لَك هَذِه الْخِصَال ونحالفك قَالَ نعم فتحالفوا فمنعوها لَهُ ولم يتنازل له عثمان

تاسعا- الدليل التاسع
حين نزلت الايه الكريمه (وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اَلْأَقْرَبِينَ) لم يدعُ النبي( ص) أحدا من بني عبد شمس وبني أميه و كانت عشيرته الأقربون بني هاشم و بني المطلب
وورد في تفسير الجلالين للايه الكريمه
{ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } هم بنو هاشم وبنو المطلب (وقد أنذرهم جهاراً) رواه البخاري ومسلم
وهذا دليل اخر على أن بنو عبد شمس ( بنو اميه) لم يشعروا بقربهم من محمد (ص) لعدم وجود رابطه دم بينهم وإن جدهم أميه كان عبداً لعبد شمس تبناه والحقه به (9)

نوفل وعبد شمس ابناء زوجه لعبد مناف من رجل اخر تربيا في حجره

ورد فيما سبق ان نوفل وعبد شمس هما ولدان لامراه تزوجها عبد مناف وتربيا في حجره لذلك نسبا اليه

وحين اراد هاشم ان يخطب سلمى بنت عمروا النجار اخذ اخيه المطلب ليخطب له ولم يأخذ عبد شمس ولا نوفل معه

 وحين سافر الى الشام في سفرته الاخيره التي توفي فيها اوصى لاخيه المطلب باداره امور الكعبه وسلمه مواريث اسماعيل  ولم يعترض على ذلك عبد شمس ولا نوفل علما بان المطلب اصغر منهما

ويقول احمد بن عبد الله البكري في كتابه الانوار ومفتاح السرور والافكار في مولد النبي المختار في وصيه هاشم الى اخيه المطلب والى بنو عبد مناف يصرح هاشم بان المطلب من امه وابيه في اشاره الى انه الوحيد من امه وابيه :

ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ أَخِيهِ الْمُطَّلِبِ وَ أُقْبِلُ إِلَيْهِ وَ قَالَ يَا ابْنَ أَبِي وَ عَشِيرَتِي مِنْ بَنِي لُؤَيِّ اعْلَمُوا أَنْ الْمَوْتَ سَبِيلِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَ أَنَا رَاحِلٌ عَنْكُمْ وَ لَا أَدْرِي أَرْجِعَ أَمْ لَا وَ أَنَا أُوصِيكُمْ بِالاجْتِمَاعِ وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّفَرُّقَ وَ الشَّتَاتِ فَتَذْهَبُ حميتكم وَ تُهَانَ مقدرتكم عِنْدَ الْمُلُوكِ وَ يَطْمَعُ فِيكُمْ الطَّامِعُ وَ هَذَا أَخِي الْمُطَّلِبِ أَعَزُّ إِخْوَتِي مِنْ أُمِّي وَ أَبِي وَ أَعَزُّ الْخَلْقِ عَلِيِّ فَإِنْ سَمِعْتُمْ نَصِيحَتِي فَقَدِّمُوهُ وَ سَلَّمُوا إِلَيْهِ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ وَ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَ لِوَاءَ نِزَارٍ وَ نَعْلٌ شَيْثٍ وَ قَمِيصٌ إِبْرَاهِيمَ وَ قَوْسٍ إِسْمَاعِيلَ وَ خَاتَمِ نُوحٍ وَ الْوِفَادَةِ وَ الرفادة وَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَنْبِيَاءِ وَ كُلُّ مَا كَانَ لِعَبْدِ مَنَافٍ فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ سَعِدْتُمْ وَ إِنِّي مُوصِيكُمْ بِوُلْدِي الَّذِي اشْتَمَلَتِ عَلَيْهِ سَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو إِنَّهُ يَكُونُ لَهُ شَأْنِ عَظِيمٌ فَلَا تُخَالِفُوا قَوْلِي قَالُوا سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا غَيْرِ أَنَّكَ كُسِرَتْ قُلُوبَنَا بوصيتك وَ أزعجت فؤادنا بِقَوْلِكَ هَذَا

عاشرا - الدليل العاشر 

  ولد لعبد مناف أربعه أبناء وهم

هَاشِمٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبِ ونَوْفَل

  يقال إن هاشم و عبد شمس كانا توأمين، وكانت رِجل هاشم ملتصقة بجبهة عبد شمس، (وقيل بجهته)(10)

ساد هاشم  قريشا وسمي هاشما لانه هشم الخبز لقريش في سنه المجاعه وقد حاول أميه أن يصنع مثله فعجز وسخرت منه قريش

فكم كان عمرأميه لينازع (عمه) هاشم السياده إذا كان من صلب عبد شمس ؟

وقد توفي هاشم عن خمس وعشرين سنه ويفترض أن يكون عمر عبد شمس عند وفاه أخيه هاشم خمس وعشرين سنه أيضا لانهما توأمين كما يقال.فمتى تزوج عبد شمس ؟

ومتى ولد أميه (إن كان من صلب عبد شمس) ؟

 وكم أصبح عمر هذا الطفل (أميه) لينازع عمه ؟

وهل يقبل هاشم لنفسه أن ينازع طفلا ذو ثماني سنوات أو تسع سنوات على أعلى فرض؟

نستعرض فيما يلي تلك التساؤلات بالتحليل لنثبت إن أميه ليس من صلب عبد شمس

هاشم في سنه المجاعه

أَصَابَتْ قُرَيْشًا سَنَةٌ ذَهَبَتْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأُقْحِطُوا فِيهَا. وَبَلَغَ هَاشِمًا ذَلِكَ وَهُوَ بِالشَّامِ. وَكَانَ مَتْجَرُهُ بِغَزَّةَ وَنَاحِيَتِهَا. فَأَمَرَ بِالْكَعْكِ وَالْخُبْزِ، فَاسْتَكْثَرَ مِنْهُمَا ثُمَّ حُمِلا فِي الْغَرَائِرِ عَلَى الإِبِلِ، حَتَّى وَافَى مَكَّةَ. فَأَمَرَ بِهَشْمِ ذَلِكَ الْخُبْزِ وَالْكَعْكِ، وَنُحِرَتِ الإِبِلُ الَّتِي حُمِلَتْ. فَأُشْبِعَ أَهْلُ مَكَّةَ وَقَدْ كَانُوا جُهِدُوا

وإنما سمي هاشما، لأنه هشم الخبز وثرد الثريد ونحر الابل وأطعم أهل مكه

هاشم وايلاف قريش

وكان هاشم بن عبد مناف صاحب إيلاف قريش الرحلتين، وأول من سنها. وذلك أنه أخذ لهم عصما من ملوك الشام، فأتجروا آمنين. ثم إن عبد شمس أخذ لهم عصما من صاحب الحبشة، وإليه كان متجره  . وأخذ لهم المطلب بن عبد مناف عصما من ملوك اليمن. وأخذ لهم نوفل بن عبد مناف عصما من ملوك العراق. فألفوا  الرحلتين في الشتاء إلى اليمن والحبشة والعراق، وفي الصيف إلى الشام

فقال عبد الله بن الزبعرى

عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف

وهو الذي سن الرحيل لقومه ... رحل الشتاء ورحلة الأصياف

ولما صارت الرفادة والسقاية لهاشم، كان يخرج من ماله كل سنة للرفادة ما لا عظيما، وكان أيسر قريش، ثم يقف في أيام الحج فيقول: (يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وإنه يأتيكم في موسمكم هذا زوار الله تبارك ذكره يعظمون حرمة بيته، وهم أضيافه وأحق الناس بالكرامة. فأكرموا أضيافه وزوار كعبته، فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد على ضوامر كالقداح قد أزحفوا ، وتفلوا، وقملوا، وأرملوا. فأقروهم، وأغنوهم، وأعينوهم)

 العداوة بين هاشم وأمية

كان أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ذا مال. فتكلف أن يفعل كما فعل هاشم في إطعام قريش،

فعجز عن ذلك. فشمت به ناس من قريش وعابوه لتقصيره. فغضب، ونافر هاشما على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة، وعلى الجلاء عن مكه عشر سنين. وجعلا بينهما حكما  الكاهن الخزاعي، وهو جد عمرو بن الحمق الخزاعي، وكان منزله عسفان. وكان مع أمية أبو همهمة بن عبد العزى الفهري، وكانت إبنته عند أمية. فاصدر الكاهن قراره بسجع الكهان

 (والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر  ، وما بالجو من طائر، وما إهتدى بعلم مسافر، في منجد وغائر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، أول منها وآخر، وأبو همهمة بذلك خابر)

وربح هاشم التحكيم  وأخذ الإبل فنحرها وأطعم لحمها من حضر. ونُفيَ أمية إلى الشام فأقام بها عشر سنين. فتلك أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية. وقال الأرقم بن نضلة يذكر هذه المنافرة ويذكر تنافر عبد المطلب وحرب بن أمية (11)

لما تنافر ذو الفضائل هاشم ... وأمية الخيرات نفر هاشم

وقال أيضًا

وقبلك ما أردى أمية هاشم ... فأورده عمرو إلى شر مورد

وَمَاتَ هَاشِمٌ بِغَزَّةَ مِنْ بِلادِ الشَّامِ، فَقَبْرُهُ بِهَا. وَقَدِمَ بِتَرِكَتِهِ وَمَتَاعِهِ أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْد العزى بْن أَبِي قَيْس، من بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَكَانَ لِهَاشِمٍ يَوْمَ مَاتَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. وَذَلِكَ الثَّبْتُ. وَيُقَالُ عِشْرُونَ سَنَةً.

وأوصى الى أخيه المطلب بن عبد مناف، فبنو هاشم وبنو المطلب كانوا بعدئذ يداً واحدة (12) 

تحليل ومحاكمه الاحداث

يقول السيد صدر الدين في كتابه هاشم وأميه في الجاهليه ص 25 مايلي

اذا كان هاشما وعبد شمس توأمان كما يرويه الطبري وإبن الاثير وإبن ابي الحديد وإن هاشما مات عن خمس وعشرين سنه من العمر في أعلى الروايتين

فمتى تزوج عبد شمس ؟ ومتى ولد أميه؟

وما مقدار عمر أميه ان كان ابن عبد شمس وعبد شمس في العشرين أو الخامسه والعشرين من عمره

ولنفترض ان هاشما هشم الثريد في المجاعه وهو ابن العشرين ويلزم لهذا الفرض أن يكون لعبد شمس مثل هذه السن بطبيعه كونهما توامين

ثم لنفترض ان عبد شمس تزوج في الرابعه عشر من عمره وعلقت زوجه باميه سنه الزواج فكم يكون عمر أميه سنه المجاعه حتى طمح الى مجاراه ( عمه)هاشم ؟

يكون عمره ست سنين على أوسع تقدير ثم لنوسع الفرض

فليتزوج عبد شمس مبكرا جداً ولتكن المنافسه متاخره جداً فهل يضاف الى السنين السته اكثر من سنتين او ثلاث ولتكن اربعاًعلى فرض شاذ.

 فماذا عسى ان يكون عمر اميه أنئذ؟

يكون  عمره عشراً

فهل يجوز لغلام غرير في مثل هذه السن أن يطلب ماطلبه اميه

وهل تكون عنده ثروه تسمح له بالانفاق على نحو يضارع هاشم مع العلم إن أباه  عبد شمس كان فقيرا مقلا يتكل على اخيه هاشم في جل عيشه

كما إنه لايجوز لهاشم أن ينازل غلاما صغيرا مهما كانت ظروف المنازله

السيد صدر الدين شرف الدين يصدر حكمه ويقول :

(هذا ما بدا لي وأنا اقلب وجوه الراي في هذا الموضوع في صفحات الطبري وإبن الاثير وطبقات بن سعد وشرح النهج والبلاذري فلا أكاد انتهي من قراءتها ومناقشتها حتى أستقر او أكاد استقر على إعتقاد الصاق أميه بعبد شمس أو الشك في نسبته هذه أقلا) (13)

وهذا دليل ساطع اخر على إن أميه لم يكن من صلب عبد شمس 

 

  المصادر

 (1) البخاري ومسلم والترمذي والنسائي

 (2)النزاع والتخاصم للمقريزي و شرح نهج البلاغه لابن ابي الحديد 15/234

 (3)الشرح الكبير/ ابو البركات/ج1 ص 493

(4)جواهر التاريخ ج2 ص82

(5)النزاع والتخاصم 22 ،شرح النھج 3 / 456

(6)السیرة الحلبیة ، الحلبيه الشافعي 2/186 ،

(7)مروج الذھب، المسعودي 1/ 336

(8)السیرة الحلبیة ، الحلبي الشافعي 2 /186

(9)شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد المعتزلي ج15

(10) الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج 1، ص 271 )

(11)انساب الاشراف للبلاذري ج4 ص65

 (12) الطبقات الكبرى لابن سعد، ج 1، ص 6  

(13)السيد صدر الدين في كتابه هاشم واميه في الجاهليه ص25

 

 

 

 

الفصل الثاني

 

بنو أميه ملعونون في القرأن الكريم وعلى لسان رسول الله( صلى الله عليه واله)

 الشجره الملعونه في القران

قال تعالى :

(وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا) (60) الاسراء

عن أبي هريرة: إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم  ) ، قال :

( إني أُريت في منامي كأن بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة ) قال  فما رؤى النبي (صلى الله عليه واله وسلم  ) مستجمعا ضاحكا حتى توفي .

وقال الثوري عن سعيد بن المسيب ، قال :

 رأى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم  ) بني أمية على منبره فساءه ذلك ، فأوحي الله إليه:

  إنما هي دنيا أعطوها فقرت به عينه ونزلت الايه:

( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (الاسراء 60)

يقول السيوطي في الدر المنثور

نزلت هذه الايه في بني اميه 

ويقول أخرج إبن أبي حاتم وإبن مردويه والبيهقي في الدلائل وإبن عساكر، عن سعيد بن المسيب قال:

رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على المنابر فساءه ذلك، فأوحى الله إليه:

( إنما هي دنيا أعطوها ) ، فقرت عينه وهي قوله:

{ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } يعني بلاء للناس

وقال تعالى :

{ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً }(ابراهيم 28)

يقول السيوطي في الدر المنثور

وأخرج البخاري في تاريخه، وإبن جرير وإبن المنذر وإبن مردويه، عن عمر بن الخطاب في قوله { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً } قال: هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة وبنو أمية. فأما بنو المغيرة، فكفيتموهم يوم بدر. وأما بنو أمية، فمتعوا إلى حين ( 1 )

 

بعض الايات النازله في عتاه بني أميه

1-عتبه بن ربيعه

2- شيبه بن ربيعه

3- الوليد بن عتبه

 

قال تعالى
(هَٰذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (الحج 19 )
نزلت في عتبة وشيبة ابنـي ربـيعة والولـيد بن عتبة
يقول الطبري في جامع البيان في تفسير القران
عن قـيس بن عبـادة قال: سمعت أبـا ذرّ يُقْسم قَسَما إن هذه الآية
{ هَذَان خَصْمان اخْتَصَمُوا فِـي رَبِّهِمْ }
نزلت فـي الذين بـارزوا يوم بدر: حمزة وعلـيّ وعبـيدة بن الـحارث، وعتبة وشيبة ابنـي ربـيعة والولـيد بن عتبة
   4 - عثمان بن عفان
قال تعالى
{ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } * { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } * { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } * { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ } * { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } * { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } * { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } * { وَهُوَ يَخْشَىٰ } * { فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ }
يقول البحراني في تفسيره البرهان
عن علي بن إبراهيم، قال: نزلت في عثمان و إبن أم مكتوم، و كان إبن أم مكتوم مؤذنا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان أعمى، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عنده أصحابه، و عثمان عنده، فقدمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) على عثمان، فعبس عثمان وجهه و تولى عنه، فأنزل الله: { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } [يعني عثمان] { أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } أي يكون طاهرا زكيا { أَوْ يَذَّكَّرُ } قال: يذكره رسول الله (صلى الله عليه و آله) { فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ }
ثم خاطب عثمان، فقال: { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } ، قال: أنت إذا جاءك غني تتصدى له و ترفعه: { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } أي لا تبالي زكيا كان أو غير زكي، إذا كان غنيا { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } يعني ابن أم مكتوم { وَهُوَ يَخْشَىٰ * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ } أي تلهو و لا تلتفت إليه
ولكن القوم كعادتهم لا تروق لهم ان يذكر الله نقائص ساداتهم فيرفعونها من ساداتهم ويلصقونها برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وقد الصقت معظم تفاسير فقهاء السلطان تلك التهمه برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) خوفا وطمعا باموال بني اميه
وإن رسول الله الذي قال الله عنه وانك لعلى خلق عظيم لا يمكن ان يفعل تلك الافعال

ونزلت في عثمان ايضا
قال تعالى
{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } النجم 33
يقول القرطبي في تفسيره الجامع لعلوم القران
قوله تعالى: (أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى)
قال إبن عباس والسدي والكلبي والمسيب بن شريك
نزلت في عثمان بن عفان كان يتصدق وينفق بالخير، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن أبي سرح ما هذا الذي تصنع ؟
يوشك أن لا يبقى لك شيئا، فقال عثمان إن لي ذنوبا وخطايا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله سبحانه وتعالى وأرجو عفوه، فقال له عبد الله: أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة، فأنزل الله تبارك وتعالى - أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى

5-عقبه بن ابي معيط

{ وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً } * { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } * { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً }

(الفرقان - 27)

نزلت في عقبة بن أبي معيط بن أمية بن عبد شمس، وكان يكثر مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل إتخذ ضيافة فدعا إليها رسول الله( صلى الله عليه وسلم)، فأبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين. ففعل وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه وقال صبأت يا عقبة؟ قال لا، ولكن آلى أن لا يأكل من طعامي وهو في بيتي، فاستحييت منه فشهدت له والشهادة ليست في نفسي، فقال وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمداً فلم تطأ قفاه وتبزق في وجهه وتلطم عينه، فوجده ساجداً في دار الندوة ففعل ذلك.

 فقال النبي( صلى الله عليه وسلم )(لا ألقاك خارجاً مِنْ مكة إلاّ علوتُ رأَسَك بالسيفِ) فقتلَ يومَ بدرٍ

6- الوليد بن عقبه بن ابي معيط
قال تعالى
{ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } * { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } السجده 18
يقول الزمخشري في الكشاف
أنه شجر بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط يوم بدر كلام، فقال له الوليد اسكت فإنك صبيّ أنا أشبّ منك شباباً، وأجلد منك جلداً، وأذرب منك لساناً، وأحدّ منك سناناً، وأشجع منك جناناً، وأملأ منك حشواً في الكتيبة. فقال له علي رضي الله عنه اسكت، فإنك فاسق،
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قال للوليد كيف تشتم علياً وقد سماه الله مؤمناً في عشر آيات؟ وسماك فاسقاً؟

وفيه نزلت الايه

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (الحجرات 6)

يقول السيوطي في الدر المنثور في تفسير هذه الايه

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن ابي معيط إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرجع، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي، فضرب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم البعث إلى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك، قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال: لا والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال:

 أمنعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ قال:

 لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا رآني وما أقبلت إلا حين إحتبس عليَّ رسول رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) فخشيت أن تكون سخطة من الله ورسوله، فنزلت الايه

 { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإ فتبينوا } إلى قوله { حكيم }

 7- ابوسفيان
قال تعالى
{ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } * { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } * { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ } * { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ }
في التفسير الجامع لاحكام القران يقول القرطبي
وقال إبن جريج: كان أبو سفيان بن حرب ينحر كل أسبوع جزورين، فأتاه يتيم فسأله شيئا فقرعه بعصا، فأنزل الله تعالى - أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم

ونزلت في ابو سفيان ايضا

{يا أَيُّهَا النَّبِيِّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِليْكَ مِن رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} (1ـ 3الاحزاب).

جاء في أسباب النزول، أن هذه الآيات «نزلت في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور السلمي، قدموا المدينة ونزلوا على عبد الله بن أبيّ بعد غزوة أحد بأمانٍ من رسول الله(صلى الله عليه واله ) ليكلّموه، فقاموا وقام معهم عبد الله بن أبي، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وطعمة بن أبيرق، فدخلوا على رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) فقالوا: يا محمد ارفض ذكر آلهتنا الّلات والعزى ومنات، وقل: إن لها شفاعة لمن عبدها، وندعك وربك، فشقّ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلّم فقال عمر بن الخطاب: ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم، فقال: إني أعطيتهم الأمان، وأمر(صلى الله عليه واله وسلم) فأخرجوا من المدينة، ونزلت الآية:

 {وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ} من أهل مكة، أبا سفيان وأبا الأعور وعكرمة، {وَالْمُنَافِقِينَ} عبد الله ابن أبيّ وأبن سعد وطعمة

ونزلت في ابو سفيان ايضا

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (الانفال 36 ) 

وفي تفسير الطبري حديث 16056

قال سعيد بن جبير وإبن أبزى: نزلت في أبي سفيان بن حرب، استأجر يوم أحد ألفين من الاحابيش يقاتل بهم النبي صلى الله عليه وسلم سوى من استجاب له من العرب، وفيهم يقول كعب بن مالك: فجئنا إلى موج من البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ونحن بقية  ثلاث مئين إن كثرنا فأربع وقال الحكم بن عتبة: أنفق أبو سفيان على المشركين يوم أحد أربعين أوقية فنزلت فيه الآية

 8-عبد الله بن ابي سرح  أخو عثمان بن عفان من الرضاعه

 وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) 

يقول سعد بن أبي وقّاص:

لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله بن سعد بن ابي السرح عند عثمان بن عفان ، فجاء به حتى أوقفه على النبي، فقال: يا رسول الله، بايع عبدالله ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على اصحابه فقال: (أما كان فيكم رجل رشيد يقوم الى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟

 فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما فى نفسك، الا أومأت إلينا بعينك ؟،

 قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين

9- الحكم بن العاص

( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) القلم۱۰ ـ ۱۱

تفسير الدر المنثور ٦ / ٤۱ و ۲٥۱ ، وتفسير الشوكاني ٥ / ۲٦۳

 روت عائشة : إنّ قوله تعالى :

 ( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) نزلت في الحكم بن العاص

وقالت لمروان بن الحكم :

( سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لأبيك وجدّك ـ أبي العاص بن أميّة ـ انّكم الشجرة الملعونة في القرآن  ، وقالت أيضاً لمروان في كلام بينهما : ولكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعن أبا مروان ومروان في صلبه ، فمروان فضض من لعنة الله

 

بنو أميه ملعونون على لسان النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم  )

 

اولا - لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم أبا سفيان في سبعة مواطن

عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن أبا سفيان في سبعة مواطن، في كلهن لا يستطيع إلا أن يلعنه

أولهن: يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجرا وأبو سفيان جاء من الشام، فوقع فيه أبو سفيان يسبه ويوعده، وهم أن يبطش به فصرفه الله عن رسوله

والثانية: يوم العير، إذا طردها ليحرزها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلعنه الله ورسوله

والثالثة: يوم أحد قال أبو سفيان: أعل هبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان: لنا عزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله: الله مولانا ولا مولى لكم

والرابعة: يوم الخندق، يوم جاء أبو سفيان في جميع قريش فردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا، وأنزل الله عز وجل في القرآن آيتين في سورة الأحزاب فسمى أبا سفيان وأصحابه كفارا، ومعاوية مشرك عدو لله ولرسوله

والخامسة: يوم الحديبية والهدي معكوفا أن يبلغ محله، وصد مشركوا قريش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المسجد الحرام، وصدوا بدنه أن تبلغ المنحر، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يطف بالكعبة، ولم يقض نسكه، فلعنه الله ورسوله

والسادسة: يوم الأحزاب، يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وعامر بن الطفيل بجمع هوازن وعيينة بن حصن بغطفان، وواعد لهم قريظة والنضير أن يأتوهم، فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القادة والأتباع وقال: أما الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمنا، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا نجيب ولا ناج

والسابعة: يوم حملوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العقبة، وهم اثنا عشر رجلا من بني أمية، وخمسة من سائر الناس، فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من على العقبة غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وناقته، وسائقه، وقائده (2)

 

 ثانيا - الرسول يلعن أبو سفيان وولداه معاويه ويزيد

رأى النبي (صلى الله عليه واله وسلم  ) أبا سفيان مقبلاً ومعاوية يقوده ويزيد أخو معاوية يسوق به فقال :

لعن الله القائد والراكب والسائق (3)

ثالثا - الرسول يلعن الحكم بن ابي العاص

عن عامر ، قال : سمعت عبد الله ابن الزبير وهو مسند ظهره إلى الكعبة ، وهو يقول : ورب هذا البيت الحرام إن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونون على لسان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم  )(4)

وقالت السيدة عائشة لمروان( لعن الله اباك وانت في صلبه , فانت بعض من لعنة الله ثم قالت والشجرة الملعونة في القران


  رابعا - الرسول يلعن عمر بن العاص 

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يصلي بالحجر:

 (اللهم إن عمرو بن العاص هجاني، ولستُ بشاعر، فالعنه بعدد ما هجاني )(5)

والاحاديث الوارده في لعن بني اميه كثيره نكتفى بهذا القدر منها للدلاله عليها

المصادر

 (1) كنز العمال 1/444، ح 4452،

(2) تاريخ الطبري: 11 / 357

(3) تاريخ أبي الفداء - أحداث سنة مئتين وثلاثة وثمانون - ( 30 من 87 )

(4) ابن عساكر - تاريخ دمشق ج57 ص 271

(5) تفسير القرطبي 2: 126

الفصل الثالث

(حُسن الأخلاق برهان كرم الأعراق)

أثبتنا في الفصل الاول أن بني اميه ليسوا من قريش وانما من عبيدهم ومن اصل يهودي وتطرقنا في الفصل الثاني الى الايات والاحاديث الوارده بلعنهم  وسنتطرق في هذا الفصل الى سوء اخلاقهم المتناغمه مع سوء منبتهم ونقارن بين اخلاقهم واخلاق بني هاشم

قال الامام علي عليه السلام

(حُسن الأخلاق برهان كرم الأعراق)

أثبت علم الوراثة أن الطفل يكتسب صفات أبويه الخلقية والعضوية والعقلية، حيث إن فى كل خلية من خلايا الجسم عدداً ثابتاً من الكروموسومات تحمل صفات الاب والام الى ابنائهما

عن ابي جعفر عليه السلام قال :

(إن من سعادة الرجل أن يكون له ولد يعرف فيه شبه خَلقه وخُلقه وشمائله)

وقال الامام علي (ع) لعقيل بن ابي طالب : ابحث لي عن زوجه ولدها الفحول من العرب لتنجب لي ولدا ينصر ولدي الحسين في كربلاء

فاختار له عقيل ام البنين بنت اشجع فرسان العرب فولدت له العباس (ع) الذي لا يشق له غبار في ساحه الوغى

وقَام رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) خَطِيباً فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَ خَضْرَاءَ الدِّمَنِ
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ مَا خَضْرَاءُ الدِّمَنِ؟
قَالَ: "الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السَّوْءِ

 وقال (صلى الله عليه و آله): (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)
وقال (صلى الله عليه و آله): (اختاروا لنطفكم ارحاما طاهرة فان الخال احد الضجيعين). وهو بذلك يثبت ان صفات الابوين تنتقل الى الابناء قبل ان يكتشف عالم الوراثه مندل قوانين الوراثه باكثر من الف عام

الصفات المكتسبه

يكتسب الطفل في سني عمره الاولى اخلاق ابويه واخلاق البيت الذي نشا وترعرع فيه فاذا نشا في بيت تسود فيه الاخلاق الفاضله والعادات الكريمه نشأ فاضلا كريما واذا نشأ في بيت العبيد حمل أخلاق العبيد وعاداتهم وهذا ماحدث مع اميه الذي نشأ  وترعرع في بيت العبيد

(حُسن الأخلاق برهان كرم الأعراق)

يضع لنا الامام علي (ع) ضابطه لمعرفه كرم الاعراق فالاخلاق الحسنه دليل العرق الطاهر والمعدن الثمين والاخلاق السيئه دليل العرق الفاسد والمنبت السئ

ولنقارن فيما يلي  بين اخلاق هاشم وأميه لنستدل منه على طبيعه عرق كل منهما

أخلاق هاشم

تطرقنا في الباب الاول من هذا الكتاب الى سمو اخلاق هاشم وعبد المطلب وللتذكير نورد موجزا عن ذلك

كان هاشم فكان إذا حضر الحج قام في قريش فقال :

 يا معشر قريش ، إنكم جيران الله ، وأهل بيته ، وإنه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته ، فهم لذلك ضيف الله ، وأحق ضيف بالكرامة ضيف الله ، وقد خصكم الله بذلك ، وأكرمكم به ، ثم حفظ منكم أفضل ما حفظ جار من جاره ، فأكرموا ضيفه وزواره ، فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد

 فكانت قريش تترافد على ذلك ، حتى أن كل أهل بيت ليرسلون بالشئ اليسير على قدر حالهم ، وكان هاشم يخرج في كل سنه مالا كثيرا ،

وكان هاشم يأمر بحياض من أدم تجعل في مواضع زمزم من قبل أن تحفر ، يستقى فيها من البئر التي بمكة ، فيشرب الحاج ، وكان يطعمهم أول ما يطعم قبل يوم التروية بيوم بمكة وبمنى وعرفة ، وكان يثرد لهم الخبز واللحم والسمن والسويق والتمر ، ويحمل لهم الماء فيسقون بمنى ، والماء يومئذ قليل ، إلى أن يصدر الحاج من منى ،

هاشم يخدم ويرعى قريش واهل مكه

ألمّت بمكة ازمه ووقع الجوع على الناس، فاشترى هاشم من فلسطين دقيقًا وأمر بخبزها في مكة وتوزيعها على الفقراء، ولذلك سُمّي هاشماً؛ لهشمه (كسره) الخبز في الثريد لإطعام الناس، وعنه قال الشاعر

عمرو العُلا هشام الثريد لقومه ** ورجال مكة مسنتون عجاف

هاشم يؤسس معاهدات سلام وأخوه مع شعوب وملوك العالم

أبرم معاهدات سلام وإخوة مع ملوك الروم والفرس والأحباش وحكام اليمن،

هاشم يؤسس لقريش نظام تجاري اقتصادي

وهو أول من وضع لقريش نظامها التجاري الشهير القائم على رحلتين للشتاء والصيف، فعبر مراسلاته للملوك والحكام في الشام واليمن أمّن خروج قافلة شتاءً إلى اليمن والحبشة وأخرى صيفاً إلى الشام، بعدما عقد اتفاقاً مع كافة القبائل التي تمر قوافله بأرضها بأن يحمونها مقابل جزءاً من الأرباح، فعظمت ثروة قريش بفضله، لذا عُرف تاريخيًا بلقب "صاحب الإيلاف" أي إيلاف قريش

مات هاشم وخلفه عبد المطلب بن هاشم الذي ورث عن ابيه الاخلاق الحسنه والهمه العاليه والعادات الفاضله

أخلاق عبد المطلب

 كان عبد المطلب أحسن قريش وجهاً، وأمدّهم جسماً، وأحلمهم حلماً، وأجودهم كفّاً، وأبعد الناس عن كل موبقة تفسد الرجال

 وكان حنيفياً لم يعبد صنماً قط ، حرّم الخمر على نفسه، وما كان يأكل من ذبيحة نُحرت بِاسم الأزلام، ويفضل التحنث في غار حراء من وقت لآخر

 أول من اتخذ للكعبة باباً من الحديد، واستنَّ أموراً أقرّها النبي من بعده فجرت حتى اليوم مثل قطع يد السارق، وتحريم الخمر والزنا وألا يطوف بالبيت عريان، وتحديد الطواف حول البيت بسبعة أشواط فقط وعدم وأد البنات، وهو أول مَن أعاد استخدام بئر زمزم

كان عبد المطلب يدين بالحنيفية الإبراهيمية ــــ نسبة الى إبراهيم الخليل ــــ ولم يكن يعبد الأصنام ، يقول المسعودي أحد المؤرخين المسلمين الذي عاش في القرن الثالث الهجري:

 لم يكن عبد المطلب ولا أجداد النبي (ص) الآخرين يعبدون الأصنام

قال تعالى :

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220 الشعراء )

وينقل الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ النبي (ص) قال للإمام علي عليه السلام :

 لم يكن عبد المطلب يلعب القمار ، ولم يعبد الأصنام ، وكان يقول : أنا على دين أبي إبراهيم

سنن عبد المطلب

نقل الشيخ الصدوق في كتاب الخصال عن الإمام الصادق عليه السلام إن النبي (ص) قال للإمام علي عليه السلام :

لقد أجرى عبد المطلب خمسة سنن في الجاهلية قد أقرها الله في الإسلام :

 فقد حرم زواج الإبن من زوجة أبيه ، وجاء القرآن بمثل هذا : (‌وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ )

عبد المطلب يحفر بئر زمزم لسقايه الحجيج واهل مكه وقد تقدم ذكر ذلك

 وجعل عبد المطلب ديّة المقتول مئة ناقة ، وكذلك جعلها الإسلام.جعل أشواط الطواف سبعة ومن قبله لم تكن محددة بعدد

هذه هي اخلاق عبد المطلب الذي سمته العرب ابراهيم الثاني واخلاق  ابيه هاشم الذي خدم اهله وقومه بنفس كبيره وهمه عاليه وحاول ان يؤسس لهم كيانا محترما بين الدول المحيطه به الشام والعراق واليمن والحبشه

أخلاق بني اميه

جمع بنو أميه بين لعن الله لهم في محكم كتابه ولعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)  وبين سوء الاخلاق وسوء المنبت والاصل

وبعد ان تطرقنا الى الايات النازله في لعن بني اميه ولعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم  ) لهم  دعونا نتطرق الى سوء اخلاق بني اميه وسوء منبتهم وأصلهم ونتتبع فروع شجره بني اميه  الملعونه كما وردت في الملحق رقم (2)

ولنستعرض اولا اخلاق أميه اولا

 

أخلاق أميه أخلاق العبيد

 كان أميه جهما ذميما سئ الطالع نكدا ضئيلا سارقا اباحيا عاهرا ضعيف النفس اقرب الى صفات العبيد منه الى صفات الاحرار من بني عبد مناف

اميه لص سارق

 كان  اميه لصا يغير على الحجاج وهو غلام فيسرقهم ولذلك سمي حارسا من باب تسميه الشئ بنقيضه (1)

كان أميّة يدور في أزقه مكه  ليتحرش بالعفيفات المحصنات

واذا كان أميّة مبالغا في إباحيته وإستهتاره في وسط يغالي بمناقضته في هذا الخلق إباء وغيره فلا جرم أن عرف فيه عاهراً ضعيف النفس (2)

وليس غريباً أن يكون عاهرا معروفا بالعهر بعد أن رضي لنفسه الدياثه وتجاوز العواهر والمومسات الى الحرائر والمحصنات يتعرض لخدورهن ويجتري على كرامتهن متحرشاً معترضاً

ذلك أن أميّة كان قد تعرض لامرأة من بني زهرة فضربه رجل منهم بالسيف، و أراد بنو أميّة ومن تابعهم إخراج زهرة من مكة، فقام دونهم قيس بن عدي السهمي،(3)

و قال وهب بن عبد مناف بن زهرة جد النبي صلّى اللّه عليه و آله وسلم لأميّة

 

مهلا (أميّ) فان البغي مهلكة # لا يكسبنك يوم شره ذكر

تبدو كواكبه و الشمس طالعة # يصب في الكأس منه الصبر و المقر (4)

 

و قال نفيل بن عبد العزى  لحرب بن أميّة خلال عداوته لعبد المطلب

 

أبوك معاهر و أبوه عفّ #  و ذاد الفيل عن بلد حرام

 

و يعده ابن الكلبي في كتاب مثالب العرب من الزناه في عصره

و كانت أفعال أميّة  كأفعال العبيد، و بعيدة عن أفعال و صفات الاحرار الاشراف من بني عبد مناف

أميّة اباحي ديوث

يقول المقريزي في كتابه النزاع والخاصم وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه ان أميّة كان أحرص خلعان مكه على الخلاعه واشدهم تمسكا بمنكراتها وتدل اخباره المرويه على ان الادمان والاستخفاف بلغا منه مبلغا أدانه بالاباحيه والدياثه وجره الى أفعال تستنكرها جاهليه المنكرات

روي انه نزل عن زوجته لابنه ابو عمرو فبنى عليها ابو عمرو (ذكوان ) و أميّة حي لا يأنف ولا يطرق ولايندى

فكان بهذه الاباحيه نقيصه من نقائص عصره ومحيطه واسلوبا من اساليب الفسق واخلاق العبيد لا يعرفه العرب (5)

أميّة عاهرا ضعيف النفس

نازع اميه هاشم سلطانه وسيادته في قريش

‏وارتضى الفريقان الكاهن الخزاعي حكماً، وذهبوا إليه ، ولم يكن بعيداً عن مكة، فخزاعة كلها تسكن حول مكة، وعرض الأمر على الكاهن ، فنفَّر هاشماً ، وحكم له بالسيادة ، وصاغ هذا الحكم بسجع الكهان قائلا

(والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجوّ من طائر ، وما اهتدى بحَكَم مسافر، في منجد وغائر، لقد سبق هاشم أميّة إلى المآثر، أول منها وآخر)

وأخذ هاشم الإبل ونحرها وأطعم لحمها من حضر، ونفي أميّة إلى الشام فأقام فيها منفيا عشر سنين

وفي الشام يلتقي اميه بإمرأه يهوديه

خرج أميّة بن عبد شمس إلى الشام فأقام بها عشر سنين ، فوقع على أمَةٍ لِلَخْم يهودية من أهل صفورية يقال لها ترنا ، وكان لها زوج من أهل صفورية يهودي ، فولدت له ذكوان فادعاه أميّة واستلحقه ، وكناه أبا عمرو ثم قدم به مكة ، فلذلك قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) لعقبة يوم أمر بقتله ( إنما أنت يهودي من أهل صفورية ) (6)

أميّة و فضيحه فريده في تاريخ العرب

وفي حادثه فريده في تاريخ العرب لم يفعلها احد قبل أميّة ولا بعده  وهي ان يتنازل الرجل عن  امرأته ويزوجها لابنه ذكوان (ابو عمرو ) في حياته (7)

 كانت افعال أميّة ترجمه لاخلاق العبيد التي نشا وترعرع  عليها ولم يستطع التخلص منها

وفضيحه اخرى

كانت نضلة بنت أسماء الكلبية زوجة لربيعة بن عبد شمس وهى أم عتبة وشيبة الذين قتلا يوم بدر. ويذكر الاصفهانى فى كتابه الأغانى أن أميّة بن عبد شمس جاء ذات ليلة إلى دار أخيه ربيعة، فلم يجده فاختلى بزوجة أخيه وواقعها. فحبلت منه بعتبة

 

 

ولسنتعرض أخلاق فروع الشجره الملعونه

 

أولا : فرع ربيعه بن عبد شمس

 ربيعه بن عبد شمس

  وزوجته نضلة بنت أسماء الكلبية وهي ام عتبة وشيبة الذين قتلا يوم بدر. يذكر الاصفهاني في كتابه الاغاني أن أميّة بن عبد شمس جاء ذات ليلة الى دار اخيه ربيعه بن عبد شمس فلم يجده فاختلى بزوجة اخيه ربيعه وواقعها. فحبلت منه بعتبة كما ذكرنا اعلاه

عتبه بن ربيعه

وهو إبن زنا  وأمه نضلة بنت أسماء الكلبية زوجة ربيعة بن عبد شمس كما مر بنا

شيبه بن ربيعه

و كان من المشهورين بالأبنة من قريش

 يقول حسان بن ثابت في هند لمّا استأذن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في هجاء قريش فأذن له وقال في هند :

لعن الإله و زوجها معها * * * هند الهنود طويلة البظر

خرجتِ مرقصة إلى أحد * * * بأبيك و ابنك يوم ذي بدر

و بعمك المستوه يعطي دبره‏ * * * شبان مكة غير ذي ستر (8)

 

يعني ( عمها ) شيبة بن ربيعة، و كان من المشهورين بالأبنة من قريش

 لذلك قال حسان لهند: (و بعمك المستوه)ويعني عمها  المأبون شيبه بن ربيعه

هند بنت عتبه

وقال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار (ص 752):

 (كان معاوية يعزى إلى أربعة إلى مسافر بن أبي عمرو، وإلى عمارة بن الوليد بن المغيرة، وإلى العباس بن عبد المطلب، وإلى الصباح، مغن كان لعمارة بن الوليد).

واتفق المؤرخون على أنها كانت متزوجة بالفاكه بن المغيرة المخزومي، وهو عم خالد بن الوليد، فوجد عندها رجلا وطردها من بيته، وشاعت قصتها

 وأن الفاكه بن المغيرة اتهمها بالزنى، وطلقها  ثم بقيت مدة (ذات علم) فكانت قصتها مع مسافر بن أبي عدي الأموي فعشق هندا فلما بان حملها أو كاد قالت له: أخرج فخرج حتى أتى الحيرة، فأتى عمرو بن هند فكان ينادمه

وأقبل أبو سفيان بن حرب إلى الحيرة في بعض ما كان يأتيها، فلقي مسافرا فسأله عن حال قريش والناس فأخبره، وقال له فيما قال :

وتزوجت هندا بنت عتبة فدخله من ذلك ما اعتل معه حتى استسقى بطنه. (الأغاني / 1999)

قال هشام: و كانت هند من المغتلمات‏ ، و كان احبّ الرجال اليها السودان، فكانت اذا ولدت أسود قتلته وكان الصبّاح مغنّ لعمارة بن الوليد. و قد كان ابو سفيان دميما قصيرا، و كان الصبّاح أجيرا لابي سفيان شابا وسيما، فدعته هند الى نفسها فغشيها

و قالوا: إنّ عتبة بن ابي سفيان من الصبّاح ايضا، و قالوا: إنها كرهت أن تضعه في منزلها فخرجت الى أجياد فوضعته هناك. و في هذا المعنى: قول حسان أيام المهاجاة بين المسلمين و المشركين في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل الفتح

 

لمن سواقط سودان منبذة * * * باتت تفحص في بطحاء أجياد

فيهم صبي له أم لها نسب‏ * * * في ذروة من ذرى الأحساب أياد

تقول و هنا و قد جدّ المخاض لها * * * يا ليتني كنت أرعى الشول للغادي‏

قد غادرته لحر الوجه منعفرا * * * و خاله و أبوه سيّد النادي‏ (9)

 

يعني بأبيه: عمارة بن الوليد بن المغيرة، و خاله: الوليد بن عتبة بن ربيعة

و قال العلامة المعتزلي: كانت هند تذكر في مكّة بفجور وعهر(  10)

و لمّا أسلمت و أنزل اللّه عزّ و جلّ 

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى‏ أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ‏ (الآية12 الممتحنه)

أتت هند لتبايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم فقال لها:

لا تسرقي

قالت: بأبي و أمي إني لأسرق من مال أبي سفيان لأيتام عبد مناف

قال: فلا تفعلي

قالت: لا أفعل

قال: و لا تزني و لا تقتلي ولدك

قالت: بأبي أنت و أمي و هل تزني الحرة؟

فالتفت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه و آله وسلم) إلى بعض من بحضرته و تبسّم لعلمه بها

مثالب العرب للكلبي (11)

أبناء هند من الزنى

1-معاويه

و قال سبط ابن الجوزي في التذكرة 116والاصمعي و الكلبي في المثالب:

  ان معنى قول الحسن لمعاوية ( قد علمتَ الفراش الذي ولدت فيه). أن معاوية كان يقال من أربعة من قريش: عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي، و مسافر بن أبي عمرو، و أبو سفيان، و العباس بن عبد المطلب، و هؤلاء كانوا ندماء أبي سفيان و كان منهم من يتهم بهند

فلمّا حملت هند بمعاوية خاف مسافر أن يظهر أنه منه، فهرب إلى ملك الحيرة فأقام عنده، ثم إن أبا سفيان قدم الحيرة فلقيه مسافر و هو مريض من عشقه لهند، فقال له أبو سفيان: إني تزوجت هندا بعدك فازداد مرضه، ثم مات مسافر من عشقه لهند.

وقد كان معاويه يشبه مسافر فكل من يلقى معاويه ممن يعرف مسافر يرى الشبه بينهما

2-عتبه

فأمّا الصباح فكان شابا من أهل اليمن، أسود له جمال في السودان، و كان اجيرا لأبي سفيان، فوقع بهند فجاءت منه بعتبة، فلمّا قرب نفاسها خرجت إلى أحياء لتضعه هنالك و تقتله كما كانت تفعل بمن تحمل به من السودان، فلمّا وضعته رأت البياض غلب عليه و أدركتها حنّة فأبقته و لم تنبذه،

فلمّا فشى خبر الصباح و وقوعه بهند، غار به عمارة بن الوليد بن المغيرة و كان يأتيها، فخرج بالصباح إلى سفر و أمر به فطبخ له قدرا فأتاه به في يوم حار فقال: طعام حار في يوم حار. و أمر به فشد في شجرة و رماه بالنبل حتى قتله، لما نقمه عليه من أمر هند،

 

 ثانيا : فرع ذكوان (ابو عمرو) ونسله

 1-أبو عمرو(ذكوان )

قال ابن الكلبي:

 خرج أمية بن عبد شمس إلى الشام فأقام بها عشر سنين، فوقع هنالك على أمة للخم يهودية من أهل صفورية يقال لها: ثريا، و كان لها زوج من أهل صفورية يهودي، فولدت ولدا فدعاه أمية و نسبه إلى نفسه و أتى به مكة و هو أبو عمرو، و لذلك قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه و آله وسلم) لعقبة ابن أبي معيط بن أبي عمرو: 

‏ ( إنما أنت يهودي من أهل صفورية )

وقال ابن ابي الحديد ان أميّة فعل في حياته ما لم يفعله احد من العرب , زوج ابنه ابو عمرو من امراته في حياته فولدت له ابا معيط

 2- أبو معيط

وامه هي زوجه جده اميه كما مر بنا

3-عقبه بن ابي معيط

ورد في المناقب والمثالب للنعماني

 (ولما بصق عقبة في وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه، حتى أثر في وجهه وأحرق خديه، فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل،

 فنذر النبي (صلى الله عليه وسلم ) قتله . فلما كان يوم بدر، وخرج أصحابه أبى أن يخرج، فقال له أصحابه: أخرج معنا، قال: وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً من جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً. فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك، فلو كانت الهزيمة طرت عليه، فخرج معهم، فلما هزم الله المشركين، وحمل به جمله في جدود من الأرض، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في سبعين من قريش، وقدم إليه أبو معيط، فقال:

 أتقتلني من بين هؤلاء؟ قال: (نعم بما بزقت في وجهي )

فأنزل الله في أبي معيط

   ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا

فلمّا انصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم  من بدر و انتهى إلى الصفراء أمر بضرب رقبته، فقال:

يا محمد أأقتل من بين قريش؟

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله وسلم ):

 (أو من قريش أنت! إنما أنت يهودي من أهل صفورية)

 4-الوليد بن عقبة بن أبي معيط

الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية، قتل رسول اللّه( صلّى اللّه عليه و آله) أباه يوم بدر ، وأوجب له يومئذ النار بقوله لما قال عقبة: فمن للصبية يا محمد؟

قال: النار

فأظهر بعد ذلك الوليد الإسلام لما أدركته الغلبة، و عداوة رسول اللّه( صلّى اللّه عليه و آله) في قلبه لقتله لأبيه، و استعمله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله وسلم) على الصدقات في بني المصطلق، فأتاه فقال:

منعوني الصدقة

و لم يكونوا منعوه و لكنه كذب عليهم،

 فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم بالسلاح و الخروج إليهم، فأنزل اللّه عزّ و جلّ

 (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ‏ )(الحجرات 6 )

فسمّاه اللّه فاسقا، فأمسك رسول اللّه عن بني المصطلق، فلمّا استبطئوا رسوله أتاه القوم بصدقاتهم، فسألهم عن قول الوليد فيهم فأكذبوه و حلفوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم على ذلك، فلعنه‏ 

و وقع بين الوليد و علي عليه السّلام كلام فقال له الوليد:

 أنا أرد الكتيبة و أضرب لهامة البطل المشيح منك، فقال له علي عليه السلام اسكت انك فاسق فأنزل اللّه عزّ و جلّ فيهما

 ( أفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ‏ )(السجده 18)

 فسمّاه اللّه عزّ و جلّ فاسقا في موضعين من كتابه

واستعمله عثمان بن عفان على الكوفة و كان عليها سعد بن أبي وقاص فعزله وولى الوليد،

وأقام الوليد بالكوفة أميرا فصلى بالناس و هو سكران، فلمّا التفت إلى الناس قال :

هل أزيدكم؟

وفيه يقول الحطيئة:

 

شهد الحطيئة حين يلقى ربّه‏ * * * إن الوليد أحق بالعذر

خلعوا عنانك إذ جريت و لو * * * تركوا عنانك لم تزل تجري‏ 

 

و زيد فيها غير قول الحطيئة 

نادى و قد تمت صلاتهم‏ * * * أأزيدكم سكرا و ما يدري‏

و لو استزادوه لزادهم‏ * * * حتى يزيدهم على العشر (12)

 

 ثالثا  : فرع عفان بن أبي العاص

 1-عفان بن أبي  العاص

وفي المثالب للكلبي عن هشام عن أبيه ان عفان بن أبي العاص أبو عثمان بن عفان، كان مخنثا يضرب الدف و يزمّر، و في ذلك يقول عبد الرحمن بن جبل الجمحي لعثمان بن عفان يعيّره بأبيه

زعم ابن عفان و ليس بهازل ** انّ الغراة و ما يحوز المشرق‏

خرج له من شاء اعطى فضله ** ذهبا و تلك مقالة لا تصدق‏

أنّى لعفّان ابيك سبيكة ** صفراء فالنهر العباب الازرق‏

و ورثته دفا و عود اركة ** جزعا تكاد له النفوس تطلق‏

و بودنا لو كنت انثى مثله **فتكون دقفا  فتاتكم لا تعتق

‏الدّقف: و هو المخنّث

 

 رابعا - فرع أبو العاص بن أميه

 1-  أبو العاص بن أميّة

وزوجته الزرقاء بنت وهب , وهي من البغايا وذوات الاعلام ايام الجاهلية وتلقب بالزرقاء لشدة سوادها المائل للزرقة وكانت اقل البغايا أجرة , ويعرف بنوها بنو الزرقاء بن أمية  وهي أم الحكم بن العاص وجدة مروان بن الحكم ,

يقال ان الامام الحسين(عليه السلام) رد على رسول مروان بن الحكم قائلا ( يابن الزرقاء الداعية الى نفسها بسوق عكاظ)

و قد لعن النبي صلّى اللّه عليه و آله وسلم مروان ابن الزرقاء،  و قال الامام علي عليه السّلام له:

( ويلك و ويل امة محمد منك )

و قال عنه: (ليحملن راية ضلالة و لقبه خيط باطل) (13)

 و قال عبد اللّه بن الزبير لمروان: ما أنت و ذاك يا بن الزرقاء

2- الحكم بن أبي العاص بن أمية

الحكم بن أبي العاص بن أمية و هو أبو مروان لعنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم  و مروان في ظهره، و نفاه إلى الدهلك من أرض الحبشة، فلم يزل منفيّا حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حياة أبي بكر و عمر، فلمّا ولى عثمان ردّه و أعطاه مائة ألف درهم، و كان ذلك من بعض ما نقمه الناس على عثمان‏ (14) 

و كان الحكم من أشدّ الناس مباينة بالبغضاء لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله وسلم) ،  و جعل يوما يحكي مشيته مستهزأ فابتلى بتخليع أعضائه عقوبة لذلك، و كان منخلع المشية، و في ذلك يقول بعض الشعراء لبني أميّة

لا حجاب و ليس فيكم سوى الكبر * * * و بغض النبي و الشهداء

بين حاكي مخلج و طريد * * * و قتيل بلعن أهل السماء  (15)

 

ويعني بالشهداء: عليا و جعفرا و حمزة عليهم السلام، و الحاكي المخلع: الحكم بن‏

أبي العاص

و التفت إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم يوما و هو خلفه و رسول اللّه يتكلم، فرآه يعوج شدقيه و يحكي كلامه فقال له: (كذلك فلتكن ) 

و سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم  يلعن فقيل: يا رسول اللّه لمن تلعن؟

فقال: (الحكم بن أبي العاص جاء فشق إلى الجدار و أنا مع أهلي، فلمّا نظرت إليه كلح في وجهي)

ثم قال رسول الله (كأني أنظر إلى بنيه يصعدون على منبري و ينزلون)(16)

و لهذا قال الحسن (ع)لمروان: (إن رسول اللّه لعن أباك و أنت في ظهره )(17)

و قال له أيضا عبد اللّه بن الزبير و هو مستند إلى الكعبة: و ربّ هذا البيت الحرام و البلد الحرام إن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونون على لسان رسول اللّه (18)

وقالت عائشة لمروان و قد كتب إليه معاوية ليبايع ليزيد، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: جئتم بها و اللّه هرقلية تبايعون لأبنائكم

فقال مروان لمن حضره: هو الذي يقول اللّه فيه

 (وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما )

  فلمّا بلغ ذلك عائشة قالت لمروان:

و اللّه ما هو بالذي قلت، و لو شئت أن أسمّيه لسمّيته، و لكن اللّه قد لعن أباك على لسان رسوله و أنت في صلبه، فأنت قطعة من لعنة اللّه‏ (19)

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا نفى الحكم بن أبي العاص:

(إن رأيتموه تحت أستار الكعبة فاقتلوه )

3 - معاوية بن المغيرة بن أبي العاص

معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية ، و هو جد عبد الملك بن مروان لأمّه، فجد عبد الملك بن مروان لأبيه و أمه طريدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم

و كان معاوية بن المغيرة ممّن يبغض رسول اللّه و يظهر عداوته، فنفاه و أجّله ثلاثا و هدر دمه أن بقى بعدها، فتردد في ضلاله و لم يخرج، فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا وعمارا فقتلاه

 4 - مروان بن الحكم بن العاص

 وأمه أمنة بنت علقمة بن صفوان جدة عبد الملك بن مروان وكانت تمارس البغاء سراً مع أبي سفيان بن الحارث بن كلدة.. فولدت مروان ومروان هذا هو الذي أتوا به بعد ولادته الى رسول الله فقال الرسول ( ابعدوه عني هذا الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون)

(عن) هشام عن أبي عبد الرحمن المديني عن محمد بن اسحاق قال:

 بعث مروان بن الحكم رجلا من أهل الشام الى الحسن بن علي عليه السّلام فقال قل له أبوك الذي فرّق الجماعة و قتل أمير المؤمنين عثمان، و قتل الخوارج، و أهل الدين و الفضل ثم أنت تذهب بنفسك، و انما أنت بمنزلة البغل إذا قيل له من أبوك قال خالي الحصان

فأتى الرجل الحسن، فقال: يا أبا محمد إني اتيتك بعزيمة من سلطان أرهب سوطه و لا آمن حضرته فان كرهت أن ابلّغها، وقيتك بنفسي، و طويت عنك ما كرهت

قال: بل قل فابلغه القول

 فقال الحسن: هل أنت مبلغه عنّي قال: اي و اللّه ثم لم أبقِ شيئا إلاّ قلته كما تقوله

فقال: قل له يقول لك الحسن: و اللّه لا اسرى عنك اليوم ما كتبه اللّه عليك بان أسبّك، و لكن موعدي القيامة، فان كنت صادقا فاللّه يجزيك بصدقك، و إن كنت كاذبا فاللّه يشدّ نقمته عليك

فخرج الرجل من عند الحسن فلقيه الحسين بن علي، فقال:

 من أين و ما بك؟

فقال: من عند أخيك الحسن برسالة مروان

قال: ما تلك؟

قال: لم أرسل إليك فانبئوك،

 قال: و اللّه لتخبرني،

قال: لا أفعل،

 قال و اللّه لتفعلن أو لتضربنّ ضربا لا تدري متى ترتفع الايدي عنك

قال: و سمع الحسن كلامهما فخرج إليهما فقال لاخيه خلّ عن الرجل فأبى فلمّا رأى ذلك الرجل أعاد ما قال للحسن

فقال له: قل له يقول لك الحسين بن علي:

 يا بن الزرقاء  و يا بن طريد رسول اللّه و لعينه‏  و يا ابن الداعية إلى نفسها بسوق ذي المجاز  و يا ابن أمّ حنبل صاحبة الراية بسوق عكاظ

فابلغ الرجل مروان رسالتهما، فقال: مروان: إرجع اليهما فقل للحسن: أشهد انك ابن رسول اللّه و شبهه، و قل للحسين: أشهد انك إبن علي

فقال الحسين: كلاهما لي رغما له (20)

 5- عبد الملك بن مروان

قال ابن أبي عائشة: أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره، فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك

وقال يحيى الغساني: كان عبد الملك بن مروان كثيرًا ما يجلس إلى أم الدرداء فقالت له مرة: بلغني يا أمير المؤمنين أنك شربت الطلاء بعد النسك والعبادة، قال :

 إي والله، والدماء قد شربتها

وقتل عبد الملك بن مروان عبد الله بن الزبير وهدم الحجاج الكعبة وأعادها على ما هي عليه الآن، ودس على إبن عمر من طعنه بحربة مسمومة، فمرض منها ومات

و سار بالحجاج إلى المدينة، وأخذ يتعنت على أهلها، ويستخف ببقايا من فيها من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وختم في أعناقهم وأيديهم، يذلهم بذلك، كأنس، وجابر بن عبد الله، وسهل بن سعد الساعدي

 6- الوليد بن عبد الملك

قال الشعبي: كان أبواه يترفانه، فشب بلا أدب

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن شوذب قال: قال عمر بن عبد العزيز

وكان الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان بن جبارة بالحاجز، وقرة بن شريك بمصرفامتلأت الأرض والله جورًا

ورد في الكامل في التاريخ: وَلَمَّا دُلِّيَ فِي جِنَازَتِهِ، جُمِعَتْ رُكْبَتَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَقَالَ ابْنُهُ: أَعَاشَ أَبِي؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ فِيمَنْ دَفَنَهُ: عُوجِلَ وَاللَّهِ أَبُوكَ! وَاتَّعَظَ بِهِ عُمَرُ

 7- الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان

ورد في كتاب الخلفاء لجلال الدين السيوطي ان الوليد كان فاسقًا، شريبًا للخمر، منتهكًا لحرمات الله، أراد الحج ليشرب الخمر فوق ظهر الكعبة، فمقته الناس لفسقه، وخرجوا عليه فقتلوه

الوليد ينكح امهات اولاد ابيه

وعنه أنه لما حوصر قال: ألم أزد في أعطياتكم؟ ألم أرفع عنكم المؤن؟ ألم أعط فقراءكم؟ فقالوا: ما ننقم عليك في أنفسنا، لكن ننقم عليك انتهاك ما حرم الله، وشرب الخمر، ونكاح أمهات أولاد أبيك، واستخفافك بأمر الله

الوليد لوطي

ولما قتل وقطع رأسه وجيء به يزيد الناقص نصبه على رمح، فنظر إليه أخوه سليمان بن يزيد، فقال: بعدًا له أشهد أنه كان شروبًا للخمر، ماجنًا، فاسقًا، ولقد راودني على نفسي

ويقال أنه وقع على جارية وهو سكران وجاؤه المؤذنون يؤذونه فحلف ألا يصلى بالناس إلا هي، فلبست ثيابه وتنكرت وصلت بالمسلمين وهى جنب سكرى

 وصنع (الوليد) بركة من الخمر وكان إذا طرب ألقى بنفسه فيها وشرب منها

ودخل الوليد بن يزيد يومًا فوجد ابنته جالسة مع جليستها فبرك عليها وأزال بكارتها فقالت له المرأة:‏ هذا دين المجوس فأنشد‏:‏ مخلع البسيط من راقب الناس مات غمًا وفاز باللذة الجسور

الوليد خرق المصحف بالنشاب

وحكى الماوردي في كتاب أدب الدنيا

قال‏:‏ وأخذ يومًا المصحف وفتحه فأول ما طلع له (واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيدٍ)

فقال‏:‏ (أتتوعدني؟) ثم علقه ولا زال يضربه بالنشاب حتى خرقه ومزقه وهو ينشد‏:

أتتوعد كل جبار عنيــد، ** فها أنا ذاك جبـار عنيـد

إذا لاقيت ربك يوم حشرٍ** فقل لله مزقني الوليد

 

‏وذكر محمد بن يزيد المبرد "النحوي" أن الوليد ألحد في شعر له ذكر فيه النبي وأن الوحي لم يأته عن ربه، ومن ذلك الشعر

 

تلعب بالخلافة هاشمي ** ** بلا وحي أتاه ولا كتاب

فقل لله يمنعني طعامي ** ** وقل لله يمنعني شرابي

 

خامسا - فرع حرب بن اميه

 1- حرب بن اميه

وكانت زوجته بغيا صاحبه رايه في الجاهليه وإسمها حمامه

وحمامة  هي أم أبي سفيان وهي جدة معاوية كانت لها راية بذي المجاز، و قال الشرقي هي جدّته على ولاة الجدات ( 21 )

 2- صخر بن حرب  ( أبوسفيان بن حرب )

  أُمه بغيا صاحبه رايه في الجاهليه واسمها حمامه وزوجته هند بنت عتبة وقد اشتهرت بالبغاء السري في الجاهلية

ويعترف معاويه من على منابر المسلمين بان ابيه زان وانه يستلحق اخاه من الزنا زياد بن أبيه ليصبح زياد بن أبي سفيان

ويخاطب الشاعر اليماني معاويه قائلا :

 

ألا أبلغ معاوية بن حربٍ * مغلغلة من الرجل اليماني

أتغضب أن يقال أبوك عفً * وترضى أن يقال أبوك زاني

فأشهد أن رحمك من زياد * كرحم الفيل من ولد الأتان

 

أبناء ابو سفيان من الزنا والمنسوبين لغيره

اولا - زياد بن ابيه

قدم  زياد بن ابيه على علي عليه السّلام لمّا فرغ من أصحاب الجمل، فرأى فيه فضل عقل و قوة على العمل، فاستعمله ووجه به إلى فارس، و كان بها إلى أن أصيب علي عليه السّلام و هو بفارس، فخافه معاوية و رأى أن يستعطفه و يستميله، فكتب إليه يعرفه انه أخوه و يعده و يمنّيه، فأبى عليه زياد فلم يزل به معاوية يكاتبه و يتلطف به حتى إنحنى إليه، و قدم عليه بعد مكاتبة ومراجعة طويله

وأعدّ معاوية المغيرة بن شعبة و أبا مريم السلولي للشهادة على ذلك، فلمّا حضر زياد جمع معاوية الناس إلى المسجد و صعد المنبر، و قد أعدّ المغيرة و أبا مريم و حضر زياد، فحمد اللّه معاوية و أثنى عليه و صلى على النبي صلّى اللّه عليه و آله ثم قال:

 أمّا بعد، فإني أنشد اللّه رجلا علم من أبي سفيان علما في زياد إلّا قام به، فإني قد علمت أنه ابن أبي سفيان حقا، غير أني أحببت أن يقوم بذلك شاهدان من المسلمين و لا أقتصر على علمي

فقام أبو مريم فقال: أشهد أن أبا سفيان قدم علينا الطائف و هو يريد اليمن، فبدأ بنا فقال لي:

هل تعلم مكان امرأة أصيب منها؟

فقلت له: ما بحضرتنا إلّا سمية بغي بني علاج

قال: فانطلق فأتني بها

فأتيته بها فكانت معه، فلمّا قضى منها حاجته قلت: كيف وجدتها؟

قال: لا بأس بها على دفرها و عظم ثديها

فخاف معاوية أن يغضب زياد بذلك فينكره فقال لأبي مريم: رحمك اللّه إنما قمت شاهدا و لم تقم شاتما، فدع هذا و اقصد ما لا بد منه

قال: نعم، ثم قال لي أبو سفيان: يا بني قد وطئت هذه الجارية عند طهرها و من حقي عليك أن تحبسها عندك حتى تستبرئ رحمها

قال: فحبستها عندي حتى كلفت وجنتاها و تفتل شعر عينيها و اسودّت حلمتا ثدييها و نتا بطنها ثم ولدت، فحسبت منذ يوم وقع بها إلى يوم ولادتها، فوجدتها ولدته تماما

ثم قام المغيرة بن شعبة فقال: أشهد أني كنت مع أبي سفيان بفناء الكعبة قبل ذهاب بصره، فمرّ بنا زياد غلاما صغيرا ، فنظر إليه أبو سفيان نظراً أنكرته فقلت: لشدَّ ما نظرت إلى هذا الغلام يا أبا سفيان

فقال: لولا أن نبيّكم يقول: الولد للفراش و للعاهر الحجر، لأخبرتك أنه إبني، بل هو إبني حقا

فقال معاوية: وعى سمعك ووفى لسانك، زياد بن أبي سفيان حقا 

ثانيا - عمرو بن العاص

قال هشام: كان من حديث النابغة أم عمرو بن العاص: أنها كانت بغيا من طوائف العرب، فقدمت مكة و معها بنات لها، فوقع عليها نفر من قريش في الجاهلية فيهم

أبو لهب بن عبد المطلب، و أمية بن خلف، و هشام بن المغيرة المخزومي، و أبو سفيان بن حرب بن أمية، و العاص ابن وائل السهمي، بطهر واحد فحملت فولدت عمرو، واختصم القوم جميعا فيه كلهم يزعم أنه ابنه، ثم ضرب عنه ثلاثة و أكبّ عليه اثنان: العاص بن وائل و أبو سفيان

فقال أبو سفيان: أما و اللّه إني وضعته في رحم أمه

فقال له العاص: ليس ممّا تقول شي‏ء هو إبني

فحكّما فيه أمه فقالت: هو للعاص

فقيل لها بعد ذلك: ويحك ما حملك على ما صنعت، فو اللّه إن أبا سفيان لأشرف من العاص

قالت: إن العاص كان ينفق على بناتي و لو ألحقته بأبي سفيان لم ينفق عليّ العاص شيئا، و خفت الضيعة

كان إبن النابغة من عشرة و كان العاص جزارا، و لذلك قيل لعمرو:

إنه اختصم فيه من قريش أحرارها فغلب عليهم جزّارها (22)

 3-معاويه بن ابي سفيان

 جدته حمامه بغي صاحبه رايه وأمه هند بنت عتبة وقد اشتهرت بالبغاء السري في الجاهلية وهي زوجة أبي سفيان , ويعزى  معاويه الى أربعة نفر غير أبي سفيان, مسافر بن أبي عمرو بن امية , عمارة بن الوليد بن المغيرة , العباس بن عبد المطلب , والصباح مولى مغن لعمارة بن الوليد

 4- يزيد بن معاويه بن ابي سفيان

وامه ميسون بنت بجدل الكلبي

قال مؤلف كتاب إلزام النواصب وغيره

 إن ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبداً لأبيها عن نفسها ، فحملت منه بيزيد لعنه الله

ولادة يزيد ونشأته وصفاته

ولد يزيد سنة (25 أو 26 هـ ) واُمّه ميسون بنت بجدل الكلبية، وقد ذكر المؤرّخون ومنهم الصيمري البحراني في كتابه الزام النواصب وغيره  أنّ ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها، فحملت بيزيد والى هذا أشار النسّابة الكلبي بقوله

 

فإن يكن الزمان أتى علينا***بقتل الترك والموت الوحي

فقد قَتل الدعيُّ وعبدُ كلب***بأرض الطف أولادَ النبي

 

 والمقصود بالدعي هنا عبيد الله بن زياد و(عبد كلب ) يزيد بن (معاويه) والاصح يزيد بن عبد مجدل الكلبي (عبد ابيها مجدل الكلبي )

وعندما تزوجها معاويه وجدها ثيبا وطلقها وعادت الى قبيلتها كلب النصرانيه حيث ولدت يزيد  وتربى في قبيله كلب

فإنَّ سيرة الطاغية يزيد بن معاوية ظاهرةٌ بالبشاعة والشناعة، حيثُ ملأها بالمعاصي والجرائم الفظيعة التي يعجز عن وصفها اللسان،

أولاً: قتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسولِ الله صلى الله عليه وآله وجماعة من أهل بيته من أبنائه وإخوته وأبناء عَمِّه، وجماعة من أصحابه

ثانياً: وقعة الحَرَّة، وقد قتل فيها عددٌ كبيرٌ من الصحابة والتابعين وأبنائهم، ونُهِبَت المدينة المنورة واستبيحَت ثلاثة أيام حتى ولدت الف عذراء من جراء اغتصاب جنود يزيد

ثالثاً: انتهاك حرمة بيت الله الحرام وضرب الكعبة المشرَّفة بالمنجنيق وهدمها وإحراقها

ولأجل هذه الجنايات العظمى، صرَّح العديد من علماء أهل السنة في ذمِّه وبيان فسقه وفجوره وضلاله، ومن هؤلاء العلماء

ابـن الـجـوزي في كتابه(الرد على المُتعصِّب العنيد المانع من ذمِّ يزيد ص63-64)

الـقـرطـبي في كتابه (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج4 ص56)

الـذهــبــي في(سير أعلام النبلاء ج4 ص37-38)

ابن كثير في (البداية والنهاية ج11 ص627)

ابن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب ج4 ص429)

 

  هؤلاء هم بنو اميه لعنهم الله في القران الكريم ولعنهم الرسول محمد( صلى الله عليه واله وسلم )ولدوا من بغايا ونشأوا على الخسه والوضاعه  وسوء الاخلاق منغمسون في الرذيله  ومعاداه الله ورسوله خلف عن سلف وأخلاقهم أخلاق العبيد ترجمه لاصولهم

وصدق علي بن ابي طالب عليه السلام حيث يقول:

(حُسن الأخلاق برهان كرم الأعراق)

المصادر

(1) شرح نهج البلاغه لابن ابي الحديد ج3 ص 467

(2) الطبري مجلد 2 وطبقات بن سعد ج1 ص52 

(3) النزاع و التخاصم و جمهرة ابن حزم 165، شرح النهج 2/456

(4) شرح نهج البلاغة 3/456 

(5)النزاع والتخاصم للمقريزي ص22 وشرح النهج ج3 ص 456

(6) ابن قتيبه في المعارف/319

(7) النزاع و التخاصم، المقريزي ص42

(8)  مثالب العرب للكلبي

(9) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد المعتزلي 1/336 

(10) المصدر السابق

(11) مثالب العرب للكلبي

(12)- المصدر السابق

(13)- طبقات ابن سعد 5/43، والبداية و النهاية 8/285

(14) راجع: اسد الغابة: 2/ 35

(15) شرح نهج البلاغة: 15/ 199

(16) شرح الاخبار للقاضي النعمان

(17) تاريخ دمشق: 24557

 (18)تاريخ دمشق: 57/ 271

(19) تفسير القرطبي: 16/ 197

(20)تذكرة الخواص: 188

(21) ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغه 2/135، 3/245    

(22 ) الغدير: 2 / 120

بنو أميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم

الفصل الرابع

يزيد بن (معاويه) مستنقع آسن

 

ذكرت في الفصل الاول من هذ الكتاب أن أميه عبدٌ تبناه عبد شمس ونازع هذا العبد هاشم بن عبد مناف السلطه على مكه ففشل وخاب وسخرت منه قريش وإحتكما الى الكاهن الخزاعي الذي قضى لصالح هاشم بن عبد مناف في سياده مكه ونفي أميه الى الشام  عشر سنوات لكي تبرد نار العداوه

ولكن نار الحسد والحقد استعرت في قلب أميه في الشام اكثر فاكثر ووجد أميه  في الشام حاسداً وحاقداً  اخر على هاشم بن عبد مناف وهم اليهود الذين قرأوا في كتبهم وسمعوا من أحبارهم ان النبي الموعود سيكون من ولد هاشم بن عبد مناف

فأذا قُتل هاشم بن عبد مناف إنقطت الشجره التي يكون فرعها النبي الموعود وتخلصوا من النبي الذي سيقهرهم ويحطم طغيانهم وكفرهم

أثبتت في كتابي (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه ) كيف تم لاميه واليهود التخلص من هاشم بقتله بالسم ولكن لاراد لمشيئه الله فقد تزوج هاشم قبل ايام قليله من سفره الى الشام بسلمى بنت عبدو النجار وحملت منه بعبد المطلب جد النبي (صلى الله عليه واله ) الذي ولد بعد وفاه ابيه هاشم وقد اوصى هاشم زوجته سلمى قبل سفره الى الشام بالحفاظ على وليدها من غدر ومكر اليهود ومحاولاتهم المستميته لقتل النبي الموعود

عاد أميه الى مكه بعد مقتل هاشم وحاول إنتزاع سياده مكه من عبد المطلب وإستئصال بني هاشم ولكنه خاب وفشل فورّث حقده وحسده لاولاده ولحلفائه اليهود  لاتمام المهمه

وعندما  بعث الله محمدا (صلى الله عليه واله  ) نبيا ورسولا إجتمع شمل الحاسدين الثلاثه قريش واليهود وبنو اميه وشكلواحلفاً ثلاثيا للقضاء على الاسلام وبني هاشم  

وفي معركه بدر تمكن المسلمون من قتل سبعين من المشركين من قريش وبني اميه نصفهم بسيف علي بن ابي طالب فتأججت نار الحسد والحقد في قلوب المتحالفين ودخلت قريش وبنو أميه الاسلام بعد فتح مكه لحقن دمائهم والوصول الى السلطه وإستئصال بني هاشم ومَنْ ساعد رسول الله (صلى الله عليه واله ) من الانصار وتغيير معالم الدين لما يلائم إستعباد الشعوب وإمتطاء ظهورها

دفعت قريش بقياده ابو بكر وعمر معاويه لولايه الشام ثم تكمين (كسرى العرب ) معاويه ( على حد تسميه عمر له) ليصبح ملكا للعرب والمسلمين

وبدأ بنو اميه تنفيذ برنامجهم باستئصال بني هاشم وتطرقت لذلك بالتفصيل في كتابي (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه )

وقتل معاويه عليا والحسن ( عليهم السلام ) واوصى يزيد باستكمال المهمه بقتل الحسين (عليه السلام ) واهل بيت النبوه والانتقام من الانصار صحابه رسول الله  في المدينه المنوره عقابا لهم على مؤازره ونصره رسول الله

 

فمن هو يزيد  ؟؟

جد يزيد يهودي وأمه نصرانيه

نفي أميه الى الشام وهناك وقع على إمراه يهوديه ولدت ولداً استلحقه أميه وتبناه وسماه ذكوان ولذلك قال رسول الله لعقبه بن ابي معيط بن ذكوان (إنما انت يهودي من اهل صفوريه )

و نشأ يزيد في مستنقع آسن فالجدات من صاحبات الرايات  والام زانيه والاب ينسب الى اربعه

تزوج الخليفه الاموي عثمان بن عفان وائله بنت الفرافصه النصرانيه  وتزوج معاويه بن ابي سفيان ميسون بنت بجدل الكلبيه النصرانيه التي مارست الجنس مع عبدٍ لابيها فولدت  منه يزيد

 أخلاق يزيد ونشأته

 فاما ميسون فقد أقامت في قصر معاويه وكرهته وأنشدت ذات يوم تقول:

لبيت تخرق الأرواح فيه * أحب إلي من قصر منيف

 وكلب ينبح الطراق عني * أحب إلي من قط ألوف

 وبكر يتبع الأظعان صعب * أحب إلي من بغل زفوف

 ولبس عباءة وتقر عيني * أحب إلي من لبس الشفوف

 وخرق من بني عمي نحيف * أحب إلي من علج عليف

وأصوات الرياح بكل فج * أحب إلي من نقر الدفوف

 خشونة عيشتي في البدو أشهى * إلى نفسي من العيش الطريف

 فما أبغي سوى وطني بديلا * فحسبي ذاك من وطن شريف

فقال معاوية جعلتني علجا علوفا فطلقها وألحقها بأهلها  (1)

عاشت ميسون مع اهلها في الباديه ومكّنت عبداً لابيها من نفسها فجاء يزيد شبيها بعبد ابيها بجدل

قال ابن راشد في إلزام الناصب / 169

 رووا أن أمه بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها فحملت بيزيد، وإلى هذا المعنى أشار النسابة الكلبي يقول :

فإن يكن الزمان أتى علينا *** بقتل الترك والموت الوحيِّ

فقد قَتل الدعيُّ وعبدُ كلبٍ *** بأرض الطفّ أولادَ النبيِّ

أراد بالدعي عبيد الله بن زياد... ومراده بعبد كلب: يزيد بن معاوية لأنه من عبد بجدل الكلبي

نشأه يزيد بين النصارى

يقول العالم الأزهري الشيخ عبد الله العلايلي في كتابه عن الإمام الحسين (عليه السلام): سمو المعنى في سمو الذات / 59

 إذا كان يقينا أو يشبه اليقين أن تربية يزيد لم تكن إسلامية خالصة أو بعبارة أخرى كانت مسيحية خالصة، فلم يبق ما يستغرب معه أن يكون متجاوزا مستهترا مستخفا بما عليه الجماعة الإسلامية، لا يحسب لتقاليدها واعتقاداتها أي حساب ولا يقيم لها وزنا

ويؤيد ذلك أن ندماءه وخاصته نصارى، فكان سرجون النصراني صاحب أمره كما كان صاحب سر أبيه  (2)

وإصطفى يزيد جماعة من الخلعاء والماجنين فكان يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب والغناء، وفي طليعة ندمائه الأخطل الشاعر المسيحي الخليع فكانا يشربان ويسمعان الغناء وإذا أراد السفر صحبه معه.  (3)

ويقول الشيخ علي الكوراني في كتابه جواهر التاريخ  ج3 ص403

أمّا صفاته النفسية: فقد ورث صفات الغدر والنّفاق، والطيش والاستهتار من سلفه، حتّى قال المؤرّخون: وكان يزيد قاسياً غدّاراً كأبيه، (إن كان من معاوية طبعاً)، ولكنّه ليس داهيةً مثله. كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرّفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة، وكانت طبيعته المنحلّة وخُلقه المنحطّ لا تتسرّب إليها شفقة ولا عدل. كان يقتل ويعذّب نشواناً للمتعة واللّذة التي يشعر بها، وهو ينظر إلى آلام الآخرين، وكان بؤرة لأبشع الرذائل، وها هم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك، لقد كانوا من حثالة المجتمع

وقد نشأ يزيد عند أخواله في البادية من بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الإسلام، وكان مرسل العنان مع شبابهم الماجنين فتأثّر بسلوكهم إلى حدّ بعيد، فكان يشرب معهم الخمر ويلعب معهم بالكلاب

ولع يزيد بالصيد

ومن مظاهر صفات يزيد ولعه بالصيد، فكان يقضي أغلب أوقاته فيه. قال المؤرّخون: كان يزيد بن معاوية كلفاً بالصيد، لاهياً به، وكان يُلبِسُ كلابَ الصيد الأساورَ من الذهب، والجلال المنسوجة منه، ويهب لكلّ كلب عبداً يخدمه (4)

شغفه بالقرود

وكان يزيد - فيما أجمع عليه المؤرّخون - ولعاً بالقرود، وكان له قرد يجعله بين يديه ويُكنّيه بأبي قيس، ويسقيه فضل كأسه، ويقول: هذا شيخ من بني إسرائيل أصابته خطيئة فمُسخ، وكان يحمله على أتان وحشية ويرسله مع الخيل في حلبة السّباق، فحمله يوماً فسبق الخيل فسُرّ بذلك،

وأرسله مرّةً في حلبة السّباق فطرحته الريح فمات، فحزن عليه حزناً شديداً، وأمر بتكفينه ودفنه، كما أمر أهل الشام أن يعزّوه بمصابه الأليم، وأنشأ راثياً له

تمسّك أبا قيس بفضل زمامها *** فليس عليها إن سقطتَ ضمانُ

فقد سبقتْ خيلَ الجماعة كلّها *** وخيلَ أمير المؤمنين أتانُ

وذاع بين النّاس هيامه وشغفه بالقرود حتّى لقّبوه بها، ويقول رجل من تنوخ هاجياً له

يزيد صديق القرد ملّ جوارَنا *** فحنّ إلى أرض القرود يزيدُ

فتبّاً لمنْ أمسى علينا خليفةً *** صحابتُه الأدنون منه قرودُ  (5)

إدمانه على الخمر

والظاهرة البارزة من صفات يزيد إدمانه على الخمر حتّى أسرف في ذلك إلى حدٍ كبيرٍ، فلم يُرَ في وقت إلاّ وهو ثمل لا يعي من فرط السُكر، ومن شعره في الخمر

أقول لصحبٍ ضمّت الخمرُ شملهمْ *** وداعي صبابات الهوى يترنّمُ

خذوا بنصيبٍ من نعيم ولذّةٍ *** فكلّ وإن طال المدى يتصرّمُ (6)

وَمن شعره أَيْضا فِيهَا

(وَدَاعٍ دَعانِي والثُّرَيَّا كأَنَّهَا ... قلائصُ قد أعنقْنَ خَلْفَ فَنِيقِ)

(وَقَالَ اغتنِمْ من دَهْرنا غَفَلَاتِهِ ... فَعَقْدُ ذِمَامِ الدَّهْرِ غَيْرُ وَثِيقِ)

(وناولنِي كَأْسًا كَأَنَّ بنانَهُ ... مخضَّبةٌ مِنْ لَوْنِهَا بِخَلُوقِ)

(إِذا مَا طغَى فِيهَا الحَياءُ حسبتَهَا ... كَوَاكبَ دُرِّ فِي سمَاءِ عَقِيقِ)

(تَدُبُّ دَبِيبَ النَّمْل فِي كُلِّ مفْصلٍ ... وتَكْسُو وجُوهَ الشَّرْبَ ثَوبَ شقِيقِ)

(وإنِّيَ مِنْ لَذَّاتِ دَهْرِي لقانعٌ ... بحلْوِ حَدِيثٍ أَوْ بِمُرِّ عتيقِ)

(هَما مَا هُمَا لَمْ يَبْقَ شيءٌ سِوَاهُمَا ... حَدِيثُ صَدِيقٍ أَوْ عَتِيقُ رَحِيقِ)

وَمِمَّا ينْسب إِلَيْهِ يُخَاطب أَبَاهُ مُعَاوِيَة عِنْد نَهْيه إِيَّاه عَن شرب الْخمر قَوْله

(أَمِنْ شَرْبَةٍ من ماءِ كرْمٍ شَرِبْتُهَا ... غبْتَ عليَّ الآنَ طابَ لي السُّكْرُ)

(سأشرَبُ فاغضَبْ لَا رَضِيت كِلَاهُمَا ... حبيبٌ إِلَى قَلْبِي عُقُوقُكَ والخَمْرُ)

توفّي كَمَا تقدم فِي ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ وَله تسع وَثَلَاثُونَ سنة وَكَانَت خِلَافَته ثَلَاث سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَدفن بحوارين من أَرض دمشق بمقبرة بَاب الصَّقْر وَفِيه يَقُول الْقَائِل

(بأَيُّهَا القَبْرُ بِحَوَّارِينَا ... ضَمَمْتَ شَرَّ الناسِ أَجْمَعِينا)

رأي الصحابه والتابعين بيزيد بن معاويه

سمع عبد الله بن حنظله (غسيل الملائكه ) بموبقات يزيد فاراد ان يطلع بنفسه على حقيقه الامر فذهب الى الشام مع وفد من أهل المدينة في أعقاب استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام)  ولما عاد الى المدينه المنوره قال :

(والله، ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السّماء؛ إنّه رجل ينكح الاُمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصّلاة. والله، لو لم يكن معي أحد من النّاس لأبليت لله بلاءً حسناً ) (7) 

وقال أعضاء الوفد: قدمنا من عند رجل ليس له دين؛ يشرب الخمر، ويعزف بالطنابير، ويلعب بالكلاب

ونقل عن المنذر بن الزبير قوله في وصفه يزيد:

 والله إنّه ليشرب الخمر، والله إنّه ليسكر حتّى يدع الصّلاة

ووصفه أبو عمر بن حفص بقوله:

 والله، رأيت يزيد بن معاوية يترك الصّلاة مسكراً

ويتبدّى الكفر في وصفه للخمر في الأبيات الآتية

شميسة كرم برجها قعر دنِّها *** ومشرقها الساقي ومغربها فمي

إذا اُنزلت من دنِّها في زجاجةٍ *** حكت نفراً بين الحطيم وزمزمِ

فإن حَرُمَتْ يوماً على دين أحمدٍ *** فخذها على دين المسيح بن مريمِ (8)

و قال عنه المسعودي: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب، وقرود وفهود ومنادمة على الشّراب، وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد، وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقيه فقال

اسقني شربةً تُروّي مُشاشي *** ثمّ مِلْ فاسقِ مثلها ابن زيادِ

صاحبَ السرّ والأمانة عندي *** ولتسديد مغنمي وجهادي

ثمّ أمر المغنّين فغنّوا

وغلب على أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستُعملت الملاهي، وأظهر النّاس شرب الشّراب

  ويؤكّد في مكان آخر: وكان يسمّى يزيد السكران الخمّير

إنّ مطالعة الحياة الماجنة ليزيد في حياة أبيه تكفي لفهم دليل امتناع عامّة الصّحابة والتابعين من الرضوخ لبيعة يزيد بالخلافة

إلحاد يزيد  وكفره وحقده على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

إنّ نوايا يزيد ونزعاته المنحرفة قد تجلّت بشكل واضح خلال فترة حكمه القصيرة، حتّى أنّه لم يبالِ بإظهار ما كان يضمره من حقد للرسول (صلّى الله عليه وآله)، وما كان ينطوي عليه من إلحاد برسالته (صلّى الله عليه وآله) بعد أن قتل سبط الرّسول وريحانته أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام)، وهو متسلّط بالقهر على رقاب المسلمين باسم الرّسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)

لقد أترعت نفس يزيد بالحقد على الرّسول (صلّى الله عليه وآله) والبغض له؛ لأنّه وتره باُسرته يوم بدر، ولما أباد العترة الطاهرة جلس على أريكة الملك جذلان مسروراً، فقد استوفى ثأره من النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وتمنّى حضور أشياخه ليروا كيف أخذ بثأرهم، وجعل يترنّم بأبيات عبد الله بن الزبعرى

ليتَ أشياخي ببدرٍ شهدوا *** جزعَ الخزرج من وقع الأسلْ

لأهلّوا واستهلّوا فرحاً *** ثمّ قالوا يا يزيد لا تُشلْ

قد قتلنا القرمَ من أشياخهمْ *** وعدلناه ببدرٍ فاعتدلْ

لعبت هاشمُ بالملك فلا *** خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزلْ

لستُ من خندف إنْ لم أنتقمْ *** من بني أحمد ما كان فعلْ (9)

بل إنّ يزيدَ جاهر بإلحاده وكفره عندما تحرّك عبد الله بن الزبير ضدّه في مكة؛ فقد وجّه جيشاً لإجهاض تحرّك ابن الزبير وزوّده برسالة إليه، وردّ فيها البيت الآتي

ادع إلهك في السّماء فإنّني ***أدعو عليك رجال عكٍّ وأشعرا(10)

الالوسي يقول ان يزيد لم يكن مصدقا برساله النبي

يقول الالوسي في تفسيره  روح المعاني للايه 22 من سوره محمد (ج26 ص73)

(فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدُوا فِي الأَرضِ وَتُقَطِّعُوا أَرحَامَكُم  )محمد 22

أقول: الذي يغلب على ظني أن الخبيث  (ويقصد يزيد ) لم يكن مصدقا برسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر، ولا أظن أن أمره كان خافيا على أجلة المسلمين إذا ذاك ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلا الصبر ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولو سلّم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان، وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنه لم يتب، واحتمال توبته أضعف من إيمانه، ويلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين ما دمعت عين على أبي عبد الله الحسين، ويعجبني قول شاعر العصر ذو الفضل الجلي عبد الباقي أفندي العمري الموصلي وقد سئل عن لعن يزيد اللعين

يزيد على لعني عريض جنابه ... فأغدو به طول المدى ألعن اللعنا

 وقال عبد الله بن حنظله  غسيل الملائكه في وصف يزيد بن معاويه 

(إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات، ويشرب الخمر، ويدَع الصلاة ) (11)

معاويه يعهد الى نصراني لتربيه ولده

رجّح بعض المؤرّخين أنّ بعض نساطرة النّصارى تولّى تربية يزيد وتعليمه، فنشأ نشأةً سيّئة ممزوجةً بخشونة البادية وجفاء الطبع، وقالوا: إنّه كان من آثار تربيته المسيحية أنّه كان يقرّب المسيحيين ويكثر منهم في بطانته الخاصّة (12) 

ولا يمكن أن تعلّل هذه الصّلة الوثيقة وتعلّقه الشّديد بالأخطل وغيره إلاّ بتربيته ذات الصّبغة المسيحية. هكذا حاول بعض المؤرّخين والكتّاب أن يعلّل استهتار يزيد بالإسلام ومقدّساته وحرماته

وهذا التعليل يمكن أن يكون له ما يسوّغه لو كانت لحياة البادية وللتربية المسيحية تلك الصّبغة الشاذّة التي برزت في سلوك يزيد من مطلع شبابه إلى أن أصبح وليّاً لعهد أبيه وحاكماً من بعده، في حين أنّ العرب في حاضرتهم وباديتهم كانت لهم عادات وأعراف كريمة قد أقرّها الإسلام؛ كالوفاء وحسن الجوار، والكرم والنجدة وصون الأعراض وغير ذلك ممّا تحدّث به التأريخ عنهم، ولم يُعرف عن يزيد شيء من ذلك

يزيد يقتل الحسين (عليه السلام ) وأهل بيت النبوه

 تمكن التحالف الثلاثي من قتل رسول الله (صلى الله عليه واله ) بالسم وإختطاف السلطه الشرعيه من الوصي الامام علي (عليه السلام) الذي نصبه الله وصياً  وبايعه المسلمون اماما وخليفه للمسلمين في غدير خم

وحاولت قريش وبنو أميه قتل علي والحسن والحسين وإحراق بيت فاطمه ولكنهم فشلوا وخابوا

تمكن التحالف بقياده عمر بن الخطاب من تغيير معالم الدين وحرق السنه النبويه ودفع بني أميه الى قمه السلطه وتولي معاويه الخلافه

واستطاع معاويه من قتل الامام علي (عليه السلام ) والامام الحسن (عليه السلام ) واوصي يزيد بن معاويه باستكمال هذف بنو اميه بقتل الحسين  واستئصال اهل بيت النبي وبني هاشم والانتقام من الانصار

استلم يزيد زمام الحكم وارسل الى عامله على المدينه المنوره بأخذ البيعه ليزيد من الامام الحسين (عليه السلام )

رفض الامام الحسين بيعه يزيد الفاسق الخمار وقال (إن مثلي لايبايع مثله)

وعلم الحسين أن يزيد اعدَّ العده لقتله ولو كان متعلقا باستار الكعبه فقرر ان لا يقتل فيها لكي لاتنتهك حرمتها وخرج الى العراق بعد أن جائته رسائل تدعوه للقدوم وعاهدوه بالبيعه والنصره

 وخرج الحسين (عليه السلام) للعراق مع أبناءه وإخوته وجمع من بني هاشم وأصحابه بعد ان رفض البيعه ليزيد فكانوا سبعه وسبعين فارساً فارسل لهم يزيد جيشا في ثلاثين الفا

أسباب نهظه الحسين (عليه السلام)

يوضح الحسين (عليه السلام) اسباب الثوره فيما يلي :

 (إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين )

ويقول :

أيها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه وآله ) قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلا لحرام الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنه رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان، فلم يغير ما عليه  بفعل ولا قول كان حقاً على الله ان يدخله مدخله

 ويوضح رده  قريش وبني  أُميَّه عن الاسلام فيقول :

(ألا وان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، وإستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله)

وتوجه الى القوم قائلا :

(ويلكم على مَ تقاتلونني؟ على حقٍّ تركته؟ أم على شريعة بدّلتها؟ أم على سنّة غيّرتها؟

 فقالوا:( نقاتلك بغضاً منّا لأبيك و ما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين )

وكما تقدم فقد قتل الامام علي (ع) كبار المشركين من قريش

في معركه بدر وإنما القوم يقاتلون الحسين ليثأروا من قتل علي (ع) للمشركين

وحين وضعوا راس الحسين (ع) أمام يزيد

قال يزيد بن معاوية بن أبي سفيان

ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلوا واستهلوا فرحاً ثم قالوا: يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من ساداتهم وعدلناه ببدر فاعتدل

لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل

وضح لنا يزيد في هذه الابيات اسباب رفعهم شعار (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه )

انها الرده عن الاسلام والانتقام من محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) بقتل أهل بيته عن بكره أبيهم وحتى الطفل الرضيع لكي لا تبقى لهم باقيه

الحسد والحقد والانتقام والالحاد والكفر يتجلى في تصرفات يزيد وجيشه

اولا - قتل الحسين (ع) واخوته وابنائه واهل بيته وقطع رؤوسهم ورفعها على الرماح يطوفون بها في البلدان من كربلاء الى الشام

 قتلوا الحسين فما معنى ان ينتدب عمر بن سعد عشره خيول لترض جسد الحسين ؟ انه الحقد والتشفي والانتقام البربري الذي لم نرَ له مثيلا عند اخس الناس واقذرهم

ثانيا – قتل الاطفال

لقد كان ذبح الاطفال وقتلهم بالسيف في ساحه الطف أوعطشاً أو سحقاً بحوافر الخيل أو تتبع من هرب وذبحه لترجمه دقيقه لشعار بني  أُميَّه

(لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه  )

 ونستعرض فيما يلي أسماء الاطفال القتلى  من نسل أبو طالب

1-عاتكة بنت مسلم بن عقيل

بعد أن إستشهد الحسين (عليه السلام) هجم جيش يزيد على المخيم للسلب والنهب فسحقتها الخيول وماتت وكان عمرها سبع سنين (13)

 2- محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عليه السلام) قتل وعمره اثنتى عشرة سنة ( 14)

 3 و4 -  محمد وإبراهيم إبنا مسلم بن عقيل

روى الشيخ الصدوق(قدس سره) بسنده عن حمران بن أعين الشيباني عن أبي محمّد شيخ لأهل الكوفة، قال:

«لمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ(عليه السلام) أُسِرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ، فَأُتِيَ بِهِمَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ، فَدَعَا سَجَّاناً لَهُ فَقَالَ: خُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ إِلَيْكَ، فَمِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمْهُمَا، وَمِنَ الْبَارِدِ فَلَا تَسْقِهِمَا، وَضَيِّقْ عَلَيْهِمَا سِجْنَهُمَا

وَكَانَ الْغُلَامَانِ يَصُومَانِ النَّهَارَ، فَإِذَا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أُتِيَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ، فَلَمَّا طَالَ بِالْغُلَامَيْنِ المَكْثُ حَتَّى صَارَا فِي السَّنَةِ

قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: يَا أَخِي قَدْ طَالَ بِنَا مَكْثُنَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَفْنَى أَعْمَارُنَا، وَتَبْلَى أَبْدَانُنَا، فَإِذَا جَاءَ الشَّيْخُ فَأَعْلِمْهُ مَكَانَنَا، وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ بِمُحَمَّدٍ(صلى الله عليه واله وسلم )، لَعَلَّهُ يُوَسِّعُ عَلَيْنَا فِي طَعَامِنَا، وَيَزِيدُنَا فِي شَرَابِنَا

فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أَقْبَلَ الشَّيْخُ إِلَيْهِمَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ، فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ الصَّغِيرُ: يَا شَيْخُ، أَتَعْرِفُ مُحَمَّداً؟ قَالَ: فَكَيْفَ لَا أَعْرِفُ مُحَمَّداً وَهُوَ نَبِيِّي

قَالَ: أَفَتَعْرِفُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَا أَعْرِفُ جَعْفَراً، وَقَدْ أَنْبَتَ اللهُ لَهُ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ المَلَائِكَةِ كَيْفَ يَشَاءُ

قَالَ: أَفَتَعْرِفُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام)؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَا أَعْرِفُ عَلِيّاً وَهُوَ ابْنُ عَمِّ نَبِيِّي وَأَخُو نَبِيِّي

قَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ، فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ(صلى الله عليه واله وسلم )، وَنَحْنُ مِنْ وُلْدِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِكَ أُسَارَى، نَسْأَلُكَ مِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمُنَا، وَمِنْ بَارِدِ الشَّرَابِ فَلَا تَسْقِينَا، وَقَدْ ضَيَّقْتَ عَلَيْنَا سِجْنَنَا، فَانْكَبَّ الشَّيْخُ عَلَى أَقْدَامِهِمَا يُقَبِّلُهُمَا وَيَقُولُ: نَفْسِي لِنَفْسِكُمَا الْفِدَاءُ، وَوَجْهِي لِوَجْهِكُمَا الْوِقَاءُ، يَا عِتْرَةَ نَبِيِّ اللهِ المُصْطَفَى، هَذَا بَابُ السِّجْنِ بَيْنَ يَدَيْكُمَا مَفْتُوحٌ، فَخُذَا أَيَّ طَرِيقٍ شِئْتُمَا

فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أَتَاهُمَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ، وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ، وَوَقَّفَهُمَا عَلَى الطَّرِيقِ، وَقَالَ لَهُمَا: سِيرَا يَا حَبِيبَيَّ اللَّيْلَ، وَاكْمُنَا النَّهَارَ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكُمَا مِنْ أَمْرِكُمَا فَرَجاً وَمَخْرَجاً. فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ

فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ انْتَهَيَا إِلَى عَجُوزٍ عَلَى بَابٍ، فَقَالا لَهَا: يَا عَجُوزُ إِنَّا غُلَامَانِ صَغِيرَانِ غَرِيبَانِ حَدَثَانَ غَيْرَ خَبِيرَيْنِ بِالطَّرِيقِ، وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ جَنَّنَا، أَضِيفِينَا سَوَادَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِيقَ

فَقَالَتْ لَهُمَا: فَمَنْ أَنْتُمَا يَا حَبِيبَيَّ؟ فَقَدْ شَمِمْتُ الرَّوَائِحَ كُلَّهَا فَمَا شَمَمْتُ رَائِحَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَتِكُمَا

فَقَالا لَهَا: يَا عَجُوزُ، نَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكِ مُحَمَّدٍ(صلى الله عليه واله وسلم )، هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْقَتْلِ

قَالَتِ الْعَجُوزُ: يَا حَبِيبَيَّ، إِنَّ لِي خَتَناً فَاسِقاً قَدْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، أَتَخَوَّفُ أَنْ يُصِيبَكُمَا هَاهُنَا فَيَقْتُلَكُمَا

قَالا: سَوَادَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِيقَ، فَقَالَتْ: سَآتِيكُمَا بِطَعَامٍ، ثُمَّ أَتَتْهُمَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَا وَشَرِبَا، وَلَمَّا وَلَجَا الْفِرَاشَ، قَالَ الصَّغِيرُ لِلْكَبِيرِ: يَا أَخِي، إِنَّا نَرْجُو أَنْ نَكُونَ قَدْ أَمِنَّا لَيْلَتَنَا هَذِهِ، فَتَعَالَ حَتَّى أُعَانِقَكَ وَتُعَانِقَنِي، وَأَشَمَّ رَائِحَتَكَ وَتَشَمَّ رَائِحَتِي، قَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ المَوْتُ بَيْنَنَا. فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ وَاعْتَنَقَا وَنَامَا

فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ أَقْبَلَ خَتَنُ الْعَجُوزِ الْفَاسِقُ حَتَّى قَرَعَ الْبَابَ قَرْعاً خَفِيفاً، فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَنَا فُلَانٌ. قَالَتْ: مَا الَّذِي أَطْرَقَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَلَيْسَ هَذَا لَكَ بِوَقْتٍ؟

قَالَ: وَيْحَكِ افْتَحِي الْبَابَ قَبْلَ أَنْ يَطِيرَ عَقْلِي، وَتَنْشَقَّ مَرَارَتِي فِي جَوْفِي، جَهْدَ الْبَلَاءِ قَدْ نَزَلَ بِي. قَالَتْ: وَيْحَكَ مَا الَّذِي نَزَلَ بِكَ؟

قَالَ: هَرَبَ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ مِنْ عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، فَنَادَى الْأَمِيرُ فِي مُعَسْكَرِهِ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَمَنْ جَاءَ بِرَأْسِيهِمَا فَلَهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ، فَقَدْ أَتْعَبْتُ وَتَعِبْتُ وَلَمْ يَصِلْ‏ فِي يَدِي شَيْ‏ءٌ

فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: يَا خَتَنِي، احْذَرْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ، قَالَ: وَيْحَكِ إِنَّ الدُّنْيَا مُحَرَّصٌ عَلَيْهَا

فَقَالَتْ: وَمَا تَصْنَعُ بِالدُّنْيَا وَلَيْسَ مَعَهَا آخِرَةٌ! قَالَ: إِنِّي لَأَرَاكِ تُحَامِينَ عَنْهُمَا، كَأَنَّ عِنْدَكِ مِنْ طَلَبِ الْأَمِيرِ شَيْ‏ءٌ، فَقُومِي فَإِنَّ الْأَمِيرَ يَدْعُوكِ

قَالَتْ: مَا يَصْنَعُ الْأَمِيرُ بِي، وَإِنَّمَا أَنَا عَجُوزٌ فِي هَذِهِ الْبَرِّيَّةِ، قَالَ: إِنَّمَا لِيَ الطَّلَبُ افْتَحِي لِيَ الْبَابَ حَتَّى أُرِيحَ وَأَسْتَرِيحَ، فَإِذَا أَصْبَحْتُ فَكَّرْتُ فِي أَيِّ الطَّرِيقِ آخُذُ فِي طَلَبِهِمَا، فَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ، وَأَتَتْهُ بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ

فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ سَمِعَ غَطِيطَ الْغُلَامَيْنِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَأَقْبَلَ يَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْبَعِيرُ الْهَائِجُ، وَيَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ، وَيَلْمِسُ بِكَفِّهِ جِدَارَ الْبَيْتِ حَتَّى وَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى جَنْبِ الْغُلَامِ الصَّغِيرِ

فَقَالَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَصَاحِبُ المَنْزِلِ، فَمَنْ أَنْتُمَا، فَأَقْبَلَ الصَّغِيرُ يُحَرِّكُ الْكَبِيرَ وَيَقُولُ: قُمْ يَا حَبِيبِي، فَقَدْ وَاللهِ وَقَعْنَا فِيمَا كُنَّا نُحَاذِرُهُ

قَالَ لَهُمَا: مَنْ أَنْتُمَا؟ قَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، إِنْ نَحْنُ صَدَقْنَاكَ فَلَنَا الْأَمَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ

قَالا: أَمَانُ اللهِ وَأَمَانُ رَسُولِهِ، وَذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِ اللهِ. قَالَ: نَعَمْ. قَالا: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ. قَالَ: نَعَمْ. قَالا: وَاللهُ عَلى‏ ما نَقُولُ وَكِيلٌ وَشَهِيدٌ. قَالَ: نَعَمْ

قَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ(صلى الله عليه واله وسلم )، هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْقَتْلِ. فَقَالَ لَهُمَا: مِنَ المَوْتِ هَرَبْتُمَا وَإِلَى المَوْتِ وَقَعْتُمَا، الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَظْفَرَنِي بِكُمَا، فَقَامَ إِلَى الْغُلَامَيْنِ فَشَدَّ أَكْتَافَهُمَا، فَبَاتَ الْغُلَامَانِ لَيْلَتَهُمَا مُكَتَّفَيْنِ،

ولما اصبح الصباح قتلهما واخذ رأسيهما الى عبيد الله بن زياد  ليأخذ الفي درهم

إستُشهدا (عليهما السلام) عام 62ﻫ، ودُفنا على بُعد ثلاث كيلو مترات من مدينة المسيّب في العراق، وقبرهما معروف يُزار

وبذلك لم يبق من نسل مسلم بن عقيل باقيه

5- محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب قتل وعمره سبع سنين

لما صرع الحسين (عليه السلام) وهجم القوم على المخيم للسلب خرج مذعوراً ملتفتاً يميناً وشمالاً، فقتله هاني بن ثبت الحضرمي

 6 و7 - سعد وعقيل إبنا عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب، ماتا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر. (15)

8- عبد اللَّه بن الحسن (عليه السلام)

اثخنت الجراح الحسين (عليه السلام) فجلس يستريح فتوجه نحوه الطفل عبد الله بن الحسن وعمره إحدى عشره سنه ولما أهوى أبجر بن كعب بالسيف ليضرب الحسين قال له الغلام: "ويلك يا إبن الخبيثة أتقتل عمي"؟ فضربه اللعين بالسيف فاتقاها الغلام بيده فأطنها إلى الجلدة، فإذا هي معلقة، فضمه الحسين إلى صدره. فرماه حرملة بن كاهل الأسدي فذبحه وهو في حجر عمه الحسين (عليه السلام)

9-أحمد بن الحسن المجتبى (عليه السلام)

قتل مع الحسين (عليه السلام) وله من العمر ست سنين (16)

10و11-ام الحسم وام الحسين

 وفي البحار أن أحمد بن الحسن المجتبى له أختان أم الحسن وأم الحسين سحقتا بحوافر الخيول يوم الطف بعد شهادة الإمام الحسين

(17) (12) ابو بكر بن الحسن (عليه السلام )

وهو من ابناء الحسن المجتبى رافق عمه الى كربلاء وقتل يوم عاشوراء قتله عبد الله بن عقبه الغنوي

13- القاسم بن الحسن (عليه السلام )

 وهو القاسم بن الحسن بن علي بن ابي طالب قتل يوم عاشوراء وهو غلام لم يبلغ الحلم

  قتل وعمره ثلاث عشر سنة، قتله عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي

14- عبد اللَّه الرضيع

وهوحفيد الإمام علي والسيّدة فاطمة الزهراء(عليهما السلام)، وابن الإمام الحسين، وابن أخي الإمام الحسن، وأخو الإمام زين العابدين، وعمّ الإمام الباقر(عليهم السلام)

وامه الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبية

عاد الإمام الحسين(ع) إلى المخيم ليودّع عياله، وإذا بزينب الكبرى(عليها السلام) إستقبلته بعبد الله الرضيع قائلةً: أخي، يا أبا عبد الله، هذا الطفل قد جفّ حليب أُمّه، فاذهب به إلى القوم، علّهم يسقونه قليلاً من الماء، فأخذه منها وجعل يُقبّله وهو يقول: وَيْلٌ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِذَا كَانَ جَدُّكَ مُحَمَّدٌ المُصْطَفَى خَصْمَهُمْ

ثمّ خرج راجلاً يحمل الطفل الرضيع، وكان يُظلّله من حرارة الشمس، فقال(عليه السلام): أيّها الناس، إن كانَ ذنبٌ للكبارِ فما ذنبُ الصغار؟

إختلف القوم فيما بينهم، فمنهم مَن قال: لا تسقوه، ومنهم مَن قال: أُسقوه، ومنهم مَن قال:

 لا تُبقوا لأهل هذا البيت باقية،

عندها التفت عمر بن سعد إلى حرملة بن كاهل الأسدي وقال له: يا حرملة، إقطع نزاع القوم

يقول حرملة: فهمت كلام الأمير، فسدّدت السهم في كبد القوس، وصرت أنتظر أين أرميه، فبينما أنا كذلك إذ لاحت منّي التفاتة إلى رقبة الطفل، وهي تلمع على عضد أبيه الحسين(ع) كأنّها إبريق فضّة، عندها رميته بالسهم، فلمّا وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد، وكان الرضيع مغمىً عليه من شدّة الظمأ، فلمّا أحسّ بحرارة السهم رفع يديه من تحت قماطه وإعتنق أباه الحسين(عليه السلام)، وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح

عندئذٍ وضع الحسين(عليه السلام) يده تحت نحر الرضيع حتّى امتلأت دماً، ورمى بها نحو السماء قائلاً: اللّهم لا يكن عليكَ أهونَ من فصيلِ ناقةِ صالح. ثمّ قال: هَوَّنَ عَلَيَّ مَا نَزَلَ بِي أَنَّهُ بِعَيْنِ الله

قال الإمام الباقر(عليه السلام): فَلَمْ يَسْقُطْ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ قَطْرَةٌ إِلَى الْأَرْضِ. وسمع(عليه السلام) قائلاً يقول: دعه يا حسين، فإنّ لهُ مُرضِعاً في الجنّة

ثمّ عاد به الحسين(عليه السلام) إلى المخيم، فاستقبلته سكينة وقالت: أبة يا حسين، لعلّك سقيت عبد الله ماءً وأتيتنا بالبقية؟ أجابها(عليه السلام): بُنيَّ سكينة، هذا أخوكِ مذبوحٌ من الوريدِ إلى الوريد(18)

تحقق حلم بنو  أُميَّه فلم يبق من نسل مسلم بن عقيل باقيه ولولا اراده الله التي حفظت زين العابدين لانقطع نسل الحسين ايضا ..انه الحقد والحسد الاموي لبني هاشم والعداء لدين محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) الذي لم يعرف معنى لبراءه الطفوله  وقيم الانسانيه والرجوله والشهامه

 ثالثا - التمثيل بالجثث

بعد ان اثخنت الجراح الحسين (ع) سقط ارضا جاء شمر فرفس الحسين برجله ، وجلس على صدره وقبض على شيبته المقدّسة وضربه بالسّيف اثنتى عشرة ضربة وإحتزّ رأسه المقدّس وأقبل القوم على سلبه

ثُمَّ إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ نادى‌ في أصحابِهِ

مَن يَنتَدِبُ لِلحُسَينِ ويوطِئُهُ فَرَسَهُ ؟ فَانتَدَبَ عَشَرَةٌ ، فَداسُوا الحُسَينَ عليه السلام بِخُيولِهِم حَتّى‌ رَضّوا ظَهرَهُ وصَدرَهُ (19)

رابعا - سبي النساء وحمل الرؤوس على القنا

وحمل رأس الحسين (ع) ورؤس أهل بيته من كربلاء الى الشام على الرماح وسبيت عياله مصفدين بالحديد يسيرون خلفه فكان أول راس بالاسلام يحمل على القنا

وسرّح في أثرهم علي بن الحسين مغلولة يدَيه إلى عنقه هو ومن معه في وضع تقشعر منه الابدان

إن جريمه قتل الحسين (عليه السلام) وأهل بيته ورفع رؤسهم على الرماح يطوفون بها البلدان وترك الجثث في العراء ثلاثه أيام بعد أن داسوا جسد الحسين (عليه السلام)بحوافر الخيل وسبي نسائه وذبح أطفاله جريمه بشعه لا تصدر الا من كانت أمه بغيا وأبوه عبد يستشعر المهانه والضعه والحسد والكره لكل شريف

والغريب ان كل قاده جيش يزيد يشتركون معه في الصفات والاخلاق

يقول الدكتورمحمد رضا الهاشمي في كتابه الجريمه الكبرى

إن قاده جيش عمر بن سعد ممن شارك في قتل الحسين وأهل بيته يشتركون في ثلاثة خصال، وهي :

اولا: كونهم من قبائل نجد الملعونة على لسان النبي (صلى الله عليه واله وسلم)

ثانياً : اولاد عهر و حرام

ثالثاً : العداء والبغض بامتياز لآل النبي عليهم السلام والموالاه لبني  أُميَّه

وقد قال الحسن البصري

  (واذلاه لأُمة قتل إبن دعيها إبن بنت نبيها )

فهل انتهى حقد بني  أُميَّه عند هذه الجريمه النكراء ؟؟

لا ..فهناك صحابه رسول الله من الانصار الذين ساعدوا رسول الله (صلى الله عليه واله ) في قتال المشركين وهناك المدينه المنوره التي سماها النبي طيبه فقد سماها الامويون الخبيثه وانتقموا منها ومن اهلها شر انتقام 

 

يزيد ينتقم من الانصار

أسباب حقد بني اميه على الصحابه  من الانصار

يقول الشيخ  علي الكوراني في كتابه جواهر التاريخ ان مما زاد في بغض قريش للانصار موقف زعيم الانصار سعد بن عباده ضد السقيفه وخلافه ابو بكر وعمر واصراره على موقفه حتى قتل في منفاه

ثم جاء دور الأنصار في انتقاد عثمان وعدم الدفاع عنه، حتى قتله الصحابة

ثم دورهم المميز في مسانده علي (عليه السلام ) في حربه ضد قريش في معركه الجمل وحربه ضد معاويه في صفين 

ويضيف الشيخ الكوراني قائلا (من السهل أن تلمس عند معاوية ويزيد وبني أمية تجاه الأنصار، نفس المشاعر العدائية التي كانت عند أبي سفيان ومشركي قريش تجاههم فقد اعتبروهم مسؤولين عن حماية النبي (صلى الله عليه وآله) ونصرته، وتحقيق النصر له عليهم

وأكثر ما أغاض معاوية من الأنصار أنهم كانوا جميعا مع علي (عليه السلام) وكانوا من أشد المجموعات القتالية عليه في صفين، فحقد عليهم إلى آخر عمره، ثم أوصى ابنه يزيد بالشدة معهم إن لم يبايعوه، أو ثاروا عليه، فبطش بهم يزيد في وقعة الحرة، بطش الجبارين الملحدين

الانصار قاتلوا معاويه مع علي (عليه السلام)

روى نصر بن مزاحم في كتابه وقعة صفين / 445:

(وإن معاوية دعا النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري، ومسلمة بن مخلد الأنصاري، ولم يكن معه من الأنصار غيرهما فقال: يا هذان، لقد غمني ما لقيت من الأوس والخزرج، صاروا واضعي سيوفهم على عواتقهم يدعون إلى النزال، حتى والله جبنوا أصحابي الشجاع والجبان، وحتى والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قالوا قتلته الأنصار. أما والله لألقينهم بحدي وحديدي، ولأعين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه، ثم لأرمينهم بأعدادهم من قريش،. فغضب النعمان من كلامه

الانصار قاتلوا معاويه مع الحسن (عليه السلام )

قاتل الانصار معاويه مع الحسن (عليه السلام ) قتالا شديد ولما تم الصلح بين الحسن ومعاويه أرسل معاويه إلى قيس ابن سعد يدعوه إلى البيعة وكان رجلا طويلا يركب الفرس المشرف ورجلاه تخطان في الأرض فلما أرادوا ادخاله إليه قال انى حلفت ان لا القاه إلا وبيني وبينه الرمح والسيف فامر معاوية برمح وسيف بينه وبينه ليبر بيمينه

قال أبو الفرج وقد روى أن الحسن " عليه السلام " لما صالح معاوية اعتزل قيس ابن سعد في أربعة آلاف وأبى ان يبايع فلما بايع الحسن ادخل قيس ليبايع فاقبل على الحسن فقال افي حل انا من بيعتك ؟ فقال نعم فألقى له كرسي وجلس معاوية على سرير والحسن معه فقال له معاوية أتبايع يا قيس قال نعم ووضع يده على فخذه ولم يمدها إلى معاوية فجاءا معاوية على سريره وأكب على قيس حتى مسح يده على يده وما دفع قيس إليه يده

رسول الله استوصى بالانصار خيرا

قال رسول الله (صلى الله عليه واله ):

 إستوصوا بالأنصار خيرا. وقال أيضا: حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق! وفي صحيح البخاري: لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق

معاويه ينتقص من الانصار

قدم معاوية حاجّا في خلافته المدينة بعد ما قُتل أمير المؤمنين (عليه السلام ) وبعد ما مات الحسن ( عليه السلام ) فاستقبله أهل المدينة ، فنظر فإذا الذي استقبله من قريش أكثر من الانصار ، فسأل عن ذلك فقيل : إنهم محتاجون ليست لهم دواب

فالتفت معاوية إلى قيس بن سعد بن عبادة فقال : يا معشر الانصار ما لكم لا تستقبلوني مع إخوانكم من قريش ؟

فقال قيس وكان سيد الانصار وابن سيدهم : أقعَدنا يا أمير المؤمنين أنْ لم تكن لنا دواب

قال معاوية فأين النواضح ؟ (والنواضح هي الجمال التي تعمل في الحقل )

فقال قيس : أفنيناها يوم بدرٍ ويوم أحدٍ وما بعدهما في مشاهد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حين ضربناك وأباك على الاسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون

قال معاوية : الّلهم غفرا

ثم قال قيس : يا معاوية تعيّرنا بنواضحنا ، والله لقد لقيناكم عليها يوم بدر وأنتم جاهدون على إطفاء نور الله ، وأن تكون كلمة الشيطان هي العليا ، ثم دخلت أنت وأبوك كُرها في الاسلام الذي ضربناكم عليه (20)

معاويه يضيّق على الانصار في أرزاقهم

قال رسول الله (صلى الله عليه واله ) مخاطبا الانصار:

 (ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تقدموا علي الحوض)، وهذا الخبر هو الذي يكفّر كثير من أصحابنا معاوية بالإستهزاء به، وذلك أن النعمان بن بشير الأنصاري جاء في جماعة من الأنصار إلى معاوية فشكوا إليه فقرهم وقالوا لقد صدق رسول الله (ص) في قوله لنا (  ستلقون بعدي أثرة   )

قال معاوية: فماذا قال لكم؟ قالوا: قال لنا: فاصبروا حتى تردوا علي الحوض. قال: فافعلوا ما أمركم به، عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبركم وحرمهم ولم يعطهم شيئا). (21)

يزيد بن معاويه ينتقم من أنصار النبي (صلى الله عليه وآله) بموقعة الحرة

 أرسل الانصار  وفدا من قادتهم بقيادة عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة الى الشام ليطلعوا على احوال يزيد عن كثب وليعرفوا يقينا سلوك يزيد وهل يشرب الخمر ويرتكب المنكرات؟ فرجعوا ذامين له مجمعين على خلعه) (22)

وأجمع الصحابه على عبد الله بن حنظلة (غسيل الملائكة) فأسندوا أمرهم إليه فبايعهم على الموت وقال: يا قوم اتقوا الله وحده لا شريك له فوالله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء إن رجلا ينكح الأمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا فتواثب الناس يومئذ يبايعون من كل النواحي). (23)

وصيه معاويه ليزيد

نقل أبو جعفر الطبري في تاريخه وابن الأثير في الكامل والبيهقي في المحاسن والمساوي وغيرهم أن معاوية قال: ليزيد إن لك من أهل المدينة ليوما فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة (هو الذي سمي مسرفا ومجرما) فإنه رجل قد عرفت نصيحته

عرف معاوية أن مسلما لا دين له فأمر يزيد أن يرمي به أهل المدينة وقد فعل يزيد ما أمره به معاويه ، وفعل مسلم بأهل المدينة ما أريد منه حيث قال له يزيد: يا مسلم لا تردن أهل الشام عن شئ يريدون بعدوهم فسار بجيوشه من أهل الشام فأخاف المدينة واستباحها ثلاثة أيام بكل قبيح وافتضت فيها نحو ثلاثمائة بكر، وولدت فيها أكثر من ألف امرأة من غير زوج وسماها نتنة وقد سماها رسول الله (صلى الله عليه واله) طيبة، وقتل فيها من قريش والأنصار والصحابة وأبنائهم نحو من ألف وسبعمائة وقتل أكثر من أربعة آلاف من سائر الناس، وبايع المسلمين على أنهم عبيد ليزيد ومن أبى ذلك أمره مسلم على السيف.. إلى غير ذلك من المنكرات

 

ثوره الصحابه في المدينه المنوره

 قَالَ الْوَاقِدِيّ أَنبأَنَا ابْن أبي ذِئْب عَن صَالح بن أبي حسان أَنبأَنَا إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم المَخْزُومِي قَالَ لما وثب أهل الْحرَّة وأخرجوا بني أُميَّة عَن الْمَدِينَة واجتمعوا على عبد الله بن حَنْظَلَة وَبَايَعُوهُ على الْمَوْت قَالَ يَا قوم اتَّقوا الله فوَاللَّه مَا خرجنَا على يزِيد حَتَّى خفنا أَن نُرمَى بِالْحِجَارَةِ من السَّمَاء  قَالَ وَكَانَ ابْن حَنْظَلَة يبيتُ تِلْكَ اللَّيَالِي فِي الْمَسْجِد وَمَا يزِيد على أَن يفْطر على شربة من سويق ويصوم الدَّهْر (24)

جيش يزيد يستبيح المدينه المنوره

وَقَالَ الْمَدَائِنِي توجه مُسلم بن عقبَة إِلَى الْمَدِينَة فِي اثْنَي عشر ألف رجل وَيُقَال اثْنَي عشر ألف فَارس وَخَمْسَة عشر ألف راجل قَالَ السُّهيْلي فِي روضه وقْعَة الْحرَّة كَانَ سَببهَا أَن أهل الْمَدِينَة خلعوا يزِيد بن مُعَاوِيَة وأخرجوا بني أُميَّة وَأمرُوا عَلَيْهِم عبد الله بن حَنْظَلَة الغسيل الَّذِي غسلت أَبَاهُ الْمَلَائِكَة يَوْم أُحد

وصمد مُسلم فِي العساكر فانكشف أهل الْمَدِينَة من كل جَانب ثمَّ حمل ابْن الغسيل فانكشف العساكر وانتهت إِلَى مُسلم فَنَهَضَ فِي وُجُوههم بِالرِّجَالِ وَاشْتَدَّ الْقِتَال ثمَّ جَاءَ الْفضل بن عَبَّاس بن ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب لِابْنِ الغسيل فقاتل مَعَه ثمَّ انتقى الشجعان يُرِيد قتل مُسلم فَحمل على أهل الشَّام فانفرجوا وجثت الرَجال أَمَامه على الركب ومضَى نَحْو راية مُسلم فَقتل صَاحبهَا يظنّ أَنه مُسلم بن عقبَة فَأخذ مُسلم رايته وَسَار وشدت الرِّجَال أَمَامه فصرع الْفضل بن عَبَّاس وَقتل مَعَه زيد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَتَقَدَّمت خيل مُسلم إِلَى ابْن الغسيل وَمَعَهُ أَخُوهُ لأمه مُحَمَّد بن ثَابت بن قيس ابْن شماس وَعبد الله بن زيد بن عَاصِم وَمُحَمّد بن عَمْرو بن حزم وأبلى مُحَمَّد ابْن سعد بن أبي وَقاص ثمَّ انهزم النَّاس

من يثأر لالف وسبعمائه صحابي من المهاجرين والانصار

قال شيخ البخاري خليفة بن خياط: تاريخ خليفة بن خياط (ص: 239) (ودعا سلم بن عقبة النَّاس إِلَى الْبيعَة عَلَى أَنهم خول ليزِيد بْن مُعَاوِيَة يحكم فِي أَهْليهمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ ماشاء حَتَّى أُتِي بِعَبْد اللَّه بْن زَمعَة وَكَانَ صديقا ليزِيد بْن مُعَاوِيَة وصفيا لَهُ فَقَالَ بَايع عَلَى أَنَّك خول لأمير الْمُؤمنِينَ يحكم فِي دمك وَأهْلك وَمَالك
قَالَ أُبَايِعك عَلَى أَنِّي (ابْن عَم) أَمِير الْمُؤمنِينَ يحكم فِي دمي وَأَهلي وَمَالِي؛ فَقَالَ اضربوا عَنقه؛ فَوَثَبَ مَرْوَان فضمه إِلَيْهِ وَقَالَ يُبَايِعك عَلَى مَا أَحْبَبْت قَالَ وَالله لَا أقيلها إِيَّاه أبداً وَقَالَ إِن تنحى وَإِلَّا فاقتلوهما جَمِيعًا فَتَركه مَرْوَان فَضربت عَنق ابْن زَمعَة )

وحتى الرجوع إلى الموافقة لم يقبل منه

وقال خليفة: (قَالَ أَبُو الْحسن (المدائني) وَقَالَ عوَانَة بن الحكم:

 (أُتِي مُسلم بِيَزِيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن زَمعَة  فقال بايع ، قال أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه فأمر به فقتل) اهـ

ويقول الشيخ حسن فرحان المالكي :

هكذا إذاً من طلب البيعة على الكتاب والسنة يقتل! ومن بايع عبداً ينجو
والخبر عند الطبري أيضاً؛ وفيه تفصيل زيادة؛ ففي تاريخ الطبري (5/ 493) (قَالَ عوانة: وأُتِى (مسلم) بيزيد بن وهب بن زمعة، فَقَالَ: بايع؛ قَالَ: أبايعك عَلَى سنة عمر، قَالَ: اقتلوه؛ قَالَ: أنا أبايع (يعني على ما تريد)، قَالَ: لا وَاللَّهِ لا أقيلك عثرتك  فكلمه مروان بن الحكم - لصهر كان بينهما - فأمر بمروان فوجئت عنقه، ثم قال: بايعوا عَلَى أنكم خول ليزيد بن مُعَاوِيَة  ثُمَّ أمر بِهِ فقتل)

وحتى الذين لهم هوى في بني أمية وفيهم نصب يقرون بهذا؛ كالذهبي مثلاً، الذي قال في تاريخ الإسلام  (5/ 29) ( دَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ، يَحْكُمُ فِي أَهْلِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مَا شَاءَ، حَتَّى أُتِيَ بِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَكَانَ صَدِيقًا لِيَزِيدَ وَصَفِيًّا لَهُ، فَقَالَ: بَلْ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنِّي ابْنُ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَحْكُمُ فِي دَمِي وَأَهْلِي، فَقَالَ: اضْرِبَا عُنُقَهُ! فَوَثَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، .. وَقَالَ: إِنْ تَنَحَّى مَرْوَانَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُمَا مَعًا، فَتَرَكَهُ مَرْوَانُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ)
وهذا ابن كثير؛ وهو أشد أموية من الذهبي؛ يقول في البداية والنهاية (8/ 243) (فَدَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ فَدَعَا النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ بن معاوية، ويحكم فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مَا شَاءَ)

وفي التنوير لابن دحية: وقتل من وجوه المهاجرين والأنصار ألف وسبعمائة، ومن حملة القرآن سبعمائة، وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراثت بين القبر الشريف والمنبر، واختفى أهل المدينة حتى دخلت الكلاب المسجد وبالت على منبر رسول الله (صلى الله عليه  واله وسلم)، ولم يرض أمير ذلك الجيش من أهل المدينة إلا بأن يبايعوه ليزيد على أنهم خول: أي عبيد له إن شاء باع وإن شاء أعتق، حتى قال له بعض أهل المدينة: البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فضرب عنقه) اهـ النص

ويقول السيوطي في الخصائص: وهذا المقتلة لــ (أهل الرضوان) يوم الحرة لم يحدث مثلها من كفار قريش ولا أصحاب مسيلمة؛ وسبقهم قتل (أهل بدر) يوم صفين على أيدي بني أمية أيضاً؛ فالذين أفنوا  أهل بدر يوم صفين هم بنو أمية؛ والذين أفنوا أهل الرضوان يوم الحرة هم بنو أمية

ويقول عبد الملك العصامي في كتابه سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي

وأباح مُسلم الْمَدِينَة ثلاثَاً للْقَتْل والنهب وأفزع ذَلِك الصَّحَابَة الَّذين بهَا

وَلزِمَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ بَيته فَدخل عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْأَيَّام الَّتِي أبيحت الْمَدِينَة فِيهَا فَقيل لَهُ من أَنْت أَيهَا الشَّيْخ فَقَالَ أَنا أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ صَاحب رَسُول الله

فَقَالُوا قد سمعنَا خبرك ولنعم مَا فعلت حِين كَفَفْت يدك ولزمت بَيْتك وَلَكِن هَات المَال فَقَالَ أَخذه الَّذين دخلُوا قبلكُمْ عَليّ وَمَا عِنْدِي شَيْء فَقَالُوا كذبت ثمَّ قَالُوا أضجعوه فأضجعوه فَجعل كل وَاحِد يَأْخُذ من لحيته خصْلَة وَأخذُوا مَا وجدوا حَتَّى صوف الْفرش وَحَتَّى أخذُوا زَوْجَيْنِ من حمام كَانَ صبيانه يَلْعَبُونَ بهما (25)

وَأما جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ فَخرج فِي ذَلِك الْيَوْم يطوف فِي أَزِقَّة الْمَدِينَة وَهُوَ أعمى والبيوت تنتهب وَهُوَ يعثر فِي الْقَتْلَى وَيَقُول تعس من أَخَاف رَسُول الله

فَقَالَ لَهُ قَائِل وَمن أَخَاف رَسُول الله

فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله

يَقُول من أَخَاف الْمَدِينَة فقد أَخَاف مَا بَين جَنْبي فحملوا عَلَيْهِ ليقتلوه فَأَخذه مِنْهُم مَرْوَان بن الحكم وَأدْخلهُ بَيته  (26)

وَقتل فِي ذَلِك الْيَوْم من وُجُوه الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار ألف وَسَبْعمائة رجل وَقيل من أخلاط النَّاس عشرَة آلَاف سوى النِّسَاء وَالصبيان ونهبوا وأفسدوا وَاسْتَحَلُّوا الْحرم وعطلت الصَّلَوَات فِي مَسْجد رسول الله(صلى الله عليه واله) (27)

جيش يزيد يهين المصحف الشريف

وَلم يبْق فِي الْمَسْجِد إِلَّا سعيد بن الْمسيب جعل نَفسه ولهاناً خبلا فَتَرَكُوهُ وَكَانَ يَقُول كنت أسمع عِنْد مَوَاقِيت الصَّلَاة همهمة من الْحُجْرَة المطهرة وافتض فِيهَا ألف عذراء وَإِن مفتضَّها فعل ذَلِك أَمَام الْوَجْه الشريف وَالْتمس مَا يمسح بِهِ الدَّم فَلم يجد فَفتح مصحا قَرِيبا مِنْهُ ثمَّ أَخذ من أوراقه ورقة فتمسح بهَا نَعُوذ بِاللَّه مَا هَذَا إِلَّا صَرِيح الْكفْر وأنتنه (28)

جيش يزيد يقتل الاطفال

وَمن ذَلِك أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار دخل عَلَيْهَا رجل من أهل الشَّام وَهِي ترْضع وَلَدهَا وَقد أَخذ مَا كَانَ عِنْدهَا قَالَ لَهَا هَاتِي الذَّهَب وَإِلَّا قتلتك وَقتلت ابْنك فَقَالَت وَيحك إِن قتلته فأبوه أَبُو كَبْشَة صَاحب رَسُول الله

وَأَنا من النسْوَة اللَّاتِي بايعن رَسُول الله

وَمَا خُنْت الله فِي شَيْء بَايَعت رَسُوله عَلَيْهِ فَأخذ الصَّبِي من حجرها وثديها فِي فِيهِ وَضرب بِهِ الْحَائِط حَتَّى انتثر دماغه فِي الأَرْض وَالْمَرْأَة تَقول لَو كَانَ عِنْدِي شَيْء أفديك بِهِ يَا ابْني لفديتك قَالَ فَمَا خرج من الْبَيْت حَتَّى اسودَ نصف وَجهه وَصَارَ مثلَة فِي النَّاس (29)

 

علماء اهل السنه يفتون بلعن يزيد

اولا - احمد بن حنبل يلعن يزيد

قال ابو الفرج ابن الجوزي في كتابه الرد على المتعصب العنيد مايلي :

قال صالح لوالده احمد بن حنبل

ان قوما ينسبوننا الى توالي يزيد فقال يابني وهل يتوالى يزيد احد يؤمن بالله واليوم الاخر ؟

فقلت لم لا تلعنه

فقال وكيف لا العن من لعنه الله في كتابه؟

فقلت واين لعن الله  يزيد

فقال في قوله تعالى

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ (محمد 22 و23)

فهل يكون فساد اعظم من القتل

ثانيا – سبط بن الجوزي

قد أفتى كلّ من سبط بن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلال السيوطي وغيرهم من أعلام السنة القدامى بكفر يزيد (لعنه لله) وجواز لعنه

ثالثا -اليافعي

قال اليافعي : (وأمّا حكم من قتل الحسين ، أو أمر بقتله ، ممّن استحلّ ذلك فهو كافر)

رابعا - التفتازاني

قال التفتازاني في (شرح العقائد النفسيّة) : (والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت الرسول ممّا تواتر معناه ، لعنة الله عليه ، وعلى أنصاره وأعوانه) المصدر السابق

خامسا - الذهبي

قال الذهبي : (كان ناصبياً فظاً غليظاً ، يتناول المسكر ويفعل المنكر ، افتتح دولته بقتل الحسين ، وختمها بوقعة الحرّة)

سادسا - المسعودي

قال المسعودي : (ولمّا شمل الناس جور يزيد وعماله وعمّهم ظلمه وما ظهر من فسقه ومن قتله ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنصاره وما أظهر من شرب الخمر ، سيره سيرة فرعون ، بل كان فرعون أعدل منه في رعيّته ، وأنصف منه لخاصّته

سابعا- العلامه المناوي

العلامه المناوي في تفسيره فيض القدير – الجزء1 صفحة 265

ثامنا- ابو الفرج ابن الجوزي

هذا وقد صنّف أبو الفرج ابن الجوزي الفقيه الحنبلي الشهير كتاباً في الردّ على من منع لعن يزيد واسماه ( الردّ على المتعصّب العنيد المانع من ذم يزيد)

قال أبو الفرج بن الجوزي في كتابه اعلاه (أجاز العلماء الورعون لعنه)

تاسعا – الالوسي

يقول الالوسي في تفسيره روح المعاني في تفسير الايتين 22و23 من سوره محمد

وعلى هذا القول لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة وارتكابه الكبائر في جميع أيام تكليفه ويكفي ما فعله أيام استيلائه بأهل المدينة ومكة

عاشرا – الطبراني

فقد روى الطبراني بسند حسن (اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل)

والطامة الكبرى ما فعله بأهل البيت ورضاه بقتل الحسين على جده وعليه الصلاة والسلام واستبشاره بذلك وإهانته لأهل بيته مما تواتر معناه

وفي الحديث

ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب الدعوة المحرف لكتاب الله وفي رواية( الزائد في كتاب الله ) والمكذب بقدر الله والمتسلط بالجبروت ليعز من أذل الله ويذل من أعز الله والمستحل من عترتي والتارك لسنتي)

احد عشر -العلامه التفتازاني

وقال العلامة التفتازاني: لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله تعالى عليه وعلى أنصاره وأعوانه، وممن صرح بلعنه جلال السيوطي عليه الرحمة

وفي تاريخ ابن الوردي. وكتاب الوافي بالوفيات أن السبي لما ورد من العراق على يزيد خرج فلقى الأطفال والنساء من ذرية علي. والحسين رضي الله تعالى عنهما والرؤوس على أطراف الرماح وقد أشرفوا على ثنية جيرون فلما رآهم نعب غراب فأنشأ يقول

لما بدت تلك الحمول وأشرقت ** تلك الشموس على ربى جيرون

نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح** فلقد قضيت من الرسول ديوني

 

يعني أنه قتل الحسين واهل بيته  بمن قتله رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يوم بدر كجده عتبة وخاله ولد عتبة وغيرهما وهذا كفر صريح ومثله تمثله بقول عبد الله بن الزبعري قبل إسلامه

ليت أشياخي ببدر شهدوا **جزع الخزرج من وقع الأسل

لا هلوا واستهلوا فرحاً ** ثم قالوا يا يزيد لا تشل

وأنا أقول(والقول للعلامه التفتازاني): الذي يغلب على ظني أن الخبيث لم يكن مصدقا برسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر، ولا أظن أن أمره كان خافيا على أجلة المسلمين إذا ذاك ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلا الصبر ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولو سلّم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان، وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنه لم يتب، واحتمال توبته أضعف من إيمانه، ويلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين ما دمعت عين على أبي عبد الله الحسين، ويعجبني قول شاعر العصر ذو الفضل الجلي عبد الباقي أفندي العمري الموصلي وقد سئل عن لعن يزيد اللعين

يزيد على لعني عريض جنابه * فأغدو به طول المدى العن اللعنا

ومن كان يخشى القال والقيل من التصريح بلعن ذلك الضليل فليقل: لعن الله عز وجل من رضي بقتل الحسين ومن آذى عترة النبي( صلّى الله عليه وسلّم) بغير حق ومن غصبهم حقهم فإنه يكون لاعنا له لدخوله تحت العموم دخولا أوليا في نفس الأمر، ولا يخالف أحد في جواز اللعن بهذه الألفاظ ونحوها سوى ابن العربي المار ذكره وموافقيه فإنهم على ظاهر ما نقل عنهم لا يجوزون لعن من رضي بقتل الحسين رضي الله تعالى عنه، وذلك لعمري هو الضلال البعيد الذي يكاد يزيد على ضلال يزيد أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أي لا يلاحظونه ولا يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها

اثنا عشر – ابن عقيل

قال إبن عقيل – من الحنابلة – : ومما يدل على كفره وزندقته فضلاً ، عن سبه ولعنه أشعاره التي أفصح بها وأبان ، عن خبث الضمائر وسوء الإعتقاد ، فمنها قوله في قصيدته التي أولها

علية هاتي أعلني وترنمي * بذلك أني لا أحب التناجيا

حديث أبي سفيان قدما سماً بها * إلى أحد حتى أقام البواكيا

إلاّ هات فإسقيني على ذاك قهوة * تخيرها العنسي كرماً وشاميا

إذا ما نظرنا في أمور قديمة * وجدنا حلالاً شربها متوالياً

وإن مت يا أم الأحيمر فإنكحي * ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا

فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا * أحاديث طسم تجعل القلب ساهياً

ولابد لي من أن أزور محمداً * بمشمولة صفراء تروي عظاميا

إن لكل واحد من أبي حنيفة ومالك وأحمد في لعن يزيد قولين ، تصريح وتلويح ، وقال القاضي أبو الحسين محمد بن القاضي أبي يعلي بن الفراء الحنبلي – وقد صنف كتاباً فيه بيان من يستحق اللعن وذكر فيهم يزيد : الممتنع من لعن يزيد أما أن يكون غير عالم بجواز ذلك ، أو منافقاً يريد أن يوهم بذلك ، وربما إستفز الجهال بقوله : (ص) : المؤمن لا يكون لعاناً ، وهذا محمول على من لا يستحق اللعن

ثلاثه عشر- سعد الدين التفتازاني الشافعي

يقول العلامة سعد الدين التفتازاني الشافعي في كتابه شرح العقائد النسفية صفحة 181

الحق أن رضا يزيد بقتل الحسين (ع) وإستبشاره به ، وإهانته أهل بيت النبي (ص) ، فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه

 

 يزيد يقصف الكعبه بالمنجنيق

 ثمَّ اسْتخْلف مُسلم على الْمَدِينَة روح بن زنباع الجذامي وشخص إِلَى مَكَّة لقِتَال ابْن الزبير فَمَاتَ بالمشلل وَقيل بثنية هرشي وَأوصى قبل موته بقياده الجيش للحصين بن نمير وأمره بان يسرع  السّير الى مكه

 وَسَار الْحصين بِالنَّاسِ نحو مكه وَقد بَايع أَهلهَا وَأهل الْحجاز لعبد الله بن الزبير واجتمعوا عَلَيْهِ وَلحق بِهِ أهل الْمَدِينَة وَقدم عَلَيْهِ نجدة ابْن عَامر الْحَنَفِيّ فِي الْخَوَارِج لمنع الْبَيْت وَخرج ابْن الزبير للقاء أهل الشَّام وعثرت البغلة بِعَبْد الله فَنزل وَاجْتمعَ إِلَيْهِ الْمسور بن مخرمَة وَمصْعَب بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَجَمَاعَة من أَصْحَابه فَقتلُوا جَمِيعًا وصابرهم ابْن الزبير إِلَى اللَّيْل ثمَّ انصرفوا وَأَقَامُوا يقاتلونه شهرا وَبَعض شهر

 يقول البخاري في صحيحه ان جيش يزيد  قصف الكعبه بالمنجنبق  وَاحْتَرَقَ الْبَيْت وترك ابْن الزبير الْكَعْبَة تحترق ليراها النَّاس فتحزبهم على أهل الشَّام ثمَّ لم يزل الْعَسْكَر محاصرين لِابْنِ الزبير حَتَّى جَاءَهُم نعي يزِيد

وعاود بنو اميه في عهد عبد الملك بن مروان حصار مكه

 وحاصر جيش بني اميه أهل مكة، وقد نصب الحجاج بن يوسف الثقفي المنجنيق حول مكة حتى يخرج اهلها إلى الأمان والطاعة لعبد الملك بن مروان

وكانوا يرمون بالمنجنيق فقتلوا خلقا كثيرا، وكان مع الحجاج خمس مجانيق فألح على مكه بالرمي من كل مكان، وحبس عن اهلها الميرة والماء، فكانوا يشربون من ماء زمزم، وجعلت الحجارة تقع في الكعبة، والحجاج يصيح بأصحابه:

يا أهل الشام الله الله في الطاعة

فكانوا يحملون على ابن زبير حتى يقال: إنهم آخذوه في هذه الشدة، فيشد عليهم ابن الزبير وليس معه أحد حتى يخرجهم من باب بني شيبة، ثم يكرون عليه فيشد عليهم، فعل ذلك مرارا

وقيل لابن الزبير: ألا تكلمهم في الصلح

فقال: والله لو وجدوكم في جوف الكعبة لذبحوكم جميعا والله لا أسألهم صلحا أبدا

وذكروا أنهم لما رموا بالمنجنيق جاءت الصواعق والبروق والرعود حتى جعلت تعلوا أصواتها على صوت المنجنيق، ونزلت صاعقة فأصابت من الشامين اثني عشر رجلا فضعفت عند ذلك قلوبهم عن المحاصرة

فلم يزل الحجاج يشجعهم ويقول: إني خبير بهذه البلاد، هذه بروق تهامة ورعودها وصواعقها، وإن القوم يصيبهم مثل الذي يصيبكم، وجاءت صاعقة من الغد فقتلت من أصحاب ابن الزبير جماعة كثيرة أيضا، فجعل الحجاج يقول: ألم أقل لكم إنهم يصابون مثلكم وأنتم على الطاعة وهم على المخالفة

وكان أهل الشام يرتجزون وهم يرمون الكعبه بالمنجنيق ويقولون

مثل الفنيق المزبد * نرمي بها أعواد هذا المسجد

فنزلت صاعقة على المنجنيق فأحرقته، فتوقف أهل الشام عن الرمي والمحاصرة، فخطبهم الحجاج فقال: ويحكم ألم تعلموا أن النار كانت تنزل على من كان قبلنا فتأكل قربانهم إذا تقبل منهم؟ فلولا أن عملكم مقبول ما نزلت النار فأكلته، فعادوا إلى المحاصرة

وما زال أهل مكة يخرجون إلى الحجاج بالأمان ويتركون ابن الزبير حتى خرج إليه من عشرة آلاف، فأمنهم وقَلَّ أصحاب ابن الزبير جدا، حتى خرج إلى الحجاج حمزة وخبيب ابنا عبد الله بن الزبير، فأخذا لأنفسهما أمانا من الحجاج فأمنهما

ودخل عبد الله بن الزبير على أمه فشكا إليها خذلان الناس له، وخروجهم إلى الحجاج حتى أولاده وأهله، وأنه لم يبق معه إلا اليسير، ولم يبق لهم صبر ساعة، والقوم يعطونني ما شئت من الدنيا، فما رأيك؟

فقالت: يا بني أنت أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى حق فاصبر عليه فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت تعلم أنك إنما أردت الدنيا فلبئس العبد أنت، أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك، القتل أحسن

فدنا منها فقبّل رأسها وقال: هذا والله رأيي، ثم قال: والله ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله أن تستحل حرمته، ولكنني أحببت أن أعلم رأيك، فزدتيني بصيرة مع بصيرتي

فقالت أمه: إني لأرجو من الله أن يكون عزائي فيك حسنا

ثم أخذته إليها فاحتضنته لتودعه واعتنقها ليودعها وكانت قد أضرت في آخر عمرها  فوجدته لابسا درعا من حديد

فقالت: يا بني ما هذا لباس من يريد الشهادة

فقال: يا أماه إنما لبسته لأطيب خاطرك وأسكن قلبك به

فقالت: لا يا بني ولكن انزعه فنزعه، ثم خرج من عندها فقتل فكان ذلك آخر عهده بها

ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك بما وقع، وبعث برأس ابن الزبير مع رأس عبد الله بن صفوان، وعمارة بن حزم إلى عبد الملك، ثم أمرهم إذا مروا بالمدينة أن ينصبوا الرؤس بها، ثم يسيروا بها إلى الشام، ففعلوا ما أمرهم به وأرسل بالرؤس مع رجل من الأزد فأعطاه عبد الملك خمسمائة دينار، ثم دعا بمقراض فأخذ من ناصيته ونواصي أولاده فرحا بمقتل ابن الزبير

ومن جرائم بني اميه قتل زيد بن علي بن الحسين

وَمِنْهَا قتل زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن وصلبه وإحراقه بالنَّار وَقتل وَلَده يحيى فِي زمانْهم وشربهم الْخمر وصلاتهم بِالنَّاسِ سكارى وَتَقْدِيم الْجَوَارِي فِي الْمِحْرَاب للصَّلَاة بِالنَّاسِ

 

ثوره زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام )

مواراة الجسد

لما قُتل اختلف اصحابه في دفنه ومواراته بصورة تخفى عن الاعداء خوفاً من اخراجه والتمثيل به

قال سلمة بن ثابت: لما كثر الخلاف بين اصحابه أشرت عليهم ان ننطلق به إلى نهر هناك وندفنه فيه، فقبلوا الرأي وكان في النهر ماء كثير حتّى إذا امكنا له دفناه ، ووضعنا عليه الحشيش والتراب وأُجري عليه الماء  وكان النهر في بستان رجل يقال له [ زائدة ]  وقيل يعقوب

الرأس المقدس

لما قطع يوسف بن عمر رأسه بعث به وبرؤوس اصحابه إلى هشام بن عبد الملك مع زهرة بن سليم، وفي ضيعة ام الحكم ضربه الفالج فانصرف واتته جائزته من هشام ، ودفع هشام لمن اتاه بالرأس عشرة دراهم، ونصبه على باب دمشق ،

بعث هشام بالرأس من الشام إلى مدينة الرسول (صلى الله عليه واله) فنُصب عند قبر النبيّ يوماً وليلة. وكان العامل على المدينة « محمد بن إبراهيم بن هشام المخزومي »، فتكلم معه ناس من أهل المدينة ان يُنزله فأبى إلاّ ذلك، فضجت المدينة بالبكاء من دور بني هاشم، وكان كيوم الحسين عليه السّلام. ونظر إلى الرأس كثير بن المطلب السهمي فبكى وقال: نضّر الله وجهك أبا الحسين عليه السّلام وقتل قاتليك. وكان كثير الميل إلى بني هاشم ، فقال له الوالي: بلغني عنك كذا وكذا، قال: هو كما بلغك، فحبسه وكتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره فقال كثير وهو في الحبس

واختلف المؤرخون في الفتره التي بقي فيها مصلوبا فمنهم من قال سنه واشهر ومنهم من قال سنتين ومنهم من قال ثلاثه ومنهم من قال اربعه ومنهم من قال خمسه ومنهم من قال سته

حتّى اتخذته الفاختة وكراً  تنعى لرسول الله صلّى الله عليه وآله العدل والإصلاح والمكارم والإباء،

ثم امر هشام باحراقه وفي حديث أبي حمزة الثمالي بعد ان احرقه دق عظمه بالهواوين وذرّاه في البر والنهر

وقول ابن خلكان في ترجمة الهيثم بن عدي من الوفيات ذُرّي رماده في الرياح على شاطئ الفرات

الكرامات التي ظهرت لزيد (عليه السلام ) عند صلبه

1- في تاريخ الشام ج 6 ص 25 وتاريخ الخميس ج 2 ص 357 والصواعق المحرقة ص 101 واسعاف الراغبين للصبان وعمدة الطالب وسبك الذهب لابن معية: كانت العنكبوت تنسج على عورته فتسترها، وفي الحدايق الوردية إذا أصبح أهل الكوفة ورأوا النسج هتكوه بالرماح فإذا جاء الليل نسجت العنكبوت عليه

2- وفي مقاتل أبي الفرج: صلبوه عرياناً فارتخى بطنه من قدامه وظهره من خلفه حتّى سُترت عورته من القبل والدبر. ولعل هذا بعد ان صنعوا ذلك في نسج العنكبوت

3- وفي تاريخ دمشق ج 6 ص 25، وحياة الحيوان للدميري بمادة العنكبوت: لما صلبوه وجّهوا وجهه إلى جهة الفرات فدارت خشبته إلى ناحية القبلة حتّى فعلوا ذلك مراراً

4-وفي امالي الشيخ الطوسي: قدم الكوفة رجل من بلنجر بعد قتل زيد فقال: ألا ترون إلى هذا الفاسق ابن الفاسق كيف قتله الله. فلم يلبث ان رماه الله بقرحتين في عينيه فطمس الله بهما بصره فقال أبو زط الكوفي: احذروا أن تتعرضوا لأهل هذا البيت إلا بخير

5-وفي الحدايق الوردية: مرت على خشبته امرأة فرأته عرياناً فرمت عليه خمارها فالتاث بمشية الله تعالى وستره فصعدوا له وحلوه

6-وفيها أقبل رجلان من بني ضبة ويد كل واحد منهما في يد صاحبه حتّى قاما بحذاء الخشبة فضرب احدهما بيده على الخشبة وهو يقول: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ان يُقَتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطَّعَ ايديهم وارجلهم من خلاف. فذهب لينحّي يده فانتثرت فيها الأُكلة ووقع على شقه فمات

7- وفيها يحدث شبيب بن غرقد قال: قدمنا الكوفة من الحج فدخلنا الكناسة ليلاً، فلما كنا بالقرب من خشبة زيد اضاء الليل، فلم نزل نسير نحوها فنفحت منها رائحة المسك، فقلت لأصحابي: هكذا توجد رائحة المصلوبين، وإذا بهاتف يقول: هكذا توجد رائحة أولاد النبيين، الذين يقضون بالحق وبه يعدلون

8- وفيها أنّ رجلاً مر على خشبته فوضع اصبعه عليها وقال: هذا جزاء الفاسق ابن الفاسق، فغاصت إصبعه في كفه

9- وفيها: ان عرزمة أخا كناسة الاسدي جلس في مجمع الأسديين بالقرب من خشبة زيد، فكان يلتقط حُصيّات ويرمي بها زيداً يصنع ذلك كل يوم، يقول إسماعيل بن اليسع العامري: فوالله الذي لا إله غيره، ما مات حتّى رأيت عينيه مرقودتين كانهما زجاحتان خضراوان.

هذا ما حفظه ارباب الآثار في جوامعهم، ولا أخال كل من تُتلى عليه الا ويتجلى له عمود الحق وترتفع عنه غشاوة كل شبهة، فيحفظ لبطل النهضة الهاشمية، ومصلح الأمة الإسلامية مقامه الرفيع بين المستشهَدين في سبيل قلع الفساد

قبائح الوليد بن يزيد

قال الْعَلامَة السُّيُوطِيّ فِي تَارِيخه للخلفاء أَن الْوَلِيد بن يزِيد عزم على الْحَج لأجل أَن يشرب الْخمر فَوق الْكَعْبَة فَقتل قبل أَن يبلغ مُرَاده

وكان لوطيا وقال اخوه لما بلغه مقتل الوليد انه كان لوطيا وقد راودني عن نفسي

 

بنو أميه مستنقع آسن

وحسبكم هذا التفاوت بينكم وبين بني هاشم

 

وَفِي تَارِيخ أبي مخرمَة الْمُسَمّى قلادة النَّحْر عَن الشَّيْخ نصر بن مجلي وَكَانَ من الثِّقَات الْعباد الصَّالِحين قَالَ رَأَيْت عَليّ بن أبي طَالب فِي الْمَنَام فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تفتحون مَكَّة وتقولون من دخل دَار أبي سُفْيَان فَهُوَ آمن ثمَّ يتم عَليّ ولدك الْحُسَيْن مَا تمّ فَقَالَ لي أما سَمِعت أَبْيَات ابْن صَيْفِي فِي هَذَا قلت لَا قَالَ اسمعها مِنْهُ ثمَّ انْتَبَهت فبادرت إِلَى دَار ابْن الصيفي فَذكرت لَهُ الرُّؤْيَا فشهق وَبكى وَحلف بِاللَّه إِنَّهَا لم تخرج من فِيهِ وَلَا من خطه إِلَى أحد وَمَا نظمها إِلَّا فِي ليلته ثمَّ أَنْشدني

 (مَلَكْنَا وكَانَ العفْوُ منا سجيَّةً ... فَلَمَّا ملكْتُمْ سَالَ بالدَّمِ أيطَحُ)

(وَحَلَّلْتُمُ قَتْلَ الأسَارَى وطَالَمَا ... غدَوْنَا مِنَ الأَسْرَى نَمُنُّ ونَصْفَحُ)

(وَحَسْبُكُمُ هَذَا التَّفَاوُتُ بَيْنَنَا ... فكُلُّ إِنَاءٍ بالَّذِي فِيهِ يَنْضَحُ)

 

المصادر

(1) تاريخ دمشق: 70 / 134 

(2) تاريخ دمشق: 20 / 161

(3) الأغاني: 7 / 170

(4) تاريخ الطبري 4/368

(5) أنساب الأشراف 2 / 2  

   حياة  الإمام الحسين (عليه السّلام) 2 /  183(6)

(7) تأريخ ابن عساكر 7 / 372

تتمة المنتهى  / 43(8)

(9)  البداية والنهاية 8 / 192

(10) مروج الذهب 2 / 95

(11) سير اعلام النبلاء ج3 ص 324

     وتاريخ الخلفاء للسيوطي  والكامل في التاريخ لابن الاثيرج3 ص449

 (12)المناقب للقاضي نعمان المصري/71

 (13)معالي السبطين

 (14)وسيلة الدارين، ص‏233

 (15)معالي السبطين، 2 89

 (16)وسيلة الدارين في أنصار الحسين عليه السلام، ص‏297

 (17) تاريخ دمشق، ص‏226

(18)اللهوف في قتلى الطفوف: 69، بحار الأنوار 45/ 46، المجالس العاشورية: 390 

(19) تاريخ الطبري : ج 5 ص 

(20) (صحيح البخاري ج 9 ص59 )

(21) ابن أبي الحديد في شرح النهج: 6 / 32

(22) تاريخ دمشق: 26 / 258

(23) الطبقات

( 24) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي لعبد الملك العصامي

      الطبقات الكبرى – محمد بن سعد -ج5 -ص 66

       تاريخ الخلفاء للسيوطي ص159 و الصواعق المحرقه لابن حجر ص 132

       لعبد الملك العصامي  

 (25)  سمط النجوم العوالي في انباء الاوائل والتوالي

  (26) كتاب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي للعصامي

         والبدايه والنهايه لابن كثير ج11 ص614

(27) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي

       البدايه والنهايه لابن كثير  و سمط النجوم العوالي في انباء الاوائل والتوالي

(28) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي3/204

      شرح الزرقاني لموطأ مالك 3 / 153 ، تاريخ الخلفاء / 195    

(29) الامامه والسياسه لابن قتيبه الدينوري ج1 ص 184

      سمط النجوم العوالي للعصامي و الخصائص الكبرى للسيوطي

      والسيره الحلبيه ج 1

 

Screenshot 2023-11-25 072500

Screenshot 2023-12-25 203456

أخترنا لك
صحابه باعوا دينهم – ( 10) عمرو بن حريث المخزومي

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف