عندما يحصل هناك تطور وازدهار في الجوانب المادية والظواهر الدنيوية ينبغي أن يكون ذلك التطور مترافقاً بالسمو والترقي في الجوانب الإيمانية الدينية نحن محتاجون؛ فاقد الشيء لا يعطيه.
في واقع الأمر عندما ينظر الإنسان إلى أعمال السلف والعلماء الماضين -الذين تركوا الدين وديعة بين أيدينا- يشعر بالخجل، لقد كانت أعمالهم مختلفة عن أعمالنا، لقد تغيّرت ظروف زماننا، وتغيّر نوع العلاقات بين الناس مضافا إلى تأثير الثقافة غير الإسلامية؛ في النهاية مهما كانت الأسباب نجد أنّ الحالة الروحانية الإيمانية التي كانت لدى السابقين قد ضعُفَت اليوم، وتراجعت وأصبحت هزيلة للغاية.
عندما يحصل هناك تطور وازدهار في الجوانب المادية والظواهر الدنيوية ينبغي أن يكون ذلك التطور مترافقاً بالسمو والترقي في الجوانب الإيمانية الدينية، وإلّا فإنّ التطور في الجوانب المادية لوحدها سوف يكون كوضع السكين الحادة في يد الرجل السكران؛ يستخدمها حيث لا ينبغي ولا يجوز.
عندما أرادوا مدّ سكة الحديد في إيران في عهد ناصر الدين شاه عارض عالم طهران الأول المرحوم الحاج ملا علي كَني المشروع، وكان يقول: إذا ما وضع الأجانب أقدامهم في إيران سوف تتأثر الثقافة الإسلامية بهم، وسوف تضعف شعائر المجتمع الأساسية بالتدريج، لذلك قاموا في العام الذي توفي فيه - 1306 ق- بمدّ سكة حديد بين طهران ومرقد السيد عبد العظيم الحسني، وكان يطلق على عربات النقل المستخدمة فيها اسم "السيارات الدخانية".
نعم بالتأكيد لا يمكن للمسلمين أن يحرموا أنفسهم من التطور والرقي المادي، ولا يمكنهم ألّا يستخدموا التقنيات الحديثة؛ بل يجب عليهم أن يتزودوا بالوسائل والتقنيات المتطورة؛ ولكن في مقابل ذلك ينبغي عليهم العمل -عبر بذل الجهد والتوسل- على تقوية وترسيخ القوى الإيمانية والجوانب الإلهية في أنفسهم وفي مجتمعاتهم، وذلك للإشراف على تلك الأدوات المادية وتوجيهها بحيث لا تستخدم استخدامات غير مشروعة وغير إنسانية.
يقول الباري تعالى في كتابه المجيد: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ».
علينا أن نكون على يقين أنّ الباري تعالى -وهو العالم والقادر والمنزّه عن كلّ ضعف وقصور- يرى أعمالنا، ونحن غافلون عن هذا الأمر، ونغفل عن حقيقة أنّ أعمالنا تسجل كاملة بلا نقصان، وأنّ لهذه الأعمال تأثيرها في هذه الدنيا، وفي عالم البرزخ، وفي عالم الآخرة، وفي جميع ما سنلاقيه من عوالم.
من جواب لسماحة آية الله العظمى شبيري الزنجاني على طلب مجموعة من الشباب لإرشادهم أخلاقيا