محنة الأكثرية في العراق

2020/08/05



▫️ تميّـز العراق عن غيره من البلدان بميزات جعلته فريداً بين بلدان العالم اليوم ، فقد حباه الله تعالى بموقع جغرافي فريد في قلب العالم تقريباً ، فهو يصل الشرق بالغرب و يربط بين ثلاث من قارات العالم : آسيا و أفريقيا و أوروبا . كما يحتل مركز القلب من العالم الإسلامي ، بالإضافة إلى تمتعه بالأراضي الخصبة التي يخترقها نهرا دجلة و الفرات ، و أمَّا من الناحية الإقتصادية فإنَّ العراق يختزن في أراضيه ثروة معدنية هائلة من النفط و الكبريت و الغاز الطبيعي و الفحم الحجري و غيرها . 

▫️ و لقد سكن العراق شعبٌ تنوعت أعراقه و قومياته و أديانه و مذاهبه ، فترى فيه العربي و الكردي و الفارسي و التركي و الـهندي و الشركسي و غيرهم ، كما ترى فيه المسلم و المسيحي و اليهودي و الصابئي و اليزيدي و غيرهم ، و هذا من عوامل القوة لا الضعف حيث ترى أُناساً تختلف أجناسهم و قومياتهم و أديانهم يعيشون في بلد واحد متحابين متآخين دون أن تحدث بينهم مشاكل تُعكر عليهم صفو الحياة . 

▫️ و لـهذا فقد كان العراق مهداً لأقدم الحضارات في العالم ، و أكثرها تطوراً و نتاجاً على طول التاريخ ، كما كان العراق مهبط الأنبياء (عليهم السلام) و مُستقر الأئمة و الأولياء و مرقد الأئمة المعصومين الأطهار (عليهم السلام) , و مركزاً تنتشر فيهِ مُختلف المُقدَّسات الدينية لمُختلف الأديان و الطوائف . 

▫️ لكن مِمَّا يؤسف لـه أنَّ العراق كان ولا يزال مسرحاً دائماً للحروب و القتال لا بين أهلـه ، و إنَّما كانت الدول العُظمى تجعل من العراق ساحة لحل مشاكلـها فيما بينها ، فتشعل الحرب و تجري فصولـها في العراق ، فيكون العراق و أهلـه مادة هذه الحرب . فما كان يدور بين الدولة العثمانية و الدولة الفارسية من معارك و حروب ، خير دليل ساطع على ذلكَ . 

▫️ كما توالت على حكم العراق أنظمة جائرة أقامتْ سياستها على الكبت و الإرهاب و القمع و البطش و التشريد و التفرقة و الطائفية و غيرها ، حيث طُبِعَتْ حياة العراق و العراقيين بالدم و القتل , مِمَّا كدرت عليهم صفو عيشهم ، و أصبح الفرد العراقي يُوْسَم بالعنف و الإرهاب من قِـبَل بقية الشعوب . 

▫️ و كان أشد الأنظمة شراسة و طغياناً هو نظام العفالقة المقبور ، فمُنذ نزوهم على سدة الحكم عبر الإنقلاب العسكري المشؤوم  في 17 تموز 1968م ــ الذي أحكمتْ خطته و صاغتْ فصولـه دوائر المخابرات الغربية ــ ساد العراق جو مُفعم بالإرهاب و الكبت , وتغيّرت صورته التي كان يشع منها الإيمان و العلم و دماثة الخلق . 

( ( ( يُــتــبــع ) ) ) 

الشيخ عباس الطيب
6 ذي الحجـــة 1441هـ
27 /7 ــ تموز/ 2020م

الهوامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] (محنة الأكثرية في العراق) هو كتاب من تأليف : ناصر حسين الأسدي , و المقصود بالأكثرية من عنوان الكتاب هُم شيعة العراق و الذين يُشكلون الأغلبية من الشعب العراقي . و للفائدة إرتأيّـنا أن ننشر بعضاً مِمَّا جاء في الكتاب , و ذلكَ لِمَا نراه من عزوف الكثير من شبابنا (أعزهم الله تعالى) عن قراءة الكُتب و أقتصارهم في معلوماتهم و ثقافتهم على مواقع التواصل و ما تبثه وسائل الإعلام .
أخترنا لك
السيد السيستاني يربي على الورع

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف