لماذا وادي السلام دون غيره

2020/07/04

لماذا وادي السلام دون غيره ؟ 
مهند العياشي

عشرات المئات من السنين والنجف الأشرف مأوى القلوب ومقبرة الاجساد لشيعة أمير المؤمنين عليه السلام من أهل العراق وحتى من البلاد الأخرى أحياناً 
حتى صار وادي السلام أكبر مقبرة في العالم !

رغم بعد المسافة وصعوبة الوصول بسبب الظروف غالبا ومشقة الطريق خصوصاً من محافظات الجنوب وحتى التكلفة المالية والوقت والجهد المبذولان لنقل الجنائز من تلك البقاع إلى مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف

وبعد جميع ماذكرنا من مشاق لماذا يُؤكد الشيعة على ضرورة دفن موتاهم في هذه البقعة من الارض دون سواها ؟
هل السرّ في ذلك هو وجود القبر الشريف لأمير المؤمنين عليه السلام فعلاً ؟
وماهو تأثير وجود القبر الشريف على سائر القبور المجاورة ان صح الفرض؟
أصلا هل للأرض وموضع الدفن تأثير بالسلب والإيجاب على صاحب القبر 
أم أن نفس وادي السلام له خصوصية عند الله أعمق من وجود القبر الشريف لأمير المؤمنين عليه السلام 
تستدعي من الشيعة تحمل المشاق والصعوبات لدفن موتاهم في تلك البقعة ؟

وبعد بحث بسيط في مركز الرصد العقائدي التابع للعتبة الحسينية فيها البيان الوافي والجواب الشافي .

اذ قالَ الشّيخُ القمّيُّ عندَ تعرّضهِ للمُنجياتِ مِن ضغطةِ القبرِ: (الثّامنُ: الدّفنُ فِي النّجفِ الأشرفِ، فمِن خواصِ هذهِ التّربةِ الشّريفةِ انّهَا تُسقِطُ عذابَ القبرَ وحسابَ منكرٍ ونكيرٍ عَن مَن يُدفَنُ فيهَا).
جاءَ فِي الحاشيةِ على الكتابِ فِي التّعليقِ على كلامِ الشّيخِ (قدِّسَ سرّهُ): جاءَ فِي إرشادِ القلوبِ للشّيخِ الدّيلميّ: ص439، قالَ: (وفِي فضلِ المشهدِ الغرويّ الشّريفِ على مُشرّفهِ أفضلُ الصّلاةِ والسّلامُ، ومَا لِتربتهِ والدّفنِ فيهَا مِنَ المزيّةِ والشّرفِ.
رويَ عنِ ابنِ عبّاسٍ انّهُ قالَ: الغَريّ قطعةٌ مِنَ الجبلِ الذي كلّمَ اللهُ جلّ شأنهُ موسى تكليماً، وقدّسَ عليهِ تقديساً، واتّخذَ إبراهيمَ عليهِ السّلامُ خليلاً، واتّخذَ مُحمّداً صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ حبيباً وجعلهُ للنّبيّينَ مَسكناً.

ورويَ أنَّ أميرَ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ نظرَ إلى ظهرِ الكوفةِ فقالَ: مَا أحسنَ منظركِ، وأطيبَ قعركِ، اللّهمَّ اجعَل قبرِي بهَا. 

ومِن خواصِ تُربتهِ إسقاطُ عذابِ القبرِ وتركُ محاسبةِ منكرٍ ونكيرٍ للمدفونِ هُناكَ كمَا وردتِ الأخبارُ الصّحيحةُ عَن أهلِ البيتِ عليهِم السّلامُ. 
وقالَ الشّيخُ الدّيلميّ فيهِ ص440: (رويَ عَن أميرِ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ أنّهُ كانَ إذا أرادَ الخلوةَ بنفسهِ، أتى إلى طرفِ الغَريّ. فبينمَا هوَ ذاتَ يومٍ هناكَ مشرفٌ على النّجفِ، وإذا برجلٍ قَد أقبلَ مِنَ البريّةِ راكباً على ناقةٍ وقدّامهُ جنازةٌ فحينَ رأى عليّاً عليهِ السّلامُ قصدَهُ حتّى وصلَ إليهِ وسلّم عليهِ، فردّ عليٌّ عليهِ السّلامُ، وقالَ لهُ: مِن أينَ؟ 
قالَ: منَ اليمنِ.
قالَ: ومَا هذهِ الجنازةُ التي معكَ؟
قالَ جنازةُ أبي أتيتُ لأدفنهَا فِي هذهِ الأرضِ.
فقالَ لهُ عليٌّ عليهِ السّلامُ: لمَ لا دفنتهُ فِي أرضِكُم؟ 
قالَ: أوصَى إليَّ بذلكَ، وقالَ: (أنّهُ يدفنُ هناكَ رجلٌ يدخلُ في شفاعتهِ مثلُ ربيعةَ ومضرٍ).
فقالَ لهُ عليٌّ عليهِ السّلامُ: أتعرفُ ذلكَ الرّجلَ؟ 
قالَ: لا.
فقالَ عليهِ السّلامُ: أنا واللهِ ذلكَ الرّجلُ، أنا واللهِ ذلكَ الرّجلُ. قُم فادفُن أباكَ. فقامَ، فدفنَ أباهُ).
ومِن خواصِّ ذلكَ الحرمِ الشّريفِ أنَّ جميعَ المؤمنينَ يُحشرونَ فيهِ). إنتهى مِن مَا نقلناهُ مِنَ الإرشادِ. 

روى الكلينيّ فِي الكافِي الشّريفِ: ج 3، ص243، بابٌ فِي أرواحِ المؤمنينَ، بالإسنادِ إلى حبّةَ العرنيّ قالَ:
(خرجتُ معَ أميرِ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ إلى الظّهرِ ـ أي ظهرِ الكوفةِ، وهوَ النّجفُ الأشرفُ كانَ يُسمَّى بذلكَ لوقوعهِ بظهرِ الكوفةِ ـ فوقفَ بوادي السّلامِ كأنّهُ مخاطبٌ لأقوامٍ. فقمتُ بقيامهِ حتّى أعييتُ، ثمّ جلستُ حتّى مَللتُ، ثمَّ قمتُ حتّى نالنِي مثلُ ما نالنِي أوّلاً، ثمَّ جلستُ حتّى مَللتُ، ثمّ قمتُ وجمعتُ ردائِي فقلتُ: يَا أميرَ المؤمنينَ إنّي قَد أشفقتُ عليكَ مِن طولِ القيامِ فراحةُ ساعةٍ. 
فقالَ لِي: يا حبّةُ إنْ هوَ إلّا محادثةُ مؤمنٍ أو مؤانستهُ. 
قالَ: قلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، وإنّهُم لكذلكَ؟
قالَ: نعَم، ولو كُشِفَ لكَ لرأيتهُم حلقاً حلقاً مُحتبينَ يتحادثونَ. 
فقلتُ: أجسامٌ أم أرواحٌ؟
فقالَ: أرواحٌ. ومَا مِن مؤمنٍ يموتُ فِي بقعةٍ مِن بقاعِ الأرضِ إلّا قيلَ لروحهِ: إلحقي بوادِي السّلامِ وإنّهَا لبقعةٌ مِن جنّةِ عَدنٍ). 

وروى أيضاً بالإسنادِ إلى أبي عبدِاللهِ عليهِ السّلامُ قالَ: (قلتُ لهُ: إنّ أخِي ببغدادَ، وأخافُ أن يموتَ بهَا.
فقالَ: ما تُبالِي حيثمَا ماتَ، أمَا إنّهُ لا يبقَى مؤمنٌ فِي شرقِ الأرضِ وغربِها إلّا حشرَ اللهُ روحهُ إلى وادِي السّلامِ.
قلتُ لهُ: وأينَ وادِي السّلامُ؟
قالَ: ظهرُ الكوفةِ. أما إنّي كأنّي بهِم حلقٌ حلقٌ قعودٌ يتحدّثونَ). 

وقالَ الدّيلميّ فِي إرشادهِ ص440.
(وروى جماعةٌ مِنْ صُلحاءِ المشهدِ الشّريفِ الغرويّ أنّهُ رأى : أنَّ كلَّ واحدٍ منَ القبورِ التي في المشهدِ الشّريفِ، وظاهرهُ: قَد خرجَ منهُ حبلٌ ممتدٌّ متصلٌ بالقبّةِ الشّريفةِ صلواتُ اللهِ على مشرّفهَا).

وفِي دارِ السّلامِ للعلّامةِ المرحومِ الشّيخِ النّوريّ قدّسَ سرّهُ صاحبُ مستدركِ الوسائلِ، قصّةٌ غريبةٌ عجيبةٌ ذكرهَا فِي المجلّدِ 2، ص68 ـ 69، تحتَ عنوانِ (رؤيا فيهَا معجزةٌ وفضيلةٌ عظيمةٌ للدّفنِ فِي وادِي السّلامِ) إنتهى 

نستلهم مما ورد أعلاه ان أمير المؤمنين عليه السلام قد تمنى ان يُدفن في ارض النجف
بالإضافة إلى وجود الملائكة النقالة التي تنقل ارواح الصالحين وتُبعد ارواح الطالحين من والى النجف الأشرف ( وادي السلام ) 
كل ذلك يؤكد أن هذه البقعة من الأرض لها مكانة خاصة عند رب العزة حتى قبل دفن الأمير فيها عليه السلام 
انتهى 

مهند العياشي

    
أخترنا لك
فرسان المرحلة.. ذوو المعاطف البيضاء

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف