???? آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم
حثّ الإسلام أفراد المسلمين عموماً على الاهتمام بشؤون المسلمين،
حتى ورد أن من أصبح لايهتم بأُمور المسلمين فليس بمسلم، وأن المؤمن
للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.
فإذا كان الاهتمام بأُمور المسلمين مطلوباً من افرادهم عموماً، فكيف
بعلماء الدين ومراجع المسلمين الذين هم الأعرف بأحكام الإسلام
وتعاليمه الشريفة، والأحرى بالجري عليها والأخذ بها. ولا سيما بعد
إطلاعهم على مشاكل الأُمَّة بسبب احتكاكهم بالناس، وتعرفهم عليهم،
وانشدادهم لهم بحكم مركزهم.
ويشهد على ما ذكرنا أمران معروفان من حال مراجعنا العظام
وسيرتهم..
الأول: أن المرجع كثيراً ما يتخلى عن دروسه التقليدية وكثير من
التزاماته الخاصة ـ في بعض عباداته والتزاماته ـ نتيجة انشغاله
بشؤون المرجعية ومشاكل الناس ومتاعب الأُمَّة، لأنها بنظره أهمّ من
تلك الالتزامات التي أفنى عمره فيها اهتماماً بها، وألفها في حياته
طويلاً وأحبها.
الثاني: أن المرجع كثيراً مّا يتعرض للمحن والمضايقات من أعداء
الأُمَّة والحاقدين عليها، ولولا اهتمامه بأُمور الأُمَّة، ومشاركته
لها في آلامها وآمالها، وسعيه لخيرها، ودفاعه عنها، ومطالبته
بحقوقها، لما تعرض لذلك.
بل كثيراً ما يكون هو في واجهة المحنة، وعليه ينصب الحقد
والنقمة.
وكم وقف علماؤنا الأعلام ومراجعنا العظام من العتاة والظالمين موقف
الخصم المدافع عن حقوق المؤمنين المظلومين، والساعي لدفع الظلامات
عنهم، واهتموا بمعالجة مشاكلهم ومواساتهم في محنهم وإصلاح أمورهم،
وسد حاجاتهم العامة والخاصة..
1️⃣ ـ فالمرجع الشهير كاشف الغطاء الكبير (قدس سره) قد تشفَّع عند السلطان فتح علي شاه في إطلاق سراح الأسرى العثمانيين من أجل تخفيف حدّة التوتر بين الدولتين، وتجنيب الشعبين المسلمين مآسي ذلك.
2️⃣ ـ كما أنه (قدس سره) قد صان النجف الأشرف ودفع عنه غارات الوهابيين التي كانت تقصده وتكاد تفتك به كما فتكت بكربلاء، فأعدّ العُدّة للدفاع بحمل أهل العلم والنجفيين على التدريب على حمل السلاح والدفاع عن البلد، وكان هو (قدس سره) وأولاده وأهل العلم يباشرون ذلك مع الناس، في وقائع مفصلة استفاضت في تفصيلها أحاديث المؤرخين، وتواترت عند الناس.
3️⃣ ـ وكان مفزعاً للمستضعفين وكهفاً لهم في الفتنة المعروفة بين
فرقتي الشمرت والزكرت في النجف الأشرف.
كما تحمل عن النجفيين بعض الضرائب الفادحة التي وضعها العثمانيون..
إلى غير ذلك من أعماله الجليلة.
4️⃣ ـ وولده الشيخ موسى (قدس سره) ـ الذي خلفه في المرجعية ـ هو الذي منع الوالي العثماني داود باشا من فرض التجنيد الإجباري على النجفيين، وقد فرض شخصيته عليه، فكان يعظمه كثيراً.
5️⃣ ـ كما أنه أصلح بين الدولتين الإيرانية والعثمانية، وجنب الشعبين المسلمين محنة الخلاف بينهما ومآسيه.
6️⃣ ـ وسعى في حفظ خزانة العتبة المقدسة في النجف الأشرف، فسجلها ونقلها إلى الكاظمية احتياطاً عليها من غارات الوهابيين.
7️⃣ ـ وأخوه الشيخ حسن قد دفع عن النجف الأشرف عادية الوالي العثماني نجيب باشا، حيث إنه بعد أن فتك بكربلاء توجه بجيشه للنجف، للفتك بها وتدميرها، فخرج إليه الشيخ حسن (قدس سره) وسيطر على مشاعره حتى ثناه عن عزمه، فدخل النجف سلماً في قصة طويلة.
8️⃣ ـ ودافع عن الشيعة في موقف له محمود مع علماء بغداد في عهد الوالي المذكور.
9️⃣ ـ وكان له موقف مشرف في إخماد فتنة الشمرت والزكرت التي أضرت بالنجف والنجفيين.
0️⃣1️⃣ـ والشيخ الجليل صاحب الجواهر (قدس سره) قد عرف عنه أنه نهض
للنجفيين عند هجوم الطاعون عليهم سنة (1247 هـ) ، وسارع لغوثهم
ومواساتهم.
وكذلك كان موقف العَلَم المقدس السيد محمد باقر القزويني (قدس سره)
حيث وقف في ذلك الطاعون موقفاً مشرفاً لتنظيم أُمور الناس وسد
حاجاتهم فيه، وكان آخر من توفى بالطاعون المذكور.
1️⃣1️⃣ ـ كما أنه قد جدّ واجتهد في مشروع إيصال ماء الشرب للنجف الأشرف حتى أشرف على إنهائه، إلا أن الأجل لم يمهله لإكماله، فبقي معطلاً مدة طويلة، ثم أكمله السيد الجليل السيد أسد الله الرشتي (قدس سره).
2️⃣1️⃣ ـ ولما اشتد الغلاء سارع السيد الشيرازي الكبير (قدس سره) لتخفيف وطأته عن أهالي النجف الأشرف، فعين لكل محلة من محلات النجف ولكل فئة من سكانها جماعة يوزعون الحبوب على المحتاجين، واستمر على ذلك حتى حلّ موسم الحصاد الجديد، وارتفعت الشدة عن الناس.
3️⃣1️⃣ـ وكان (قدس سره) يعطي فيفضل، وينيل فيجزل، وكان يجمع للفقراء وأهل القرى والبوادي ما يحتاجون إليه من ألبسة وأطعمة في السنة مرتين.
4️⃣1️⃣ ـ ولما ذهب إلى سامراء نصب جسراً من القوارب على نهر دجلة أمامها بلغت كلفته ـ فيما قيل ـ ألف ليرة عثمانية، لتسهيل العبور على الناس والزوار، وله منشآت خدمية مهمة في سامراء.
5️⃣1️⃣ ـ ولما رأى المرحوم الشيخ محمد الشربيان ي (قدس سره) ما يتعرض له الحجاج على الطريق البري من النجف الأشرف على جبل «حايل»