مثال رائع لـ ( الأمر بين الأمرين ) - لا جبر ولا تفويض
2020/06/18
يقول آية الله المعظم السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي [رزقنا الله
شفاعته]:
فعل العبد وسط بين الجبر والتفويض ، وله حظ من كل منهما . فإن إعمال
قدرته في الفعل أو الترك وإن كان باختياره . إلا أن هذه القدرة وسائر
المبادئ حين الفعل تفاض من الله ، فالفعل مستند إلى العبد من جهة والى
الله من جهة اخرى والايات القرآنية المباركة ناظرة إلى هذا المعنى ،
وأن اختيار العبد في فعله لا يمنع من نفوذ قدرة الله وسلطانه .
ولنذكر مثلا تقريبيا يتضح به للقارئ حقيقة الامر بين الامرين الذي
قالت به الشيعة الامامية ، وصرحت به أئمتها ، وأشار إليه الكتاب
العزيز . لنفرض إنسانا كانت يده شلاء لا يستطيع تحريكها بنفسه ، وقد
استطاع الطبيب أن يوجد فيها حركة إرادية وقتية بواسطة قوة الكهرباء ،
بحيث أصبح الرجل يستطيع تحريك يده بنفسه متى وصلها الطبيب بسلك
الكهرباء، وإذا انفصلت عن مصدر القوة لم يمكنه تحريكها أصلا ، فإذا
وصل الطبيب هذه اليد المريضة بالسلك للتجربة مثلا ، وابتدأ ذلك الرجل
المريض بتحريك يده ، ومباشرة الاعمال بها - والطبيب يمده بالقوة في كل
آن - فلا شبهة في أن تحريك الرجل ليده في هذه الحال من الامر بين
الامرين ، فلا يستند إلى الرجل مستقلا ، لانه موقوف على إيصال القوة
إلى يده ، وقد فرضنا أنها بفعل الطبيب ولا يستند إلى الطبيب مستقلا ،
لان التحريك قد أصدره الرجل بإرادته ، فالفاعل لم يجبر على فعله لانه
مريد ، ولم يفوض إليه الفعل بجميع مبادئه ، لان المدد من غيره ،
والافعال الصادرة من الفاعلين المختارين كلها من هذا النوع .
فالفعل صادر بمشيئة العبد ولا يشاء العبد شيئا إلا بمشيئة
الله.
_____________________________
البيان في تفسير القرآن