يؤمن الوسط العلمي بان تبادل المعلومات بحرية وامانة له دور كبير في تطور العلوم واكتساب الخبرات الاضافية عبر الاطلاع على تجارب الغير بمصداقية وان ماتعرضت له الاوساط العلمية على مختلف العصور التاريخية من عمليات قمع و قتل وتكفير والخ مما كان يشكل عائقا كبيرا امام الافصاح في الكثير من الاحيان عن الفكرة او المعلومة حفاظا على الحياة و يذكر لنا التاريخ شخصيات علمية كثيرة تعرضت خلال حياتها الى القمع و الاضطهاد و القتل و التكفير بسبب افكارهم التي سبقت ازمانهم منها :
هيباتيا
لم يصل الينا من تاريخ هيباتيا الا القليل عن انجازاتها العلمية لكن ما وصل انها ابنة الفيلسوف ثيون عاشت في الاسكندرية ومن النساء اللاتي درسن في الاكاديمية , خسرت حياتها بسبب معاصرتها للوضع المضطرب دينيا وسياسيا في الاسكندرية الذي كان مناخ مهيأ لاتهامها بسهولة بممارسة السحر الشيطاني لقتلها بطريقة وحشية من قبل جماعة غير قليلة تدفعهم الاشاعات بسبب مخالفتها للمجتمع او معتقداتها الوثنية.
جوردانو برونو
برونو ( الذي عاش في القرن السادس عشر ) لاحقته محاكم التفتيش الرومانية وحكمت عليه بالحرق حيا عام 1600 م بعد تجريده من ملابسه وقطع لسانه لتقطع بذلك مقاومته ودفاعه عن افكاره التي دافع عنها طويلا والقائلة بلامحدودية الكون وان هناك مجموعات شمسية غير مجموعتنا الشمسية و التي كانت فكرة تخالف الافكار السائدة انذاك.
مايكل سيرفيتوس
طبيب اسباني (عاش في القرن السادس عشر )حُرق على وتد خشبي في جنيف بسويسرا وحرقت كذلك كل مؤلفاته لانه كان يعتقد ان الله واحد وبحسب اعتقاده ان المسيح انسان خلقه الرب و بشريته تمنعه من ان يكون الها بل هو شكل اختار الله ان يتجلى فيه.
غاليلو
او كما وصفه اينشتاين بأب العلم الحديث ، منعت كتبه من قبل الكنيسة والتي حكمت عليه بالاشتباه بالهرطقة و الى السجن و الذي خفف الى الاقامة الجبرية بسبب دفاعه وايمانه و دعمه بالادلة الفيزيائية لنظرية كوبرنيكوس بمركزية الشمس وعدم مركزية الارض.
جابر بن حيان
عاش في العصر العباسي، وكان واحدا من أبرع العلماء في مجالات عدة، أبزرها الكيمياء، حتى اعتبر أول من استخدم الكيمياء عمليا في التاريخ، فلقب نظير ذلك بـ”أبو الكيمياء”.
لم يسلم من تهمتي الزندقة والكفرو السحر و الشعوذة حتى بعد قرون من وفاته يقول ابن تيمية في كتابه “مجموع الفتاوى”: “وأما جابر بن حيان صاحب المصنفات المشهورة عن الكيماوية، فمجهول، لا يعرف، وليس له ذكر بين أهل العلم، ولا بين أهل الدين ولو أثبتنا وجوده، فإنما نثبت ساحرا من كبار السحرة في هذه الملة، اشتغل بالكيمياء والسيمياء والسحر والطلسمات، وهو أول من نقل كتب السحر والطلسمات”، يضيف ابن تيمية، الذي لم يسلم من عقله التكفيري عالمٌ.
ابن سينا
كان طبيبا بارعا، من أشهر آثاره كتاب “القانون في الطب”، لذا لقبه البعض بـ”أبو الطب”.
مما سجلته بعض المراجع التاريخية، أن ابن سينا كان، كما الفارابي، يعتقد بأن العالم قديم أزلي، لم يخلقه أحد؛ وأن الله يعلم الكليات لا الجزئيات، كما اعتقد بأن الأجسام لا تقوم مع الأرواح في يوم القيامة.
نتيجة هذا الرأي لوحق في حياته وبعد مماته ، وصفه ابن القيم الجوزية في “الصواعق المرسلة” بـ”الملحد، بل رأس ملاحدة الملة”، وفي “إغاثة اللهفان” قال إنه “إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر”. ابن سينا كفره أبو حامد الغزالي أيضا في كتابه “المنقذ من الضلال”، ووصفه الكشميري في كتابه “فيض الباري” بـ”الملحد الزنديق”.
وفيما بعد الحرب العالمية الثانية تنبهت المنظمات و المؤسسات الى اهمية منح الحرية الاكاديمية كجزء من الحرية الشخصية و حق من حقوق الانسان و تم بلورة مفهوم الحرية الاكاديمية عبر الاعلانات العالمية المتتالية اهمها:
- إعلان ليما لعام 1988 بشأن الحريات الأكاديمية.
- إعلانكمبالا بشأن الحرية الفكرية والمسؤولية الاجتماعية عام 1990 الخاص بالجامعات الإفريقية.
- إعلان عمان للحريات الأكاديمية عام 2004 الخاص بالجامعات العربية.
- إعلان اليونسكو الخاص بالحرية الأكاديمية عام 2005.
فقد ظهر واضحا وجليا في العقود الاخيرة تعرض الاوساط العلمية لمستويات من القمع و التهديد و الترهيب لجهات معينة ويمكن اجمال الضغوط التي يتعرض لها الاكاديميون الى ضغوطات سياسية و ادارية واقتصادية و ضغوط تقاليد واعراف المجتمع و الاديان المتوارثة.
لذا فمن الاهمية في الوقت الحاضر ايلاء اهمية نحو تحقيق الحرية الاكاديمية لنشر ثقافة الحوار الاكاديمي الصادق والبعيد عن اي ضغوطات لتنطلق طبقة الاكاديمين من اساتذة وطلاب جامعيين وخريجين الى احدث التغييرات المجتمعية الصحيحة .
أحمد خضير كاظم
صورة الواجهة لايريك دروكر