كان
يبلغ الثلاثين من عمره وكان يعمل فلاحا عند الاقطاعي
،
كان
يحس بالذلة كلما صاح عليه الاقطاعي (الذي كان يعامله كأنه مملوك)،
كان والده الكبير في السن يجلس يومياً بعد أكمال الاعمال الزراعية
الشاقة حزيناً و أحيانا يبكي كثيراً، أخبره
أبوه البالغ
من العمر مئة ونيف من السنين ذات ليلة انه قد أضاع فرصة عمره عندما
لم يدخل ذاك الباب الصغير في المغارة أعلى الجبل كمن
دخله.
تلك الباب في المغارة التي في أعلى الجبل التي كانت تفتح مرة كل مئة عام والتي تؤدي إلى ممر ضيق مليء بالافاعي و الجواهر المزيفة و المخاطر ينتهي بطريق وعر في نهايته تقع جنة كأنها جنة عدن.
وكان في وسط تلك الجنة شجرة من يأكل فاكهتها لن يموت ابداً ، ومن عاش هناك عاش بكرامة محاطاً بأنواع الخيرات ولن يكون مجبوراً للعمل عند الاقطاعي الذي شاركه بكل ما يملك.تقول الاسطورة مع كل فاكهة تؤكل من هذه الشجرة فان أقطاعي يموت على الارض ابداً.
كان متلهفاً لحساب الوقت الذي تفتح فيه تلك الباب الذي فات أبيه قبل مئة عام وكان يصعد كل يوم الى تلك المغارة .
ما أن حان الوقت حتى جاء جميع إخوته وأبناء عمومته ينتظرون الباب معه فابيه اخبر الجميع بخبر الباب، ما ان حان الوقت حتى جاء جميع شباب القرى المجاورة و كل الحالمين بالعيش بحياة كلها كرامة.
وعندما حان الوقت فتحت الباب فاسرع شباب كالبرق الخاطف كانوا يركضون لم توقفهم مخاطر الطريق الوعر حتى وصلوا الى النهاية و أكلوا من الشجرة و اخذوا مكانهم في جنتهم.
الشباب انقسموا مجاميع و كل مجموعة بما لديهم فرحين يلعبون و يلهون و كان الطريق الوعر مقسم الى مراحل فكل مرحلة يجلسون و يلهون ويلعبون ويتناولون قسماً من الجواهر المزيفة و يتناولون خمراً ( الذي كان منتشراً على طول الطريق) و ينامون فتتلقفهم الافاعي و الوحوش.
و كلما مشوا أكثر في الطريق كان يطول أكثر و تبتعد الجنة عنهم أكثر و تزداد مغريات الطريق وتزداد الافاعي حجماً و تزداد الوحوش شراسة .
كانت مناظر الدماء تزداد يوماً بعد يوم، و لكن رؤية الرعيل الاول وهم يلعبون حول الشجرة الكبيرة في الجنة كانت تشجعهم على المضي قدماً وتحمل المشاق وكان الرجوع يمثل اخر الخيارات.
لكنهم وذات ليلة قررثلاثة شباب ان لا يستمروا، فهذا الطريق ليس لهم و لم و لن يستطيعوا ان يكملوا الطريق، فهم غير مدربين بعد على هذه الصعاب فارادوا الرجوع لحياة الاقطاعيين ...
كانت الليلة التالية مليئة باليأس بعد ان صار عليهم الطريق طويل، لكن في ضوء العتمة برق ضوء صغير فوق رأس احدهم ليجدح بفكرة فجمعهم وقال: ان القيادة هي من تستطيع وضع الخطط ونحن يجب ان نختار قائداً له الخبرة و الكفاءة في تخطي هذا الطريق الشديد الخطورة ليوصلنا الى الشجرة.
فتجمع شباب كل قرية ليختاروا قائداً منهم ، فهم لا يريدون ان تخرج القيادة عن قريتهم, وعن شبابهم الاقوياء و الاذكياء أقوياء لانهم صعدوا الجبل وصمدوا و أذكياء لأنهم صبروا و استمروا في الطريق.
وهكذا صاروا ثلاث فرق تفرقوا في المسير وكانت في كل ليلة يتباهون في عدد الجواهر المزيفة التي يجمعوها ويتقاتلون بينهم لاخذ الجوهرة الاكبر حتى يتقاسموا و يشربوا الخمر كعادتهم ويناموا فتتناوشهم الوحوش الضارية وهكذا كان يقل عددهم كل ليلة .
و ذات ليلة لم تهجم عليهم الوحوش و الضباع و الافاعي فلقد كان الاقطاعيون يراقبوهم من الباب حتى حانت الفرصة حاصروهم و اختاروا ثلاث أقوياء و قتلوا الباقين و تركوهم للوحوش.
كان يعتبر نفسه محظوظاً لانه أحد الذين أختارهم الاقطاعي، وعندما عاد لابيه ذهب راكضاً مستبشراً، عزّاه أبيه لانه سيعيش ميت بين الاحياء، مضت السنوات و كبر أبنه و هو يحدثه بأمل الباب الصغير الذي يوصله الى الشجرة التي في جنة حيث لا أقطاعي فيها او ذل.
عسى ان يحقق الابن حلم الاب او الجد و ان يتذوق طعم شجرة الكرامة.
أحمد خضير كاظم