لم يكادوا يأتلفوا ..زواج القاصرات(1)

2020/05/16

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي علاوة على المجالس النقاشية على حد سواء الجلسات العائلية او المجالس العامة كالمقاهي وغيرها بالحديث عن زواج القاصرات ومنذ فترة من الزمن ربما تعود الى يوم الثلاثاء 31/10/2017  كنتيجة للتصويت الابتدائي لتعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي  ومن بعد ان وصف من بعض الجهات السياسية بانه نكسة للمراة العراقية و بعد ان وصفته بعض القنوات الاعلامية بانه عودة لعصر الجواري ووصفته بعض ناشطات حقوق المراة بانه سلب لحقوق المراة العراقية و وصفه المغردون على مواقع التواصل بانه ترويج للزواج من القاصرات ..... وانا اليوم بغض النظر عن النظرة الدينية للزواج المبكر او الرؤية التاريخية حول سن الزواج في الاسلام اناقش مع نفسي وبصوت عال عن سبب هذه الضجة وتداعياتها ويبقى ما اكتبه اليوم هو وجهة نظر خاصة لمن شاء ان يناقشها باسلوب علمي ان يناقش النقاط التي اذكرها وانا لست بصدد نقاش القانون من حيث المبدا ولكني رايت وكانها حربا ضد الدين وضد التشريعات الالهية فلذا من واجبي ان اطرح النظرة الدينية بشكل واضح وسهل غير قابل للالتباس 

1- لم ترد في تعديل قانون الاحوال الشخصية مفردة او تلميح او اشارة الى الزواج بالقاصرات بل على العكس نصت المادة الخامسة: يلغى نص البند (أ) من المادة التاسعة من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، ويحل محله ما يأتي:

1- لا يحق لأي من الأقارب أو الأغيار إكراه أي شخص ذكراً كان أم أنثى على الزواج دون رضاه، ويعتبر عقد الزواج بالإكراه باطلاً ما لم يلحقه الرضا، كما لا يحق لأي من الأقارب أو الأغيار منع من كان أهلاً للزواج بموجب أحكام هذا القانون من الزواج.

و الاكراه قانونا هو اجبار اي شخص على اجراء عمل ما دون موافقته و رضاه و يعتبر الزواج بالاكراه شرعا و قانونا باطلا فقد ورد ضمن شروط عقد النكاح  كتاب المسائل المنتخبة للسيد السيستاني ر ضا الطرفين واقعاً ، فلو أذنت المرأة متظاهرة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صحّ العقد ، كما انه إذا علمت كراهتها واقعاً وإن تظاهرت بالرضا بطل العقد إلاّ أن تجيز بعده.

2- تناسى المغردون والمطبلون الحقوق الكثيرة التي تتكفلها الشريعة للمراة من حيث حفظ الحقوق و حق المراة في وضع شرط عند الزواج وحقها في النفقة والارث و اكرامها و عدم جواز ضربها و اهانتها و كأن المشكلة الوحيدة هو جواز الزواج بالبنت القاصر .

3- ان السماح و الجواز هو غير الوجوب وهذا واضح فان جواز الزواج بالصغيرة وان كان جائزا فهو ربما غير واقع الا بظروف خاصة او استثنائية فيا اخي ان سمحت لك الشريعة او القانون بالزواج من الصغيرة فهل انت مجبر ان تتزوج بعمر التاسعة ام انه خيارك الشخصي وهناك امثلة كثيرة مثلا كانت هولندا اول دولة تسمح بزواج المثليين  قانونا فهل هذا يعني ان هناك خللا تشريعيا للخاضعين و العاملين تحت قانون تلك الدولة ان لم يرتضوا بزواج المثلي ام خلل أخلاقي  ام يسمح لان يشنع على كل مواطني هولندا بانهم يتزوجون الزواج الشاذ او من القابلين به فهل هذا يعد قدحا في قانون تلك الدولة ؟؟!!

4-  أفرد الشيخ العاملي في كتابه وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة بابا بعنوان كراهة زواج الصغار واورد فيه حديثا  نقلا عن كتاب الكافي عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أو أبي الحسن عليهما‌السلام قال : قيل له : إنا نزوج صبياننا وهم صغار ، فقال : إذا زوجوا وهم صغار لم يكادوا أن يأتلفوا وفي نسخة يتالفوا ... و يستفاد منه كراهة زواج القصر .

5-   بالعودة الى كتاب المسائل المنتخبة للسيد السيستاني فان من شرود عقد النكاح القصد القصد إلى إيجاد مضمون العقد ، بمعنى أن تقصد المرأة بقولها: (زوّجتك نفسي) إيقاع الزواج وصيرورتها زوجة له كما أنّ الرجل يقصد بقوله (قبلت) إنشاء قبول زوجيتها له ، وهكذا الوكيلان ) .وهنا نستفاد ان القاصد لايقاع الزواج رشيدا بالغا قاصدا ما يقول غير هازل فالزوجة يجب ان تكون قاصدة الى ايجاد مضمون العقد و ايقاع الزواج وصيرورتها زوجة و هذا لا يقع من قبل الصغيرة فلا بد للمراة هنا ان تكون راشدة وقادرة على معرفة المصلحة.

 مع الفرض ان لاولياء العقد الحق بتزويج الصغير و الصغيرة  زواج مصلحة لامفسدة فيه بنظر العقلاء الا انه يبقى الخيارللزوج و الزوجة  بعد بلوغهما و رشدهما ورد في كتاب منهاج الصالحين للسيد السيستاني اولياء العقد مسالة 60  إذا زوج الاَب أو الجد للاَب الصغير أو الصغيرة مع مراعاة ما تقدم فهو وان كان صحيحاً ولكن يحتمل معه ثبوت الخيار للمعقود عليه بعد البلوغ والرشد، فلو فسخ فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق. توقف تجديد العقد على رضا الزوجين بعد بلوغهما او الطلاق وهنا نقطة يجب مراعاتها فيمن يريد تزويج ابنته قبل بلوغها و رشدها.

6-  ان اهلية الزواج غير محددة بعمر معين فقد لا يتزوج الصغير بحجة اكمال الدراسة و بناء المستقبل و الوظيفة ثم يتزوج بعد عمر الثلاثين وهو مازال أميا في الحياة العائلية و جاهلا في ترتيب ميزانية البيت الاقتصادية فلا دخل للعمر في بناء التجربة و بيان الاهلية للفرد في بناء اسرة سعيدة و بيت ناجح فان الذين يتزوجون باعمار متاخرة هم اكثر عرضة للمشاكل و عدم التفاهم و الوئام وفرصة الانفصال هي الاكثر كفة، فما الزواج الا مرحلة لبناء اسرة ومجتمع تحتاج الى عقل واعي و فاهم ومدبر و رشيد و بالغ له خبرة و ادراك لحل مشاكله و الا فمن يرتضي أيضا ان يزوج ابنته من شخص وان كان بالغا ان لم يكن مدركا لمصاعب الحياة علاوة على الصغير لتعود ابنته بعد اشهر قليلة و بيدها أوراق الطلاق و هي بعمر صغير و بالتالي فهو اختيار الإباء الذين ظلموا بناتهم لا اختيار اخر و لايوجد ما يجبر الاب على تزويج ابنته بعمر صغير ان كانت غير مؤهلة لبناء اسرة . 

و في النهاية اقول ان تكرس الجهات الاعلامية وغيرها جهودها للقضاء على الفساد و ايجاد حلول لمشاكل الشباب و بناء البلد افضل من الهائهم بهكذا موضوع يبقى تطبيقه رهين التقاليد و العائلة و المستوى الثقافي للمجتمع و العائلة .

أحمد خضير كاظم
أخترنا لك
عشرون دولارًا ام وهم السلطة؟؟!!

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة