المنظومة الأمنية عند النبي و ال بيته عليهم الصلاة والسلام (2)

2020/03/24

الاعداد النفسي للفرد

بعد ان استعرضنا نبذة تاريخية لبعض من الخطط العسكرية التي اتبعها النبي محمد صلى الله عليه و اله نستعرض أيضا نبذة تاريخية للتربية الإسلامية للفرد من الناحية الأمنية فكما قدمنا ان المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف و المؤمن كيس فطن حذر و المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ماهي الا توجيهات امنية للفرد من اخذ الحيطة و الحذر و الانتباه من الميزات المهمة للفرد المؤمن

  1. المؤمن كيس فطن حذر : وفِي الحديث النبوي (المؤمن كيس فطن حذّر ) قال الراوندي في ذيل الحديث انه امر بأن يتحلى المؤمن بهذه الخصال الثلاث
    وعن الأصبغ : قال:( رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنين ع وهو يمسح رأسه ويقول: يا كيّس يا كيّس) فيما بعد استطاع المختار من كياسته وحنكته من الاقتصاص من قتلة الامام الحسين عليه الصلاة و السلام.
  2.  حفظ السر : لا شك ان السبب الأول في نجاح الثورات هو الاحتفاظ بالتوقيت بصورة سرية ليتوفر عنصر المفاجاة و بنفس الوقت عدم إعطاء الفرصة للحكومات المستبدة بالاستعداد و اخذ الحيطة و وأد الثورة قال الصادق عليه السلام : فلا تعجلوا فوالله لقد قرب هذا الامر(اَي ظهور دولتهم والنصر) ثلاث مرات فأذعتموه، فأخره الله. والله ما لكم سر إلا وعدوكم أعلم به منكم.
    وعن أبي عبد الله (ع) قال: قال إن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وعدوا سنة السبعين فلما قتل الحسين (ع) غضب الله عز وجل على أهل الأرض فأضعف عليهم العذاب وان أمرنا كان قد دنى فأذعتموه فاخره الله عز وجل ليس لكم سر وليس لكم حديث الا وهو في يد عدوكم ان شيعة بني فلان طلبوا امرا فكتموه حتى نالوه واما أنتم فليس لكم سر.

في الروايتين السابقتين نرى ابرازلاهمية حفظ السر وعدم اذاعته عند اهل البيت عليهم الصلاة والسلام ....وخاصة اثناء الاعداد و التهيؤ لاقامة دولة العدل الإلهي....

  1. استمرار الاحتفاظ بالسر و زيادة الكتمان اثناء اقتراب ساعة الصفر: لا بد ان تكون هناك سرية اكثر كلما اقتربنا من ساعة الصفر لانه كما قلنا ان توفير عنصر المفاجاة هو المهم في انطلاق الثورات....من ذلك عن أبي عبد الله (ع) قال: كلما تقارب هذا الامر كان أشد للتقية. إشارة الى ان زيادة التقية هي زيادة الحيطة و الحذر.....

 قال ابي بصير. قلت له: ألهذا الامر أمد نريح إليه أبداننا وننتهي إليه؟ قال: بلى ولكنكم أذعتم فزاد الله فيه.
وأيضا باسناده إلى أبى حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن عليا عليه السلام كان يقول: إلى السبعين بلاء وكان يقول: بعد البلاء رخاء وقد مضت السبعون ولم نر رخاءا فقال أبو جعفر عليه السلام: يا ثابت إن الله تعالى كان وقت هذا الامر في السبعين فلما قتل الحسين عليه السلام اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومائة سنة فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع الستر فأخر الله ولم يجعل بعد ذلك وقتا عندنا ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. قال أبو حمزة: وقلت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال عليه السلام، كان ذاك.

  1. السياسة في الحكومة الباطلة : و ان كان اعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر و لكن ان اردت لحركة ان تنجح فلا بد من الصبر و المداراة الى اختيار الوقت الملائم فلذا شدد اهل البيت على كظم الغيظ و اختيار التقية في دولة الباطل حتى إيجاد الوقت الملائم من ذلك عن أبي عبد الله (ع) في قول الله: " ولا تستوى الحسنة ولا السيئة " قال: " الحسنة " التقية، " والسيئة " الإذاعة، وقوله: " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " قال: " التي هي أحسن " التقية، " فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم ".
    قال: قال أبو عبد الله (ع): يابا عمر تسعة أعشار الدين في التقية.
    وقال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: كظم الغيظ عن العدو في دولاتهم تقية حزم لمن أخذ بها وتحرز من التعرض للبلاء في الدنيا
    قال الرضا عليه السلام: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى تكون فيه ثلاث خصال: سنة من ربه وسنة من نبيه صلى الله عليه وآله وسنة من وليه عليه السلام. فأما السنة من ربه فكتمان السر.. وأما السنة من نبيه صلى الله عليه وآله فمداراة الناس. وأما السنة من وليه عليه السلام فالصبر في البأساء والضراء.
  2. الصبر: وردت ايات كثيرة و احاديث في مدح الصبر كذلك وردت روايات تمدح عدم الاستعجال و تذم المستعجلين لدولة الحق لانهم يصبحون عبئا يطالبون بدولة قبل ان يقوموا بتهيئة مستلزمات إقامة الدولة و مقوماتها و ااستعداد الكفاءات لادارة تلك الدولة من هذه الروايات عن عبدالرحمن بن كثير قال: كنت عند أبى عبدالله(عليه السلام) يوما وعنده مهزم الاسدي، فقال: " جعلني الله فداك متى هذا الامر [الذي تنتظرونه؟] فقد طال [علينا] فقال: [يامهزم] كذب المتمنون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون، وإلينا يصيرون " ن أبى المرهف قال: قال أبوعبدالله(عليه السلام): " هلكت المحاضير - قال: قلت: وما المحاضير،قال: المستعجلون - ونجا المقربون، وثبت الحصن على أوتادها، كونوا أحلاس بيوتكم، فإن الغبرة على من أثارها، وإنهم لا يريدونكم بجائحة إلا أتاهم الله بشاغل إلا من تعرض لهم "
  3. التزام الهدوء و المنزل زمن الفتن: فان اهم علامة لكياسة الانسان و رجاحة عقله هو عدم مشاركته في الفتن وقت الاضطرابات حتى تتبين له العلامات الواضحة و البينة لاختيار راية الحقيقة فوردت روايات كثيرة بالتزام المسكن و الهدوء في مثل هذه الأوقات منها الرواية السابقة التي يقول فيها أبو عبد الله الصادق عليه السلام كونوا احلاس بيوتكم ن أبي بكر الحضرمي قال: " دخلت أنا وأبان على أبي عبدالله(عليه السلام) وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان، فقلنا: ما ترى؟ فقال: اجلسوا في بيوتكم، فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح " ومنها عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " كفوا ألسنتكم والزموا بيوتكم، فإنه لا يصيبكم أمر تخصون به أبدا ويصيب العامة ولا تزال الزيدية وقاء لكم أبدا...

وهذا ما سمح لنا الوقت في نقله من بعض تعاليم النبي و ال بيته عليهم الصلاة و السلام في المقالة الثانية من المنظومة الأمنية للنبي و ال بيته عليهم الصلاة و السلام داعيا المولى  ان يجعل في العمر بقية لاكمال سلسلة المقالات التي تبين بعضا من عظمة النبي و ال بيته عليه و عليهم صلوات الله ورحمته و بركاته و ان يفيدنا بعلومهم و المؤمنين و تعاليمهم الى ان تنقضي هذه الغمة عن هذه الامة و ان ينعم المؤمنون في مشارق الارض ومغاربها بالامن و الأمان...

أحمد خضير كاظم

أخترنا لك
غدا عيد منتصف الصيف

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة