غالبا ما تكون عملية اختيار المرجع خاضعة لشروطا قاسية و لسنوات طويلة من الاختبار و المراقبة فعملية اختيار المرجع التي هي مسؤولية مجموعة من أهل الخبرة من اهل العلم و الورع و الاجتهاد ممن قضوا شطراً من حياتهم في الدراسة و العبادة يعرفون جيداً انهم مسؤولون امام الله في هذه المسؤولية الكبيرة ومن ناحية اخرى تقع على المرجعية مسؤولية عظيمة الا وهي مسؤولية اصلاح الامة وارشادها و الحفاظ على الدين ، وعلى مدى التاريخ الطويل حفل سجل تاريخ الحوزة العلمية بامثلة كثيرة لزهد وتقوى مراجع الامة وحماتها.
و اليوم حمل رجال اهل الخبرة مع اشارات من السيد الخوئي زعيم الحوزة العلمية في اواخر حياته رحمه الله الى سماحة السيد السيستاني هذا الارث الضخم الذي ضم بين صفحات تاريخه ورقات ناصعة البياض كالثلج من الجهاد و الورع و الزهد و لذا فان حرص سماحة السيد في الحفاظ على الصورة المشرقة لعلماء السلف الصالح للحوزة العلمية اضافت لشخصيته التي تتمتع بحالة فريدة من الزهد و الورع و خوف الله تعالى صفات خاصة لزعامة روحية تخترق القلوب بانسانيتها ..
هذه المقدمة التمهيدية للاجابة على سؤال هو كيف تفكر المرجعية في اصدار الفتوى؟ كيف تتعامل المرجعية مع اصدار الفتوى ؟؟ و لماذا بعض المرات تسكت المرجعية ومتى تصدر بيان ؟؟
كثيراً ما ينتظر الناس فتوى او بيان من المرجعية يجب ان يلبي ما يتوقعونه او ما يريدوه فهم ينتظرون المرجعية ( وانا استغرب بعض الاحيان من بعض الطروحات ) ان تعطي جهادا لاسقاط الحكم؟؟ او يقولون ان الحكومات جاءت بفتوى مرجعية و لا تخرج الا بفتوى مرجعية؟؟؟ و الى غيرها من التساؤلات بعضها بريء و بعضها بسبب عدم اطلاع على ماهي واجبات المرجعية ؟؟ او يريدون صوت المرجعية ان يكون مؤيداً لاجنداتهم وايدلوجياتهم؟؟
قبل ان نتطرق الى واجب المرجع علينا ان نسال من هو المرجع؟؟
المرجع هو احد اساتذة العلوم الدينية اذي قضى شطراً من حياته في الدراسة والتحصيل فنال حظا منها وحصل على درجة الاجتهاد ( وهي الشهادة الوحيدة و الارقى التي تمنحها الحوزة ( من قبل مجتهد (( استاذ في الحوزة)) لاحد طلبته الذي يرى فيه القدرة على الاستيعاب والاستدلال لفهم النصوص الدينية ) و تدرج في التدريس في الحوزة العلمية حتى نال مرتبة علمية بارزة و معروف بدماثة الخلق و الورع و التقوى حتى نال ثقة باقي زملائه من الحاصلين على نفس الشهادة .. فيتم تحميله المسؤولية من قبلهم للتصدي لمسؤولية المرجعية.
ماهو واجب المرجعية ؟؟
واجب المرجعية الاول الحفاظ على بيضة الاسلام .. و الاجتهاد ( وهو بذل الجهد ) في استنباط الحكم الشرعي الاقرب الى الواقع ... بالاضافة الى ادارة شؤون الحوزة في ايصال رسالة الحوزة في بناء علماء مجتهدين عاملين و تقديم النصح و الارشاد الى عامة الناس في الاوقات الصعبة والتي يحتاجون فيها الى النصيحة ...
كيف يعين المرجع ؟
ان عملية اختيار المرجع تعتمد في جوهرها على نيل ثقة المجتهدين من اهل الخبرة في الحوزة العلمية ...وهذا ما يتحقق عبر سنوات طويلة من البحث والتدريس فغالبا ما يبرز اسم احد اساتذة البحث الخارج ( ويكون حائزا على درجة الاجتهاد من احد المراجع الموثوق بهم ) في الحوزة العلمية بعمق الاستدلال و رصانة الدرس و دقة البحث فيكون محط انظار الطلبة ...
وغالبا ما يكون ورعا متدينا متميزا بالعدالة فينال ثقة باقي الاساتذة فيقدموه و يشهدون باعلميته في الدرس على باقي الاساتذة .. فتكون تلك الشهادة هي طريق عبوره لسلم المرجعية...
و على النقيض من اعتقاد البعض وهو سبب كتابتنا هذه الرؤية بان المرجعية منصبا ينال صاحبه الشهرة و ماتدرعليه من عوائد وغيرها فان منصب المرجعية يعني المسائلة امام الله سبحانه وتعالى في كل موقف و جواب ... وهو ما يجعل المرجع يفكر طويلا و يختار ما فيه الاصلح ودائما ما يبحث المرجع عن اجابة ليوم القيامة قبل اصدار اي موقف او فتوى فالمرجع يعلم بانه هو من يتحمل اعباء الامة في يوم القيامة ...وكما يقال باللهجة الشعبية خليها براس عالم و اطلع منها سالم .
أحمد خضير كاظم