بعد ان تطرقنا في المقالة السابقة من سلسلة رؤى المرجعية الى اتهام السيد محمد رضا ابن السيد علي الحسيني السيستاني بترشيحه لرئيس الوزراء وادارته المشهد السياسي خلف الكواليس و وضحنا نقطتين مهمة الاولى ان هذا الاتهام يهدف الى التهرب من المسؤولية السياسية في ترشيح رئيس الوزراء من قبل المعني بترشيح رئيس الوزراء ( وهي الكتلة الاكبر كما حددها الدستور ) و توجيه الغضب الشعبي من القوى السياسية ازاء اخفاقاتها نحو المرجعية ... والثاني ان نظرتنا نحو السيد محمد رضا بالدرجة الاساس الى انه استاذ البحث الخارج في الحوزة العلمية و ثقة المرجع الاعلى و المسؤول عن ادارة شؤون المرجعية و استقبال الناس الذين يزورون المرجع الاعلى... و لاننظر اليه كأبن مرجع بصورة خاصة و لهذا قد يكون الاستهداف هو استهداف لاستاذ بحث خارج و وكيل مرجعية و احد اهل الخبرة بالدرجة الاساس ...
ببقى لنا ان نكمل الحديث في هل ان المرجعية تؤيد شخص رئيس وزراء بعينه ؟؟؟ و للاجابة عن هذا السؤال نشير الى ما ورد في خطبة المرجعية يوم الجمعة 6/12/2019 و نشرناه في (رؤى المرجعية 2) من هذه السلسلة أن المرجعية الدينية ليست طرفاً في أي حديث بهذا الشأن ( ويقصد به كما وضحناه سابقا أختيار رئيس الحكومة الجديد او اي دور في اختيار شخص او وضع شروط خاصة ولو ترشيح بعض من تراهم مناسبين او اي دور أخر) ولا دور لها فيه بأيّ شكل من الاشكال.
ان سياسة المرجعية و ماحاولت دائما ان تبينه في رؤيتها للواقع السياسي العراقي و ماتبنته منذ عام 2003 هو ما وضحته في خطبة الجمعة 29/11/2019(( أنّ المرجعية الدينية ستبقى سنداً للشعب العراقي الكريم، وليس لها الاّ النصح والارشاد الى ما ترى انه في مصلحة الشعب، ويبقى للشعب أن يختار ما يرتئي انه الأصلح لحاضره ومستقبله بلا وصاية لأحد عليه.)) وهو ما وضحه الحاج حامد الخفاف لدى حديثه لوكالة شفقنا في 12/9/2019 اي قبل اندلاع الحراك الشعبي اذ قال (( وواكبت المرجعية العليا الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد المالي والاداري ودعمته بخطبها ومطالباتها ومواقفها، ولكنه ــ وللأسف ــ لم يسفر لحد الآن عن نتائج ملموسة.(( يشير الى عدد من الاحتجاجات و المظاهرات في سنوات سابقة ))
وكانت المرجعية العليا ولا تزال تراقب العملية السياسية بدقة تامة فتتدخل متى ما استشعرت الخطر محدقاً بالعراق ومصالح شعبه، ووجدت أن تدخلها يكون مجدياً في حل الازمات المستعصية أو التخفيف منها، ولتدخل المرجعية ـــــ التي هي حريصة على أن لا تتجاوز فيه الاطر القانونية ـــ صيغ مختلفة معلنة وغير معلنة، باختلاف الظروف والحيثيات، ولكنها في كل الاحوال تكون شفافة وواضحة لذوي الشأن من مسؤولين وغيرهم، وليس من دأبها أن تتفاوت مواقفها المعلنة عما تتبناه في واقع الحال.))
فلذا ان المرجعية ترى في الحوزة العلمية مؤسسة دينية تربوية تعليمية لا سلطة سياسية لها سوى تقديم النصح و الارشاد الى ما ترتئيه فيه الخير و المصلحة و الهداية للشعب...
وان المرجعية التي سوف لن تنحاز الى اي جهة سوى الى الشعب كانت تقابل المسؤولين عن المشهد السياسي وتقدم النصح لهم ما وسعها فان رات انهم لا يستجيبون اغلقت الباب في وجوههم لتوصل الرسالة الى الجميع ان هؤلاء لا يمثلون المرجعية و لا يلتزمون وصاياها و انها غير راضية عن ادائهم الحكومي وهذا ما وضحه الحاج حامد الخفاف لوكالة شفقنا عندما سؤل متى تفتح المرجعية بابها مرة ثانية للسياسيين فاجاب ((سماحة السيد السيستاني (دام ظله) أغلق بابه بوجه السياسيين منذ حوالي سنة 2011 ولحد الآن، لأسباب معروفة لدى القوى السياسية، فإذا زالت تلكم الأسباب تفتح الباب.
المرجعية العليا تنتظر تغييراً واضحاً في اداء من بيدهم السلطة وتقدماً ملموساً في ملفات مكافحة الفساد، وتحسين الخدمات العامة وتخفيف معاناة المواطنين، وأمور أخرى أشارت اليها في أكثر من مناسبة. هي تنتظر رؤية ملامح النجاح في هذه الملفات لتبني على الشيء مقتضاه. ))
لذا نفهم ان المرجعية لم ولن تتهاون في حق الشعب و لن تؤيد شخصية بعينها بل تؤيد منهاج عمل و برنامج حكومة...فان رات ما ينحاز فيه الى الشعب تؤيده وما لم يكن في مصلحة الشعب ترفضه فقد يكون مقرب اليوم مبعدا غدا او من هو مبعد مقرب غدا و المقياس هو رضا الشعب و غضبه ...
أحمد خضير كاظم