يعد موضوع الاعجاز العلمي في القران احد الموضوعات التي اثارت جدلا واسعا في الاوساط العلمية و الدينية على مر عقود من الزمن. و غالبا ما تتناول تلك الاوساط هذا الموضوع عن طريق تفسير الايات القرانية لتناسب الاكتشافات العلمية الحديثة. و غالبا عندما اكون داخل تلك المناقشات و الجدالات فان اعتقادي هو ان الفهم الحقيقي للاعجاز العلمي يكمن في ان الايات القرانية هي المنطلق الذي ينبغي ان نستخدمه لفهم الكون واكتشاف أسراره، وليس العكس.
ان هناك خلطا واضحا ما بين الإعجاز العلمي والتفسير العلمي. فبينما يقوم التفسير العلمي بتطبيق مفاهيم العلم على النصوص القرآنية، فإن الإعجاز العلمي يتضمن إدراك أن القرآن، باعتباره كلام الله، يحتوي على معرفة لا يستطيع الإنسان أن يكتشفها إلا بتطور العلم. والنقطة الجوهرية هنا هي أن القرآن هو المصدر الأساسي، والعلم هو الأداة التي تُساعد في فهم بعض جوانب هذا الإعجاز.
الشيخ الدكتور احمد خضير الكاظمي
و على سبيل المثال هناك العديد من الآيات القرآنية تتحدث عن خلق الكون والظواهر الطبيعية بطريقة مدهشة. ومن المهم أن نعتبر هذه الآيات بمثابة الإشارات التي تُرشد الباحثين لاكتشاف الحقائق العلمية.، فالقرآن يتحدث عن مراحل تكوين الإنسان وتوزيع الأجرام السماوية بطرق لا تقتصر على فهم الإنسان القديم.
وكذلك يتحدث القرآن الكريم عن توازنات مدهشة في الكون، مثل توازن الجاذبية وقوانين الطبيعة التي تحكم الحياة والموت. هذه الآيات يمكن أن تكون دافعًا لاكتشاف قوانين فيزيائية مثل النسبية، الكوانتم، والفيزياء الفلكية.
كما ان هناك آيات القرآن التي تتحدث عن الإنسان والنبات والحيوانات تشير إلى معجزات بيولوجية قد تبدأ في التفسير العلمي الحديث. لكن هذه الآيات يجب أن تكون مصدر إلهام للباحثين لكي يكتشفوا ما وراء الظواهر البيولوجية بطرق قد لا تكون واضحة في الوقت الحالي.
بعض الأشخاص يرون أن تفسيرات العلماء للآيات القرآنية وفق الاكتشافات العلمية يمكن أن تقلل من عمق الرسالة الروحية التي يحملها القرآن. ولكن من خلال النظر إلى القرآن كمصدر أساسي للإعجاز، يمكننا أن ندرك أن القرآن يقدم إطارًا لفهم أعمق للوجود، وهو يحث العلماء على استخدام العقل لاكتشاف أسرار الطبيعة.
القرآن ليس كتابًا علميًا يهدف إلى تقديم حلول مباشرة لجميع الأسئلة العلمية، بل هو مصدر إلهام دائم للاكتشاف والبحث. ومن خلال هذا الإطار، يجب على العلماء أن يواصلوا البحث بشكل مستمر في فهم أسرار الكون، باستخدام القرآن كدليل. فالقران شجع الانسان على التفكير و التأمل في خلق الله. من خلال هذا المنهج العقلاني، يمكن للعلماء المضي قدمًا في البحث لاكتشاف الحقائق المخبأة في الكون، مسترشدين بما تم ذكره في القرآن ولكن دون أن يقتصروا على التفسيرات السابقة.
و اخيرا ...
الإعجاز العلمي في القرآن يجب أن يُفهم على أنه دعوة مفتوحة للمسلمين والعلماء لاستكشاف الكون من خلال الآيات القرآنية التي تقدم إشارات تتجاوز فهم الإنسان التقليدي. بدلاً من محاولة مطابقة الاكتشافات العلمية مع الآيات القراني الكريمة.