يرتبط الزمن المعروف بصورة مباشرة بحركة الارض حول نفسها وحول الشمس. و التي تشكل بصورة اساسية وحدات الازمان المعروفة لدينا السنة , الشهر و اليوم . من خلال هذه الحركة المنتظمة, انتظم التاريخ وقياسه على الارض وكتب التاريخ وسجلت الاحداث وحتى بدايات القرن العشرين, اخذ مفهومنا للزمن يتغير فالزمن ليس ثابتا تماما كما كان يعتقد بل مرن ويعتمد على الحركة و الجاذبية, فالزمن يتباطأ في السرعة العالية التي تقترب من سرعة الضوء كما يتباطئ في الحقول الجاذبية القوية كالجاذبية قرب النجوم الكبيرة و الثقوب السوداء. ومن يومها لم تكن للزمن قيمة ثابتة بل اصبحت مرنة ومتغيرة ونسبية نسبة للنظرية النسبية العامة لاينشتاين.
و ايهما اعتقدت عزيزي القارئ بان الزمن ثابتا او متغيرا فان الزمن يصبح بلا جدوى و لا يمكن تصوره اذا خرجنا من دائرة الكون المرئي ففيها قد يفقد الزمن معناه المعروف. لعدم وجود مرجعيات ثابتة مثل دوران الارض حول الشمس او حركة باقي الاجرام السماوية.و يصبح الزمن هناك خارج تصوراتنا البشرية ومفهومنا للزمن المتعارف .فقد يكون دوران الارض حول الشمس خمسين الف مرة لا يعادل شيئا فيما لو جلسنا في نقطة خارج الكون المرئي و راقبنا المجرات و هي تدور حول نفسها.
ويشير القران الكريم إلى حقيقة أن الزمن خارج نطاق تجربتنا البشرية قد يكون مختلفًا تمامًا عما نتصوره. في الآية الكريمة: "تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" 1، يذكر الله سبحانه وتعالى أن الزمن في بعض الأبعاد يكون بعيدًا عن التصور البشري المعتاد. و قد يشير الى فترة زمنية لا يمكن أن تقدر بحسب معاييرنا البشرية.
وهنا يتفق العلم والدين في نقطة مهمة وهي : أن الزمن ليس ثابتًا كما نتصوره، بل هو معقد ويرتبط بالأبعاد التي لا يمكن للإنسان أن يدركها بسهولة. كما يمكن أن يتغير الزمان في الأبعاد الأخرى – كما هو مذكور في الآية الكريمة.
و في الختام , مفهوم الزمن خارج الكون المرئي يحمل العديد من الأبعاد المعقدة التي تدمج بين العلم والدين. بينما يكتشف العلم الأبعاد الزمنية باستخدام الأدوات العلمية، يبقى الزمن في الدين موضوعًا يتخطى الحدود المادية والمرئية، في حين أن الدين يقدم لنا إشارات حول الأبعاد الغيبية التي لا تدركها حواسنا. في هذا السياق، نجد أن العلم والدين يتداخلان ليقدما معًا رؤية أعمق عن مفهوم الزمن الذي يتجاوز ما هو معروف لنا.
1- (المعارج: 4)
الشيخ الدكتور احمد خضير كاظم