لم ينحصر تاثير الدين الاسلامي على القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية او على الحضارات و المدن التي فتحها العرب المسلمون في الفتوحات الاسلامية بل في تاثيره حتى على تلك القبائل البربرية القادمة من الشرق , ففي نكتة تاريخية فارقة و قد تكون الفريدة تاريخيا و الوحيدة التي اثرت فيها امة مُحتلَة في المحتل المغتصب. ففي الوقت الذي يفرض فيه المحتل ثقافته وعقيدته على الشعوب نرى العكس يحصل بعد الاحتلال المغولي للمدن الاسلامية وبغداد . فنرى تاثير الحضارة الاسلامية على اولاد هولاكو و القبائل المغولية التي دخلت الاسلام بل تحولت فيما بعد الى احد اكبر الحضارات الاسلامية في الهند . وقد كون احفاد هولاكو و المغول عدة حكومات اسلامية في الشرق الاوسط مثل الدولة الالخانية او الجلائرية والخ .
وقد يرجع هذا الى عدة اسباب بعضها يرجع للمغول واخرى للمسلمين فالتي تعود للمغول هي
1- ان المغول قبائل بربرية كانت تعاني من انعدام الحضارة و البحث المتعطش عن الحضارة و التطور منذ اللحظة الاولى لاحتلال الصين .
2- الفراغ الروحي الذي يعاني منه المغول بسبب اتباعه لديانات مثل الشامانية التي تدعي الاتصال بالارواح من جهة و انعدام الروحانية الالهية من جهة اخرى.
3- الرغبة النفسية داخل نفوس المغول في التحضر واعترافهم الداخلي بكونهم اقل معرفة وتقدم من باقي الشعوب مما جعلهم يتخذون معلمين لاولادهم بالاضافة الى مستشارين مسلمين واعادة تعيين معظمهم في نفس مناصبهم السابقة.
و هناك اسباب اخرى تعود الى المسلمين انفسهم منها:
1- قوة العقيدة الراسخة و الدفاع عنها .
2- تعدد المذاهب الذي ساهم في تطوير لغة الاحتجاج و النقاشات و المنطق في الجدال.
3- سعة الاطلاع على باقي الحضارات اليونانية وغيرها و ممازجتها وتطور العلوم خلال تلك الفترة لدى المسلمين.
4- حدث الناس على قدر عقولهم مماجعل علماء المسلمين يفهمون مدى انحدار وتاخر الحضارة المغولية و معرفة مقدار فراغهم الديني و الثقافي الذي جعلهم يدخلون من هذه النقطة في تعليم المغول ودس الثقافة الدينية اثناء التعليم.
وقد يكون هناك سبب اخر جغرافي وهو بعد مسافة المغول عن ارضهم الاصيلة مما يضطرهم الى البقاء و التعايش لاشهر او لسنوات ربما بعيدا عن ارض المغول ولذلك كانوا مضطرين لتعلم اللغة العربية و الفارسية و التعايش مع الشعوب الاسلامية في الشرق الاوسط من خلال الاسواق وغيرها.
لهذه الاسباب وغيرها جعل للعرب و للمسلمين تاثير مباشر في دخول معظم المغول في الاسلام والذين تركوا فيما بعد حضارات كبيرة مازالت اثارها باقية على طول طريق الحرير وكونت دول اهتمت بالعنصر الهندسي المعماري وتركت شخوص مازالت قائمة الى اليوم مثل جامع مرجان في بغداد وتاج محل في الهند مما يجعلنا في امس الحاجة اليوم للبحث عن التاريخ المغيب الذي خلفه التاثير الاسلامي في المغول وما هي الدول التي قام بها المغول باسم المسلمين وهل كان هناك تاثير معاكس في نقل عادات و تقاليد المغول وتداخلها مع عادات وتقاليد المسلمين وخاصة كونهم الامراء و الملوك الحاكمين و الذين توارثوا التقاليد المغولية .
الشيخ الدكتور احمد خضير الكاظمي