مشاركات الفائزين في المسابقة الغديرية

2020/08/18

مشاركات الفائزين في المسابقة الغديرية 
 مشاركة الفائز الثاني في باب القصة القصيرة
 طيبة السعدي / ذي قار

ونُمَكِّنَ لَهُم

تعالتْ همهمات الرّجال بين متململ من الأجواءِ الحارقة، وآخر يحبس أنفاس الحقد لتَنبّئهِ بما يحصل، شيء ما يُطبخ من دون علمه، وقف آخر الأنبياء الّذي شارف على الرّحيل واخبرهم أن هذه الحجّة الأخيرة، وقد بلّغهم تفاصيلها، بالقرب منه يقف ابن عمّه الّذي ما فارقه مُذ ولد حتّى يومهم هذا، جبينه يتفصد عرقًا وثغره باسم، الرّاحة مطبوعة علىٰ وجنتيه واثقًا من رحمةِ ربّه مهما كان ما توقفوا لأجله.

أمر رسول الله ان يصنعوا له مرتفعًا في المكان ليُبلّغ آخر رسالات السّماء، اجتمعتْ سواعد المؤمنين لتلبية طلبه دقائق والحجارة تجمعتْ، واحدةٌ تُبارك للأُخرىٰ وقوف النبيّ عليها، بعد مقدمة لرسول الله حمَد الله وأثنىٰ عليه أشارَ بيده ليدنو منه عليّ رفعه بيده ليقف بمحاذاته وصدح بصوتٍ جهوري:
ألا فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِيٌّ مَوْلاهُ ، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.

اتمّ رسول الله الخطبة، الجميع نادىٰ بالتّبريك والموالاة لأمير المؤمنين عليّ، تقدم إليه كثيرون حين نزلا عن المرتفع وهنّؤوه قائلين: بَخٍ بَخٍ لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ أَصْبَحْتَ مَوْلايَ وَمَوْلَى كُلِّ مُسْلِمٍ.
عاد كلٌّ لدياره وذهب النبيّ مع صهره، ليزور فاطمة قبل عروجه لداره، استقبلتهم بحُبِّها المُعتاد وضيافتها النّبيلة، بعد أن استراح النبيّ قال لابنته:
- باركي لابنِ عمّك المُرتضىٰ، فقد نصّبه الله أميرًا للمؤمنين وحاملًا للرسالةِ بعدي.

فاح اريج البُشرى في أروقةِ الدّار وطفح السّرور من عيني فاطمة حمدتْ الله أوّلاً، ثمّ باركتْ لأمير المؤمنين اختيار الله إياه.

*
تتدافع الأيّام مُسرعة لتطوي الشّهور تقف مذهولة عند أعتابِ شهر صفر عام ١١ هجرية نبيّ الإسلام يعدّ العُدة ويستعد للرّحيل في أواخر الشّهر الحزين أُعلن الخبر الفجيع لقد رحل محمّد تاركًا خلفه منهجًا مُتكاملًا، وإمامًا للأُمة يقودها نحو مرفأ الأمان، لم تمضِ إلاّ أيّام ثلاث على رحيله للسّماء حتّىٰ هاجم القوم دار عليّ وصيه وصهره وخليفته من بعده، طالبين منه الاستسلام لما قرروه -إبعاد بني هاشم عن كرسي الخلافة- وحدث ما حدث للسيّدة الطّاهرة فاطمة، غادرتْ الدُّنيا بعد أبيها بأشهرٍ قلائل مخلفة وراءها قلب عليّ الّذي تفتت من الحُزن لفراق الحبيب محمّد وخليلة الرّوح فاطِمة.

أمسكتْ السّنوات بأيدي بعضها وهرولتْ تبحث عن يومٍ ينصف وصيّ هذهِ الأُمة، فلم تجده حتّى حين تولىٰ قيادة المسلمين وأعطى كُلًّا منهم حقّه لم ترضَ عنه الخصوم وبقي العديد يتصيد في الماء العكر، استمر عليّ بالسير على نهج النبيّ لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا تُثنيه دُنيا عجوز فقد وقفت كثيرًا أمامه وأذلتْ نفسها عنده فلم يُعرِها أدنىٰ اهتمام.

ختم عليّ حياته في بيتِ الله وشهر الله وفريضة الصّلاة عاشقًا جوار ربّه يعُدّ اللّحظات الفاصلة للقائه بالمصطفىٰ وابنته مناديًا لحظة إصابته "فزتُ وربّ الكعبة"
فاز عليّ ورحل للسّماء بقيَ أبناؤه بعده يسيرون على نهج جدهم رسول الله وكلّ منهم ختم حياته بشهادةٍ مُباركة لهم وأليمة في قلوب مُحبّيهم.

*
تعبتْ السّنوات من البحثِ، الأذى الّذي تُشاهده يقع على رأس البشرية من الحُكّام الظّالمين لا ينزل بميزانِ أحد ولا يخطر علىٰ قلبِ بشر كان صوت إحدىٰ السّنوات مسموعًا بين ركام الزّمن رفعتْ رأسها وقالتْ:
- لديَّ قلبٌ ينبض هُنا أنا حيّةً وسط الأموات وسبب حياتي كلمة قالها أحد أطهار الارض في أيّامي.

سألتها سنة أخرى عن السّر!
قالتْ لها:
- يوم غدير خُمّ حين أعلن الرّسول ابن عمّه عليّ وصيًا من بعده، رُغم أن الأمة لم تأخذ بما قال لكنه اطلق قبس نور من الكلمات نازلة من السّماء للأرض وغرسها في قلوب البشرية أجمعين حين أخبرهم قائلاً:
أَلا إنَّ خاتَمَ الأَئِمَّةِ مِنَّا الْقائِمَ الْمَهْدِيَّ.
أَلا إنَّهُ الظّاهِرُ عَلَى الدّينِ.
أَلا إنَّهُ الْمُنْتَقِمُ مِنَ الظّالِمينَ.
أَلا إنَّهُ فاتِحُ الْحُصُونِ وَهادِمُها.
أَلا إنَّهُ غالِبُ كُلِّ قَبيلَة مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَهاديها.
أَلا إنَّهُ الْمُدْرِكُ بِكُلِّ ثار لأولياءِ اللهِ.
أَلا إنَّهُ النّاصِرُ لِدينِ اللهِ.
أَلا إنَّهُ الْغَرّافُ مِنْ بَحْر عَميق.
أَلا إنَّهُ يَسِمُ كُلَّ ذي فَضْل بِفَضْلِهِ وَكُلَّ ذي جَهْل بِجَهْلِهِ.
أَلا إنَّهُ خِيَرَةُ اللهِ وَمُخْتارُهُ.
أَلا إنَّهُ وارِثُ كُلِّ عِلْم وَالْمُحيطُ بِكُلِّ فَهْم.
أَلا إنَّهُ الْمُخْبِرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُشَيِّدُ لاَِمْرِ آياتِهِ.
أَلا إنَّهُ الرَّشيدُ السَّديدُ.
أَلا إنَّهُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ.
أَلا إنَّهُ قَدْ بَشَّرَ بِهِ مَنْ سَلَفَ مِنَ الْقُرُونِ بَيْنَ يَدَيْهِ.
أَلا إنَّهُ الْباقي حُجَّةً وَلا حُجَّةَ بَعْدَهُ وَلا حَقَّ إلاّ مَعَهُ وَلا نُ

ورَ إلاّ عِنْدَهُ.
أَلا إنَّهُ لا غالِبَ لَهُ وَلا مَنْصُورَ عَلَيْهِ.
أَلا وَإنَّهُ وَلِيُّ اللهِ في أَرْضِهِ،
وَحَكَمُهُ في خَلْقِهِ،
وَأَمينُهُ في سِرِّهِ وَعَلانِيَتِهِ.
قالتْ شقيقة تلك السّنة:
بلى يا اختي وقد ختم النبيّ عمره المُبارك بهذه الكلمات في احدِ أيّامي حين كانتْ ابنته تبكي عند رأسه رفع رسول الله صلى الله عليه وآله إليها رأسه، وقال: حبيبتي فاطمة, ما الذي يبكيك؟ فقالتْ: أخشى الضّيعة من بعدك،

 فقال: يا حبيبتي، أما علمتِ أنَّ الله عزَّ وجل اطَّلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباك، فبعثه برسالته، ثم اطَّلع اطلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إليَّ أن أُنكحك إياه يا فاطمة، ونحن أهلُ بيتٍ قد أعطانا الله عزَّ وجل سبع خصال, لم يُعطِ أحداً قبلنا ولا يُعطي أحداً بعدنا:
أنا خاتمُ النّبيين وأكرمُ النّبيين على الله عزَّ وجل وأحبُّ المخلوقين إلى الله عزَّ وجل وأنا أبوك، ووصيّي خيرُ الأوصياء وأحبُّهم إلى الله عزَّ وجل وهو بعلُك، وشهيدُنا خيرُ الشُّهداء وأحبُّهم إلى الله عزَّ وجل وهو حمزة بن عبد المطلب عمُّ أبيك وعمُّ بعلك, ومنَّا من له جناحان يطيرُ في الجنَّة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك، ومنَّا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنّة وأبوهما والّذي بعثني بالحقِّ خيرٌ منهما, يا فاطمة والّذي بعثني بالحقّ إنَّ منهما مهديَّ هذه الأمة.

إذا صارتْ الدُّنيا هرجاً ومرجاً تظاهرت الفتن، وانقطعتْ السُّبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبيرٌ يرحم صغيراً, ولا صغيرٌ يوقِّر كبيراً, فيبعث الله عند ذلك منهما من يفتح حصون الضّلالة وقلوباً غُلفاً، يقوم بالدّين في آخر الزّمان كما قمتُ به في أوَّل الزّمان, ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً. 
يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فإنَّ الله عزَّ وجل أرحم بكِ وأرأف عليكِ مني، وذلك لمكانكِ مني وموقعكِ من قلبي, قد زوَّجكِ الله زوجك وهو أعظمهم حسباً وأكرمهم منصباً وأرحمهم بالرّعية وأعدلهم بالسّوية وأبصرهم بالقضية, وقد سألتُ ربي عزَّ وجلّ أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي.
 
تعاونتْ مجموعة من السّنوات علىٰ القيام وقد سُعدنّ بهذه الكلمات واحيّتْ قلوبًا ميتة.
إذن عليهنّ ألا يفقدن الأمل وينتظرن امر الله في هذا الكون ووعده للمؤمنين يستخلفهم الارض من بعدِ ما ظُلِموا.

***
بعد شهور عدَّة أدّتْ إحدى السّنوات دورها في حياة البشرية وعادتْ مُنهكة، علىٰ جبينها جِراحٌ لا تُعدّ نظرتْ قليلًا لشقيقاتها ثمّ سقطتْ من الإعياء.
 
اقتربنَ منها الأُخريات وساعدنَها علىٰ القيام والسّير لتَصل لمكانها المُحدد تبادلنَ نظرات عميقة وحزينة فقد تبيّن من حال هذه السّنة المُزري أن حُلم الخلاص لم يتحقق بعد!

بعد أن استراحتْ تلك السّنة لأيّام أطلقتْ حُقنة الأمل في سواعدِ رفيقاتها قائلة:
- اشهدُ أنّني كنتُ الأسوء بينكن وقد شهدتُ من الكوارث ما لا يُعدّ ويُحصى لكني سمعت وشاهدتُ المؤمنين الشّيعة يستبشرون باقتراب الظّهور رُغم ما حل بهم من مآسي وقد تحققتْ بي علامات..

دنتْ منها مجموعة وسألنَها باسِمات عن العلامة!
اجابتهُن:
- في شهرِ رمضان عند ليلة القدر فجرًا وقعتْ الصّيحة السّماوية تُبشر وتأمر النّاس بنُصرة القائم المؤمّل وعند عشية ذلك اليوم أطلق الشّيطان صيحة أُخرى ليوهم النّاس ويأمرهم باتباع السّفياني توالتْ الأيّام فيّ، كثير من النّاس انزلقوا عند ذلك المُنعطف، كلّ من عاش جاهلًا بإمام زمانه تاركًا الدُّعاء له أيّام غيبته وقع في الهاوية ومات مع جيش السّفياني على ظلال.

وقُتل السيّد الحسني عند بيتِ الله الحرام وهو رسول الإمام المهديّ لأهلِ مكة جاء يدعوهم لنُصرة إمام الأرض فلم يستقبل جوابًا منهم سِوى الموت.
 
اكتستْ وجوه السّنوات بالحُزن كُنَّ ينتظرن ظهور الإمام الواقعي، وامتلاء الارض بالعدل والقسط، تداركتْ السّنة الأخيرة موقفها وزعتْ نظراتها بينهن وقالتْ بابتسامة كبيرة:
ما بكن ؟

لقد تحققتْ عدة علامات حتمية للظهور وعند بداية السّنة الّتي تجيء بعدي سيظهر الإمام يوم عاشوراء عند مكّة المُكرمة طالبًا بذحول الأنبياء وكلّ من قُتل في أيّامِكُن، هيا لنرفع الأكف لنُصرته وحمايته وطول عُمره.

"اللّهُم كُن لوليّك الحُجّة بن الحسن، صلواتُك عليه وعلىٰ آباءه في هذهِ السّاعة وفي كُلِّ ساعة وليًّا وحافظا وقائدًا وناصرا ودليلًا وعينا حتّى تُسكنه ارضك طوعا وتُمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الرّاحمين"

???? آخيتك ????

#نكران_الغدير_مأساة_الطف


#المشروع_الثقافي_لشباب_العراق
أخترنا لك
سلسلة حلقات حول التقليد

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف