سلسلة حلقات حول التقليد

2020/07/19

سلسلة حلقات حول التقليد 

شيخي الكريم السلام عليكم:
مشتاقون لكم كثيرا ولنعمة مجالسكم المباركة 
بين فترة واخرى تحصل هجمات وتطرح شبهات
حول التقليد والمرجعية وشخوص المراجع الكرام
سؤالي اليكم :
ماهو التكليف في زمن غيبة الامام - عج - ؟.
وماهي الكيفية في الرجوع للفقيه العادل ؟.
محبتي واحترامي .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
وهل كُفَّ الانتقاد عن الله بجلاله وجماله وكماله وعظمته 
ورحمته وإنعامه وجوده وكرمه وأناته وحلمه وستره ؟
مع ذلك هو - الغني الكبير المتعالي - يقول : بابي مفتوح 
للراغبين، ( ورحمتي وسعت كل شئ )، ألا من مستغفر؟، 
ألا من تائب ؟ لأغفر وأتوب، جل وعلا وتقدس .
ونحن نريد أن نتعلم منه، فنبقى مرحبين بالمنتقدين ، 
داعين لأنفسنا ولهم بالهداية.
بداية أرجو أن يكون معنى التقليد واضحاً للجميع ، 
إنه يعني أن يرجع غير المختص في علم أو صناعة 
أو حرفة الى المختص فيها، فيأخذ المعلومة منه ليعمل بها ، 
معتمداً في صحتها وفي الاستفادة من آثارها على قول المختص .
وهذا عمل اتفق العقلاء على ضرورته للفرد وللمجتمع، 
فإنه لمّا كان الفرد والمجتمع يحتاجان إلى كثير من المسائل 
من مختلف العلوم والصناعات والحرف، وكان التوفر على 
جميع ما يُحتاج إليه متعذراً على كل فرد، لما يحتاجه 
التخصص في العلم الفلاني من أهلية وجهد ووقت لا يُتاح لكل أحد، فعمل العقلاء على أن يتفرغ جماعة للتخصص في 
العلم الفلاني ، وآخرون لغيره، وغيرهم للصناعة الفلانية.. 
وهكذا، ثم يتعاونوا في الاستفادة والافادة ، والتعلم والعمل، 
إذ يعتمد غير المختص على المختص في تخصصه ، وهذا 
يحتاج ذاك فيما تخصص به، وهكذا تنتظم الامور.

ومن هذه التخصصات العلوم الدينية كالفقه وأصوله 
والعقائد والتفسير ..
قد يقول قائل : ولم هذا التضخيم للعلوم الدينية ؟ 
فإن الدين واضح، الايمان اساس الدين وهو واضح ، 
والاخلاق الحسنة روح الدين وهي واضحة، والصلاة 
والصوم والحج وباقي العبادات واضحة...
فنقول : الايمان والاعتقاد بأسس عقيدتنا البيضاء من 
التوحيد والعدل ونبوة نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) 
وإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام والمعاد، ليس فيه 
تقليد ، فهذه حقائق واضحة مع الانتباه للدليل الذي قديكون 
ميَسّراً لأقل الناس فهماً، ولكن هناك قضايا عقائدية تحتاج 
نظراً ودراسة لا تتاح لكل أحد.
نعم الدين المروة، الدين المعاملة، الدين مكارم الاخلاق، 
وهذا المعنى لا يحتاج إلى تقليد ، فالفطرة التي فطر الله 
الناس عليها تعرف المعروف وتنكر المنكر أساساً، وتبقى هناك 
مساحة قد تشتبك فيها المعطيات فيحتاج في تمييز الخير 
والشر إلى قانون فيصل، مما يعني الحاجة إلى إعمال الفكر 
والنظر، والرجوع إلى من هم أهله.
إن أصل وجوب الصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس 
من الواضحات التي لا تحتاج إلى تقليد ، وكذلك جملة من 
المستحبات والمكروهات والمباحات، ولكن هناك كم كثير من 
الاحكام الشرعية مما يتصل بالعبادات أو بالمعاملات - بمعناها 
الواسع - يحتاج إلى دراسة وتحقيق وتدقيق في معانيه، 
وفي سريان بعضه من حيث الأشخاص ، أو من حيث الزمان، 
أو من حيث المكان ، أو من حيث الظروف والطوارئ، وقد 
تتعارض مضامين روايات مع أُخَر، تماماً كما تحتاجه القوانين 
الوضعية في دراستها وإجرائها وما يتصل به من مشكلات، 
فلا بد من وجود من هم متعمقون في دراسته وإعطاء الكلمة 
الفصل في فهمه وفي تنفيذه.
أترون كل أحد قادراً على ذلك؟ أترون المؤسسات المنتجة 
لذلك من جامعات ومراكز علمية بمن فيها من اساتذة وطلاب 
وما فيها من بحوث ودراسات هذه كلها لاحاجة لاستمرارها؟ 
وما تعليق أصحابها على مثل هذا الرأي؟
هل هناك عاقل يقبل تفسيراً لمقطع من كلام شكسبير صادراً 
من غير متخصص باللغة الانجليزية وآداب تلك المرحلة التي 
عاشها الاديب المذكور، وظروفها الملابسة.
بل إن سئل من هو في مرحلة الدراسات العليا في الادب 
الانجليزي عن تفسيرها فلن يكون جوابه مقدّراً علمياً، فإن 
للاختصاص معنى أعمق وأدق.
فلا وصول للحقيقة إلا بالتخصص والاحتراف ، ولا يتسق 
نظام أويعلو بناء إلا بالتخصص والاحتراف، وسيبقى العاقل 
شاكاً في صحة أي قولٍ صادر من غير المختص.
هذه كلمة في أن رجوع غير المختص إلى المختص 
مسألة تبانى عليها العقلاء في كل عصر ومصر، ولذلك 
نحن نقول بلزوم تقليد الفقيه العادل .
وسنعرض الأدلة الشرعية على هذا في الحلقات الآتية 
إن شاء الله.

سماحة الشيخ حسين آل ياسين (دام توفيقه)
٩ ذي القعدة ١٤٤١ ه


#المشروع_الثقافي_لشباب_العراق
أخترنا لك
ندوة ثقافية بعنوان " نهضة السيدة الزهراء - عليها السلام - في زمن ضياع الأمة "

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف