لسنا بحاجة الى وطن ؟!

2020/02/07

مع تسارع الأحداث في العراق وتظاهراته الكبيرة ، خرجت الكثير من الشعارات التي رفعها المتظاهرون في ساحات الاعتصامات والتظاهر ، عبروا من خلالها عن حجم غضبهم وتذمرهم من الوضع الراهن والذي صار يقينا لديهم ان الطبقة السياسية لن تصحو من نومها العميق في تدارك وضعها بتوفير الخدمات وتقليل نسبة البطالة وغيرها .

ومن ضمن هذه الشعارات برز الشعار الأشهر والأوسع في كل الساحات وهو شعار (نريد وطن)  .

وللتفكير بصوت مرتفع قليلا  نقول : هل فعلا أن ازمتنا هي فقدان وطن ام شيء آخر ؟

هل يوجد مطلب أهم من المطالبة بالوطن الذي سرقه السراق ؟

يا ترى هل يوجد مطلب أهم من الوطن ولم نطالب به ؟

اعتقد ومن منطلق ترتيب استراتيجية الاحتجاج والمطالبة بالحقوق ، فاننا لا نحتاج الى وطن ، لان الوطن موجود بحضارته وقيمه وتاريخه العريق وبشعبه المعطاء المضحي ، كما لا يمكن للسراق مهما كانوا ان يسرق العراق ، لانه اكبر منهم جميعا ، وسيموتون اذا ابتلعوه حتما .

المطلب المهم الذي لابد ان نركز عليه هو اننا بحاجة الى شعار آخر وهو:

 (نريد شعب) ، نحن بحاجة الى شعب يدرك قيمته أولا ، ويفهم اللعبة ثانيا ، ويميز الخير من الشر والصالح من الطالح ثالثا ، فان اتقن هذه الركائز الثلاث ونظمنا أمورنا بشكل متقن ، سوف نحقق ما نصبوا اليه .

لذى حاولت المرجعية الدينية ان تخلق مواطنا صالحا في  البداية  وبأكثر من مناسبة ، مثل تحديد المطالب الحقيقية للشعب ، وكذلك ترسيخ مبدأ ان الاصلاح لا يمكن ان يتحقق بين ليلة وضحاها ، والأهم من ذلك انها عندما تنصح الشعب فهي لا تريد بذلك مصلحتها الشخصية إطلاقا .

فركزت المرجعية على قدرة العراقيين على المطالبة بحقوقهم واخذها بشرط ان تلتزم بالسلمية وعدم معاداة الدولة المتمثلة بشرطتها وجيشها ، فهم أبنائنا وابائنا .

وان نعلم جيدا ان العراق يقع في منطقة يكثر فيها النزاع والتجاذب السياسي والاقتصادي ، والصراع على السلطة فيه في اعلى مستوياته ، وعندما يكون هذا وضع البلد فضرورة ان نعلم ان المعركة طويلة ولا يمكن ان يستسلم الطرف الاخر (الفاسد) بسهولة مهمة جدا ، وبنفس الوقت الانتباه الى الخطوات التي تتخذ في تصعيد الاحتجاجات ، فقد يكون هناك تصعيد غير مدروس يؤثر على  بقيت الشعب ، فان تحملوا يوما او يومين او اسبوع ، فلا يمكن ان يتحملوا اكثر ،وكذلك تكرار الاساءات من بعض المفسدين والمخربين واجبار الناس على فعل معين لا يمكن ان يتسمر طويلا ، لان هذا حال الدنيا بان لا تجعل حالا على حاله دائما ، و من يتوقع ان المعركة قصيرة المدة فهو واهم ، فعندما نتخذ منهجا معينا لابد من النظر بعيدا الى النتائج المترتبة عليه  ، فتتكون لنا رؤية صلبة وواضحة لما نريد تحقيقة .

اما الركن الثالث والذي يتخبط به الكثير من الشعب هو عدم معرفة عدوهم من صديقهم ، وعدم التفريق بين الناصح الامين من الخائن ، وكذلك مساواة الصالح باطالح ، وهذا يربك مشهد الاحتجاجات ، لان الشعب يكون سهل الخداع باي صوت يخرج من هنا وهناك في سبيل ابراز نفسه او لثتبيت مصلحته الشخصية .

نحن في حروب متعددة يا سادة ، حرب اعلامية ونفسية وفكرية واصلاحية ، لا نتوقع بان الاعداء لا يتدخلون بنا ويحاولوا تمزيق صفوفنا ،  أو تركنا بسلميتنا بامان ، كما ان للإشاعة دور في كل حدث ، فلا نكن دمية بيد كل متكلم ، فمن اصغى الى ناطق بفقد عبده ، فانظر الى ماذا تستمع ومن هو المتكلم .

اخيرا .,. وبما ان معركة الإصلاح اشد ضراوة من معركة داعش ، فالتحكم بالاعصاب والعواطف جدا مهم ومطلوب في هذا الوقت ، اي لا نجعل عواطفنا تتحكم بنا والعكس صحيح ، والا فأي شخص يخرج ويلاعب عواطفنا قليلا نهتف له فسنصفق بسرعة بدون ان نجعل كلامه في غربال ونرى حقيقة ودوافعه،وإلا يتم  خداع الشعب مرة اخرى فنرجع الى المرجع الأول .

 

باقر جميل

أخترنا لك
ظليمة الأمير والمرجعية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف