مكتبات قديمة (1) خزانة الشريف المرتضى

2020/02/25

الخزائنُ جمعُ خِزانةٍ، وقد ورد أنَّ "الخِزانة" هي ٱسم للموضع الذي يُخزن فيه الشيء، فخِزانة الكتب هي المكان الخاص الذي تُحفظ فيه الكتب للمراجعة، وهو ٱسم قديم للمكتبات التي كان العلماء يرتادونها للمطالعة والإفادة منها، وليس لخزن الكتب والمحافظة عليها فقط، أما اليوم فالمصطلح المعروف والمتداول بين الطلبة وعموم الناس فهو "مكتبة"، وهذه السطور تسلط الضوء على تراثنا العلمي الخالد من خلال تعريف موجز بتلك الخزائن التي أشارت إليها المصادر المختصة. 
إنَّ "خزانة الشريف المرتضى" هي لعلم الهدى السيد الشريف المرتضى "علي بن الحسين" (ت436ﻫ/1044) الذي ٱشتهر في الآفاق علمه وذكره، ومحبته للعلم والعلماء والكتب، قال الأستاذ "كوركيس عواد" في كتابه "خزائن الكتب القديمة في العراق": ((كان المرتضى مُحِبًّا للكتب إلى حدٍّ بعيدٍ، جَمَّاعَةً لها، وقد أحرز خزانة واسعة، قَلَّ أنِ ٱجتمع نظيرها عند أحد غيره، ونقل عن صاحب كتاب "روضات الجنات" -محمد باقر الخوانساري- قولاً بصدد هذه الخزانة: ذكر أبو القاسم التنوخي صاحب الشريف –المرتضى-: حصرنا كتبه فوجدناها ثمانين ألف من مصنفاته، ومحفوظاته، ومقروءاته، وكذا نقل أيضًا عن صاحب عمدة النسب –عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب- وذكر "ٱبن عنبة": ((رأيت في بعض التواريخ أنَّ خزانته (المرتضى) ٱشتملت على ثمانين ألف مجلد، ولم أسمع بمثل هذا إلا ما يُحكى عن الصاحب إسماعيل بن عباد)).
وأضاف أنَّ "الثعالبي" كان يقول في وصف الخزانة كما ذكره "الخوانساري": ((إنها قُوِّمت بثلاثين ألف  دينار، بعد أنْ أهدى إلى الرؤساء والوزراء منها شطرًا عظيمًا)).
وفي ذلك يقول الدكتور "عبد الهادي الفضلي": ((كانت هذه الخزانة من أهم الدور العلمية التي يرتادها ويرجع إليها العلماء والأدباء من زملاء وتلامذة الشريف المرتضى، وحُضَّار مجلسه العلمي الذي كان يعقده على مدار السنة في منزله في بغداد)).
ختامًا إنَّ مكتبة بهذا الحجم تصل إلى تلك التقديرات التي ذكرها ممن كتبوا عنها يتطلب حفظها وإحصاؤها وفهرستها وتبويبها وجعلها بين يدي طلبة العلم والباحثين والكتاب جهدًا كبيرًا، مع قلة توافر الإمكانيات التقنية التي تشهدها المكتبات آنذاك، فلا شك إنها صرح شامخ من مفاخر الدهر، ومحط إعجاب العلماء على مر الدهور والأيام.
أخترنا لك
الندوة الثقافية الشهرية 115

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة