الوراقة والوراقون

2020/02/25

الوَرَّاق هو ٱسم لمن يكتب المصاحف وكتب الحديث وغيرها، وقد يقال لمن يبيع الورق، وفي الصحاح رجلٌ وَرَّاقٌ وهو الذي يورِّقُ ويكتب، فلقد كان عمل الوَرَّاق النسخ وبيع الورق، وهناك من يرى أنَّ له معنى أوسع فيشمل أيضًا من يجلد الكتب، ومن يبيعها، فسوق الوَرِّاقين ببغداد هي السوق التي تباع فيها الكتب.
فالوراقة بمعناها الشامل كانت تقوم في العصور الإسلامية على أمور أربعة:
 1- النسخ.
 2- بيع الورق وسائر أدوات الكتابة. 
3- تجليد الكتب. 
4- بيع الكتب.

(نسخ الكتب)
النسخ أي الكتابة، والنُّسَّاخ أي الذين يكتبون الكتب، فكان نسخ الكتب عملاً مألوفًا بين الناس حيث لم تكن يومها الطباعة، وكان للعراق شهرة بعيدة في فن النسخ في مختلف أدوار حياته، وقد ذكر "ٱبن النديم" -والذي كان من الوَرَّاقين المشهورين- أسماء أربعة عشر رجلاً من الوَرَّاقين الذين كانوا يكتبون المصاحف بالخط المحقق والمشق وما شاكل ذلك، وأغلبهم من أهل العراق، وقد أدرك بعضهم. ولقد كان لبعض أولئك النُّسَّاخ همة عالية في عمله، وروى "ٱبن النديم" أيضًا عن يحيى بن عدي النصراني (ت364هـ) قال: قال لي يومًا في الوَرَّاقين، وقد عاتبته على كثرة نسخه، فقال: من أي شيء تعجب في هذا الوقت؟ من صبري! قد نسخت بخطي نسختين من التفسير للطبري، وحملتهما إلى ملوك الأطراف، وقد كتبت من كتب المتكلمين ما لا يحصى، ولعهدي بنفسي وأنا أكتب في اليوم والليلة مائة ورقة وأقل. 
وكانت خزائن الكتب الكبيرة لا تخلو من ناسخ أو أكثر، ينسخون الكتب المختلفة لتودع تلك الخزائن، فقد ذكر أنَّ "أمين الدولة بن غزال" في المائة السابعة للهجرة ٱقتنى كُتُبًا كثيرة فاخرة في سائر العلوم، وكان النُّسَّاخ دائمًا يكتبون له، وقد أراد نسخة من كتاب تأريخ دمشق للحافظ "ٱبن عساكر" وهو ثمانون مجلدًا، فتم تفريق الكتاب على عشرة نُسَّاخ، ينسخ كل واحد منهم ثمانِ مجلدات، فكتبوه في سنتين، فصار الكتاب بكماله عنده.
ونشأ بين هؤلاء النُّسَّاخ جماعة فاقوا أقرانهم بتجويد الخط، وتحسينه، والبلوغ به إلى أعلى مراتب الإتقان، وهم "الخطاطون" الذين كان يغالي الناس في إحراز ما تسطره أناملهم من بدائع الخط المنسوب، وجميل القطع الفنية، ولبعضهم شهرة في تأريخ الخط العربي، وسوف نسلط الضوء عليهم في عددٍ لاحقٍ.
أخترنا لك
حفظ المخطوطات والوثائق

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة