مكتبات قديمة -4- ((خزانة الوقف بالبصرة))

2020/02/25

إنَّ هذه الخزانة أنشأها "أبو علي بن سوَّار الكاتب" من رجال عضد الدولة كما ذكر الأستاذ "كوركيس عواد" في كتابه "خزائن الكتب القديمة" وقال بأنه عاش في المئة الرابعة للهجرة، وكان محبًّا للعلوم، شديد الشغف بها، وقد أشار "البشار المقدسي" إلى هذه الخزانة في كلامه على مدينة (رام هرمز) فقال: ((وبها دارُ كُتُبٍ كالتي بالبصرةِ، والدارُ جميعًا ٱتَّخَذَها "ٱبن سوار"، إلا أنَّ خُزانَةَ البصرةِ أكبرُ، وأعمرُ، وأكثرُ كُتُبًا))، وفي المقامة الثانية من مقامات "الحريري" على لسان "الحارث بن همام البصري" ورد((فلما أُبْتُ من غربتي إلى منبت شعبتي –أي عاد إلى البصرة- حضرتُ دار كتبها التي هي منتدى المتأدبين، وملتقى القانطين منهم والمغتربين، فدخل ذو لحية كثة، وهيئة رثة، فسلَّم على الجُلّاس، وجلس في أُخريات الناس، ثم أخذ يُبدي ما في وطابه، ويُعجب الحاضرين بفصل خطابه، فقال لمن يليه: ما الكتاب الذي تنظر فيه؟ فقال: ديوان أبي عبادة المشهور بالإجادة)) فهذا النص يصف بعض ما كان يجري في مجالس العلماء في هذه الخزانة، نحو أوائل المائة السادسة للهجرة؛ لأنَّ "الحريري" توفي سنة (516ﻫ/1122م)، فإننا لو تأمَّلنا في النص وعبارة (فسلَّم على الجُلَّاس)، وعبارة (وجلس في أُخريات الناس)، وعبارة (ويعجب الحاضرين)، فهذه العبارات تدل على عظمة هذه المكتبة، وكثرة الذين يأتون إليها للدراسة، والكتابة، والاستماع، فضلاً عن منزلة الحاضرين في هذه المكتبة.
 وكان "أبو علي بن سوَّار" معاصرًا ﻟ"ٱبن النديم" (ت438ﻫ/1046م) فأخبره أنَّ في خزانته مؤلفاتٍ لأبي القاسم البستي، وذكر له أسماء تلك المؤلفات التي كانت فيها مما هي من نفائس الأسفار: كتاب الأشجار والنبات، وكتاب وصف هواء جرجان، وكتاب جوابه في قِدَم العالم، وكتاب في علة الوزير الموجَّه بوجهين، وكتاب صون العلم وسياسة النفس، ورسالة في سبر العضو الرئيس من بدن الإنسان.
أخترنا لك
خزانة سابور

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة