قراءة انطباعية في مسرحية (انتروبيا) للكاتب والمخرج علي العبادي
2021/04/03
عبر ظاهرة المايم خيال الظل التي ترتبط بالمفاهيم النفسية والاجتماعية
والفلسفية والجمالية ببنية معرفية وبهوية شمولية ووجود فني دلالي
تأملي، وهو من الفنون الحداثوية التي ارتكز عليها الكاتب والمخرج علي
العبادي في تقديم مسرحيته (انتروبيا)، معتمداً على لغة الظل؛ كونها
لغة فكر وحركة وجسد وايقاع وضوء وظلام، ليحقق الادهاش عبر تحقيق عناصر
إبداعية تمحورت في التعبير عن الواقع بوعي التمثيل وجودة الفكر واتقان
العمل الاخراجي ودقة التقنية الرقمية. وانتروبيا تعني عالم الفوضى،
وفي تصريح المرتقى الفني، يراها احتجاجاً على المتغير السياسي
والاجتماعي والثقافي الذي حدث فيما بعد المتغير الذي أحدث شرخاً
كبيراً في بنية المجتمع العراقي، مسعى فني ارتكز على الجسد والتقانة
الرقمية ليكشف عن قيم جمالية للعرض، يراها مخرج العمل هروباً من
الأنساق الجاهزة، بينما نرى العمل إضافة نوعية شغلت ذهنية المتلقي
لأفق جمالي وعملية جذبه الى المسرح من عدة محاور، الادهاش الجمالي حقق
أهم عناصر الفرجة المسرحية وهي المتعة البصرية والمتعة الذهنية. أجد
أن العمل بمثابة قراءة فنية للواقع جسدها كادر فني استطاع أن يساهم في
بعث عملية الادهاش لتكامل العمل، عمل الأداء الظلي للمبدعين: (إبراهيم
العكيلي، علي العبادي، علي هادي الفتلاوي، والتقانة الرقمية سعد حسين،
والإدارة المسرحية علي الفتلاوي، احمد خضير الربيعي، مسلم الجبوري).
ارتكز العمل المسرحي على تجاوز القصدية المؤثثة لها لينفتح على
ارهاصات وجدانية حية، اعتمد العرض على الأسلوب التجريبي، استثمار
الفضاء البصري وقدم العرض في ثماني لوحات لكل لوحة مرتكزها الادهاشي
الضاج بالحيوية، لكل حالة مدلولاتها الفكرية: كالهرولة واللهاث
والموسيقى العسكرية وصندوق الاقتراع مع رسم خلفية منظر خريفي والاصبع
والرصاص، وجميع هذه المكونات هي عناصر ادهاش ترسخ في ذهنية المتلقي
التأويل الذي يختاره حسب الوعي والثقافة والادراك الفهمي. في اللوحة
الثانية، نجد أن المتقد الفكري يعكس إشكالية الانسان مع السلطة أينما
كانت، والحقيقة ارتبطت بأصوات المنبهات مصحوبة بصوت عاصفة مع موسيقى
قوية امتعتنا برؤية المشهد الكرسي، الرقصات، النقر... كلها أمور تعبر
عن صراع الانسان مع السلطة القادرة على امتطاء ظهر الشعب، وهذه هي
ترسبات هذا الصراع ظاهرة من خلال السحب البيضاء التي رافقت اللوحات
وكأن العالم يزفر الآهات، لعبة التنس التي قدمت الموت مع كل حركة
مضرب، وكأنها تترجم روح العبث الذي وصل الى ان يلعبوا كرة قدم برؤوس
المذبوحين، وهذا يعني ان التجربة المسرحية استمدت احتجاجها من روح
الواقع. نبارك لمركز باهرون وملتقى خان النخيلة هذه الخطوة الباهرة في
دفع عجلة الثقافة والفن وتقديم هذا العمل، مسرحية (انتروبيا) عمل
ادهاشي تجريبي استثمر الفضاء البصري معتمدا على تعددية التأويل في
عوالم الاحتجاج الفكري.. مباركون شباب.. عمل فني استحق الاعجاب