قراءة انطباعية.. عن عرض مسرحية (عضة كلب) للكاتب: لؤي قاسم عباس
2021/04/03
لا أملك من النقد سوى الانطباع الذي ارتكز على قراءة بصرية في عرض
مسرحية (عضة كلب) وفي محورها النصي الذي ورد فيه ملخص سيدة السحر
الأسود، وهي تعاقب الكلب الذي منعها من دخول بيت يحرسه فصيّرته
انساناً..! الفكرة قادرة على الولوج لعمق البنية الفاعلة التي تساهم
في تركيبة النص بأطر فكرية لها فسحة تأملية واسعة، تترك القراءة
المتعددة في العرض المسرحي مساحة تأويلية بمدلولات إبداعية، فما الذي
سيحدث لكلب تحول الى انسان. النص المسرحي هو للكاتب لؤي قاسم عباس ك
له نصوص وقراءات متميزة، ارتكز النص على بناء علاقة بين الأثر النصي
والواقع المعاش بقفشات استمدها المؤلف، لتكون جماليات نصية مؤثرة في
المتلقي. تحاول الساحرة أن تناور مع الكلب الذي تحول الى انسان بأن
تعيده كلباً مقابل أن يسمح لها بالدخول الى البيت الذي يحرسه، يقول:ـ
لا استطيع أن اعض اليد التي امتدت الي بالخير. والمشهد الثالث يبدأ
بلعبة المسرحية، الومضات الشاعرية الساحرة داخل النص والتي تكشف
واقعنا الإنساني المرير، بمستويات تعبيرية سردية ومستويات المضمون
المفخخ، فعمل المخرج عباس شهاب بتمكن كبير ليرسخ من هذه القفشات
الوامضة رؤية العرض المسرحي التي تتيح لباقي الفريق من تجسيد هذه
الومضات التي هي عبارة عن تصريحات واعية:ـ ( أي حياة هذه التي يحياها
بنو البشر؟ لا اريد ان أكون بشرا، اريد أن أعود مجرد كلب). لعب دور
الكلب الانسان الممثل البارع (إبراهيم العقيلي) واستطاع اظهار مقدرة
عالية لتجسيد الأدوار المركبة المعقدة ما بين الكلب والانسان، دخول
الممثل الثاني المتسول الى المسرحية أضاف غنى؛ لكونه ترجم الواقع
الإنساني المعاش، اضاء الجانب المعتم عبر تقصيه لكل واردة من بنية
الواقع العام، ونقدها نقداً لاذعاً. (المتسول:ـ سأطالب بجلسة فصل
عشائري، واجعلك تدفع لي دية تكسر ظهرك وظهر اجدادك، حتى تعرف مع من
تتكلم). (:ـ حضّر عمامك، ولسوف ألقنك درساً حتى تعرف معنى الفصل
العشائري). هذا المشهد شكل قراءة واعية لظاهرة سلبية يعيشها المجتمع
الذي يحتاج الى الحضور الفكري؛ لأنه الأساس في تأصيل انسانيته، رسم
جمالية المشهد تلك الشخصية البارعة التي جسدها ممثل شاب عملاق (جعفر
الأمير) ومع ثلة من الممثلين هناء حسن واحمد جواد والفنان الذي كان
ملح العرض عبد الله الكبيسي من الانبار منشدا وملحنا. ورغم إمكانية
الإخراج الى ان وجود الاشراف المسرحي للدكتور علي الشيباني كان له
وجود فني من خلال ترصين قيمة العمل، المخرج عباس شهاب الذي ملأ الفضاء
المسرحي بالدمى وحركة الأطفال واستطاع اقتناص الدهشة مع فريق عمله منذ
العنونة التي احتكمت على مضامين متخيلة في عوالم نصية فألهمها الروح
وقدم بها دراسة فاعلة، اذ حول الفكرة الى وظيفة نقدية تهذيبية بعدما
تجاوز الكثير من التفاصيل النصية، ليبقى التركيز منصبّاً على وسط
المشهد الثالث، بعدما شذبه من متعلقات سردية كانت تثقل النص ليفعّل
الدور الكلمة ويجسدها بشكلها الفطن:ـ (الحقد الذي يملأ النفس البشرية
هو الذي لم يبق للإنسان قيمة). تجاوز المخرج عباس شهاب خاتمة النص
التي اعتمدت على بناء توافقي ليعيد بها المؤلف منهجية السلوك الى وضعه
الطبيعي، بينما العرض المسرحي ابقى تفكيك البنية الاجتماعية في الواقع
النصي لتحويلها الى فكر، فكان أداء فريق العمل الذي تجاوز الملفوظ
اللغوي الى تعبيرات استطاعت ان توصل الفكرة مع قدرة فناني الإضاءة سعد
سلمان علي وسعد حسين على الصوتيات ومجموعة الأطفال، قدمت الفرقة فضاء
جماليا يتواءم مع بنية العرض. أقول مبارك عليكم شباب النجاح في عمل
تميز بالحضور الفني المبارك.