قالت لي الأرض

2021/04/01

كلما أرى المكان امامي اصبح كطائر مدلل يجوب المكان بحثاً عن مأواه، أنا بحاجة ماسة الى هذه الفرجة؛ لأستنهض المكان بهمة، عساه يخفف وطأة التعب عني، ليريحني برواية ما حدث, ولا أدري بأي لغة سأحاور (معبر النعمان)؟.

 فرحت حين أدركت انه يجيد لغة الجراح، ويحترم التضحيات التي شيدت هيبته، قلت: مرحباً.. فكان الرد دموع الحنين، وتلك مقدمة مودة يبدو من حلالها أن الأرض في أي مكان كانت، تعتز بهويتها أكثر من الانسان.
 سألتني: انت ابن مَنْ؟ قلت: يا معبر النعمان، أنا ابن من زرع الروح شتلات خير في أكثر من مكان، انا ابن من شارك في تحرير ديالى، والعظيم، وجلولاء، والسعدية، وقرة تبه، وامام ويس.
 وهو الذي وقف هنا يفتح قلبك للحرية، ويتمرد بك على الموت، صاح حينها معبر النعمان: أهلا بك، انت ابن مَنْ يا فتى؟ فبكيت حينها وبكت الأرض بما تمتلك: (الشجر، الحجر، الماء).
 من أنت يا فتى بالله عليك..؟ قلت: أنا حمزة ابن القائد عباس الحيمداوي، أنا ابن الطالب الذي ترك دراسة القانون لأسباب سياسية، انا ابن الملازم الأول الذي فصلته الحكومة بتهمة امتلاك العشيرة لخائن (أي لثائر)..!
 انا ابن الضابط الإداري، انا ابن المقاتل الذي وقف هنا بصموده.. ابتسمت لي حينها الأرض: لقد أدهشني بما يحمل ابوك من كبرياء لها لباقة التضحية, الفداء الذي حوّل الهزيمة الى صمود، وأولد انتصاراً ساحقاً.
 رفعت رأسي فرحاً بما يحققونه من ملاحم، انهم أبناء الحشد الشعبي يا حمزة، أبناء عقول عمّرها الايمان، لم يبحث أحدهم عن مال أو جاه أو اعلام.. بل كان البحث عن رضا الله تعالى.. وتأججت مواقفهم حين يصرخون: يا حسين طوبى لهم, فلديهم الحسين (عليه السلام) يقاتل فيهم بعناد الطف القديم.
 ابوك يا حمزة استشهد هنا في قتال دام أربعة أيام مستمرة، وابوك يقاتل صامداً حتى حان موعد اللقاء، والتحق بركب الحسين واللقاء بالله تعالى.. أنت يا ولدي، ابن مَنْ لا يموت.. فودعني بابتسامة.. وعلامة نصر.

أخترنا لك
ومضات في اشراقة الأربعين

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة