( من مراثي امرأة ) موقف السيدة طوعة مع مسلم بن عقيل (عليه السلام)

2021/03/27

كنت أقف بباب داري، يمتد أمامي خوف ينزف الحيرة والقلق بانتظار ابني الذي تأخر عن عودته، ومن حق الأم أن تخاف. كل شيء في هذه المدينة يبعث على اللا أمان، الاوضاع مضطربة، خاصة بعدما أعلن ابن زياد في مرسوم معلن عن تخصيص جائزة ثمينة لأي شخص يعثر على مسلم بن عقيل..! جعل الناس تطمع في المال المخصص، حتى انتشر الناس، وبدلاً من نصرته صاروا يبحثون عنه، لكن مع كل هذا ما كان يدور في رأسي اني سألتقيه، او يأتي به القدر ليقف ببابي، طالباً مني أن أسقيه ماء، والحرس والشرطة ينتشرون بالأزقة والسكك، ويفتشون الدور، وابني لم يأتِ بعد. يدفعني القلق لأخرج بين لحظة وأخرى، أترقب مجيء ابني، العجيب سطوة الموقف تتصدى تحت ثقل سؤال: ماذا يفعل الغريب هنا؟ لماذا لم ينصرف؟ لا بد من الخوف؟ الجواب به امان مدجج بالعيون، والناس انتابهم الخوف وأغراهم المال, من يا ترى يكون؟ أيجوز انه الرجل الذي تبحث عنه الجائزة، فهذا يعني لا بد ان أخاف عليه اكثر، قلت له:ـ انصرف ارجوك..! أخبرني حينها انه ليس له اهل ولا عشيرة بهذه البلدة، وأخبرني بأنه مسلم بن عقيل..! ماذا؟ هذا المترع بالعز، يقف وحيداً دون أمان، هذا ابن بيت أعزه الله بالنصرة، يبحث ببابي عن نصرة، فخبأته في بيت لي آخر، وفرشت له البيت، ووضعت له كفايته من المال والطعام. كنت أود أن أفرش قلبي لابن عم الحسين (عليه السلام)، حتى عاد ابني الذي كنت انتظر رجوعه، القلب لا يطاوعني أن أترك مسلم بن عقيل صريع الهواجس، لا بد أن أتردد على داره المنعزلة لأطمئن عليه، وابني استطاع ان يفهم دخولي الى الدار المتروكة سراً.. ما وراء هذه النبوءات التي يطمئن بها..! وما إن أصبح الصبح حتى ذهب ولدي وافشى السر، وانتهت الوشاية الى ابن زياد، كل شيء من حوله كان يحمل الفتك، ويهدد بالموت، وهو ثابت الجَنان، قاتلهم حتى ناءت به الجراح، فصاروا يرمونه بالحجارة، وبعد أن انتهى الأمر، واستشهد سيدي مسلم بن عقيل، وأنا أشد مراثي احزاني، أمر بن زياد باعتقالي مكبلة بالحديد، سألني بحنكة أهل الشر:ـ ما سبب ايوائك لمسلم بن عقيل..؟ قلت:ـ كيف لا آويه وهو سفير الحسين، وابن عمه..؟ أجاب ابن زياد صارخاً:ـ هؤلاء خوارج..! صرخت روحي بداخلي: هؤلاء أئمة الإسلام، وانك انت الخارجي..! فأمر بسجني، الى ان تدخل من تدخل لإخراجي من السجن مريضة هزيلة، واشتد مرضي، ورحلت حاملة معي فخر الموقف وشجاعته، ووعداً من سيدي ابن عقيل بشفاعة النبي (ص).
أخترنا لك
كربلائيات المكتبات العامة والخاصة في كربلاء

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة