حاوره علي حسين الخباز )

نحو تفسير واع نسعى به لاحتواء مكونات القداسة لكل ما يمت لشخصية ومقام مولاي أبي الفضل العباس (ع) ومن أجل الدخول إلى عمق هذا المحتوى الايماني نلتقي أحدى العقليات الناضجة لندرك من خلالها ما يمكن أن نحمله زادا لوعي شفاف.. فهي رحلة أذن بصحبة سماحة الشيخ ( صلاح الخفاجي ) احدى الشخصيات الدينية المعروفة في كربلاء 

س/ نعود الى موضوع الجزاء فقد ورد في الزيارة (أفضل الجزاء بما صبرت وأحتسبت وأعنت ) وكأن للأعانة مرتبة أعلى من الصبر والاحتساب ؟

الشيخ صلاح الخفاجي :- ليس بالضرورة أن نجعل فواصل وقوالب جاهزة نقول كل شيء داخل كل شيء صحيح.. أن مفردات اللغة العربية لها مميزاتها س/ نحن أمام بلاغة أمام معصوم ؟ الشيخ صلاح الخفاجي :- هذا أيضاً صحيح ولكن هناك بين الصبر والاحتساب والاعانة فالأعانة تحتاج الى الصبر والى الاحتساب الذي منه والاحتساب يحتاج الى الصبر وبمثل هذا التداخل يريد الأمام (ع) من خلاله أن يوجه ذهن السامع الى فكرة هذا الموقف وكانه يقول "الموقف الذي صدر منك أيها العم العزيز بنصرة جدي الحسين عليه السلام بهذا الصبر الذي أخترته يعبر عن عمق هذا الصبر وهذا الاحتساب فهو ليس صبر عطشان مثلاً يسعى بكل غايته الى شرب الماء وأنما يسعى وهو يعرف عاقبة الظمأ والذبح"

س/ لقد ورد في مضمار الزيارة جملة (فنعم عقبى الدار)؟

الشيخ صلاح الخفاجي:- وهذا يعني أن الامام يقول أن الدور التي أخترتموها لأخرتكم كثيرة فهنالك الجنان وهنالك النعيم والمنازل والدرجات وغيركم أختار منازل في النار حيث هناك جهنم وهناك سعير وأنواع العذابات وبهذا أشار الأمام (ع) الى حسن الاختيار .

س/ جاء في مورد الزيارة لعن الله من جهل حقك وأستخف بحرمتك فهل جهالة الحق تعني أكبر من القتل

الشيخ صلاح الخفاجي:- اعتقد ان من أهم النقاط الجدية التي لابد ان نتاولها هي قضية اللعن لكونها قضية حساسة فهي أس المعضلة البعض يريد منا ترك لعن الباطل ويقولون اتركوا اللعن وانتم اصحابنا ونحن نقول لولا لعن الظالمين لما كان لنا وجود اسلامي يذكر ..فلولاه لما ثبت الاسلام .. ولما كانت الاحكام تسري بهذا الشكل الى يومنا هذا .. فنسأل هل الشهادة بالوحدانية ابتدأت بالنفي أم بالوجود ( اشهد ان لااله الاالله ) انا لااريد منك ان تقول الله موجود فالله لايحتاج الى مظهر فهو ظاهر بالفطرة ولكن الاهواء هي التي تشل الفطرة وتمزقها فكل الجهد الآن أني اريد ان ابعد هذه الالهة الموضوعة للضلالة وحينها انا على يقين ان الله سيظهر واضحا جليا ونحن كل الذي نفعله انا نلعن من يحارب العدل .. ويسعى لتدميره ويشوه مفاهيم الدين .. ويصادر حقوق الآخرين ويدعي ما ليس من حقه .. زورا وبهتانا .. حين نلعن كل هؤلاء نحن على يقين يبرز الاسلام الحقيقي واضحا ويظهر لوحده فاللعن جاء لمن جهل الحق عن عمد .. وهناك مسألة مهمة يجب ان ننتبه لها فحين نقرأ قوله تعالى ( تبت يدا أبي لهب) فنجد هناك خصوصية في الاسم ولكن هل عند أبي لهب تنتهي الحالة أم ان هناك شمولية لكل فعل مشابه لما يفعله غير أبي لهب ... وكذلك الامام يخص بالذكر جيش ابن سعد ومن كان معه ولكن يشمل من يفعل فعلهم .. ونجد ايضا ان تخصيص الوضوح يبرز جلاء الحق فان عدوك يا ابا الفضل ليس فاسقا حسب وليس عاصيا فقط وانما مخالفا وصلت مخالفته درجة تستحق اللعن المخصص للكافر واللعن يعني حجب الرحمة عنه ..

س:ـ انما الامام المعصوم عليه السلام قد اعطى جهل الحق منزلة القتل والاستخفاف بالحرمة ايضا منزلة القتل .. ولهذا ورد ( جهل حقك وقتلك بنفس المنزلة )

الشيخ صلاح الخفاجي :ـ لنقل سبب ولانقول منزلة فالذي قتلك قبل ان يقتلك هو استخف بحرمتك وجهل حقك فهل جهل الحق اعظم ام ان القتل اعظم فاذا جهلت حق فلان ولم تقتله فتجهل حق آخر وتقتله في طبيعة الامر أصبح القتل أعظم والامام المعصوم هنا يريد ان يشير الى ان هؤلاء جهلوا حقك واستخفوا بحرمتك فكان هذا الاستخفاف والجهل سببا ليتجرأوا به على قتلك وبهذا هو يريد ان يفسر سبب قتل عمه العباس عليه السلام .. ولكن اذا يجهل الانسان فضائل أبي الفضل العباس عليه السلام عن جهل بسبب قصور معين فيه .. فذلك له أمر واما ان يجهل الحق عامدا متعمدا وهو يدرك فضائله فهذا يستحق اللعن

س:ـ وردت جملة إني بكم وبايابكم من المؤمنين ..

الشيخ صلاح الخفاجي :ـ هذا مايسمى في عالم الرجعة والكلام فيه طويل وقد جاء في القرآن بوقع الرجعة الى الدنيا وقد تضافرت في هذه الاخبار من بيت االعصمة والامامية باجمعها عليه الا قليل منهم تأولوا بالرجعة بإن معناها رجوع الدولة والامر والنهي الى أهل البيت عليهم السلام بظهور المهدي عجل الله فرجه الشريف من دون رجوع اعيان الاشخاص او رجوع الموتى وإحياءهم

س:ـ والامامية ؟

الشيخ صلاح الخفاجي :ـ تذهب الى ان الله تعالى يعيد قوما من الاموات في صورهم التي كانو عليها فيعز فريقاً ويذل فريقاً أخر ويقتص أهل الحق من اهل الباطل والمظلومين من الظالمين وذلك مع ظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ولا يرجع الا من علت درجته في الايمان أو من بلغ غاية من الفساد ثم يصيرون بعد ذلك الى الموت ومن بعده الى النشور وما يستحقونه من الثواب والعقاب ويعد الاعتقاد بالرجعة من الطعون على الشيعة الامامية حيث يعدونه علماء بعض الفرق من الكفر والشرك أو أشنع من ذلك ولا شك بهذا نوع من التهويلات والتشويهات

س/ نحن نريد المهم من الموضوع الزائر الكريم يقف امام سيده العباس بن امير المؤمنين وهو يقر بالرجعة فسعينا يكمن بأعتماد هذا الزائر على المرتكز الفهمي لما يقربه لا مجرد أن يلفظ الجمل ولا يدري ما تعني تلك الجمل الايمانية الكبيرة

الشيخ صلاح الخفاجي :- هذا مسعى جيد منكم ,احسنت التعبير ولذلك نحن نقول للزائر عندما تقرأ هذه الجملة أني بكم وبأيابكم من المؤمنين فهذا يعني أن المعتقد الذي تؤمن به هو أن بعد ظهور الحجة عليه السلام سيظهر معه جده الرسول الكريم ومعه الأئمة عليهم السلام ويحكمون الأرض حسب بعض الروايات ويبعث الله لهم أعدائهم أيضاً ليقتصون منهم وهذا يسمى عالم الرجعة

س/ نجد هناك خلط عند بعض العلماء بين عالم الرجعه والتناسخ !!

الشيخ صلاح الخفاجي : نعم يجب أن نوضح للناس أن الفرق كبير بين الرجعة والتناسخ لأن الأول معاد جسماني والثاني أنتقال روح من بدن لآخر نحن نستند الى أدلة قرآنية في الرجعة كقوله تعالى "ويحيي الموتى بأذن الله " فأن الاحياء مثل عيسى عليه السلام ليس تناسخاً وكذلك قوله تعالى "أذا قالوا ربنا أمتنا أثنتين وأحيينا أثنتين فأعترفنا بذنوبنا فهل من خروج من سبيل" أذاً الرجعة دليل القدرة البالغة لله تعالى وهي من الأمور الخارقة للعادة كقوله تعالى "فأماته الله مئة عام ثم بعثة" وعليه يكون أعتقادنا بالرجعة تبعاً للآيات القرآنية والاحاديث الصحيحة دلالة وسندا عن آل البيت عليهم السلام الذين عصمهم الله من الكذب ولكن على كل فالرجعة ليست من الاصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر والتعمق فيها وكل ذلك ليس من الواجبات

س/ لندخل الى معنى الامة هنا فقد ورد في زيارة ابي الفضل العباس عليه السلام قتل الله أمة قتلتكم فنجد الكثير من الاعتراضات وردت عن مثل هذا المفهوم لأنه لا يدرك كنه الأمة المعنية في الزيارة .

الشيخ صلاح الخفاجي : أولا نحن لو رجعنا الى معنى كلمة امة سنجد لها تفسيرين واضحين من حيث المعنى والمصدر فقد ورد قوله تعالى "وجد أمة من الناس يسعون ......" وهنا يدور القصد المعني عن مجموعة من الناس وهناك معنى أخر لهذه المفردة حيث ورد في قوله تعالى وهو يخاطب البشرية كلها "أن هم ألا أمم مثلكم " يعني وجود أمة من النمل ووجود أمة من النحل ووجود أمة من الجراد وهكذا ولهذا نرى ان الأمام المعصوم عليه السلام أراد أن يجمع المعنيين (والله العالم ) أشار الى الأمة التي قاتلتهم ولكن ليس حصراً على من حضر كربلاء بل جيمع الأمم التي تسمع وترضى ، التي تسمع ولم تنصر وتروي الروايات من أن أحد الاشخاص حضر الى زين العابدين عليه السلام يسأله أن أبي يعمل خياط هل هو من القتلة فأجابة مولاي زين العابدين عليه السلام بل أسئلني عن من باعه الخيوط فهو منهم وهذا يعني أن الأمام أشار الى المعنى الدقيق لكلمة امة

س/ لدينا تعقيب صغير قبل أن ندخل الى السؤال هو ما ورد في واقعة الطف حين خطب الشهيد زهير بن القين بالناس فقال لهم ( نحن وأنتم أمة واحدة ما لم يقع السيف فأن وقع السيف كنتم أمة وكنا أمة ) ولكننا نريد أن نسأل عن معنى لعن الله أمة قتلتكم بالأيدي والألسن ؟

الشيخ صلاح الخفاجي : الأمام عليه السلام أراد أن يعبر عن خلجات النفس ومكامن الصدر فهو قال قتل الله امة قتلتكم ونحن نرى أن القتل ورد في بعض التفسيرات باللعن واللعن ورد أيضاً بالقتل فلا فرق ولكن للتوضيح بالأيدي والألسن تعبير ورد ليحتوي صورة الخذلان البشعة التي حدثت وتحدث الى الآن وتعقيباً على تعقيبكم في قول زهير بن القين فهناك أيضاً تعابير مرتبطة بالرقع الجغرافية فهناك أمة الشام وأمة العراق وهناك تقسيمات واردة داخل المعنى الواحد الذي ينشطر الى عدة معاني كقولة تعالى (كلما دخلت أمة لعنت أختها ) فالظالمين أمة وأتباع الظالمين أمة وهكذا ولد التعبير

س/ ورد في الزيارة قول جاء فيه ( وبعثك الله في الشهداء) ولم يقل( بعثك الله مع الشهداء) وعاد ليقول في المقطع الثاني ( وجعل روحك مع أرواح السعداء ) أذا لماذا لم تذكر المعية أولاً وذكرت بدلها في ولماذا ذكر المعية في الثانية ؟

الشيخ صلاح الخفاجي : من المعلومات البلاغية أن (في) تنصهر في الجنس أكثر من المعية لان المعية لا تدخل ضمن الجنس المعني لكونها تأتي مضاف الى لكن في تنصهر في الجنس المعني وتصبح منه ويعني أنك فيهم حتى قبل مكونات الشهادة لكونك أحتويت المواصفات وبأمتياز فأنت مهيأ من اليوم الأول لها وفي الثانية تعني المعية العروج في الانتقال الى العالم الابدي