قراءة غير كاملة لمُنجَز الشاعر مشتاق عباس معن

2021/03/16

تنوّع البُنى النصيّة في الاعمال الشعرية الورقية غير الكاملة ،للشاعر المُبدع مشتاق عباس معن، حقق ما أسماه الناقد ناظم السعود، مشروع المُغايرة؛ مقدماً الغواية الشعرية بوساطة تشكيلات لغويّة، جعل جوهره الثّر الظاهر والباطن، الموروث الروحي معه، ليمنحَ المُنجز الخصوصية الفكرية، فقسّم منجزه على ثلاثة مجموعات مختلفة العناوين، الاولى ما تبقّى من أنين الولوج؛ والثانية تجاعيد؛ والثالثة نصوص أخرى. ومن هذا التنوع نستطيع أن نقفَ عند بعض موجهات الذهنيّة المكتسبة من فاعلية التلقي، وتنوّع أساليب الخطاب بين مرجعية الواقع وبين الواقع النصّي، فمثلاً نجده يتوسل الخطاب المباشر مع الرمز الحسيني المقدس باستخدام ضمير المخاطب الكاف، مما سيركز الفعل الشعري على تاء الفاعل (أشحتُ ، بصرتُ ، صافحتُ)؛ ليصلَ الى مباشرةٍ شعريةٍ عبر تاء المضارعة (تلتف ـ تورق ـ توقظ ) ( لمّا أشحتَ عيونك وبصرت كفكَ في المدى تلتفُّ حول رماحهم ـ لتخونك صافحتَ كفَّ الموت عَلَّ دماكَ تورقُ في الثرى .. لِتكونك ) ولأننا نحاولُ الإبتعاد قدر الإمكان عن التفسيرية، ساعين للوقوف أمام موجهات الاثارية المدعمة بهذا التنوع، منه الزماني والمكاني، ليتولدَ عبر الإستفهام المعنى الكلي لموحيات القصد. ( من اين، يا خفقَ الإله بقلبِ أطهر تُربةٍ يتهجّدونك ) أي معنى المعنى، وفي اشتغال آخر نجده يعتمد على الإشتغالات المقطعية، عدّة وحدات تشكل برزخاً، حتى تتمفصل بعناوين مختلفة، ولنواصله في اشراقات المتن الشعري روافد متعددة تصب في المعنى الاساسي، فنجده في قصيدة ( في فجر ما ستموت بالولادة ) يأخذنا المدُّ الشعري الى ثمانية عناوين، لتبدأ بالميت، وتنتهي به، فنجده كرّر الفجر مرتين والذئب ثلاث مرّات، بينما الرّاهب مرة واحدة .. والحركة السريعة في التنوع المُثابر تجعلنا نتابع شفرات الرسالة، التي هي عبارة دلالاتٍ مركبة، يتعدّد فيها الفعلُ الشعري عبر المُضمر والموحي، نجده مثلاً يُكرّر الاستفهام، فتارةً يضع علامة الإستفهام، وتارةً أخرى يرفعها، وكما نجده يضع الاستفهام لأجوبة. ( ألق هي الرؤيا وما هذه ألق؟) ويضعها قرينةً لعلامة استفهام، ويكررها بعلامة تعجُّب، وتنوع تركيبات البُنى لتؤشر مديات الحركة المتوثبة، فعندما يكون محمول العَنوَنة بمفردة حكاية، وتقرنُ بمَثلٍ عامٍ ومُتداول( لم يترك الاولُ للآخر من شيء)، بعدها يشخص المحمول عبر المقطعيات المتوالية بين الراوي والمشهد، لعب رشيق مع الأفعال، فنجده تعامل مع الماضي للإبقاء على الجوهر السردي. ( صحا ـ ناموا ـ هرمت ) لينبثقَ منها المضارعُ بصورته الإستمرارية ( من فم الطرقات أحداقٌ ـ تفتِّشُ عن بقايا خَطوهم ـ عن عطفِهم عن أمسهم لمّا سقوا أحراشَهم نصراً فأورقت، وظللتهم ألف عام ) و وجود الإفصاح المكاني الباعث لشعرية التوقيع ( فالأرضُ إن لم تلثم الأقدام في شَغَفٍ تموت ) يسعى الشاعر مشتاق عباس معن الى بلورة المرموز التاريخي، عبر إنزياحٍ شعريٍ يُفعِّله كحاضرٍ معاش، أي النظر الى الموروث برؤية شاعر يحمل أناه لمسندٍ تاريخي يقيمه الحظور، دون أن يتقيدَ بمعطيات الفعل التاريخي. ( صفعتني الكوفةُ المنسوجُ في أعطافها النخلُ واسرابُ الفرات وبها لدغتني نحلةُ الاشترِ وأنا أركلُ خصرَ النخلةِ العانقها التمّار عندها أيقظتِ الريحُ أكفَّ السّعفِ كي يلطمَ غمدي ) ومثل هذه الشعرية قادرةٌ على التفاعل، والتأثر، والتأثير.
أخترنا لك
من أدب فتوى الدفاع المقدسة أنا بخير..

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة