الواقع المعاش في قراءة التاريخ قراءة انطباعية في بحث السيد ( ايمن الزيتون )

2021/03/12

ثمة علاقة وطيدة بين التاريخ والواقع، نحتاج للجهد البحثي لاستغلال هذه العلاقة، وتحويلها الى طاقة خلاقة، لتدعيم الواقع الحياتي المعاش. ودون هذا التشخيص، سيصبح الموروث بلا روح مهما كانت قدسيته، لكونه سيولد ميتا لاينبض بالحياة، وحينها لايصلح هذا الموروث الا للمتاحف. 

            فجميل جدا ان نبحث عن حاضرنا داخل هذا التاريخ. وقد سعى فضيلة العلامة السيد (ايمن الزيتون) - مدير المجمع الاعظم للدراسات الاسلامية في اللاذقية سوريا - في بحثه المقدم في مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الرابع في جلسة اليوم الثالث، وعلى قاعة الكفيل في العتبة العباسية المقدسة... 

       لقد سعى السيد الباحث لتوظيف هذا الموروث الحسيني المبارك، عبر لغة اختزالية، واضعا في ذهنه التعامل الجاد مع موروث حي، لا على اساس أنه تاريخ ماض ومنقض... وانما سعى لتفعيل هذا التاريخ لتخريج يقينية حاضرة، نستطيع من خلالها تقويم الحاضر بكل مؤثثاته الحياتية والاخلاقية والاجتماعية. 

            فيرى السيد (الزيتون) أن الولادة المباركة جاءت تأكيدا على الرسالة النبوية التي تجلت في طف كربلاء، لنحافظ على تعاليم الرسالة، وهذا يعني أن الدم الحسيني امتلك اطلالة واسعة على المستقبل، والذي نحن نشكل اليوم جزءا من هذا التقبل الذي انفتحت عليه اطلالة هذا المولود المبارك. ونعتقد أن مثل هذا المحور كان بطاقة الدخول اي الاستئذان الشرعي للدخول الى موضوع سحب التاريخ الى الواقع الحياتي اليومي.. فالسيد الباحث ركز على ولادة الامام المهدي ( عجل الله فرجه الشريف) مثلا كعقد ارتباطي بين المبعث، والمحافظة على المبعث، ومعنى المحافظة هنا تعطي معنى توضيحيا لحالة استمرار الولادة عبر التاريخ.. وركز السيد الباحث أولا على المنحى السلوكي الانساني... 

            إذ يرى ان النبي (ص) قد اشار الى ذلك السلوك الرسالي، عبر الكثير من الاحاديث الشريفة والمواقف التي أعلن عنها النبي (ص) لتكون دروسا تعلم الامة؛ ان ارادة الاصالة لابد ان تستقي من مدارس أهل البيت عليهم السلام. هذا هو التعاطي مع الحاضر. فالنص مفتوح على (زمكانية) غير محددة، فعلى الامة ان تتعلم من هذه المدارس في كل زمان ومكان، وهذا جزء من تعميم الموروث المقدس على الحاضر وبقوة. 

ولذلك علينا النظر في مسألة (ويطهركم تطهيرا) تعني عند الباحث بث روح المشاركة والتعاون والبساطة والتواضع والتعايش مع الفقير... ولكي لايكون التاريخ أسير نفسه. 

وتدور الدراسات في فلك توثيقية مكررة منذ أجيال، ومن أجل توظيفها التوظيف الفني الجاد، صاغ السيد الزيتون اسئلته الموجعة: أين جدية المؤسسات التي خصصت للايتام؟ أين مشاريعها؟ هل فعلا بحثت عن فرص عمل للفقراء لتقضي على البطالة؟ ومن هذا المنطلق يبزغ دور الامام الحسين وجميع أهل بيت النبوة عليهم السلام، هنا تظهر قيمة الولادة والشهادة، قيمة المنهاج الذي رسمه الامام الحسين عليه السلام لتسير على هديه، لا من خلال التغني بها حسب تعبير السيد الزيتون، بل من خلال اتباع سلوك الائمة الانساني. 

والمهم ان المادة التاريخية الموروثة قد جمعت لنا نهجا سالما سلميا لايحب اراقة الدماء، والدليل الرسالي عند النبي ( ص) شعاره يوم الفتح: (اليوم يوم المرحمة واليوم تصان الحرمة) وعند الحسين اصلاحا (اصلاح أمة جدي) متمثلة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر أوجزها الحسين عليه السلام في جملة (لا أحب ان ابدأهم القتال) لذا فقد نجح السيد الباحث في قراءة هذا الموروث المبارك قراءة عصرية مثمرة، تسعى للاستفادة القصوى من ذلك الموروث عبر محاولة التطبيق الجدي لمحاور سلوكية مهمة من سيرة الحسين وأهل البيت عليهم السلام...

أخترنا لك
مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الثالث عشر يشهد تغطيات إعلامية واسعة

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة