وماننبه عليه هو وجود بعض المشاهد الطويلة التي تحتاج الى
التشذيب والانتباه الى لغة بعض الممثلين الثانويين ومن ثم
نجح العمل لمحاولة تقديم ثنائيات تقابلية او رديفة تقرب
المساحة البوحية للشخوص، وللمعروض الكلي عامة. فمن اجمل
المشاهد التي رسمت ضمن هذه التقابلية الترادفية هو مشهد
الشاعر (كريم الساعدي) وابنه (سيد كريم الياسري) بيتين من
الشعر تنازل عنها خوفا، ولكن استنهاض الابن الذي يعني
الاستنهاض المستقبلي الحتمي ليكرر البيتين باعتزاز، وبهما
يشتعل اوار انتفاضة جماهيرية ليقبع الشاعر وابنه في احدى
الزنزانات حيث تنامى المشهد تناميا فنيا عبر الانشاد الجمعي
للبيتين (ذروة المشهد) وثنائية الرشيد ـ الامام الكاظم
(عباس زامل) وثنائية (السندي ــ المال) هذا السندي الذي
ادهشنا، وكان مؤثرا للغاية.
ويبدأ جوهر التأثير من خلال اداء الممثل (حامد دوحي)
فالشخصيات السلبية شخصيات مهزوزة متوترة، ولكنها تجيد
دورها في الحياة، فهي صاحبة جاه وكلمة، وهذا الاعتداد
المنفعل لابد من اجادة فنية توازن بين الاعتداد والاهتزاز
الداخلي. وثنائية اخرى رسمها لنا علي بن سويف (علي جاسم)
والمسيب (مهند سعيد) وتنامت المسرحية من خلال العديد من
المشاهد المتقنة تمثيلا واخراجا وتقنية لنصل المشهد
الاخير والجمهور في أوج التفاعل الحي فكانت الخاتمة
جماهيرية، حيث شارك الجمهور بروحه ووجدانه. ولابد من هذه
التشخيصات الدقيقة لاحتواء التفاعل الكلي، فعروض الشارع
الصعبة تتمحور من خلال تنظيم جماعي يساهم به الجميع
ببطولة كلية منسجمة، ولذلك كان للجميع حضور مميز ويبقى في
الجعبة، بعض النقاط التي لابد ان تطرح. فالتطور الملحوظ
في امكانيات فرقة الغدير المسرحية صهر الامكانية
الانشادية لصالح النص والتحرك السريع لردم الفجوات بين
المشاهد وتقنية الصوت الذي اداره السيد (حمودي الياسري)
مع نخبة من المنشدين. ومثل هذا النجاح نراه خطوة محفزة
لباقي التجمعات الحسينية لتخطو على هذا المنوال لرسم مسرح
حسيني جلي الملامح.