استذكارات رصيف

2021/03/12

في تسعينيات القرن المنصرم استوقفني جندي بعد منتصف الليل، وقال لي: احتاج إلى مساعدة منك، أريد خمسة دنانير، لأني لا امتلك أجرة سيارة...! 

قلت له بكل هدوء:ـ نحن قبلك كنا حين نتعرض لمثل هذا الموقف الحرج، نأخذ سيارة الأجرة ونعطيه الأجرة من البيت... نظر إلي شزرا، وقال: ومن يضمن لك أن في البيت خمسة دنانير؟ اندهشت لقوة حجته، أعطيته الخمسة دنانير وسألته: ماذا ستعمل بعد تسريحك؟ قال: لا أدري!! قلت له: اعمل صحفي بابا... انك أقوى من يصطنع الحجة. فالصحافة والإعلام لعبة خطيرة ولها وسائل متعددة في ترسيخ الحجة انتبهت له الدول الكبيرة فزجت الإعلام في جميع مساعيها ومن ضمنها الإعلام المخابراتي الذي أصبحت سيطرته واضحة على جميع مكونات الإعلام العراقي، فاستخدمته كأي آلة من آلاتها دون أن يعي إعلاميونا حجم الكارثة، وهم ينشرون أخبارا تروجها المخابرات الأمريكية ! ومن أكثرها انطلاء على الإعلام العراقي، هو ما تبثه من أرقام قتلى الجيش الأمريكي... أرقام تجاوزت إلى آلاف مؤلفة تحت يافطة حرب الإرهاب المعروف الجهات، بينما هناك تعتيم حقيقي عن ضحايا الشعب العراقي وعن مصادر الإرهاب الحقيقية. والجميع يدرك من هو صانع الإرهاب في العراق ومن هو الضحية الحقيقية في هذه اللعبة القذرة. فمن أين أتت هذه الأرقام الخيالية ؟ والجيش الأمريكي عبارة عن أغلبية مرتزقة وهم يتسترون في قواعدهم العسكرية المحصنة، ولهم اتفاقات مع جميع العصابات الإرهابية فكيف قتل عندهم هذا العدد؟ فلماذا تنقاد صحفنا للدعايات الأمريكية دون أن تدرك ما هية هذه الأخبار وما هي الفوائد المرجوة منها أو من نشرها ؟ والتي بالتأكيد ستمنح الحجة الدامغة للأمريكان في اللعب بخيرات العراقيين والبقاء في العراق إلى ما تشاء هي... وهل من المعقول بعد كل تلك التضحيات المبالغ فيها والمدونة في جميع الصحف العراقية أن يجرؤ أحد ما لمحاسبة أمريكي واحد، وان يقول له: على عينك حاجب.

أخترنا لك
دلالات العنونة في نهج البلاغة

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة