في ضيافة بشر بن حذلم

2021/03/10

كنت ابحث عنه بين ازقة المدينة لالتقيه ، عمن تبحث ايها الغريب ؟ قلت :ـ ابحث عن بشر بن حذلم ، :ـ الشاعر ؟ نعم هو ، :ـ انتظره هو يمر كل يوم يتوسد الزفرات انينا يقطع القلب واذا بي اسمع صوتا ينادي في الطرقات ،( يا اهل يثرب لامقام لكم بها ... )صحت عماه بشر... بشر بن حذلم ـ انا رجل من ابناء القرن الواحد والعشرين ...ربما تراني الآن ظل انسان جاء من حواشي الحروب ..اكرر يا بشر ،انا نزف التواريخ وانين القرون النازفة جئت أبحث عن سفر الحضور ، عن يقين أستظل به ، بشر يا عم ، أعبر القرون اليك ، ابحث عنك ، علك تزودني باطلالة نور ، وكأني احدثه فهو ذائب في هذا المصير (قتل الحسين فأدمعي مدرار) اوه يا بشر ترقد بين عينيك مشاهد لاتصدأ ،ولا كأنه يسمعني ينادي ( الجسم منه بكربلاء مضرج )قلت :ـ كلما تنزفني الجراح ،اصحو على جبروت الزمان ... عنفوان المكان ، واجري خلف هيبة الذكرى التي لا تشيخ وكأني أكتشف الآن ان السؤال هوية الولع الشغوف فاسأل( والرأس منه على القناة يدار )

قلت :ـ انى لك هذا الصوت الناعي يا بشر ؟على شفتيك يصحو النداء عند كل فجر شهم السمات ،يتشجر فينا هذا الصوت ضمائر صحوة لاتموت جنائن ورد تعطر الاجواء.... بيا حسين ،والحزن يغتال الضجيج... وأنا استرق الأنين من نافذة الحسرات وكأنك وشم من صوت، تجوب المدن كلها من اقصى حتف لأدنى ولادة خير ليعبر نعيك قارات الموت .ترجل عن صهوة هذا النعي ... عسى هذا النزف يستكين ولو لشهقة حازمة ، عساي التقىك يا سيدي بشر انت الذي بقيت تدير باصابعك ايامنا العابرة انت مشجب الغيرة وعنفوان المصير ،سيدي بشر

أم البنين يا سيدي (بشر) في كل الازمنة ، لاتفارق ادمع السؤال ،يبدو اني نجحت في اثارته فقال :ـ واي مقتل فارقته النبوءة التي شمخت من اعماق الجراح ،اسمع لصوت التأريخ سيذكرك بمجد سؤال ـ انظر لي أمرأة لها مهابة التواريخ أولدتها الفحولة غيثا من نسائم البشر يا عقيل ، قلت :ـ اتدري يا بشر .. ان اسمها يكتب بحروف مدماة ويقرأ بنبرة باكية الملامح لاتخلو من الدمع ،اجابني :ـ عبق يسكن الجراح ويوقظ المحبة في فردوس اليقين ،

اراد الله سبحانه تعالى ، ان يعوض بها غياب الزهراء عن بيت سخي الجراح ، أم البنين شجى يطل على انين حملته الدلالات الما بقامة جذر مملوء بالشجاعة والكرامة والزهو

ام البنين عليها السلام وقفت مقابل مرتكز النور وهي تقول :ـ يا امير المؤمنين لاتسميني فاطمة بالله عليك .. خشية على اليتامى ان يتذكرون امهم ويتأثرون بذلك ، قلت :ـ هي امرأة زاخرة بالمحبة وفيض وجد لايشح ، فيا حبذا لو استنارت زوجات الأ ب بهذا النبع ، والتوق ترقب انين ابنائها لتستنهض الليل عناقيد حنين ، اجابني بشر :ـ هي صولة نبي يا رجل حملتها تقى إمام ..اختار من نقاء البداوة نصرة لاتخيب .. فأختصرت النقاوة كلها في حضن سؤال ،وقفت امامي تسألني :ـ اخبرني عن ولدي الحسين ؟

قلت له :ـالذهول يراود فورة هذا الصمت الذي اعتراك يا بشر ، فأجب !! والا همسات وجهك توحي بحشرجة النحيب وكأن الارض ابتلعت شقاوة الكلمات .

:ـ لاأدري يا صاحبي ، كيف أجيب وانا لاأملك سوى فطنة الرعشات وقد صغتها مواسآة تمرد القلب ... التفت الي وهو يسألني :ـ من اي زمان جئت وتسللت الى جراحي المكبوتة عبر قرون ،:ـ ماذا اجبتها يا بشر ؟

:ـ عظم الله لك الاجر يا أم البنين ، في ولدك عثمان

:ـ وكأن بريق الحسرات يمر على اشلاء صوتك يا ابن حذلم وانت تراقب عن كثب قلب أم قطعته النائبات لكنك لم تحسب للجوى حساب !!

:ـ انفرط القلب لحظتها راح ينظر الى الأرض ويقول انفرط كل شيء في وما عدت اطيق الوقوف ، كم نحتاج من صبر لنقف امام هذا الشموخ العجيب امرأة تحمل هيبة الوجع افقا يحاصره الوقار ،

:ـ اتراني سألتك عن عثمان ؟ أم تراني سالتك عن جعفر ؟ اني اسألك عن ولدي ؟

:ـ خذني يا بشر ارجوك لعوالم هذا الالق المتوهج في الحكاية ، هاهو الدمع نذرفه الآن يصرخ فينا يا حسين .. ياحسين ، من المؤكد ان هناك مسافة كافية لكي نكون !!!

:ـ اثقل مافي الكلام يا صاحبي .... حين ينزف دم الحيرة واشلاء المنطق المطعون بالثبور ... يقتل جرأة كل نعي جسور ..

:ـ أشم رائحة الموقف الآن ، بل كاني ارآه ، كانت السماء لحظتها تسترق الحديث ،:ـ بأي صوت سانعي لها الحسين ؟:ـ خذ صوتي يا ... لقد فتت قلبها يا بشر 

:ـ أنعي من ؟ وانا امام امرأة تحمل ثقل التواريخ كلها .. هل سانعي لها الرسول ؟ أم انعي لها البتول ؟ ام يا ترى انعي لها امير المؤمنين ... والله كأن رؤوسهم كلها أختزلت في رأس الحسين .

:ـ قرون كثيرة ومساحات واسعة من الحزن والعويل تركتها خلفي وجئتك عسى ان تحتويني يا بشر

:ـ دعني يا صاحبي فالتواريخ عندكم تذكر ناعيا لايهمه مهما ينقل من اخبار سوى ما يعتاش عليه ، وانت لاتدري لحظتها لو وقفت كل لغات العالم معي لعجزت ان تنظر لعيني أم البنين .. صدقني حينها شعرت بأن كل الابجديات خرساء ،

:ـ نحن حملناك يا بشر غصن ولاء لايذبل ، تعمر في مجالسنا ، شاعر مجيد نطوقك بقلائد المحبة وتردد في كل استفاقة حزن هذه الناس قطوف دانية تتنفس بين يديك .:ـ ولكي أضمر علامة السؤال .. الذي هو هوية جذر مؤمن ـ.. فلم يبق لي شيء غير المواساة

:ـ عظم الله لك الأجر بإبي الفضل العباس يا أم البنين،

سالت مدامعها ويح قلبي ـ نزيفا يذيب كل علامات السؤال

:ـ ويحك لقد قطعت انياط قلبي فأجبني كيف حال ولدي الحسين ؟ درت حول نفسي مرتبكا ماذا اقول ،

:ـ هل رايت من قبل وهج أمرأة اكبر من معنى الكون .. يذوب فيها الوفاء مواقف حب ورشاد ويقين ؟

:ـ يا ابن حذلم اعلم ان اولادي وجميع من تحت السماء فداء لأبي عبد الله الحسين .. يا ابن حذلم أخبرني عن الحسين ،

:ـ دم يقطر من القلب ، ماذا اقول لها والدنيا تصرخ بي ... اياك فالجرح اعمق مما تظن يا بشر ، والضمير هذا الناطور اليقظ في كل موال ينهضني .. بشر اخبرها الامر .. لابد لها ان تعلم فالحرمان ولود نرددت لحظة ثم قلت لها :ـ .... سيدتي ام البنين عظم الله لك الاجر بمولاي الحسين.. فلقد خلفناه بارض كربلاء جثة بلا راس ..

:ـ ما دمت انت الذي جئت تسأل عن واقعة النعي فخذ مني شيئا لم تذكره التواريخ ولا دونته يراعات الرواة ..

سأحدثك وفيّ غصة تأريخ مذبوح ... كنت لحظتها أنظر لأفق امرأة تحمل على كتفها طفلا توسدته الدمعات ينظر صوبي تارة وتارة صوب جدته أم البنين

:ـ اعتقد انه الفضل بن العباس عليهما السلام

:ـ كان كفلقة قمر زاهر في ليلة التمام خلته والله يسألني يا عم كيف حال الرضيع ؟ هو لم يسألني عن أبيه ، لكنه سألني

:ـ هل حقا يا عم ذبحوه ؟:ـ وفاج في لجة الف سؤال ..

:ـ . كيف يظمأ يا عم من هو نهر البركات؟ ...وهل حقا رموه بسهم ؟وكيف ياعم دفنوه؟ يا عم أه لوكنت هناك .. بقربه .. لكنت افتديه يسارا ويمين واحمل مدامعي قربة من وعد تقي وليستقر السهم بعيني أو يشج رأسي عمد ..أو ... او أولأنام كما أبي شهيدا على ضفاف الفرات !!!!

:ـ حدثني يا بشر عن الذي جرى لحظتها لمولاتنا أم البنين ؟ كانت تصرخ من شدة الالم :ـ ليتني كنت هناك ،

:ـ في منعطف النشيج ـ زخر النواح فواجعا في قلبها الكبير فراحت باكية الى بيت زينب عليها السلام وهي تنادي ..واحسيناه ـ واسيداه ..واولداه ..وبين اوجاع الصبر آهة لأربعة شهداءخلفوا في صدر أمهم العويل ..تركني وراح ينادي ( يا أهل يثرب لامقام لكم بها / قتل الحسين فأدمعي مدرار/ الجسم منه بكربلاء مضرج / والرأس منه على القناة يدار )

أخترنا لك
افكار ورؤى

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة