المعركة مستمرة

2021/03/10

تبرز عظمة واقعة الطف الحسيني بأن نتائجها غير خاضعة للحسم العسكري بل بقيت مستمرة إلى يومنا هذا- حتى أن المنتصر عسكريا أصبح يبحث عما يحفظ كرامته المشوهة ومن المعروف من جمع الوقائع العسكرية والحروب أن المنتصر لايحتاج إلى زيف إعلامي وكذب وزور وبهتان وتشويه سمعة- لأن المعركة قد حسمت عسكريا- ولو لاحظنا أن الاخطاء الكبيرة التي حصلت عند الجيش الأموي ادخلته الحرب مهزوما قبل أن تبدأ...

تلك حقيقة لا بد أن تذكر- فرغم فارق الجيشين العددي- تصرف الجيش الأموي بهمجية لا تقدر أن تحفظ ماء وجهه بعد المعركة تصرفات تشين بسمعة العربي ومحتواه وهذه الحقيقة نجدها قد شخصت من قبل سيد الشهداء وهو يشاهد ذلك الخرق الإنساني الكبير( أن كنتم عربا كما تزعمون ) وإذا جوز العرب يوما منع الماء في الحرب على أساس انه وسيلة من وسائل المعركة فلا يمكن أن يجوزوه ضد من سقى خيلهم ماءً وهو في الحرب ولا يمكن أن يجوزوه ضد نسوة وأطفال وفيهم الرضع. ولايمكن للعربي المسلم ان يرض بالانتهاكات التي حدثت مثل قتل الأطفال وسبي النساء والتمثيل بالقتلى. 

ثانيا- علينا أن نعرف مدارك الغايات وهم جميعهم قاتلوا من أجل سلطان طاغية ولم يخوضوها إكراماً لعينه بل لأجل هداياه وعطاياه والمال الذي وعدهم به والغايات الدنيوية تكون مهزوزة دائماً أمام مواقف الإيمان ورجاله فتجدهم تشاجروا من أجل رأس حبيب مثلاً بحثاً عن سخاء الجائزة.

ثالثا- أنهم تجاوزوا حدود الحرب إلى حدود انتقائية يتمها الحقد الأعمى هذا الحقد الذي ساهم في تعرية النوايا وكشف الحقيقة. وهناك أمور كثيرة آخرى قد تباينت نتائجها من موقف لأخر مثلاً السرقة والنهب والسلب والغدر وقتل الأطفال والتغني بأمجاد المشايخ الذين شهروا سلاحهم ضد النبي (ص) والرسالة حتى آخر نفس ونكران النبوة والدين وقتل بعض نساء الطف ورفع الرؤوس على الرماح وهي من مبتكرات الأمويين ولذلك نجدهم قد تفاجئوا بسلبية هذه النتائج وانقلب الصوت الشعبي ضدهم فكم أمراة تركت زوجها استهجانا على فعلته وما عاد الأرهاب وحده كافياً لاستمرار سلطة الأمويين. ولذلك انتهجوا الدعايات الإعلامية التي روجها الإعلام الزائف معتمداً على هبات المال الحرام لشراء الذمم التي أخذت تصور الأباطيل ضد أهل البيت عليهم السلام كونهم أصبحوا هم الرمز الثائر بعد الحسين عليه السلام.

فدخلت واقعة الطف مرحلتها الثانية لتصبح الحرب حرب يقين ضد الجهالة وأصبحت كلمة توضح سبل وغايات وتفضح المكائد وهكذا استمرت الحرب هذه المرة بين الوضوح والدغش وبين الصدق والكذب وبين الحق والباطل وبين الخير والشر وأصبح مسعى الأمويين تحويل عيوبهم ونواقصهم على أهل البيت عليهم السلام. فأشاعوا أن الحسين(ع) وحاشاه شارب خمر. غير أن أصغر من في القوم يعرف أن خليفتهم خمارٌ يتغنى علانية بهواه- وحاكوا ألاف الروايات التي تضاربت مع بعضها وتناقضت فقد ارتضوا أن يكون أمير مؤمنيهم ابن معاوية بن أبي سفيان وتقوَلوا على إيمان أبي طالب (ع) لأنه أبو علي سلام الله عليه ولأنه كافل النبي(ص) وحاميه وابتكروا الأراجيف لكل شخصية من الرايات الإيمانية حتى أصبح عندهم الحسين (ع) هوالذي شق عصا الأمة وخرج على خليفة المسلمين في حال اعتبروا معاويةمجاهدا عظيماً لأنه انشق على خلافة علي عليه السلام. تركوا نزق خليفتهم جانباً وراحوا يرجفون على الحسن (ع) ليمنحوه سمات الرفاهية والطرب وقالت مصادرهم أن الحسن (ع) تزوج ثلاثمائة أمراة أو أكثر وذهبوا إلى أكثر من ذلك فتجاوزوا على شخص الرسول(ص) وتاريخه المجيد وإلا فهل مثل النبي(ص) يقال عنه أنه كان يحمل زوجته المدللة على كتفه لتنظر إلى حفلة راقصة. وتقولوا أيضا على الزهراء عليها السلام بمصادر هزيلة صورتها(دميمة) وهي ابنة الرسالة وفيها نور النبوة وتناسوا أن عظمائهم قد رجعوا عن خطبتها منكسرين هذه هي حروب المواجهه التي استمرت بعد معركة الطف لتشمل السيدة سكينة بنت الحسين(آمنة) فأشاعوا أنها تزوجت ثمان زيجات وإنها كانت تحضر مجالس الطرب وأغلب الرواة والمحققين أشاروا بضعف الروايات وتناقضاتها وتضارباتها واستمرت المواجهه وتجددت أشكالها من جيل إلى جيل. 

فقد منعوا زيارة قبور الأولياء وأبادوا أبنائهم وأحفادهم وأصبح الصراع فكريا في بعض مراحله. كفروا الشيعة وطعنوا في معتقداتهم.

ومازالوا يطعنون ويقتلون ويهجرون ويبتكرون الأراجيف ومازال الشيعة في حومة كربلاء التي انفتحت على كل بقعة من بقاع العالم وانفتح زمانها إلى يوم الدين.

أخترنا لك
الانحناء

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة