لقد ألقيت القبض عليك... قالها صديقي جاسم وهو يضحك، ويقسم انه لا
يتركني إلا في حومة الكحّال جدي. وفعلا وقف أمامه ليقول: أغثني يا
جد، قتلني (عرق النسا)...
قال الجد وهو يبتسم: بسيطة يا بني بسيطة... أخرج من صندوقه الخشبي
شعيرات أبرية، وضعها على ظهره...
يقول صاحبي: شعرت في البدء بوخزات أبرية ثم براحة لطيفة.
قلت: يا جد دعنا نستفيد منك، ماهذي الشعيرات يا جد؟
قال: انها (القرّاص) يا بني، كسبت اسمها من اللغة الهولندية، وتعني
الأبر، فقد جاء في التأريخ (هكذا تحدث جدي) ان جنود (يوليوس قيصر)
أدخلوا القرّاص الروماني الى بريطانيا...
قلت: وهل له اسم آخر ياجد؟
قال: نعم اسمه (الحرّيق)، ويسمونه أيضا (شعر العجوز).
قلت: لكنه يوخز يا جد؟
قال: نعم يا بني، يعاني الإنسان الألم الشديد، عند محاولته اقتلاع
نبات الحرّيق بيده، أو عند السير حافيا عليه.
قلت: ياجد أيعقل أن يكون هذا النبات المؤذي ذا فوائد؟
قال: يا بني هو مفيد وطبي ومنظف، وفي نفس الوقت يُستخدم كعلف جيد
للأبقار، كنا نستخدمه يا بني لإلتهاب المفاصل، وكنا نستعمله كمدرّ
للبول، وهو خير علاج لحصوات الكلى، وكنا يا بني نستخدمه كدواء مجرّب
لعرق النسا، عن طريق الوخز، أو الكمادات، حين تأخذ جميع أجزاء
النبات، وتعمل فيه كمادات توضع على مواقع الألم، وإلا عندكم
مستحضرات جاهزة من (القرّاص)، تنفع للبروستات حيث تفرز وظيفته.
كذلك يُعد مقاوما لارتفاع درجات الحرارة، ومسكّنا للألم. ويستخدم
أيضا في حالات فقر الدم والروماتزم والحساسية. وكنا نطبخه كمادة
غذائية؛ فهو غني بالفيتامينات، والمعادن، ونتناوله مثل السبانخ، أو
الشوربة، ونشربه مثل الشاي...
قلت: ياجد والوخزات؟
قال: تذهب خشونته عند الغلي... كذلك كنا نصفه لعلاج الطمث الغزير،
ولوقف نزيف الأنف البسيط من خلال الشم (السعوط)، ويرى أغلب أطباء
الأعشاب وجود سائل لبني في الجذور، يساعد على النشاط العام
للجسم...
قلت: يا جد ألا ترى أن فوائده كثيرة وقد لا تُصدق؟
أجابني: يا بني هو مجرّب، ونحن كنا نستخدمه لحالات كثيرة؛ مثل حروق
الجلد، فعصيره ينفع للحروق، ويوقف حريق الرئتين والمعدة، والأنف
والرحم...
ثم ابتسم جدي وهو يؤمئ الى صاحبي الذي غطّ في نوم عميق.
