منْ...؟ منْ...؟ الطرق على الباب مستمر، ولا احد يجيبني!!
فتحت الباب، واذا بامرأة اربعينية العمر، تقف امامي بحياء ـ قلت لها: تفضلي عمّه؟
فأجابت: اريد مقابلة جدك الكحال... ماذا؟ كررت قولها: اريد مقابلة جدك الكحال...
قلت: هو نائم، واذا به خلفي يسمعنا، فرحب بها وادخلها الدار، فجلس بوقار، وأطرقت المرأة الى الارض صامتة، لاتطيق قول كلمة واحدة...
قالت بعد جهد: ابنتي... وانتهى الكلام...
عقب الجد مباشرة: استعملي لها (الكراويا).
قلت مع نفسي: وما الذي فهمه الجد من القضية، كي يعطيها بركات توصيفاته؟!
قال وكأنه يوجه كلامه إلي: كانوا قديما يستخدمون (الكراويا) لطرد الروائح الكريهة، ومعالجة مغص المعدة، وضيق التنفس...
لاحظت ان هذا الكلام لم يجذب المرأة اطلاقا، فهي تسمعه، وكأن الكلام لا يعنيها.
فقال الجد: وفي الطب الحديث يسخن ثم يوضع برباط، ويدلك جدار البطن بزيت البذور لتسكين المغص المعوي، وطرد غازات البطن...
واكمل الجد: ينفع حساء البذور لمعالجة انتفاخ البطن...
لم اتحمل الموقف فقاطعته: جدي ألا تترك المرأة تتحدث عن حاجتها، كي يسهل عليك التشخيص... لم يعجب هذا الكلام جدي، فنظر إلي شزرا وقال: الحساء ينفع في الأيام الأولى من الولادة (النفاس) لإدرار الحليب... لاحظت بدقة ان المرأة قد استرقت السمع، واستفزت لأول لحظات الحديث ثم هدأـ ولم تكمل انصات المقطع بجدية...
قلت: ياجد لنتركها تتكلم.
صاح بي الجد: لا تتدخل أنت القضية أكبر من أن تنقلها أم، وعليك ان تعلم ان في شمال اوربا كانوا يأكلون جذور (الكراويا)، وفي النمسا يضيفونه الى الخبز، وهو ينشط الجهاز الهضمي، ويعالج المغص، ويساعد على ادرار اللبن لدى الأم المرضعة...
المرأة الضيف ما تزال صامتة، تنظر الى جدي عساه أن يصل الى ما تريد، وأنا أسأل نفسي ماذا تريد هذه المرأة؟
عاد الجد ليكمل حسنات توصيفته، ويقول الجد: ينفع (الكراويا) لتخفيف علامات الروماتزم في المفاصل والعضلات، وهو يساعد في تسكين آلام الرحم ما بعد الولادة... وقفت حينها المرأة وسألت: هل سأجد (الكراويا) عند العطارين؟ وهمت بالانصراف...
