رغيف انطباعي /عدي المختار الرؤيا وعوالم التمكن

2021/02/14

 اولا ... الرؤى الشعرية ) 

يكمن ثراء  المنجز الدلالي بما يوفره  المعنى  من جواذب تواصلية  نتيجة فاعلية  البنية النصية  أي اسلوبية  التعامل  الفني في عرض  تلك الرؤى ، وتجربة المبدع عدي المختار  من التجارب الأبداعية الجادة،حيث سعى لبناء الجسر التواصلي الذي  يمتد الى روحية  التلقي ، لتحميل المعنى  المعبر  عن الهوية  متمسكا بالعمق  المعرفي  الوجداني  المتأصل في الذاكرة الجمعية، مفردات  اصبحت  مداليل رمزية  لها وقع في نفسية التلقي  

( الجود ـ الرمح ـ  السبي ـ .. هيهات منا الذلة ) يستقطب الجاذب   الشعوري ويمتلك عبر المسكوت  عنه امكانية  التماهي 

  مع العمق المكون  .. نجده يكثر  من النقاط  ـ الفراغات  التي تشكل مقاربات تأويلية يعززها بخصوصية اسلوبية  

(يا دجلة الخير  يا ......................

 

................عفوا ..................

 

يا سارق الرياحين ................... 

 

سكونه...........  ليل .......................

 

صمته ..............سبات.............. 

 

غضبه مجهول...................)

فهو عامل دجلة  معاملة المذكر وابتعد عن تانيث النهر  ومن ثم وصف النهر بالسارق ،  كما راح يلعب بصيغ لغوية اذ   نكر ليل  وسبات  وصدر، بينما عرف  بعض المفردات النكرة  بالاضافة  مثل ندى الصبية ، وأسس مفهومه الجمالي  على  تماثلات  الأرث الدلالي المرتبط بحيوية  الجوهر التضحوي 

( يسمع عن قرب ..........................

 

النوائح .........................

 

....................... فلا تهمه ..........الصوائح

 

...............................................او حرارة الفقد )

يحرك الداخل النصي بدلالات مكثفة يجذبها الى ماهية الرمز، يسخرالمتن الشعري لتدريجية تشويقية  يقدم من خلالها صيغا بلاغية ،فهو يقدم اولا الأرضية المناسبة لأستحضار الرمز ومن ثم  يحضرها كدال نصي ..

يظهر واضحا السعي  لومضات  دلالية تشير  الى معاني مستوحاة  من وقائع معروفة  مدركة في الذاكرة ...علامات واشارات كلامية منسوبة لشخصيات معلومة او لحوادث معلومة 

 ( ورقص فرحا على ظلم

 

أو هلل وكبر ........................وقال ( لا تشل) .

 

...................................................................وشكك وأمعن

 

وقال (لا ملك جاء ولا وحي نزل )...) 

تقرب عدي المختار  الى جوهر القناع  مقرونا بالفعل التضحوي المقدس 

**** 

 ( ثانيا الرؤى القصصية ) 

 لم تنفصل  القصة القصيرة  يوما عن  المعنى وعن الرؤية  رغم كل اشتغالات التجريب  ورغم الغرائبية  والشعرية والسريالية والترميز  بقى القص الحقيقي  متمسكا بعوالم الرؤية  مع تعدد الاساليب وقد حاول المبدع ( عدي المختار ) تكثيف جمله وضغط الصور لتسوية المضمون  فهو قادر على توزيع  عوالم الدلالات  رغم  ضغط الجملة  ، في حبكة القصة القصيرة ( مقال ) اظهر امكانية جلية في تقنية القص  اذ جاء قرار المنع  عبر رصاصة  اخترقت صدر الكاتب  ومن ثم ذهاب المقال الى لفافة الكرزات كشف عن رؤى اكبر من الكلمات اذ نجد هناك اكثر من رؤيا واكثر من مفهوم تفسيري من الممكن ان يعقب القصة القصيرة ، مثلا كم موجع هو الامر حين يذهب المقال الذي ضحى الكاتب حياته من اجله الى لفافة كرزات  .. فهذه الثيمة ترينا ان القتل مؤسس لأسكات الفعل الابداعي  اسف اكبر في ان يصبح المنجز الذي يضحي المبدعون حياتهم من اجله .. لفافة كرزات  ،  وهكذا يكبر الضمون على الظاهر الحرفي  للجملة ، وهذا ما نجده  في باقي القصص ،ارتكاز  على الواقع  المتكون فنيا  فالمرجعية الحقيقية عند هذا المبدع  تتمحور حول الواقع  وفق رؤية أدبية تهتم بالمعنى القصدي ... ولا يتخلى القاص في منجزه  عن انتمائه  وتوظيف الفني لصالح معناه  فهو يتخذ المؤثر المرجعي لحياة الهور  ليشيع به روح التأمل  ويستدرج  المتخيل لصالح النص ليمد أفقه بمضمر استباقي  يتنبأ بالفحوى  المنشود النبوءة التي اوصلته حد الاختناق  .. انها الحرب ..  ما يميز القاص عدي المختار هو مقدرته الأدبية المتنوعة  شعر، قصة ، مسرح ،  صحافة رياضية ،صحافة اخبارية ، قفشات مواضيع ، رؤى بلورها المنجز ليبتعد عن السرد التقليدي 

( سماعه لصوت مداعبة جدران زورقي للقصب والبردي اللذان اعتادا على مداعبة بعضهما وإصدار أصوات لا إرادية (الخربشه ) كأن احدهما يدغدغ الاخر بشغف طفولي ,فما كان من ذلك الطائر الفضي الذي كان يغفو بين ذراعي ذلك القصب والبردي, الا التحليق هاربا من هذه الاصوات)

*** 

( ثالثا الرؤى المسرحية ) 

 يحرك عدي  المختار عوالم  السنغرافيا لخدمة الفكرة  المعروضة  وتعزيزالقدرة  التوصيلية  يعتني بها حد ان  يكون ّمسرحية منها  بحد ذاتها  وهذا الهاجس التواصلي هو الذي يجعله مخرجا لجميع  نصوصه المسرحية  اثناء الكتابة ونجده يرتكز  على الطرح المباشر ليضمن شمولية التلقي  ويمد وشائج  قوية مع الواقع  ومن ثم يمنح نفسه  حرية الحركة  الحوارية  والنقاشات  الفكرية  ، يناقش  مسألة التأريخ ويقف امام قضية مهمة هي من يكتب لنا التاريخ

 حيدر : (يلتفت للجدار ويتحسس مافيه من كتابات)التاريخ يكتبه المنتصرون .

عدي: (وهو يدق بالدف ) والمهزومون ايضا حتى ولو بعد حين )

مسر حيات عدي المختار تقدم فكرتها وشخصياتها  دون تعقيدات واهمة  ويتجه احيانا صوب الوعظية  ليزيد من تأثير الجانب الرؤيوي 

(   حيدر: لو اننا فهمنا الله جيدا ماكنا هاهنا نندب السنين والليالي .

عدي : بعد كل ذلك علينا ان نفهم بان الله فرق بين قائد الدنيا والدين ..ونحن خلطنا الحابل بالنابل فكان ما كان .

حيدر: (بخوف) لا تحاول التفكير بصوت عال .)

تعد الرؤيا سبيلا مهما من سبل  الافصاح  ووسيلة من اهم وسائل الاقناع  تدخل بواسطتها  الحكمية الفلسفية 

( عدي :ـ  الضمير منجاة الشعوب ) 

اما في مسرحية  ( المحنة ) قدم الكاتب القصة الواقعية لأغتيال الشهيد الاول  ( محمد باقر الصدر )  حاول المختار عدي  ان يلج خصوصية  الشهيد  من خلال شمولية المشهد  العام 

( مظاهرة عامة ـ مداهمة امنية مسلحة ـ  معتقل  ) فيذهب باتجاه المنحى الرؤيوي  بواسطة  الصراع القائم بين قوى الشر وقوى الخير  بين قوى المعارضة وقوى الامن من ذيول السلطوية المريرة  ،  حاول المختار البحث  في الماضي  القريب  وامتداداته  ومناقشة الواقع  بلغة مكثفة  واعية تطرح  النموذج التعبيري  والشخصية والحدث الدرامي الذي هو  المسعى التضحوي  بصبره وصموده ومعاناته وتضحياته  والمتميز في انجاز المختار عدي  المسرحي هو جرأة الطرح  التي شكلت رؤيا قائمة بذاتها على نابض فكري  يذهب الى محورين  .. 

 انتقاد الوضع  القائم وصياغة  الجوهري  كامتداد شرعي لموروث انساني مقدس ,,, 

المحور الاول ... انتقاد بعض  الشخصيات  المخترقة  للحوزة  فدخول رجلين  معممين على الشهيد الصدر  وهما يحملان  تهمة  الخيانة  .. رغم جرأة هذا المفصل  الا انه شكل ثيمة ورؤيا جريئة 

(الشهيد ( يقبض على لحيته ويبكي ) لقد شابت هذه من اجل الاسلام أفأتهم  بالعمالة لأمريكا وانا في هذا الموقع ؟؟!!!

الاول : (بسخرية ) كفاك تمثيلا .. ستجرنا جميعا للتهلكة .. اصبح كل من ينتمي للحوزة متهم بالخيانة وكل هذا بسببك !! ) 

المحور الثاني :ـ  السعي لخلق  الموحد الجذري  لهذه الشخصية  التضحوية  فاستثمر المختار عدي .. قيمة الشهادة  ليقترب بها من صنع محوره الجذري  ،فقد ارتقى الشهيد الشهادة بنفس الرؤى التي ارتقى بها سيد الشهداء الحسين عليه السلام الشهادة .. 

الشهيد : نعم هذا طريقها عسى ان يستثمر الشعب دمي لاقامتها وبهذا خدمنا الاسلام حتى لوكان ثمنه حياتنا ولا افكر ابدا بنصر سريع)

لنتأمل في قيمة هذا الاحتواء  الفكري للمفهوم التضحوي الحسيني  .. 

لقد قدم عدي المختار  رؤاه بطرق  مبدعة فاعلة  حاز بها  روح المنجز  الرؤيا  التي ترينا ما وراء اللغة

أخترنا لك
الأرغفة العاشورائية ( ومضات عاشورائية (5 ))

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة