رغيف انطباعي .. شعرية القاص د.مسلم بديري

2021/02/14

السرد ، الحبكة وتوليد الدهشة هي اهم اشكال  القصة القصيرة  وهذه المكونات تقرب لنا ما يحمله هذا الفن من خصائص مشتركة  مع الشعر ، وكان سعي الكاتب الدكتور مسلم بديري ان يدخل القصة من اوسع ابواب الشعرية  ومنذ العنونة  ( فحولة عنين ) مبتدا بالاهداء (الى جيل ان لم يكن موجودا  فكلي امنيات  ان يولد قريبا ).  شيد لغة  شعرية تتضمن الكثير من الانزياحات  والتشبيهات ومثل هذه الانزياحات تمنحنا نفحات  شعرية تضيء اروقة السرد ..(كم وددت لو كنت كافورا  حتى القرارة لأمنع عنه فحولة  الليل المتأخرة ..... كان كل شيء ليل بلا انتهاء ) .تشكل اللغة عند الدكتور بديري النسيج  التعبيري برمزية امتلكت الصور والمجازات على صعيد الدلالة  العامة  حيث هناك خرق دائم  لقواعد اللغة  العادية وهذا مسعى جمالي يحول الدلالات والمدلولات  الى ايحاءات مثل اختيار تكتكة الساعة بدلا لصرير باب السجن مع تكرار جملة نظراته ( كانت جديدة جدا ) التي تهبنا دلالات  الأمل الغض الذي يحمله على اطراف احلامه الى الحياة  مع وجود الاشتغال الشعري المرتكز على فاعلية التضاد  ( مشغول بنسج خيوط  الليل ليصوغها حلة لنهاراتنا ) والمعروف عن هذه الفاعلية انها لاتقف عن الحدود المفرداتية وانما تأخذ ابعادا مؤثرة  لتصير كدا تعبيريا فاعلا كتضاد يمنحنا المعنى الايحائي  لقصد مضمر ( الضحك هو اكثر تعابير الحزن  شيوعا .... وكل الخشية على الفحولة من الفحولة ) ورغم وجود التضاد اللغوي الا اننا نلاحظ  عليها السذاجة دون عمقها المعنوي  القوي والمتشبث بعمق جذري ( وكانت ساعة  التشميس ظلاما دامسا )  فهذه القصص استعار ت  من الشعر  امكاناته  التي جعلت القاريء يبحث عن العلائق النصية ويعني ان هذه القصص ابتعدت عن اللغة التصريحية وقد يرى بعض النقاد  ان مثل هذه اللغة  تشكل خطرا على القصة القصيرة  لكونها تمتلك  فاعلية اكثر احيانا من التكوينات السردية والخطر في ان ترمى القصة خارج  دائرة القص ، فهو يقول عن بطلة  (فحولة رضيع ) ( هي والدنيا  تتشابهان  بعض الشيء فكلاهما يودع  الذاهب بالدمع  ويستقبل  القادم بابتسام القيان ) لكنه كطبيب دخل الى اعماق هذه البطلة مكونا المعنى الشعري فهي ودعته باسمة  اذ استنتج  من معنى هذه الابتسامة معنى ما يصاغ من احلام مشوهة  بيبن من خلال شعرية الجمل دخوله الذكي الى العمق النصي  ( راح الذي لايقوى على مضاجعة لقمته ) ولنتأمل في مضاجعة اللقمة ونقارنها بجوهر المحبوك من  مؤول ولاتبرح البطلة الخائنة  ان تعلن  عن منزلة الصدق من الله  اذ تتأمل مائدة سماوية  تنزل عليها عامرة  .. وقد حاول الدكتورمسلم ادخال  المجسات النفسية كمعالجات شعرية تتم بها عملية القص  مثل مشهد حضور الجارة الفضولية  ليبين  وجود التلصص الخارجي  ..او تشبيه حالة البطلة بانتظار الصائم الذي ينتظر الافطار وهو قائم خلف امام يطيل التهجد .. فالانتظار هنا يعني  عملية استيقاظ ، شد انتباه ، جوع متحفز  يدلنا على  امكانية المصاهرة الابداعية عند الدكتور مسلم والتي خدمته كثيرا في تقديم نماذجه تقديما غير مباشروقد اعطى النظائر التخيلية الدالة على  حيثيات المعاش برؤى مبدعة واشتغل بروح الشعر  أي نشط تداعيات استعارية لأمور نفسية   تشكل بؤرا تراوغ السرد بالمسكوت عنه ،( نداء رادع قوي جدا بحجم الوهن )  في حال يرى نقاد اخرون  ان القصة من حيث هي ادب تعظم كلما اقتربت من روح الشعر كونها ستتضمن الايحاء  ـ الايماء ـ التعبير بدل التقرير ..التكثيف والخيال  تماثل التفاصيل لبناء المعنى  الشعري ... وهي تماثلات  تتبع قدرة المبدع  على  التلاعب بالنظام اللغوي  ، وماقدمه الشاعر عبر  التنوعات النصيى كالقصة والقصة القصيرة جدا والومضات  مع المسرحيات التي كتبها قدمت الضربة الشعرية  وقدمت خطوات اديب بارع سيطلع فجر غده عما قريب
أخترنا لك
الوجوب الكفائي ومعطياته الثقافية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة