لا أدري.. من يتحمل نتيجة هذا الخطأ الذي وقعنا فيه عند تقديم الحلقة
الخاصة بذكرى فتح باب خيبر..؟ أرعبني منظر المشاركين وصغر سنهم، بينما
أنا كنت قد أعددت للبرنامج أسئلة صعبة أعدت لطلبة
الجامعات.
قال مخرج البرنامج وهو ينظر الى ورقة الاعداد:ـ لا أعتقد هي
صعبة على طلبة المتوسطة.. قلت: ربما انت تنظر من زاوية ضيق الوقت الذي
لا يسمح للتعديل أو التغيير.. أجاب:ـ انك تبالغ في صعوبة
الأسئلة.
قلت: حسناً عرف لي خيبر؟ أجاب المخرج وهو ينظر الى ابتسامات
الكادر الساخرة، بينما السؤال سهل: هي منطقة زراعية تقع في شمال
المدينة المنورة، يسكنها اليهود وقد شيدوا لها حصونا تحميهم، وتجعلهم
قادرين على سطو قوافل المسلمين.
سألته فوراً: كم حصناً في خيبر؟ فأجاب فوراً: انها على قسمين:
القسم الأول وفيه حصون (ناعم، الصعب بن معاذ، قلعة الزبير، حصن أبي،
النزار)، أما القسم الثاني فكانت حصون (القموص، حصن الوضيح، حصن
السلالم).
ضحك مقدم البرنامج وقال:ـ معلومة طيبة لم أكن أعرفها قبل اليوم،
كنت أظنه حصناً واحداً، وأعتقد أنه فعل سؤال صعب، فأنت الآن من أجاب
وليس الطلاب، لكني في قراءتي الأولى رأيت أسئلة سهلة، مثل: كم يوماً
طال حصار خيبر؟
سأله المصورون بنفس واحد:ـ كم؟ فقال: عشرين يوماً، ولم يفلح
الذين حملوا الراية، ولذلك قال النبي (ص): «لأعطينَّ الراية غداً
رجُلاً يحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسوله كرَّار غير فرَّار يفتح
الله عليه»(1).
قلت: لماذا لم يحسب الناس حساباً لعلي (عليه السلام) بحمل
الراية، وراح الكل يتمناها لنفسه؟، أجاب أحد المصورين فوراً:ـ لأنه
كان يشكو رمدا في العين، وحين استدعاه النبي (ص) مسح النبي على عينيه
فزال الرمد، وقال له: خذ الراية وأعطاه الراية، وكانت بيضاء، وقال له:
(خذ الراية، وامضِ فجبرائيل معك والنصر معك، والرعب مبثوث في صدور
القوم، والله يا علي انهم يجدون في كتابهم أن الذي ينتصر عليهم اسمه
إليا فإذا لقيتهم.. قل أنا علي فأنهم سيُخذلون ان شاء الله
تعالى).
عقب المخرج: لا تقلق، فالأسئلة ليست صعبة، وهو يقرأ في ورقة
الاعداد قال:ـ انظر لهذا السؤال من لا يعرفه..! من أول من بارز علياً
من اليهود؟، أكيد هو مرحب الذي قتله الامام (عليه
السلام).
سؤال آخر جميل: كم عدد الرجال الذين رفعوا الباب بعد
المعركة؟
الجواب سهل، حيث رفع الباب سبعون رجلاً.. قلت: لكني ما زلت أتوقع أن
الأسئلة صعبة مثل هذا السؤال الأخير: ماذا قال النبي (ص) لعلي (عليه
السلام) بعد النصر؟ الجواب بسيط قال:ـ "يا علي، أنت تؤدّي دَيْني
وتقاتل على سنّتي، وأنت في الآخرة أقرب الناس منّي، وإنّك على الحوض
خليفتي، حربك حربي، وسلمك سلمي، وأنت باب علمي، وأنّ الحقّ معك، وأنّ
الله (عزّ وجلّ) أمرني أن أُبشّرك أنّك أنت وعترتك في الجنّة، وعدوّك
في النار، لا يرد عليَّ الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محبّ
لك"(2).
فجأة دخل مدير الاستديو وهو يضحك:ـ "ما لكم لقد كنتم تتحدثون
والمايك مفتوح، وقد سمع الطلاب جميع الأسئلة، وهم يتذاكرون بها..!"
ضحك المخرج حينها وقال لي:ـ "ماذا تريد بعد جاءت على أتم ما
تريد".