إن اختيار النموذج الشكلي ضمن مغزى أيّ خطاب تقرره اعتبارات فنية تتعامل مع أهداف المنطوق هو تكريس البعد الجمالي الذي ينظم النص لإجراء توصيلي ذات تأثير فعال غرضه تركيز الأنتباه على البؤرة الأساسية. ولذلك نجد أن الأدعية عموما شكل من أشكال الأدب وهو (أساس قناعتنا) ومضمون فني يشير إلى تجسيد القلق البشري الذي هو بحاجة إلى دائمة إلى رب يحميه ويجيبه عند محنته؛ ولأنها أيّ الأدعية مستندة على فهم مسبق في ذهنية المتلقي تتداخل الرؤى مع قناعات أصلا موجودة، ومن هنا تبرز صعوبة المسعى أيّ صعوبة خلق الدهشة الشعورية، وفي هذا الدعاء نجد أن العنونة لا تمتلك الامتداد اللغوي في النص ولو بحثنا عن سبب المقاطعة لادركنا أن هدوء المنتوج نفسه مهيأ لمفاهيم الخلوة مع الله فلذلك كان الدخول مباشر إليه ( اللهم أني أسألك ) والسحر كوقت يعتبر من الاوقات المهيئة لذلك الارتباط الروحي بالخالق، وفي رأيي أن الدعاء دفق روحي يوقظ الانسان من نومه والنعاس مايزال في عينيه.. وهذا شعور خاص لأصل إلى نتيجة أن التوافق موجود لكنه مكنون ، ولو اردنا وضع سقف زمني وتخطيط تكويني للاحظنا استمرارية الزمن وعدم الوقوف امام (الأني) وهذه الاستمرارية تعطينا حق قراءة المعادل الموضوعي عن (أسألك) دائما و(أجبني) دائما ونرى الموقف المتكرر (اللهم) 44 مرة و(أسألك) 45 مرة والمحفز الدلالي لهذا الموقف يصور لنا بنية السائل وارساء قيم بالغة الاهمية لكينونة المؤول ومقابل هذه القيم الـ 45 يقبع الطلب (أجبني) وهو المركز المرجأ إلى الخاتمة كما نلاحظ حضور أني في الـ44 مرة والتي تسبق كل سؤال إذ نجد (أن) مخصصة للتوكيد و(الياء) ياء النسب وهي تخصيص أن الداعي يؤكد على السؤال وهي حاجة سيكولوجية منا أو هو كيان يحتوي كياننا ومثل هذا الوعي المنتظم يستفز في ذاتنا استكشاف ذاتي عن عالم خارج المكتوب أيّ مايعلق في البال بعد القراءة يعني المعنى الممكن الاحتفاظ به والذي يشير إليه النص من خلال الصفات (لبنات الموضوع) وهي 45 صفة يشتغل عليها الدعاء مثل (بهائك – جمالك – جلالك – عظمتك) وهكذا فالصفة هنا هي الدال والمدلول هو المفهوم المستحضر بواسطة الكلمة مثلا لنأخذ (اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِاَبْهاهُ وَكُلُّ بَهائِكَ بَهِىٌّ، اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ..) فنرى صفة الجمال وهي صفة فسلجية ولكن وضعها هنا لها مدلول استعاري أكبر من الفسلجي ؛ لان المضمون يتجاوز في عمله القاء الضوء على المفهوم بل بالعكس يحاول أستغلال المفهوم لصالح المضمون النصي مثلا لننظر إلى جملة (اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِاَبْهاهُ وَكُلُّ بَهائِكَ بَهِىٌّ، اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ..) فنرى البهاء معروف الخاصة ومدرك من قبل الجميع والكل يؤمن بامتلاك الله سبحانه وتعالى للبهاء ولا يمكن لايّ نص اضافة شيء عليه ولكن السحر كدعاء استطاع من خلال اشتقاقات هذه الصفة بناء ثيمة يرتكز عليها كنموذج ابداعي وحبكة نصية لدعم لغة النص، فالحقيقة الشعرية هنا مستنبطة من الواقع وهو كغيره من الادعية دائم الرجوع إلى ذات الله ويكون ضمن هذه الأبعاد مزيج بين الحس والعاطفة والإدراك والمتعة وهي جزء من تلك الجماليات فالصفات بصائر تعود بالمنفعة إلى كينونة العام أكثر من الخاص أيّ ان التركيز عليها مصدر قوة تلهم المتلقي الخشوع وتمنح النص الحياة وخاصة عند غياب الطلب الرجأ للخاتمة والمهم أن تلك السمات غير خاضعة لزمن معين لان السمة الإيمانية تمتلك أفقا تاريخيا مفتوحا وتقدر بها أن تحدد البنية المتكاملة على أنها جمعية فهي ليست قولا منعزلا لشخص ما.. رغم أننا ن عرف مرجعية الدعاء وقائله وهو الإمام الباقر (عليه السلام) وهذا ليس بجهده بل بعنوانه كان ممثلا للأمة وهذه البنية هي التي احالت المنتوج إلى خطاب أدبي تواصلي، والأهم من هذا أن التوسلات وعلى مدى (330) كلمة التي تحتوي المنتوج لم تحسسنا بانكسار معين لكونها تحمل التبرير المنطقي العقلاني بوجود قدرة أعلى وتكوين أعمق تمنحنا قوة والقوة إحساس والإحساس نتيجة تأمل يقيني إيماني فندرك الآن ان من اسباب انهيار العالم صراعه مع العوالم المادية ومثل هذه الأدعية تستنصر العالم الروحي وتعيد التوازن إلى العالم.