علي حسين الخباز
عندما نخرج من قرية البشير نجتاز تلالا من
الذكريات مضاءة بالنور ، أسماء كثيرة من مقاتلين وشهداء
بذروا الأرواح في هذه القرية الماجدة ، التي أصبحت تحمل آثر
بطوليا بحجم الكون أو اكبر ، تنامى البذار ليصير
تاريخا من الشجاعة والبطولة والتضحية ، أقرأ في ذاكرة
الميادين ما يشعرني بالخجل كاعلامي يجوب الجبهات بحثا عن مناجم
الخلود وقناديل الذاكرة العراقية اين انا منهم ، ربما
يتصورها البعض مزحة مني ان اسعى لاجراء لقاء مع
شهيد ، او ربما يسمونه جنونا ، قلت :ـ ليس من حق احد ان يعزل
الشهادة في خانة الموتى ، وللشهيد عوالم واسعة تحتاج الى
من يدرك سعتها ، المهم اني قررت ان التقي بشهيد ،راح البعض يترقب
بفضول عن ماذا سيتمخض هذا اللقاء ، منذ صباي أدرك
حقيقة قد غفل عنها الكثير ، ان للشهادة رائحة غير رائحة
الموت ، لها رائحة المسك ، كانت جدتي رقية رحمها
الله تؤكد على ان للشهادة رائحة عطرة وتقول لقد تركوا جسد
الحسين عليه السلام ، ثلاثة أيام في حر الصيف وكانت الشمس حارقة، ولم
يصل لها عبث مفترس اطلاقا ، وشهداء قرية البشير
سبعة اشهر ناموا في العراء دون دفن ولم يتقرب لهم جشع حيوان ، ومن ثم
عرفت من خلال تجاربي كاعلامي اجوب البحث عن عنفوان الشهادة ،ان
للمكان لسان وله جاذبية تعلن عن محتواه ، اتنصت لقلب
الأرض ، اسمع نبضاتها ،وارى العجب الشهداء كلهم حلوين تتشابه
ملامحهم يجمعهم وجه رحماني واحد ،علل حكيم ظاهرة التشابه
والجمال بان اللبنة الأولى للإنسان هي التراب ، والشهيد عندما
يمتزج دما وروحا مع هذا التراب يعود لجذوته الأولى ، لذات
الجمال الإلهي ، واجهتني ارض البشير بهوية الشهيد ( عباس فاضل
جوما )ولد في 1971 م في كركوك لاحظت مسألة مهمة في جولتي
الجديدة ان الشهداء لا يحبون اهل الصحافة والاعلام يموتون منهم ،
لكن هذا الترحاب القوي ما كان الا كوني من اعلام
العتبة العباسية المقدسة ، أشياء جديدة اضافت
لحياتي الكثير ، عرفت ان الشهادة لها
مكوناتها ، واغلب هؤلاء الشهداء هم من ابطال
الانتفاضة الشعبانية المجيدة ، وهذا الشهيد له
الفخر ان اول شرارة للانتفاضة الشعبانية قدحت من
بيته في حي الجمهورية في طوزخورماتو ،
الشهداء لا يغطون الثقوب بالكلام والبطولات
الكاذبة ، بل بالعمل والتضحية والروح
المقاومة بعدما عبث التكفريون ، في قرية البشير
التركمانية يوم 29 حزيران عام 2014م ارتكبوا ابشع
الجرائم على هذه الأرض ، قاموا بتعليق من القوا
القبض عليه حيا باعمدة الكهرباء وقتلوا
النساء والأطفال من دون رحمة ، الموقف هو هندام
الشهداء هويتهم الحقيقة عنفوان مجدهم فلا
تمر على موقف دون ان نتأمل ما فيه من روح ،
تقدم مع تسعة عشر شابا من أصدقائه ، تطوعوا لأيقاد شعلة
المقاومة ،كانوا يعرفون العدو ، يدركون حجم قامته ويعرفون
أيضا نقاط ضعف الدواعش ،( الخائن خواف) حقيقة
الايمان بهذا القول جعل من أولئك التسعة عشر مقاتلا بقوة
فيلق ، لهذا كانت القوة النارية المواجهة كبيرة جدا ، عدد
هائل من الارهابين وعتاد فتاك قادم من وراء الحدود
، ذهلوا عندما اكتشفوا ان عدد المقاومين تسعة
عشر مقاتلا فقط ، وقبل ان ينتهي اللقاء حملني
الشهداء امانة عبارة عن قبلات على جبين كربلاء وقال هو خذ قبلتي على
ضريح الحسين ولكي لاتنساني انا ادعى جوما