أنا أعرف تلك المرأة التي تقف أمامي على مقربة بهجة، جئت لأحاورها بعد
قرون، كانت السماء تصغي معي، وهي تروي لرسول الله (ص) رؤيتها:ـ رأيت
يا رسول الله كأن قطعة من جسمك وقعت في حضني، فما هو تأويل رؤياي يا
رسول الله (ص)؟
أعرفها تلك المرأة التي تحكي رؤياها لرسول الله(ص)، إنها لبانة
أمّ الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب عمّ النبي (ص)، قلت لها: يا أمّ
الفضل، ماذا كان تفسير الرؤيا؟ قالت:ـ ما الذي تريده يا غريب الأزمنة،
وأنتم تملكون معرفة بما حدث اليوم، ولابد أن وقفتم عنده كثيراً.. قلت
لها:ـ أنا رجل لا أبحث بين الأوراق عن شواهد دونتها يراعات الآخرين،
بل أبحث عن شهود عاشوا وشاهدوا بأعينهم، فهم الأعرف بمجريات
الأمور.
أتريدني أن أبقى في هوامش المضمون، وأنا أقف الآن أمام المضمون
كله، ابتسمت حينها وقالت: في منتصف شهر رمضان ولد الامام الحسن (عليه
السلام)، زفت البشرى لجده رسول الله (ص)، فاستدعاه وأخذ يشمه ويقبله
ويؤذن له ويقيم، ولفه بقماش أبيض، ينظر الى السماء وإذا بجبرئيل
يقول:ـ إن اسم ابن هارون خليفة نبي الله موسى (عليه السلام)، كان شبرا
وعلي منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه حسنا، وقالت أم الفضل: إن شبرا
يرادف اسم الحسن في العربية، واسم الحسن لم يكن معروفا عند العرب،
وجاء المبشرون يزفون التهاني الى النبي (ص)، وقف امامي النبي يبتسم،
ناولني الرضيع الكريم: خذيه في حضنك، انه يشبه جده خَلقاً وخُلقاً،
وهذا هو تفسير رؤياكِ يا أم الفضل.