يعتبر التراث المطبخي من أهم وأثبت عناصر التراث الشعبي لدى اي شعب والمطبخ العراقي باعتراف الكثير من الباحثين من أغنى المطابخ في العالم، من حيث تنوعه وفرادته لأن هذا المطبخ مثل كل الثقافة الشعبية العراقية (تراثيات- أزياء- تحفيات- معمار- حرفيات...)يجمع خزين وتراكم آلاف من السنين حفظتها المرأة العراقية رغم كل قرون الكوارث وحالات الخراب الثقافي ويرى الباحثون أن تأثر المطبخ الكربلائي واضحاً بالمطبخ الايراني- التركستاني- الهندي.. وبدأ في السنوات الأخيرة هناك تأثر واضح بالأكلات العربية، والشائع بين الناس أن هناك تأثراً واضحاً جداً في المطبخ الايراني ونحن نرى العكس تماماً- فالمطبخ الايراني هو الذي يتأثر تأثراً كبيراً بالمطبخ الكربلائي المتأصل الجذور العراقية ويرى البعض أهل الرأي أن القرن التاسع عشر شهد غزو تركي للطبخ العراقي فالتركيات طباخات ماهرات وأما الايرانيات فشهرتهن تقتصر على الترتيب الاقتصاد في الطبخ فقط..
وفي السنوات الأخيرة شهد الطبخ العراقي تنوعاً كبيراً بسبب انفتاح هذه المدينة على سكان الوسط العراقي وجنوبه فقد جمعت هذه المدينة معظم فئات الأمة العراقية ومن طرائف الطبخ العراقي أن نجد شعورا غريباً لطبخ الرجل في البيت كما نجد نفس هذه الغرابة لطبخ إمرأة في السوق الكربلائي فربما بعض المدن وخاصة بغداد انفتحت على رؤية المرأة طباخة في بعض مطاعم العاصمة، والطرفة الأهم أن الطبخ الكربلائي قد فقد الكثير من ملامح هويته وإلا فالسير في الطرقات ظهراً كان كفيل بأن يعرفك بطبيخ كل بيت من عبق رائحته يفسر ذلك بأن الزرع فقدهيبته أثر الكيمياويات الزراعية- والبعض الآخر يرى ذلك النقص أثراً لفقدان المطبخ الكربلائي للدهن الحيواني (الحر)
أما الأكلات التي ما يزال المطبخ الكربلائي له مركزيته عليها فهي أكلة الفسنجون العراقية والتي طعنوا هويتها كثيراً حين ظنها البعض ايرانية والدولمة والمحشي وتمن الكلم الأكلة الكربلائية الوحيدة في العالم- ذات يوم دعتني أحدى الصديقات في مدينة بغداد -الاعظمية لتناول وجبة الغداء عندهم ويبدو أن كرم والدتها أرادت أن تقرب لي هوية البيتين فطبخت لنا تمن كلم كنت أكل وأنا أشعر أن الأكلة أعرفها فهي تحمل هويتنا ولكن بطريقة أخرى أغلب الأكلات لها نفس عراقي مشترك إلا هذه الأكلة الكربلائية- الكربلائيون يحبون الفطور الصباحي في المطاعم والأكلة المفضلة لديهم (الكباب) وبعدها تأتي (البقلاء بالدهن والبيض) وبعضهم يفضل(الباجة) والكبد(المعلاق) الملاحظ أن جميع أكلات الصباح يفضلها الكربلائيون وجبات حارة لتفتح الشهية- البيت الكربلائي من عادته يستهلك اللحم أكثر من الدجاج والدجاج أكثر من السمك وأكلة (الكص والفلافل والهمبركر)أكلات يفضلها الشارع الكربلائي ما بين الوجبات أي ليست وجبات رئيسية هناك أكلات كثيرة كربلائية قد انقرضت مثل أكلة (الشير برنج) وهي شلة وقد اشتهر بها محل في شارع معاوية والهريسة التي اشتهر بها الحاج محمد علي (سوق الزينبية) ولم نعد نسمع في البيت الكربلائي (محروق أصبعة) أضافة إلى أننا فقدنا الكثير من أكلات الباعة المتجولين (باقلاء- لبلبي- شلغم- شونذر- شربت طورشانه) الحاج ابراهيم خان ورغم وجود بعضها إلا أنها غيرت الطعم كما غير شربت الزبيب مذاقه الكربلائي.
يبقى شغل الشاغل لتفكير الكربلائية هو مطبخها شغفها وهوايتها وفنها وتفاخرها وجمالها وزينتها وإما في رمضان فتبقى السفرة الكربلائية في العراق مشهورة في الشوربة والسلطات والنواشف والكفته وحلويات كالمحلبي وحلاوة طحين والتمر كسنة معتاد عليها- وأكلات المناسبات معروفة في كربلاء فالأكلة العاشورائية المفضلة هي القيمة- وشلة زين العابدين..
المعروف في كربلاء بأنها تعتمد بخبزها على المخابز والأفران لصغر حجم البيوت ونادراً ما كانت عائلة كربلائية تخبز في دارها واشتهرت أيضاً في كل فرع من فروع كربلاء (ودرابينها) وجود (خبازة) تخبز وتبيع ومن أكلات الخبز المعروفة (الخبز بعروق- خبز باللحم- خبز الدهن) الذي اشتهر به الحاج حسين/ شارع صاحب الزمان..
واشتهرت كربلاء بحلوياتها ومعجناتها وأما معجنات المناسبات فهي (الكليجة) التي تكاد تعمل في كل بيت في الأعياد والمناسبات وقد شهدت السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً في صناعة الحلويات من حيث جودتها وانحصر الجيد منها في بعض المحلات الباهضة الثمن وبقي العادي منها من حصة الفقراء.