( فَإنْ أعْطَيْتُمُونِي النَّصَفَ كَنْتُمْ بِذلِكَ أسْعَدَ... )

2020/04/04

في يوم جمعة مبارك ، في يوم من أيام شهر مبارك ، أطلقت الشيبة المباركة بيانها ، والبيان للتبيين ، فمن عمي عن المضمون عمي عن المراد ، وما أكثر من عميت بصائرهم فجانبوا الحقائق وحرفوا الكلم .
البيان طرق الابواب مستأذنا قبل الدخول بخطب سبقته تبين معنى ( المصلح ) ومعنى ( الاصلاح ) وما هو ( الصلاح ) ، ومنهج التوطئة وعرض المقدمات نراه بشكلين ؛ الاول أن يكون مرتبطا بالخطاب بشكل مباشر لايفصل بينهما الا دقائق معدودات ، أو أن يكون منفصلا عنه زمنيا بحيث يتخذ شكلا من أشكال المقدمات المتسلسلة التي تحتاج بنظر المصلح الى مدة تكفي لخلق ثقافة تستوعب مايقال في مضمون الخطاب الرئيسي .
وهذا ما فعلته المرجعية الرشيدة ، فقد قدمت لبيانها مافيه الكفاية لذوي البصائر ولمن هم في دائرة الشك والتردد وربما التخبط .
لم يكن خافيا على المرجعية ماسيكون لهذا البيان من أثر ولا كيف سيتعامل الجمهور معه ،  والناس - كما يعلم الفطن اللبيب - كما في سائر الأزمان فئات ثلاث بينها أمير المؤمنين عليه السلام ( عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع ....) لذلك كان أمل المرجعية مرتكزا  - بعد مشيئة الله تعالى شأنه - على إدراك وفهم فئة المتعلمين على سبيل النجاة الذين ناشدتهم بالسمع والطاعة والذين سيعطون النصف من أنفسهم ، فلا شيء اعظم من الانصاف ، فلا ميل للهوى ولاميل للعشيرة ولا ميل للحزب دون المصالح العليا  ، وما أظن أن عاقلا قد محض الاخلاص لقضيته يجهل هذه المصالح  .
منهج المقدمات السابقة لزمان الحدث هو منهج النبوة في طرحها لقضية الامامة ، والتاريخ يحكي أن ( الكساء والمباهلة والمنزلة ) كانت المقدمات لبيان السماء في غدير خم ، فهل لاقى بيان السماء ( الغدير ) سمعا وطاعة مستمرة في نفوس القوم أم كان حالا في النفوس ولم يكن اتحادا ؟ ، ألم يعقبه ذلك الانقلاب الكبير الخالي من الانصاف والاعمى عن النظر الى المصلحة العليا ؟
الم تكن الطبقة ( المتنفذة ) التي قادت الانقلاب على قضية الامامة  هي ذاتها التي ناهضت هودا عليه السلام ، وقد ذكر في خطبة للمرجعية - كمقدمة سبقت خطبة البيان - هذا الامر : ( وهي الطبقة المتنفّذة في المجتمع بسبب تنفّذها وتسلّطها في المجتمع، إمّا بسبب موقعها السياسيّ أو المالي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإعلامي والتي بسبب ذلك تسلّطت على مختلف شؤون الحياة للناس، وهذه الطبقة هي الأكثر تمرّداً ورفضاً، ..) وهي اشارة الى وجودها في كل زمان ولا استثناء يعفي زماننا من وجودها فيه لأنها مقترنة بعدو الانسان الاول ( الشيطان) .
وبحكم التباين الثقافي والفكري ودرجات الاستيعاب والذي هو سنة كونية ينبغي للمتعلمين على سبيل نجاة أن يرشدوا بعض الحائرين الى ماهية المصالح العليا وكيفية الحفاظ عليها من باب الانصاف والنصرة لقيادة الامة التي تشرفنا جميعا بالانضواء تحت لوائها وقد أفتت بقتال وطرد الغزاة من أرض يتنفس شعبها حب الحسين عليه السلام ، والعمل بقناعة المرجعية والذي ذكرته في مطلع بيانها : ( 1- لقد سعت المرجعية الدينية منذ سقوط النظام الاستبدادي السابق في ان يحل مكانه نظام يعتمد التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عبر الرجوع الى صناديق الاقتراع في انتخابات دورية حرة ونزيهة وذلك ايماناً منها بأنه لا بديل عن سلوك هذا المسار في حكم البلد ان اُريد له مستقبلٌ ينعم فيه الشعب بالحرية والكرامة ويحظى بالتقدم والازدهار ويحافظ فيه على قيمه الاصيلة ومصالحه العليا..) .وأكدت في بيانها ( لا تزال المرجعية الدينية عند رأيها من ان سلوك هذا المسار يشكّل من حيث المبدأ الخيار الصحيح والمناسب لحاضر البلد ومستقبله وانه لابد من تفادي الوقوع في مهالك الحكم الفردي والنظام الاستبدادي تحت أي ذريعة او عنوان، ...). وذكرت شروطا تكون فيها نتائج المسار الانتخابي مرضية نأخذ منها محل الشاهد والذي يخص الناخب وهو :( وعي الناخبين لقيمةِ اصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد فلا يمنحونها لأُناس غير مؤهلين ازاء ثمن بخس ولا إتبّاعاً للأهواء والعواطف او رعاية للمصالح الشخصية او النزعات القبلية او نحوها.. ) .
اللهم ارزقنا توفيق الطاعة .
أخترنا لك
وإن ...

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف