لايخفى على ذوي الالباب أن السياسة الخارجية الاميركية ثابتة لاتتغير
وإن تغيرت الوجوه الحاكمة ، فوظيفة الحاكم الجمهوري في تنفيذ خطط
السياسة الخارجية هي ذاتها وظيفة الحاكم الديمقراطي والتي تكون تحت
اشراف ومتابعة الكونغرس وقد يحاول الحاكم ترك بصمة معينة في السياسة
الخارجية لكنها ستكون تنفيذية محضة ولا اجتهاد شخصي فيها وان حصل هذا
الاجتهاد فلن يكون بمعزل عن الاذن من الجهة الرقابية العليا ، وهذا
كله بخلاف ما ينتهجه كل واحد منهما في إدارة الشأن الداخلي للبلاد
الذي يحظون فيه بمرونة أكبر لتنفيذ البرامج الانتخابية
.
ومما تجدر الاشارة اليه ذلك المصطلح السياسي المهم الذي اصبح ركيزة من
ركائز السياسة الخارجية الاميركية وهو ( الفوضى الخلاقة ) الذي تبنته
الولايات المتحدة وركزت عليه في سياستها الخارجية خصوصا بعد احداث
الحادي عشر من سبتمبر 2001 .
وأول من تبنى ذلك هو جورج بوش الابن قبيل الحرب على العراق وليتم
الاعلان عن ذلك بشكل رسمي على لسان وزيرة الخارجية الاميركية
كونداليزا رايس عام 2005 بحديث صحفي مع جريدة واشنطن بوست الأميركية ,
اذاعت حينها عن نية الولايات المتحدة بنشر الديمقراطية بالعالم العربي
والبدأ بتشكيل مايُعرف ب "الشرق الأوسط الجديد " , كل ذلك عبر نشر "
الفوضى الخلاقة " في الشرق الأوسط عبر الإدارة الأميركية
.
مصطلح ( الفوضى الخلاقة ) مصطلح قديم في أدبيات الماسونية القديمة
حيث ورد ذكره في أكثر من مرجع وأشار إليه الباحث والكاتب
الأمريكي دان براون إلا أنه لم يطف على السطح إلا بعد الغزو الأمريكي
للعراق الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس جورج
دبليو بوش .
ولكن ماهي مبررات استخدام هذا السلاح بالنسبة للامريكان الذين عرفوا
بميكافيليتهم البغيضة هل هي الميكافيللية ذاتها أم لتجنب الوقوع
بخسائر كبيرة نتيجة التدخل المباشر طويل الامد ؟.
هل ان الولايات المتحدة ماتزال تنتظر حصاد زرعها في العراق
والذي تهدف من خلاله الحصول على نظام حكم يتلائم والسياسة الخارجية
لها بعد ان نثرت بذور هذه الفوضى المقيتة ؟ .
والان لنحصل على تعريف اكثر دقة للفوضى الخلاقة ( الفوضى
الخلاقة (بالإنجليزية: Creative Chaos) هو مصطلح سياسي - عقدي يقصد به
تكون حالة سياسية بعد مرحلة فوضى متعمدة الإحداث تقوم بها أشخاص معينه
بدون الكشف عن هويتهم وذلك بهدف تعديل الأمور لصالحهم، أو تكون حاله
إنسانية مريحة بعد مرحلة فوضى متعمدة من أشخاص معروفه من أجل مساعده
الآخرين في الاعتماد على نفسهم ) مصدر التعريف هذا هو موقع ويكيبيديا
.
لو تأملنا جيدا في التعريف سنجد ان الشطر الاول هو الذي ينطبق على
السياسة الامريكية في العراق وهو ان الغاية هي تعديل الامور لصالح
الامريكان اما شطره الثاني والذي يتضمن ( مساعدة الاخرين في الاعتماد
على انفسهم ) فهو ضحك على ذقون المغفلين الذين مازالوا مؤمنين بأن
نظرية المؤامرة لاوجود لها .
المخطط الامريكي الذي يعتمد على مصطلح ماسوني خطير كالفوضى الخلاقة
وبعتمد على الميكافيللية لتبرير الوسائل بحاجة الى وعي يهدم معاوله
ويرد كيده وهو بحاجة الى نظم امر لم نجد مصداقه الا في الوقفة المشرفة
للمرجعية الدينية العليا وبحكمة السيد الامام السيستاني وطاعة اتباعه
في الحفاظ على المصالح العليا للبلاد واسقاط كل مخططات الماسونية
العالمية التي تستهدف العراق بالحرب العسكرية والفكرية والعقائدية
.
لقد دأبت المرجعية الرشيدة على متابعة الحدث وبشكل مبكر واتخاذ مايمكن
اتخاذه للتصدي لهذه المؤامرات الكبرى وبوعي تام لما يراد بهذا البلد
.
بينما سقط آخرون في فخاخ الامريكان ودعواهم الزائفة بربيع عربي ومدن
فاضلة فخاضوا جميعا في هذه الفوضى ( الكل مع الكل ضد الكل ) .