المرجعية الدينية العليا وأركان الأصلاح الثلاثة

2020/04/04

عقد ونصف العقد من زمن الحكم الجديد في العراق الديمقراطي البرلماني التعددي , وقد طرحت فيه الأحزاب والتيارات الحاكمة كل ما في جعبتها من أجل ممارسة الحكم برؤيتها هي لابرؤية المنافس لها أو المعترض على منهجها , فكل غنى على ليلاه بطريقته حتى سئمت ليلى منهم فصمت سمعها وأغمضت عينيها .

الاعوام تمضي والعمر الى انقضاء , وماتزال الأحزاب تعمل وفق قاعدة التجربة والخطأ وكأن 37 مليون أنسان عراقي قد ولدتهم الأمهات ليكونوا حقلا للتجارب , فلعل تجربة حزب من الاحزاب ستكون ضربة الحظ التي يطمح بها جناب الزعيم الموقر في حزبه لتكون بادرة لرضا الجميع وتنجح بذلك واحدة من مئات التجارب القائمة على النزوات والشهوات وتقلبات الاحوال !!

وبالأضافة الى كون هذه الاحزاب تمارس خلال تجاربها طرقا ملتوية لتحقيق غاياتها فهي تقابل برضا نسبي من قواعدها الجماهيرية التي لو أصغت لنداء العقل والمنطق لما رضت أن تكون حقلا للتجارب , لكنها قد تكون معذورة في جوانب أخرى قد تبرر بالاضطرار لذلك الولاء او التظاهر به أملا بخاتمة أصلاحية تسمن وتغني من جوع وتدرأ آفة الفقر عنهم , فلا مجال بعد للصبر .

العقد ونصف العقد انقضى , والقواعد الجماهيرية  للاحزاب أدركت أن أحزابها لاتمثل الا نفسها ولاتسعى الا الى تحقيق غاياتها والفوز بصفقات اللجان الاقتصادية والمافيات الحزبية في الوزارات , والتشبث قدر الامكان بالمناصب .

لكن البعض من هذه الجماهير ما تزال غافلة عن حركة أصلاحية كبيرة لاتريد قيادتها شيئا من حطام الدنيا سوى موضع قبر تدفن فيه بأرض العراق , وأي قيادة هذه التي تعقد عليها آمال العقلاء سوى قيادة وتوجيهات المرجعية الدينية العليا , التي برهنت للجميع وللعدو قبل الصديق أنها تحمل فكرا رصينا وحكمة بالغة تجعلها خير مصداق لكلمة المصلح .

هنا لا بد من الاشارة الى أن المرجعية الدينية العليا قد أكدت على ثلاثة أركان وأسس للاصلاح وبينت بما لايقبل التأويل والشك أنها مهتمة - بعد وجود منهج الاصلاح ووجود المصلح - بالركن الثالث وهو الاستجابة والانقياد والطاعة للمنهاج الذي يضعه القائد للاصلاح .

هذه الخيارات ( الاستجابة والانقياد والطاعة ) لو توفرت في الجماهير الطامحة للاصلاح سيتحقق انتصار آخر كالذي شهدناه في ساحات الجهاد حين لبت الجماهير نداء المرجعية وامتثلت للفتوى المباركة .

وللتذكير نورد بعضا مما جاء في خطبة الجمعة في الصحن الحسيني الشريف بتاريخ 4/5/2018 مايلي : 

 (والغرض أنّ المرجعيّة الدينيّة العُليا لم تترك المنعطفات الخطيرة والحسّاسة التي مرّ بها العراق وشعبه إلّا ووضعت له منهجاً صالحاً وتوجيهات مناسبة، ولكن عمليّة الإصلاح ترتبط بعوامل كثيرة وقد تتعثّر لأسباب هي خارج إرادة المصلحين، وربّما تحتاج الى فترة زمنيّة طويلة، وهذه هي السنن التاريخية لدى الشعوب في عمليّة الإصلاح، ولابُدّ من شعور الجميع بالمسؤولية في إجراء التغيير وتحمّلهم لوضع المسار على السكّة الصحيحة والصبر والجلادة في مسيرة الإصلاح)

 (...الركن الثالث الذي سنركّز عليه، وهو مسألة الاستجابة والوعي والتفهّم والانقياد والطاعة من قبل شرائح المجتمع المراد إصلاحها لقادة الإصلاح، -التفتوا- قادة الإصلاح مَنْ تتوفّر فيهم الصفات التي ذكرناها، وإنّ المجتمع المراد إصلاحه لأنّ فيه الفساد فيه القلق وفي كلّ مجتمع هناك هذه الأمور، هذه الشرائح بأجمعها لابدّ أن تستجيب وأن تبقى تطيع قائد الإصلاح في جميع ما يأمر به وجميع ما يوجّه اليه، الآن ما يهمّنا التركيز عليه هو الركن الثالث من مقوّمات وأسس الإصلاح، لماذا؟ نحن لدينا اطمئنان أنّ الركن الأوّل متوفّر وهو المنهاج المتكامل للحياة، والركن الثاني متوفّر، النبيّ والإمام والعلماء المصلحون الذين جُعلوا حججاً في الأرض، قادة الإصلاح الحقيقيّون موجودون في كلّ زمان، الإمام غائب عن أعيننا وجعل هناك نظاماً، علماءٌ صالحون تتوفّر فيهم صفات القيادة للحركة الإصلاحيّة، ما يهمّنا في الوقت الحاضر هو توفّر الركن الثالث وهو الاستجابة والانقياد والطاعة للمنهاج الذي يضعه القائد -قائد الإصلاح-.) .

 

أخترنا لك
مهزلة اللاعقل

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف