احلمْ، لكن بتوازُن...

2021/01/24

نعم، احلمْ ولا تجعلْ لأحلامِك حدًا...
لكن احذرْ وانتبهْ جيدًا أنْ تُعطيَ لأحلامِك القُدرةَ على السيطرةِ عليك وجعلِك أسيرًا لها؛ فأنتَ إنْ فعلتَ ذلك ستحكمُ على ذلك الحلمِ أو الهدفِ الذي ترغبُ بتحقيقِه بعدمِ التحقُّق..
لنتعرَّفْ.. ما تأثيرُ ومعنى أنْ نكونَ أُسارى لأحلامِنا وأهدافِنا ورغباتنا؟
من الحقائقِ الثابتةِ والمُثبتةِ علميًا في قانونِ هذهِ الحياة: أنّ أيَّ هدفٍ أو حلمٍ أو أيَ رغبةٍ نتمنى حدوثَها معنا نجعلُها "المعبودة" في حياتِنا!
قد تستغربونَ من هذه الكلمة.. وربما لا تستسيغونها حتى.. لكنْ كونوا على يقينٍ أنَّ هذا الشيءَ يحدُثُ كثيرًا، ورُبّما قد حدثَ ويحدثُ معكم ومن دونِ علمِكم وانتباهِكم حتى.
ليسَ المقصودُ بالعبادةِ هُنا التلفظ الصريح بأنّنا عَبَدَةٌ لهذا الحلمِ أو الرغبةِ أو الهدفِ، فعندما يستولي تحقيقُ هذا الشيء أيًا كانَ على كُلِّ تفكيرِنا، ويزدادُ شيئًا فشيئًا حتى يُصبِحَ تحقيقُه هو هدفَنا الرئيسي في هذه الحياة، حتى تفوقَ مساحتُه في داخلِنا على مساحةِ حُبِّنا للهِ (سبحانه وتعالى)، ويكون هو الشيءَ الذي يوفِّرُ لنا كُلَّ السعادةِ، وبعدمِ تحقيقِه لا توجدُ سعادةٌ إطلاقًا.. لأنّنا قد ربطنا به كُلَّ شيءٍ في واقعِنا...
يُضافُ إلى ذلك التعلُّقُ بالأشخاصِ بطريقةٍ جنونيةٍ، فيُصبِحُ التفكيرُ بهم هو كُلَّ يومِنا، ومن دونِ أنْ ننتبهَ لأنفسِنا نجدُ أنّنا قرنّا وجودَنا مع وجودِ هذا الشخص الذي تعلّقنا به..
بل إنّه ما من حياةٍ بعده حتى نصلَ لمرحلةِ نقرِنُ فيها رضا هذا الشخصِ علينا برضا ربِّنا الواحدِ الأحدِ والعياذُ بالله..
ألا يُسمّى هذا عبوديةٌ؟!
وما أخطر من ذلك؟!
فإنَّ أيّ شيءٍ يصلُ معنا لهذهِ الدرجةِ لنْ نحصلَ عليه أبدًا، ولن نُحقِّقَه أبدًا...
وحتى إنَّ الأشخاصَ الذين نتعلّقُ بهم إلى هذا الحدِّ تيقنوا من أنّنا لنْ تدومَ علاقتُنا بهم نهائيًا لأيّ سببٍ من الأسبابِ.. وهذه حقيقةٌ مُثبتةٌ
لذلك طلبتُ منكم أحبتّي أنْ تحلموا بأي شيءٍ كان، وأنْ تُحبّوا، لكن بتوازن، ذلك إنْ أردتُم لأحلامِكم أنْ تتحقّقَ.. وللأشخاصِ الذين تُحبّونهم أنْ يبقوا معكم..
ولا تنسوا أيضًا أنّ لنا ربًا غيورًا على قلوبِنا، يعدُّها (جلَّ وعلا) حرمَه.. وقد أمرَنا بحديثٍ قُدسي أنْ لا نُدنِسَ حرمَه.. والحَرَمُ لفظٌ يُطلقُ على الشيء المُقدّسِ، والتدنيسُ هو الإخلالُ بحُرمةِ هذا الحرمِ الطاهرِ المُطهّرِ بما يتنافى مع قُدسيته
ولنبتغِ الأسبابَ التي نصلُ بها إلى حبِّه (تعالى)، وأهمها حُبُّ آلِ البيتِ الأطهار (عليهم سلام الله)، لننعمَ بهذه الحياةِ الدُنيا بما يضمنُ لنا سلامةَ آخرتِنا والفوزَ بجِنانِ الخُلدِ التي أُعِدّتْ للمُتقين..   

بقلم: بنت الزهراء اللامي
أخترنا لك
مقدمة روايتي ( تراب آدم) (1)

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف