كنت أحاول أن أغلق الجهاز لأذهب، فرأيت أن أحد الأخوة وضع فيديو على صفحته، نقلاً عن الفرقة الذهبية، ففتحته وهالني ما رأيته من طوابير توابيت الذين استشهدوا من الحشد الشعبي على يد أراذل هذا الزمان، المدعومين غربياً وخليجياً وتركيا.
فلم ترقأ دمعتي، خصوصاً وإننا دفنا قبل يومين في أربيل الكثير من جثث شباب المسيحية الذين قتلوا حول "برطلة" ونواحي الموصل، حيث استشهدوا مع الحشد الشعبي، بعد أن رفضوا القتال مع حشد النجيفي .
على ضوء ذلك، سألني أحد آباء المقتولين الذي كان يعرفني عندما كنت قسيسة، قال: هل يجوز لي أن أحمل السلاح لأقتل هؤلاء المجرمين الدواعش ومن يقف معهم؟
فقلت له نعم، على ضوء ما جاء في الكتاب المقدس، فإن الحق لولي الدم أن يأخذ بثأر ابنه، ولكن على شرط أن لا يسرف في القتل، يقتل فقط من يحمل السلاح.
فقال: ولكني سألت يوم أمس القسيس (فلان)، فقال أن يسوع أمرنا أن لا نقاتل حتى لو ضربنا أحد على خدنا الأيمن أدرنا له الأيسر، ثم قال لي: أن يسوع قال كما في إنجيل متى 5: 39 (لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر، أيضاً ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضاً).
فقلت له إذا كان كذلك، فلماذا أشعل العالم المسيحي نار الحروب الصليبية التي تسببت في هلاك مائة مليون إنسان؟ وهل أنت مقتنع بهذا الجواب؟ فدمعت عيناه وسكت.
قلت له أن أحكام يسوع تصدر تبعاً للظروف، فلا يجوز استخدام حكم في غير محله. ولكن لماذا جئت تسألني وهؤلاء القساوسة والرعاة يملؤون أربيل. فقال أرسلني أحدهم إليك.
قلت له اسمع، إن الكتاب المقدس أمر بقتل القاتل، وأعطى لولي الدم الرخصة الكاملة في أن يقتل القاتل، ولكن على شرط أن لا يُسرف في القتل، كما يقول: (إن القاتل يُقتل ولي الدم يَقتل القاتل. حين يصادفه يقتله ولا تأخذوا فدية عن نفس القاتل المذنب للموت، بل إنه يقتل). (1) فلا فدية مع القاتل المتعمد للقتل أمثال كلاب داعش ومن يقف ورائهم ويدعمهم ويأويهم.
فقال لي الأب المفجوع: ولكن هل أمر يسوع بقتل القاتل؟ فقلت له نعم لم يأمر بقتل القتلة فقط، بل أمر أن يتم إحراق مدينتهم، وهذا موجود في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21: 1 ــ 8 (وجعل يسوع يكلمهم قائلاً: ملك أرسل عبيده ليدعوا المدعوين أمسكوا عبيده وقتلوهم. فلما سمع الملك غضب، وأرسل جنوده وأهلك أولئك القاتلين وأحرق مدينتهم). فيسوع هنا يُجيب على السائل بأن من يَقتل لا يُقتل وحده، بل كل من كان معه، ومن أي مدينة يخرج الشر يجب إحراق هذه المدينة بمن فيها.
والكتاب المقدس يأمر بقتل الذي يرتكب أنواع معينة من الجرائم منها: (القاتل والقتل بغدر، الخطف، الاضطجاع مع بهيمة، الزنى، الشذوذ الجنسي، إدعاء النبوة ، العهارة والاغتصاب، عقوق الوالدين، السارق، إذا نطح الثور شخصاً فإنهُ يُقتل مع صاحبه. بالإضافة إلى عدد من الجرائم الأخرى.
فقال أريد الحكم من الإنجيل. فقلت له: أن يسوع أقر كل ما في التوراة، وأمر بإتباع الناموس، وأنه لم يرسله الرب لكي ينقض الناموس، بل ليحكم به، ولكن خذ من الإنجيل، حيث يقول في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 23 (أجرة الخطية هي موت) النفس الخاطئة هي تموت و(سافك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه).
وقد أخبرنا يسوع بأن القاتل يُقتل بسلاحه، فقال: (الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون). فقال صدقتي وصدق يسوع، ثم ذهب وكله عزيمة على قتال من قتلوا ابنه وحيده.
المصادر والتوضيحات:
1- سفر العدد 35: 18 ــ 19.
2- إنجيل متي 26 : 52.