الوحي الروح القدس لا يخطأ ولا يشتبه فهو جدا دقيق في نقل ما يحمله من اخبار السماء لأن الخطأ من صفات الانسان الذي يعتريه النقص من كل جانب ومكان. فالانسان والنقص توأمان لا يفترقان ، إلا الذين يختارهم الرب فهم في معزل عن صفة الانسان العامة والتي قوامها النسيان والخطأ والكذب وووو .
ولذلك (من قال كلمة على يسوع المسيح يغفر له، وأما من جدّف على الروح القدس فلن يغفر له، لا في هذا العالم ولا في الآتي).(1) شتم الأنبياء قد يغفره الرب ولكن اي كلمة تقولها على الروح القدس لا يغفرها الرب في الدنيا والآخرة.
في الحوارات العادية مع بعض القساوسة وعندما اقول لهم : لا يستطيع الانسان ان يجلس على مركبتين او حيوانين او كرسيين في آن واحد، يؤيدون كلامي ويقولون نعم مستحيل ذلك من دون ان يوضع عليها ما يُسهّل عملية ركوب انسان على دابتين او سيارتين او طائرتين او زورقين . ولكن عندما اصل في الكلام إلى استحالة ركوب يسوع المسيح على حمارين في آن واحد ينتفضون وينطلق سيل من التبريرات والالتواءات العجيبة من اجل تبرير هذا الخطأ الفاضح في الكتاب المقدس . النص مذكور في التوراة ولا علاقة له بالانجيل ولكن من قام بكتابة الانجيل اقتبس ذلك (كوبي) وأضاف عليه وجعله نبوءة مقدسة تُبشّر بمجيء يسوع.
نص التوراة يقول : (ابتهجي جدا يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك. هو عادل ومنصور وديع، وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان).(2)
ولكن كاتب الانجيل اضاف للنص مقدمة لا علاقة لها بالنص أعلاه فقال : (أرسل يسوع تلميذين قائلا لهما: اذهبا إلى القرية ، فتجدان أتانا مربوطة وجحشا معها، فحلاهما وأتياني بهما. فكان هذا كله لكي يتم ما قيل بالنبي القائل: قولوا لابنة صهيون: هوذا ملكك يأتيك وديعا، راكبا على أتان وجحش ابن أتان. فذهب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع، وأتيا بالأتان والجحش، ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما). (3)
طبعا في هذا النص أخطا الكاتب حيث ان نص التوراة قال : (وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان). ولكن كاتب الانجيل نسى ذلك فأبدل الحمار (بالجحش والاتان فقط) اما الحمار فطار ، ولكن لاحظ قوله : (فجلس عليهما).
على ما يبدو فإن يوحنا عندما كتب إنجيله انتبه إلى هذه السقطة فقال بأن يسوع لم يرسل تلميذين بل هو شخصيا عثر على جحش فركبه فطار هنا الاتان ايضا فقال يوحنا : (ووجد يسوع جحشا فجلس عليه). (4)
اما مرقص في إنجيله فقد حذف (الحمار والاتان) وقال بأن يسوع ركب فقط على جحش كما نقرأ في إنجيله : (أرسل اثنين من تلاميذه، وقال لهما: اذهبا إلى القرية التي أمامكما، تجدان جحشا مربوطا. فحلاه وأتيا به. فمضيا ووجدا الجحش فحلاه. فأتيا بالجحش إلى يسوع، وألقيا عليه ثيابهما فجلس عليه). (5) هنا طار الحمار والاتان واصبح يسوع راكبا جحشا فقط .
واما لوقا فقد حذف الحمار والاتان وذكر ان يسوع ركب على جحش ولكنه اضاف (وأتيا به إلى يسوع، وطرحا ثيابهما على الجحش، وأركبا يسوع). في هذا النص فإنهما اركبا يسوع ، بعكس النصوص الأخرى التي تقول بأن يسوع ركب او جلس.
الوحي لا يخطئ ولا ينسى.
المصادر:
1- إنجيل متى 12: 32.
2- سفر زكريا 9: 9.
3- إنجيل متى 21: 2.قال المفسر المسيحي يقول (القديس يوحنا الذهبي
الفم: لقد شبّه البشر بهذين الحيوانين لوجود مشابهات معهما...
فالحمار حيوان دنس وأكثر الحيوانات المستخدمة للحمل غباءً، فهو غبي
وضعيف ودنيء ومثقّل بالأحمال. هكذا كان البشر قبل مجيء المسيح الرب،
وقول التلميذين أن الرب يحتاج الجحش وذلك لكي يُدركون أن يسوع رب
البشريّة كلها.
4- إنجيل يوحنا 12: 15.
5- إنجيل مرقس 11: 2.