بعد محاظرة القاها الأب رشيد يوحنا حول الخطية وانها تُصيب الانبياء أيضا ، ذكر قصة هارون اخو موسى وكيف قام بصناعة العجل ثم امر بني إسرائيل بعبادته. وكان المكان مزدحما بالحضور فلم استطع السكوت عن هذه المغالطات فرفعت يدي وقلت له : ولكن هارون لم يصنع العجل بل صنعهُ السامري ! فقال : هل السائل مسلمة . فقلت له : لماذا ؟ قال : لأن السامري لم ترد في الكتاب المقدس بأي شكل او اسم وإنما القرآن قام بتوجيه التهمة لشخص اطلق عليه السامري ولا ندري من اين جاء القرآن بهذا الإسم .
فقلت له : انا مسيحية ولكني باحثة اختصاص مقارنة أديان ، واختصاصي اوصلني إلى انكم لا تفهمون شيئا في الكتاب المقدس ولا شروحاته او تفاسيره ، وكل ما تقولونه هو من عندكم ، وكل متكلم يعطي صورة مخالفة لسلفه وهدفكم جميعا اهانة الأنبياء.
فقال : وهل السامري مذكور في الكتاب المقدس وهل هو من قام بصناعة
العجل؟
قلت له نعم موجود في الكتاب المقدس واجتمعت كلمة المفسرين كلهم على
ان (زمري ابن سالو) هو السامري .
ثم قلت واما قولك بأن هارون هو من قام بصناعة العجل فباطل من اساسه وذلك أن موسى لما رجع ورأى العجل عاتب أخيه هارون لانه تركه خلفه لكي يرعى بني إسرائيل فاعتبره مسؤولا عما جرى لكن اليهود كعادتهم زعموا ان هارون هو من صنع العجل لأن السامري اقرب إلى قلوبهم من هارون واخيه موسى.
فقال وهل مذكور ان السامري هو من فعل ذلك واين اسمه .
قلت له : ان خبر السامري أو (زمري) مذكور في سفر الملوك كما يقول في سفر الملوك الأول 16: 20 (زمري وفتنته التي فتنها، أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل؟).(1)
هنا يُحيلنا النص إلى سفر اخبار الأيام ويقول بان فتنة زمري مذكورة هناك ولكننا بالرجوع إلى السفر نرى النص قد طار ولا وجود له . فإما ان يكون النص سقط سهوا ، او ان الرب اشتبه عليه ذلك فنسى ان يكتبه . أو ان كاتب النص رأى ذلك مشينا بالسامريين فقام بحذفه.
اما بالنسبة إلى السامري (زمري) الذي تسمع به فيقول في قاموس الكتاب المقدس دائرة المعارف الكتابية المسيحية شرح كلمة زِمْرِي ابن سالو فيقول: اسم عبري هو ابن سالو الشمعوني، رئيس في سبط شمعون واسمه حسب القرآن أو كتب الإسلام: (السامري).
فقال : ولكن لم يذكر الكتاب المقدس ان السامري هو من قام بصناعة
العجل ؟
فقلت له : الكتاب المقدس يقول بأن كل السامريين كانت مهنتهم صناعة
اصنام الآلهة كما ورد في سفر الملوك الثاني 17: 29 : (فكانت كل أمة
تعمل آلهتها التي عملها السامريون). فمهنتهم الوحيدة هي صناعة
الآلهة.
واما السامري هذا فقد كانت نهايته ماساوية حيث يرتبك النص في مصيرة فيقول أنه قتل وفي نص آخر يقول انه انتحر كما نقرأ في سفر الملوك الأول 16: 20 (زمري دخل إلى قصر بيت الملك وأحرق على نفسه بالنار، فمات من أجل خطاياه التي أخطأ بها بعمله الشر في عيني الرب، ومن أجل خطيته التي عمل بجعله إسرائيل يخطئ). وخطيئته التي بسببها اخطأ بني إسرائيل هي صناعته للعجل وقوله لهم هذا ربكم.
يا ابتي العزيز اتمنى من جنابكم ان تبحث ثم تلقي موعظتك في الكنيسة لأنك لو اتهمت الانبياء بارتكاب الذنوب لما كان هناك فرق بينهم وبين عامة الناس ولسقطت هيبتهم وهيبة ما يأتون به من كتب فلا يجوز على الانبياء الكذب او الخطأ او النسيان ، وهذا ما ذكره الكتاب المقدس.
لأول مرة اشوف قس يذعن للحقيقة ويقول : سوف اراجع ما ذكرتيه .
المصادر والتوضيحات :
1- لم يختلف القرآن عن الكتاب المقدس في تسميته لما قام به السامري
بالفتنة فقال : { فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}. وهذا
ما يقوله نص الكتاب المقدس : (زمري وفتنته التي فتنها).